جمعة: الجهاد في الإسلام رسالة عدل ورحمة لا ساحة للفساد والرياء
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
في إطار تفسيره لسورة البقرة، الآية 244، ألقى الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، الضوء على مفهوم القتال والجهاد في الإسلام، مشددًا على أن الدين الإسلامي لا يدعو إلى القتال لأغراض دنيوية أو لتحقيق مصالح شخصية، وإنما يقيده بشروط وأهداف شرعية سامية.
القتال في سبيل الله لا لتحقيق المكاسبوأوضح جمعة أن القتال في الإسلام مشروط بأن يكون في سبيل الله فقط، أي لتحقيق أهداف نبيلة مثل رد العدوان، الدفاع عن الحق، إقامة العدل، ومنع الفساد في الأرض.
وأكد أن الإسلام يرفض القتال الذي يهدف إلى تحقيق شهوات شخصية أو الهيمنة، مشيرًا إلى أن أي قتال يخرج عن هذا الإطار لا يمكن اعتباره جهادًا.
الجهاد بين النفس والقتالوأشار جمعة إلى أن الجهاد في الإسلام مفهوم واسع يشمل:
الجهاد الأكبر: وهو جهاد النفس، الذي يتطلب من الإنسان مجاهدة شهواته وضبط نفسه للالتزام بالطاعات والابتعاد عن الشر.الجهاد الأصغر: وهو القتال المشروع الذي يكون في ظروف محددة ووفقًا لضوابط شرعية دقيقة.وأضاف أن الجهاد ليس دعوة للقتل العشوائي، بل يستوجب تمييزًا بين البريء والمعتدي، والتزامًا بالقواعد الأخلاقية والشرعية التي تحفظ الأرواح والممتلكات.
النوايا هي الأساس في الجهادوشدد جمعة على أن الله وحده يعلم النوايا، ولا يمكن خداعه بادعاء أن القتال في سبيل الله إذا كان الهدف الحقيقي مغايرًا لذلك. وبيَّن أن العمل الخالص لله يجب أن يكون نقيًّا من أي رياء أو مصالح شخصية.
رفض الفساد في الأرضوأشار إلى أن الإسلام يدين الفساد في الأرض بشتى صوره، مثل تدمير الزرع والنسل بلا مبرر شرعي. واستشهد بقوله تعالى:"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ"
وأكد أن من يسعى في الأرض بالإفساد لا يمكن اعتباره مجاهدًا في سبيل الله، بل هو عدو للحق والخير.
في ختام تفسيره، تحدث جمعة عن مفهوم "القرض الحسن" الذي ورد في الآية، موضحًا أن تقديم الخير لله – سواء بالمال أو الجهد – يعادل القرض الذي يضاعفه الله للإنسان أضعافًا كثيرة. ودعا إلى التزام النقاء والإخلاص في العمل لتحقيق مرضاة الله ومصلحة الإنسانية.
بهذا التفسير، يضع الدكتور علي جمعة الإطار الأخلاقي والشرعي الصحيح لمفهوم الجهاد في الإسلام، مؤكدًا على قيم العدل، الرحمة، وضبط النفس التي يجب أن تميز أي عمل يُقدم في سبيل الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة القتال الجهاد الإسلام الجهاد في الإسلام الجهاد فی الإسلام فی سبیل الله
إقرأ أيضاً:
«الضويني»: الأزهر منحة ربانية منّ الله بها على الأمة لتعبر عن روح الإسلام
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الأزهر منحة ربانية، من الله بها على الأمة، لتعبر عن روح الإسلام، وتحمل أنوار الوحي إلى العالم كله، وتقدم للبشـرية ترجمة حقيقية للوسطية التي لا تتلاقى مع إفراط أو تفريط، ولا تقبل المغالاة ولا التهاون، موضحا أننا نحتفل اليوم بذكرى ميلاد الأزهر الذي أزهرت به ربوع مصـر، وقوي عوده واشتد ساعده وصار قبلة علمية عالمية، يبذل من فهم علمائه السلام للدنيا، والأمن للأرض، والتوجيه للبشرية، وما تزال ثمراته تخرج بإذن ربه تحمل مشعل هداية القلوب، واستنارة العقول.
