قانون سنه الكونغرس الأميركي عام 1917 للحد من مقدار الأموال التي يمكن للحكومة الفدرالية اقتراضها لتغطية التزاماتها المالية. وعلى مر السنوات، استخدم القانون أداة سياسية بين الحزب الجمهوري والديمقراطي، إذ ارتبطت قرارات رفعه بمفاوضات حول الإنفاق الحكومي وتخفيض العجز.

ما سقف الدين الأميركي؟

ويعرف أيضا بـ"حد الدين"، وهو "قانون يحد من المبلغ الإجمالي للأموال التي يمكن للحكومة اقتراضها لدفع فواتيرها".

وسقف الدين الأميركي يحدده الكونغرس الذي يصوت على رفع أو تعليق حد السقف لمقدار الأموال التي تستطيع الحكومة الفدرالية اقتراضها لتغطية التزاماتها المالية، عندما تكون الإيرادات غير كافية لتغطية نفقاتها.

وإذا اقتربت مستويات الدَين للحكومة الأميركية من سقف الدين، تلجأ وزارة الخزانة الأميركية إلى تدابير استثنائية لسداد الالتزامات والنفقات حتى يُرفع السقف مرة أخرى تجنبا لسيناريو تخلف الحكومة عن السداد.

وقد خضع هذا السقف للتعديل مرات عدة على مدار السنوات بهدف التكيف مع المتطلبات المالية المتزايدة.

أهميته

يُسهم قانون سقف الدين الأميركي في عملية ضبط المال العام للبلاد، إذ يعتبر إجراء تنظيميا يهدف إلى تحقيق التوازن بين مرونة الحكومة في تمويل نفقاتها وإحكام السيطرة على الميزانية العامة.

ويسهّل القانون عمل وزارة الخزانة الأميركية، إذ يتيح لها إصدار السندات وجمع الأموال اللازمة لتغطية النفقات الحكومية دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس في كل مرة.

وبتحديد الكونغرس للحد الأقصى للدَين، يسمح ذلك للحكومة بالعمل ضمن إطار محدد دون تأخير أو تعقيدات إضافية، كما يتيح رفع السقف للحكومة الاستمرار في تمويل أنشطتها وعملياتها اليومية دون انقطاع.

إعلان

ويعني رفع سقف الدين توفير التمويل اللازم لمواصلة البرامج الاجتماعية المهمة التي يعتمد عليها ملايين المواطنين الأميركيين، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.

لكن عملية رفع سقف الدين أثارت تساؤلات في الأوساط الأميركية عن مدى فعاليته أداة لضمان المسؤولية المالية، إذ وصل مستواه مع مرور الوقت إلى حدود قياسية.

وأصبح سقف الدين يستخدم أداة سياسية، فقد ربط كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي رفع حده بمواضيع أخرى مثل الإنفاق الحكومي، وذلك عبر الضغط على الرئيس لتحقيق تخفيضات في الإنفاق أو إجباره على اتخاذ قرارات معينة.

محطات

لم يكن للدين العام في الولايات المتحدة سقف محدد، حتى أُقر لأول مرة في عام 1917، كجزء من قانون "السندات الثانية للحرية"، وحدد بمبلغ 11.5 مليار دولار، وذلك عندما منح الكونغرس السلطة التنفيذية مرونة أكبر في الاقتراض مع دخول البلاد الحرب العالمية الأولى.

وأتاح القانون لوزارة الخزانة الاقتراض دون الحاجة إلى تصديق من الكونغرس على كل إصدار دين جديد في تشريع منفصل طالما أن إجمالي الدين لم يتجاوز حده.

وفي عام 1939، أقر الكونغرس الأميركي أول رفع لسقف الدين وشمل كافة ديون الحكومة، وحدده بمبلغ 46 مليار دولار.

وبعد مشاركة الولايات المتحدة الأميركية في الحرب العالمية الثانية عام 1939، ارتفعت ديون البلاد من 51 مليار دولار إلى 260 مليار دولار، وذلك بسبب تقديمها قروضا لبريطانيا ودول أخرى لمساعدتها في دفع التكاليف العسكرية.

