واشنطن– تدخل الولايات المتحدة فصلا سياسيا جديدا بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي التي نتج عنها سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ.

ومع قرب بدء فترة حكم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، يعتمد البيت الأبيض على أغلبية الحزب الجمهوري في مجلسي الكونغرس لتمرير وعود ترامب الانتخابية، والتي توعّد الديمقراطيون بمواجهتها وعرقلة تمريرها.

بدأ المشرعون الأميركيون دورة برلمانية جديدة، يوم الجمعة الماضي، بتأدية قسم الأعضاء الجدد، وتجديد الثقة بمايك جونسون بانتخابه مجددا رئيسا لمجلس النواب، في وقت يسيطر فيه الجمهوريون على مجلسي الكونغرس بأغلبية بسيطة جدا تبلغ 220 نائبا مقابل 215 في مجلس النواب، و53 سيناتورا مقابل 47 في مجلس الشيوخ.

وبعد أقل من يوم واحد على انتخابه، الذي جاء بصعوبة بالغة وبعد تدخل شخصي من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، أبلغ رئيس مجلس النواب مايك جونسون الجمهوريين في اجتماع مغلق أن ترامب يفضل تحريك أجندته كحزمة واحدة، وفقا لشبكة سي إن إن، وهو ما يمثل مغامرة محفوفة بالمخاطر، ولكنه في الوقت ذاته، يمهد الطريق لدفع الخطط الطموحة للرئيس المنتخب.

ويأمل ترامب تمريرا مبكرا لحزمة مشاريع قوانين تتعلق بإغلاق الحدود وترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، وتغيير قوانين الطاقة بحيث تصبح أكثر ملاءمة لمصادرها التقليدية من بترول وغاز طبيعي وفحم، وأخيرا قوانين خفض الضرائب مثل تلك التي ميزت فترة حكمه الأولى وحظيت بشعبية واسعة.

إعلان

ولا يتفق طرح ترامب مع رغبة زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ السيناتور جون ثون، الذي يرغب في تقسيم أجندة ترامب التشريعية الطموحة والواسعة، حتى يمكنهم من خوض معارك وتمريرها مشروعا وراء مشروع.

بَيد أن رؤية ترامب ومعاونيه، وخاصة بعد تجربة انتخاب جونسون العسيرة، وتمرير مشروع الإنفاق العام قبل أسبوعين بصعوبة بالغة، وبسبب الأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها الجمهوريون، تتمثل في إدراكهم القوي لوجود مجال ضئيل جدا للمناورة بمشروعات قوانين منفصلة.

أغلبية تسهل مواجهتها

يرى مراقبون أن الأغلبية البسيطة التي يملكها الحزب الجمهوري في مجلس النواب لن تجعل من السهولة للرئيس المنتخب ترامب تمرير أجندته التشريعية الطموحة.

وتدخل ترامب في اللحظات الأخيرة لتجنب إغلاق الحكومة، والذي فجره ترامب نفسه بين عشية وضحاها بمطالبته بتغييرات كبيرة. وكشف ذلك هشاشة أغلبية الجمهوريين الضئيلة، إذ إن خروج عضوين أو ثلاثة عن نص الإجماع الحزبي، كفيل بعرقلة مسار أي تشريع.

وتعد أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب، الصغرى، في التاريخ الحديث، ويعني هذا الهامش الضيق أن الحزب الجمهوري سيحتاج إلى إجماع كامل للحصول على أي شيء في المجلس، وهو ما يمنح كل عضو جمهوري سلطة كبيرة لعرقلة أي تشريع إذا لم يتفقوا معه.

وتقليديا يدفع هذا النوع من التوازن باتجاه تبني سياسات وسطية لضمان تأييد عدد من الأعضاء الديمقراطيين لها، ولتجنب عرقلتها أو تأخير تمريرها.

وفي مجلس الشيوخ، حيث يتمتع الجمهوريون أيضا بأغلبية ضئيلة نسبيا، ستسمح فقط بتمرير أولويات الحزب المتفق عليها بشكل مريح. ولن يكون من السهل تمرير أجندة ترامب في بنودها المثيرة للجدل، مع احتمال فقدانها دعم أعضاء المجلس الجمهوريين المعتدلين مثل سوزان كولينز من ولاية ماين، وليزا موركوفسكي من ألاسكا.

وقد حدث ذلك بالفعل مع انسحاب مرشح ترامب السابق لوزارة العدل النائب مات غايتز، عندما كان من الواضح أنه لا يستطيع الحصول على دعم كاف من كل الأعضاء الجمهوريين بمجلس الشيوخ.

إعلان

كما يُتوقع أن تواجه أجندة ترامب التشريعية بعض التحديات بين أعضاء مجلس الشيوخ الذين تمتد فترة عضويتهم 6 سنوات، ولن يخوض بعضهم انتخابات مرة أخرى إلا بعد مغادرة ترامب لمنصبه بعد 4 سنوات.

في الوقت ذاته، أغلبية الجمهوريين المحدودة في مجلس الشيوخ ليست كبيرة بما يكفي للتغلب على عتبة الـ60 صوتا اللازمة للتغلب على آلية المماطلة في معظم التشريعات.