وبيّن وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم باحتفالية الأزهر بمرور 1085 عاما على تأسيس الجامع الأزهر، أن الأزهر المعمور ولد لتكون أروقته منارة للعلم، وقبلة للطلاب، فيها تعلم الملوك والسلاطين، وفي معاهده تخرج الرؤساء والوزراء والسفراء من شتى بقاع الدنيا، وإلي علمائه تقرب الملوك والأمراء، ومن صحنه انطلقت الثورات، ومن على منبره وجهت، وبقيادة علمائه ومشاركة طلابه انكسـرت قوي الطغيان، وتحطمت أحلام الغزاة، وتحت قبابه مد العلماء أرجلهم، ولم يمدوا أيديهم طمعا، ولم يحيدوا عن رسالتهم تملقا.
وأضاف الدكتور الضويني، أن المتأمل لمنهج الأزهر الشـريف يرى أنه ينبئ عن فكر ونظر وبصيرة، وإلمام بـ«واجب الوقت» الذي يلزم أن يقوم به العقلاء، كما عاش على هذا المنهج العامر مشايخ الأزهر الشـريف وعلماؤه، وفي ظل ما مرت به الأمة الإسلامية كان للأزهر جهوده المتنوعة التي تنبئ عن وعي وإدراك وفهم مسدد، ولن أقرأ التاريخ، فتاريخ الأزهر تاريخ طويل بطول القرون، وعريض بسعة أرجاء الأرض.
وتابع وكيل الأزهر، أن المتأمل للشخصية الأزهرية يرى منهجا متكاملا متوازنا يلبي مطالب الجسد والروح، ويجمع بين المعارف الدينية والدنيوية معا، ويعمر القلب بالإيمان واليقين، والعقل بالفكر والنظر، ويعمل على إصلاح الدنيا والآخرة، ومن هنا تجاورت في رحاب الأزهر كليات الإلهيات والحكمة القديمة والفلسفة الحديثة، مع كليات العلوم التجريبية والطب والهندسة والزراعة وغيرها، كما أن الناظر إلى واقعنا وما فيه يرى الأزهر الشريف يحمل مسئولية الجانب العلمي والدعوي من رسالة الإسلام، خاتمة الرسالات الإلهية إلى البشـر كافة، رسالة السلام العالمي والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية، والتحرر من الآصار والقيود التي تثقل كاهل البشر.
وشدد الدكتور الضويني، على أن الأزهر يوقن بضـرورة التجديد في كل زمان ومكان، ويرى التجديد حقيقة شديدة الوضوح في الإسلام: نصا وشريعة وتاريخا،
كما أن الأزهر ينادي بالتعايش الذي شهدت بتطبيقه عمليا حضارة الإسلام التي لم تخرج عن إطار المؤاخاة مع أبناء الأديان الأخرى، والتي عاملتهم من منطلق القاعدة الشرعية «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، موضحا أن هذا التعايش صاغه الأزهر صياغة حضارية في «بيت العائلة المصري».
وأكد الدكتور الضويني، أن الأزهر يقف صامدا في مواجهة الفكر المتطرف، وينادي في الشباب بألا تسلموا عقولكم وتفكيركم لهذه الدعوات التي تربط ربطا خاطئا بين الإرهاب والدين، وتهدد الهوية، وتعبث بالثوابت، وتزيف الشواهد والأدلة، مشددا على أن الدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبدا، ولا يستقيمان في ذهن عاقل، مبينا ان الأزهر وقف في وجه هذا الفكر المتطرف الذي ينادي على الناس بالغلو والتشدد من ناحية، والإلحاد والتفلت من ناحية أخرى، فأصدر بياناته، وعمد إلى الإنترنت فاقتحم صفحاته، ليكون قريبا من الشباب قياما بالواجب وأداء للرسالة.