وشهدت الولايات المتحدة بعد ذلك نموا اقتصاديا، لكن عمليات تقليص الديون لم تستمر، فقد أدت حرب فيتنام عام 1945 وبرامج مساعدة الفقراء وتمويل التعليم وغيرها إلى زيادة الدين بشكل أكبر.

وتضاعف الدين في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان أكثر من 3 مرات، ورفع الرئيس سقف الدين 18 مرة، حتى بلغت الديون في نهاية رئاسته للبلاد إلى 2.7 تريليون دولار.

إعلان

وفي رئاسة بيل كلينتون (1993 إلى مطلع عام 2001)، زادت الضرائب وانخفض الإنفاق الدفاعي، وانتعش الاقتصاد مما ساعد في تقليص معدل نمو الدين، في ظل رفض الجمهوريين في الكونغرس إجراءات زيادة سقف الدين إذا لم يتم تقليص الإنفاق الحكومي. وبحلول عام 2000 وصل الدين إلى 5.5 تريليونات دولار.

وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، تباطأ الاقتصاد الأميركي وزادت عمليات الإنفاق على الأمن الوطني مع قرار الرئيس جورج بوش الابن تخفيض الضرائب واسترداد الأموال المدانة، بيد أن العجز والدين العام ظلا في حالة نمو.

وفي ولايتي الرئيس باراك أوباما، طالب الجمهوريون عام 2011 بتقليص العجز المالي الفدرالي كشرط للموافقة على زيادة سقف الدين. وانخفض تصنيف ديون الخزانة الأميركية في التحليل المالي لوكالة "ستاندرد آند بورز"، بعد أن حافظت على مكانتها لأكثر من 70 عاما.

وفي عام 2013، أُغلقت الحكومة الفدرالية مؤقتا بعد محاولة الجمهوريين استخدام سقف الدين أداة ضغط لوقف تمويل قانون الرعاية الصحية الميسرة -المعروف بـ"أوباما كير"- وتوقفت كثير من الخدمات الحكومية وعُطلت البرامج الفدرالية التي تعتمد على التمويل الحكومي. وعُلق قانون سقف الدين الأميركي مؤقتا مما سمح للحكومة بالاستمرار في الاقتراض لتسديد التزاماتها المالية.

ورُفع سقف الدين مرة أخرى عام 2014 و2015، وتجاوز مقدار الدين الأميركي عام 2017 حد الـ20 تريليون دولار، حتى وقع الرئيس دونالد ترامب مشروع قانون يمدد تعليق سقف الدين حتى الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2017، مما أعطى الحكومة مهلة مؤقتة لتجنب أزمة مالية.

وفي فبراير/شباط 2018، عُلق قانون سقف الدين الأميركي مدة 13 شهرا بموجب قانون جديد مرره الكونغرس ووقعه الرئيس ترامب، وتم تفعيله ورفعه مرة أخرى في مارس/آذار 2019 بعد تجاوز الدين الأميركي 22 تريليون دولار.

إعلان

ووقع الرئيس ترامب قانون الميزانية الثنائية لعام 2019، الذي علق سقف الدين حتى 31 يوليو/تموز 2021، ورفع القيود على ميزانيات الوكالات الفدرالية، مما وفر مرونة مالية لها.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، رُفع سقف الدين مرة أخرى إلى 31.4 تريليون دولار.

وفي أواخر عام 2022، وصلت البلاد إلى سقف الدين وتجاوزته، ثم تعدته مرة أخرى في 17 يناير/كانون الثاني 2023 حتى تمكنت الخزانة الأميركية من الوفاء بالتزاماتها عبر إجراءات استثنائية.

وحُلت الأزمة في نهاية المطاف عبر توصل الكونغرس إلى اتفاق يقضي بتعليق قانون سقف الدين حتى مطلع عام 2025، مع وضع قيود على الإنفاق الحكومي.

ودعا الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 19 ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى إلغاء قانون سقف الدين، واصفا إياه بأنه "مفهوم لا معنى له"، وصرح بأن إلغاءه سيكون خطوة ذكية وسيدعمها كاملة.