من هنا يخطط الجمهوريون لتمرير الكثير من أجندة ترامب من خلال عملية تغيير قواعد تمرير مشاريع القوانيين بأغلبية 50% +1، لكن لا يمكن تطبيق هذه الآلية على كل مشروعات القوانيين؛ من هنا سيضطر قادة الجمهوريين بالكونغرس للبحث عن بعض الصيغ التوافقية مع الأقلية الديمقراطية في العديد من القضايا المحورية، وهو ما قد يغضب ترامب.

الديمقراطيون والمعارضة

سيكون الديمقراطيون أقلية في كلا المجلسين، مما سيحرمهم من رئاسة اللجان القوية والضعيفة، ولن يتمتع الديمقراطيون كذلك بسلطة الاستدعاء أو سلطة الإشراف أو فتح التحقيقات دون دعم الحزب الجمهوري، ولن تكون لهم اليد العليا في تحديد جدول الأعمال في الكونغرس.

بدلا من ذلك، سيلعب الديمقراطيون دورا معرقلا لسياسات ترامب، ومن المحتمل أن يركزوا على إخبار الأميركيين بما يرونه عواقب ضارة لسياسات ترامب، وذلك بهدف جلب المزيد من الناخبين إلى جانبهم في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.

من ناحية أخرى، وتقليديا، يخسر حزب الرئيس المسيطر على البيت الأبيض أول انتخابات للكونغرس، ويفقد حزب الأغلبية مرارا السيطرة على مجلس النواب في أول انتخابات للتجديد النصفي بعد اكتساب سلطة شاملة في الانتخابات الرئاسية.

ومع ذلك، فإن الأعضاء الذين سيحتاجون لإعادة انتخابهم في عام 2026، وهم جميع أعضاء مجلس النواب و33 عضوا في مجلس الشيوخ، سيتطلعون باستمرار إلى تقديم الخدمات للناخبين على أمل أن يتمكنوا من الاحتفاظ بمقاعدهم بعد عامين.

إعلان

ويخدم ذلك حظوظ الرئيس ترامب، ويمنحه المزيد من النفوذ على كل أعضاء مجلس النواب، وثلث الأعضاء بمجلس الشيوخ، من خلال التهديد بدعم المنافسين الأساسيين للجمهوريين الذين قد يفكرون في الابتعاد عن تقديم دعم كامل لأولويات ترامب التشريعية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحزب الجمهوری فی مجلس الشیوخ مجلس النواب أجندة ترامب

إقرأ أيضاً:

الجمهوري مايك جونسون ينجح بالاحتفاظ برئاسة مجلس النواب الأمريكي

أعيد انتخاب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأمريكي الجمعة بفارق ضئيل جدا مما سلط الضوء على الانقسامات المحتملة في الكونغرس بين أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

وكان جونسون في البداية يبدو وكأنه لن يحقق الأغلبية المطلوبة للبقاء في منصبه في تصويت بنداء الأسماء استمر نحو ساعتين، لكن اثنين من الجمهوريين اللذين عارضا إعادة انتخابه قررا دعمه بعد مفاوضات مطولة. وفاز بإعادة انتخابه في منصبه بأغلبية 218 صوتا، وهو الحد الأدنى المطلوب.

ويسيطر الجمهوريون على المجلس بأغلبية ضئيلة تبلغ 219 مقعدا فقط من 434 مقعدا.

وكان التصويت اختبارا مبكرا لقدرة الحزب على التماسك في الوقت الذي يعمل فيه على تعزيز قائمة أولويات ترامب الخاصة بخفض الضرائب وإنفاذ القانون على الحدود. كما كان اختبارا لنفوذ ترامب في الكونغرس حيث أبدت حفنة من الجمهوريين استعدادها لتحديه.

وعانى الجمهوريون في مجلس النواب من الانقسامات الداخلية على مدى العامين الماضيين. وتولى جونسون منصب رئيس المجلس بعد أن أطاح الحزب بسلفه كيفن مكارثي في منتصف فترة ولايته.


وتجول أعضاء الكونغرس في القاعة لأكثر من نصف ساعة بعد انتهاء التصويت، بينما شوهد جونسون ومساعدوه وهم يحاولون إقناع الرافضين.

ولم يتضح بعد ما الذي دفع النائبين رالف نورمان وكيث سيلف إلى تغيير رأيهما والتصويت لصالح جونسون بعد التصويت أولا ضده. وكان ستة جمهوريين آخرين قد رفضوا في البداية التصويت على الإطلاق قبل منح أصواتهم لجونسون.

والنائب توماس ماسي الذي يعلن معارضته لجونسون هو الجمهوري الوحيد الذي صوت ضده.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. مجلس الشيوخ يستأنف عقد جلسته العامة
  • النواب الأمريكي: العاصفة الثلجية لن تمنعنا من المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية
  • عقيلة: البرلمان سيعمل على حل كل القضايا التي تعترض التعليم الجامعي
  • الجمهوريون يعتزمون الموافقة على القوانين في مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية بسيطة
  • الكونجرس الأمريكي: النواب الجمهوريين يحضرون مشروعًا لرفع سقف الدين
  • لتنفيذ توصياتها.. مجلس الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة (تفاصيل)
  • رئيس مجلس الشيوخ يهنيء الشعب المصري بمناسبة العام الميلادي الجديد
  • بدعم من ترامب..مايك جونسون يفوز بإعادة انتخابه رئيساً لمجلس النواب الأميركي
  • الجمهوري مايك جونسون ينجح بالاحتفاظ برئاسة مجلس النواب الأمريكي