ونوّه الدكتور الضويني إلى إدراك الأزهر لمعاناة المجتمع من «الفتاوي العبثية» و«الفوضى العلمية» التي ملأت أسماع الناس ليلا ونهارا، والتي تطاردهم لتردهم لا إلى رحمة في القرآن والسنة ولا إلى يسـر في الشـريعة، فوقف الأزهر بهيئاته المختلفة وعلمائه ووعاظه لهذا العبث بالتأصيل والتحرير والتدريب، وإنشاء المراكز المهمة، ومنها مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، وغير ذلك، كما وقف الأزهر شامخا ينادي بأخوة عاصمة، تحفظ على الجميع تنوعهم واختلاف فهومهم، وتنادي بنداء القرآن «وإن هذه أمتكم أمة واحدة»، ويصـرخ في عقلاء الأمة وقاداتها بأمر الله «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، ويضع الأزهر ببصيرته المفاهيم الرصينة التي تضمن الأمن والسلام والتقدم للأمة، وتقضـي على العصبية والجمود، منطلقا في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذاكم المسلم له ذمة الله، وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته»، وقد كان مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي، الذي ترأسه في دولة البحرين منذ أسبوعين تقريبا، وكان شعار ذلك المؤتمر، «أمة واحدة ومصير مشترك».
وقال الدكتور الضويني، لقد أخذ الأزهر الشـريف على عاتقه - منذ أكثر من ألف عام- مسئولية الدعوة إلى الإسلام، والدفاع عن سماحته ووسطيته واعتداله، ونشـرها في مختلف دول العالم، من خلال آثاره العلمية والخلقية المباركة التي يتركها في عشـرات الدول التي تدفع بفلذات أكبادها إلى معاهده وجامعته خاشعين في محاريبه، متعلمين من مناهجه، مستفيدين من فعالياته، ثم بهذا الزاد الروحي والخلقي والعلمي الذي يحمله الأزاهرة المبتعثون، الذين يؤكدون أينما حلوا أن الإسلام دين المحبة والتعاون والتآخي والتعايش السلمي بين أبناء البشـر، وأنه دين الرحمة والمودة والبعد عن الغلو والتطرف الذى ترفضه أديان السماء، فضلا عن نشر علوم الشريعة التي تصون الحياة.
وشدد وكيل الأزهر على أن رسالة الأزهر هي رسالة عالمية، تحمل نور الإسلام للعالم أجمع، مؤكدا أنه لولا أن الله حمى هذا الدين بالأزهر ورجاله لضاعت معالم الشـريعة، وأنه لا ينكر عاقل ولا مفكر ولا صاحب رأي سديد دور الأزهر الشـريف في نشـر قيم التسامح بين الناس جميعا، ورعايته للفكر الإسلامي المعتدل في مصـر والعالم كله، قائلا: «سيظل الأزهر الشـريف له دور فاعل في تعزيز وشائج الأخوة بين بني الإنسان، وفي تقوية التعاون العلمي والفكري والثقافي بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي نشـر حقائق الدين والرد على أباطيل دعاة التفرقة الذين يتاجرون باسم الدين، خصوصا في هذه المرحلة التي ينشط فيها تجار المشروعات الطائفية المقيتة التي تضعف في الأمة مناعتها وقدرتها على المواجهة، وتمزق وحدتها».
وأكد وكيل الأزهر، أنه من الواجبات على دول العالم الإسلامي وقياداته وعلمائه ومؤسساته الثقافية والتربوية والإعلامية، دعم جهود الأزهر الشـريف ومساندة رسالته السمحة، ليبقى دائما حصنا منيعا من حصون الأمة الإسلامية، يصد عن دينها وهويتها وسلامة كيانها هجمات المبطلين ودسائس الكائدين، وينشـر رسالة الإسلام السمحة في الآفاق تهدي العقول والنفوس إلى الصـراط المستقيم، وإلى ما فيه الخير والصلاح.
اقرأ أيضاًللعام الرابع.. وكيل الأزهر يشارك الطلاب الوافدين إفطارهم بالجامع الأزهر
محافظ الغربية يستقبل وكيل الأزهر الشريف في مستهل زيارته لافتتاح معهد محلة زياد الأزهري
وكيل الأزهر يشارك في قمة قادة الأديان بأذربيجان تحت شعار «أديان من أجل كوكب أخضر»