وقد تبنى مجلس النواب الأميركي أثناء جلسة له في 20 ديسمبر/كانون الأول مشروع قانون يهدف إلى تجنب شلل الحكومة الفدرالية، ويقضي بتمويل الحكومة حتى منتصف مارس/آذار 2025، بعد فشل ترامب تمرير مشروع رفع سقف الدين العام.

وواجه رئيس مجلس النواب مايك جونسون ضغوطا لتلبية مطالب ترامب والحفاظ على منصبه رئيسا للنواب، فأسهم في تقليص مشروع القانون بحذف بنود عدة، بيد أن التعديل لم ينجح في كسب الدعم، وأثار انتقادات واسعة من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين الذين عارضوا إضافة تعليق سقف الدين إلى المشروع.

وفي الثاني من يناير/كانون الثاني 2025، أعيد العمل بقانون سقف الدين الأميركي بعد تعليقه عام 2023، وبلغ الحد 36.1 تريليون دولار، بعد أن كان 31.4 تريليونا قبل التعليق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دیسمبر کانون الأول الخزانة الأمیرکیة الإنفاق الحکومی تریلیون دولار ملیار دولار مرة أخرى

إقرأ أيضاً:

بقيمة 8 مليارات دولار..بايدن يُخطر الكونغرس بصفقته الأخيرة لإسرائيل

أخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس بشكل غير رسمي عن صفقة أسلحة مقترحة لإسرائيل بقيمة 8 مليارات دولار، وفقاً ذكره موقع "إكسيوس".

اعلان

وأوضح الموقع أن الصفقة تشمل صواريخ (AIM-120C-8 AMRAAM) للدفاع الجوي ضد الطائرات المسيرة وغيرها من التهديدات الجوية، بالإضافة إلى ذخائر أخرى تشمل قذائف مدفعية عيار 155 ملم، وصواريخ هيلفاير( AGM-114) المخصصة للمروحيات الهجومية، وقنابل صغيرة القطر، ومجموعات (JDAM) التي تحول القنابل التقليدية إلى ذخائر دقيقة التوجيه. كما تتضمن رؤوساً حربية زنة 500 رطل وصمامات للقنابل.

تأتي الصفقة وسط توترات سياسية في الولايات المتحدة بشأن دعم إسرائيل عسكرياً، خاصة في ظل الحرب المستمرة على غزة. في الأشهر الأخيرة، ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنصاره أن إدارة بايدن فرضت "حظر أسلحة" غير معلن على إسرائيل، وهو ما نفاه مسؤولون أميركيون.

أطفال فلسطينيون يلعبون بجوار مبنى دمرته غارات الجيش الإسرائيلي في بلدة خان يونس وسط قطاع غزة، الأربعاء، 1 يناير/كانون الثاني 2025APRelatedترامب ينتقد بايدن: لم يقدم الدعم اللازم لنتنياهو في الحربصواريخ الحوثيين تضع إسرائيل في مأزق دفاعي غير مسبوق.. هل تجد الحل؟أنا صهيوني والحاخامات وأصدقائي اليهود كانوا دوما إلى جانبي.. بايدن يحتفل بعيد حانوكا في البيت الأبيضالجيش الإسرائيلي يعرض أمام نتنياهو أسلحة استولى عليها من حزب الله وتأكيد على مواصلة ضرب الحوثيين

فيما ضغط بعض الديمقراطيين على الإدارة الأميركية لتقييد مبيعات الأسلحة لإسرائيل وربطها بتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، لكن بايدن رفض هذه الدعوات وأصر على المضي قدماً في الصفقة دون شروط إضافية.

وذكرت المصادر أن هذه الصفقة تُعتبر طويلة الأجل، حيث سيتم تسليم جزء منها من المخزون الأميركي الحالي، بينما سيحتاج الجزء الأكبر إلى عام أو أكثر للتصنيع والتسليم.

سفينة الجيش الأمريكي (USAV) الجنرال فرانك س. بيسون (LSV-1) من لواء النقل السابع (الاستكشافي)، تستعد لمغادرة قاعدة لانغلي يوستيس المشتركة، فيرجينيا، السبت 9 مارس 2024AP/U.S. military's Central Command

من جانبها، أبلغت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس أن الهدف من الصفقة هو تعزيز الأمن طويل الأمد لإسرائيل من خلال تزويدها بالذخائر الحيوية وقدرات الدفاع الجوي.

