كتب/ مــــــراد الــمـــصري:
يا إبنةَ الشمسِ.. يا قَلْعَةَ الكبرياءِ
يا مليكة الدُنيْاَ.. مِنْ دُونِ اِسْتثناءِ
يا روضةً هَبَطَت إلينَا من السماءِ
*
يا أَجْمَلَ ابتسامةٍ على شِفاهِ الصَّبــاحِ
يا أَلطفَ مِن مُداعَبةِ النَّسيمِ لِخدودِ المِلاحِ
*
يا مالئةَ الأبصارِ .. ياشَاغِلةَ الأسْماعِ
يا تاجَ الخَرائطِ ..
يادُرَّةَ البِقَاعِ
يا مَصْنَعَ الأبطالِ .. يا عَرينَ السباعِ
*
يا جَنَّةَ الطيبينَ الأخيار يا جَنّةَ الإيمانِ والاحسانِ
يا جحيماً على الطغاةِ والفُجَّــــار يا جحيماً على الشيْطانِ
يا أَبْدعَ قصيدةٍ نَظَمَها الزَّمــَـانِ
يا وطناً ليسَ كَكُلِ الأَوطَــــــــانِ
يا مَهْوى قَلبِ كلَّ إنسَـــــانِ .. إنسَـــــــــان
*
يا أحلَى تَرْنيمةٍ مِنْ فَمِ التاريخِ مُنذُ القِدَم
يا أَروعَ سيمفُونيَّةٍ تَعزِفُهَا جَميعَ الاُمَم
يا عَلماً في الجُغرافيا .. فوقَ كُلِّ عَلَم
يا أَحـــنَّ علينا حَتّى مِن الأَبِ والأُم
*
نُحبكِ .. نُحبكِ .. نُحبكِ يا أُمنا
إلى حد الجُنونِ .. إلى حَدّ الفَناء
يا أَغلَى من الأنفُسِ والأَبناء
*
يا عَدَن ..
يا كَوناً كامِلاً .. في وَطَن
يـــــــا عَـــــــــــدَن ..
بقلم الأستاذ: مــــــراد الــمـــصري
يوليو 2023م
عـــدن
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
وزراء قيس سعيد!
للوزراء في أي حكومة مكانة وقيمة لا ينكرهما أحد حتى في أعتى الدكتاتوريات. يُختارون عموما على أسس وجيهة، بدرجة أو بأخرى، وكذلك يُعزلون.
وحتى لا نتحدث إلا عما نعرف، وحتى لا نتحدث إلا عما نراه حاليا بأم العين، فلن نجد ما يناقض ما سبق إلا في تونس.
لو بدأنا برؤساء الحكومات فسنجد أن تونس في عهد الرئيس قيس سعيّد عرفت خمسة رؤساء حكومات، أولهم فقط، وهو إلياس الفخفاخ، من استقال في ظروف لا فائدة في عرض تفاصيلها. لم يكن الرجل نكرة فقد كان قياديا في حزب معروف وعمل من قبل وزيرا للسياحة ثم وزيرا للمالية في حكومات ما بعد ثورة 2011. أما من جاء بعده فلم يكن الرأي العام يعرف عنهم شيئا: هشام المشيشي الذي عين في سبتمبر 2020 عُرف فقط كأحد مستشاري الرئيس لكنه لم يبق سوى أقل من عام واحد حيث جاء انقلاب قيس سعيّد على الدستور في يوليو/ تموز ليذهب به وبحكومته. بعده عيّن الرئيس نجلاء بودن كأول رئيسة حكومة في البلاد العربية، دون أي ماض سياسي أو مدني لتبقى في منصبها زهاء العامين (2021-2023) لم يسمع التونسيون لها فيهما صوت، ليخلفها أحمد الحشاني الموظف المتقاعد من البنك المركزي ليبقى عاما واحد لا غير (2023-2024) صدرت عنه خلاله من التصريحات والتصرّفات أغربها وأسخفها، ليعيّن بعده وزير الشؤون الاجتماعية في حكومته كمال المدّوري خلفا له، حتى إشعار آخر!!
جاء هؤلاء دون أن نعرف لماذا، وغادروا كذلك دون أن نعرف لماذا، ومنهم الآن من هو منفي قسريا ومحكوم عليه بأحكام ثقيلة، ومنهم من يقال إنه ضمن قائمة الممنوعين من السفر الطويلة. لم يستغرب الناس تعيينهم بل وإعفاءهم كذلك… وإذا كان المشيشي ذهب به الانقلاب فبودن والحشاني ذهب بهما بيانان صدرا آخر الليل عن رئاسة الجمهورية دون توضيح أو تعليل.