وأضافت أن الصفقة تهدف إلى دعم قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد أي تهديدات محتملة، بما في ذلك تلك التي قد تنشأ من إيران أو الجماعات المسلحة الموالية لها في المنطقة.

طائرة مقاتلة إسرائيلية تطلق شعلات ضوئية أثناء تحليقها فوق قطاع غزة، كما يظهر من جنوب إسرائيل، 9 ديسمبر/كانون الأول 2023Leo Correa/AP

وكان الرئيس بايدن قد شدد على حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها بما يتماشى مع القانون الدولي والقانون الإنساني، وأن الولايات المتحدة ملتزمة بتزويد إسرائيل بما تحتاجه من قدرات دفاعية لتحقيق هذا الهدف.

لا تزال الصفقة بحاجة إلى موافقة لجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، وتُعتبر على نطاق واسع آخر صفقة أسلحة كبيرة لإسرائيل قد تصادق عليها إدارة بايدن.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إسرائيل تستولي على "سد المنطرة" المورد المائي الأهم جنوب سوريا... فماذا نعرف عنه؟ صواريخ الحوثيين تضع إسرائيل في مأزق دفاعي غير مسبوق.. هل تجد الحل؟ الجيش الإسرائيلي يكشف عن معطيات جديدة حول قتلاه منذ بداية الحرب.. زيادة كبيرة في حالات الانتحار نظام حماية من الصواريخدونالد ترامبقطاع غزةقصفجو بايدنبنيامين نتنياهواعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عشرات القتلى في غزة وجهود لسد ثغرات اتفاق وقف إطلاق النار وحماس تطالب العالم بإرسال مستشفيات ميدانية يعرض الآن Next ماكرون يدعو إلى الجرأة والاستقرار في أول اجتماع لحكومة بايرو الجديدة يعرض الآن Next إسرائيل تحذر: تجنبوا التونة البيضاء .. فما السبب؟ يعرض الآن Next أسعار الغاز الأوروبي تقفز بعد توقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا يعرض الآن Next إسرائيل تستولي على "سد المنطرة" المورد المائي الأهم جنوب سوريا... فماذا نعرف عنه؟ اعلانالاكثر قراءة لحماية الأطفال من إدمان الإنترنت.. اليونان تعزز الرقابة الأبوية والحكومية بتطبيق جديد مصر تكشف عن أول حالة نادرة مصابة بمتلازمة فيكساس.. كل ما يجب أن تعرفه عن هذا المرض! سقوط جسم فضائي غامض في كينيا ووكالة الفضاء تبحث عن إجابات.. ما القصة؟ لحظات مريرة في غزة: تدافع الجائعون على كشك طعام في خان يونس وسط أزمة حادة بين التأييد والانتقاد.. الشرع يثير الجدل بعد امتناعه عن مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومألمانياضحايافرنساسورياشرطةقصفإسرائيلروسياأبو محمد الجولاني انفجارقطاع غزةدونالد ترامبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • الكونغرس الأميركي يصدّق رسميا على فوز ترامب بالانتخابات
  • الكونغرس الأميركي يصادق رسمياً على فوز ترامب بالإنتخابات الرئاسية الأميركية
  • الكونغرس الأميركي يصادق على فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية
  • سيناتور أمريكي: الولايات المتحدة تنفق 100 مليار دولار على حماية الحدود
  • النواب الجمهوريون في الكونغرس يحضرون مشروعا لرفع سقف الدين
  • الائتلاف الحكومي الإسرائيلي يُقرّر معاقبة بن غفير
  • بايدن يبلغ الكونغرس بصفقة بيع أسلحة لإسرائيل بـ 8 مليارات دولار
  • مراسم وداع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر تبدأ في الولايات المتحدة
  • بقيمة 8 مليارات دولار..بايدن يُخطر الكونغرس بصفقته الأخيرة لإسرائيل