لو وقف الأمر عند رؤساء الحكومات لكان «نصف مصيبة» كما يقول المثل لكنه امتد كذلك إلى الوزراء في الحكومات جميعها، لا كفاءة معروفة تشفع للتعيين ولا خطأ جسيم يبرّر الإقالة، مع تكفل الأصوات الإعلامية المناصرة للرئيس بمحاولة ترويج أن الأمور لم تسر كما ينبغي في البلاد لأن رؤساء الحكومات لم يوفقوا في تطبيق سياسات الرئيس التي لا أحد يعرف ملامحها على وجه الدقة. أما مع الوزراء فقد ازدادت وتيرة تغييراتهم المتسارعة والقصيرة تعقيدا بأمرين اثنين: تعيين وزير جديد نكاية في المقال، وتعمّد إهانة آخر المقالين في مشهد «سحل» أمام الكاميرا، مع أن صون كرامة هؤلاء من صون كرامة الدولة نفسها.
استمرّت الإقالات سمة للحكم لم تتوقف، ودائما بجهل مطبق عن مؤهلات التعيين ومبررات العزل، إلا في حالات نادرة بالنسبة لـ«الخاصية» الأولى يمكن سرد ما يلي كأمثلة معروفة لدى الجميع على الأقل: عُيّن وزير جديد للتربية، وهو نقابي معارض للقيادة النقابية، نكاية في اتحاد الشغل، ثم تمت إقالته وتعيين سيدة متفقدة للتعليم كان هذا الوزير الجديد قد أعفاها من منصبها، نكاية فيه هذه المرة، لتقال هي بدورها بعد أشهر قليلة، رغم ما أبدته من تزلف سخيف للرئيس. أعفي وزير الشؤون الاجتماعية وعُيّن خلفا له الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي كان عزله هذا الوزير، نكاية فيه، ثم ليصبح الوزير الجديد لاحقا، ودون مقدمات، هو رئيس الحكومة الحالي كمال المدّوري.
أما بالنسبة لــ»الخاصية» الثانية فقد تجلّت بشكل درامي حزين في ما يمكن وصفه بـ«مداهمة» رئيس الدولة لمكتب وزيرة المالية سهام البوغديري مصحوبا بكاميرات التلفزيون ليقرّعها بغضب وتبرم وهي في حالة ذهول وصدمة، بحضور رئيس الحكومة بلا حول ولا قوة.
استمرّت الإقالات سمة للحكم لم تتوقف، ودائما بجهل مطبق عن مؤهلات التعيين ومبررات العزل، إلا في حالات نادرة. حصل ذلك مرارا مع وزراء الداخلية والخارجية والتجارة والتربية والفلاحة وغيرهم، فلم تبق في النهاية صامدة في منصبها، منذ أكتوبر 2021، سوى وزيرة العدل ليلى جفال الذي تتهمها المعارضة، وهي القاضية، بأنها «العقل المدبّر» لكل القضايا السياسية ومحاكمات الرأي المفتعلة التي تعرفها تونس بالجملة.
حالة غير مسبوقة من الفوضى وعدم الاستقرار الحكومي لم تعرفها تونس في تاريخها الحديث، اللهم في آخر عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة حين خذله المرض وازدادت مؤامرات القصر حوله، أواسط ثمانينيات القرن الماضي، رغم ما عرف به تاريخيا من اختيار رجال دولة حقيقيين في حكوماته. الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عرف كذلك باختيار مختصين مشهود لهم وتركهم في مناصبهم لفترات معقولة ضمانا لحسن سير دواليب الدولة.
المشكل امتد أيضا إلى سفراء تونس في الخارج وممثليها لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بل وأيضا إلى الولاة (المحافظين) ومستويات محلية أقل. ويبقى السؤال كيف ما زال هناك من يقبل بالوزارة، أو غيرها من المسؤوليات، في ظروف كهذه، والأهم لماذا هذا «التجرّؤ» على جعل كل هؤلاء أكباش فداء في حين لا أحد يتحدث، بصوت مرتفع، عمن عيّنهم قبل كل شيء ولماذا لا يتحمّل، هو تحديدا، مسؤولية الفشل الواضح لهذه التعيينات العشوائية والتغييرات الأكثر عشوائية.
(القدس العربي)