مسألة حياة أو موت.. ماذا يعني غلق الأونروا بالنسبة للفلسطينيين؟
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أكبر منظمة تقدم مساعدات إنسانية في الأراضي الفلسطينية، حيث توفر شبكة أمان حيوية تشمل الغذاء، العلاج، والتعليم. لكن هذه الوكالة، التي تأسست قبل 75 عاماً، تواجه تهديداً حقيقياً نتيجة للتشريعات الإسرائيلية التي قد توقف جميع أنشطتها في الضفة الغربية وقطاع غزة في نهاية يناير المقبل.
ووفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” كانت اللحظة التي علم فيها سعيد حشاش، أب لأربعة أطفال، بإقرار إسرائيل لقوانين قد تؤدي إلى توقف عمليات وكالة الأونروا، بمثابة صدمة حقيقية له. بينما كان يتلقى علاج غسيل الكلى، أدرك أن خدمات الأونروا، التي يعتمد عليها بشكل كامل في توفير العلاج، قد تختفي بعد شهر من الآن.
يقول سعيد حشاش، الذي يعاني من مرض الكلى، "هذه مسألة حياة أو موت، نحن نعتمد بشكل كامل على الأونروا". وهذه ليست حالة فردية، فالكثير من الفلسطينيين في المخيمات يعتمدون على خدمات الأونروا التي تشمل المدارس والمراكز الصحية والإغاثة الاجتماعية.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تصاعدت انتقاداتها للأونروا بعد الهجمات التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر 2023، واتهمت الوكالة بتوظيف موظفين مرتبطين بالجماعات المسلحة، وهو ما نفته الأونروا تماماً، مشيرة إلى أنها تتعاون مع السلطات الإسرائيلية بشأن المعلومات حول موظفيها. وفي أكتوبر 2023، أقر البرلمان الإسرائيلي قوانين قد تؤدي إلى منع الأونروا من العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يعني فقدان الوكالة لتصاريح الدخول الإسرائيلية إلى غزة والضفة الغربية.
وتحذر الأونروا من أن تطبيق هذه القوانين قد يكون له عواقب مدمرة، حيث سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في الضفة الغربية، وقد يتسبب في انهيار شبكة المساعدات في غزة، مما يجعل توفير الإغاثة الإنسانية أمراً مستحيلاً في ظل الظروف الراهنة.
وفي مخيم بلاطة، حيث يعيش سعيد حشاش وعائلته، يواجه السكان العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية. يقدر عدد سكان المخيم بنحو 33 ألف نسمة، وتصل نسبة البطالة بين الشباب إلى أكثر من 60%. وتوفر الأونروا تعليم آلاف الأطفال في المخيم، فضلاً عن تقديم الخدمات الصحية لأعداد كبيرة من السكان.
وتعاني السلطة الفلسطينية، التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية، من أزمة مالية خانقة، مما يجعلها غير قادرة على توفير البدائل اللازمة للأونروا. وبدون الدعم المستمر من الأونروا، سيواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة وضعاً مأساوياً، حيث لا يوجد أي بديل معتمد قادر على تحمل المسؤوليات الكبيرة التي تقدمها الوكالة.
وأدى الإضراب الذي استمر ثلاثة أشهر بين موظفي الأونروا العام الماضي إلى انقطاع خدمات الوكالة في العديد من المناطق، ما أسفر عن تراكم القمامة وتدهور الظروف الصحية والتعليمية. وكان هذا الإضراب بمثابة اختبار لما سيحدث في حال تم إغلاق الأونروا بشكل دائم. وقد عبر العديد من سكان المخيمات عن مخاوفهم من المستقبل في ظل هذه الظروف، مؤكدين أن اختفاء الأونروا سيعمق معاناتهم.
وقال الدكتور هيثم أبو عيطة، رئيس مركز صحي بلاطة، "إذا توقفت الأونروا عن العمل، لا أحد يمكنه تولي خدماتنا. لا تملك السلطة الفلسطينية الموارد، ولا الوكالات الأخرى الخبرة اللازمة."
وبينما يستمر النقاش حول دور الأونروا في المستقبل، تظل حياة آلاف الفلسطينيين في خطر إذا تم تنفيذ هذه القوانين. إذا اختفت الأونروا، ستتبدد آمال الكثيرين في الحصول على الخدمات الأساسية التي يعتمدون عليها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: اللاجئين الفلسطينيين الأونروا الامم المتحده غزة الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
ما هي المعجزة السينمائية الفلسطينية التي وصلت ترشيحات الأوسكار وتحدثت عن غزة؟
ربما يعمل اختزال صورة أو جانب واحد أو حتى قصة وحيدة من جوانب المأساة في قطاع غزة المستمرة منذ نحو 15 شهرا، على عدم نقل الكارثة الإنسانية بمختلف أبعادها، إلا أن نقل 22 صورة من خلال نفس العدد من الأفلام القصيرة المُجمّعة في فيلم واحد سيصل إلى جوائز "الأوسكار"، قد يمكنه تحقيق التأثير المطلوب.
وقام العديد من المخرجين وصناع الأفلام في قطاع غزة بإنتاج مجموعة من الأعمال التي تحدثت ووثقت مختلف جوانب "الحياة" بعد اندلاع الحرب، وانعكاساتها على المجالات الحياتية والصحية والمجتمعية والإنسانية.
"من المسافة صفر - From Ground Zero"
مشروع فني سينمائي مدته ساعتين، وهو عبارة عن مجموعة من الأفلام القصيرة وتجارب لحكايات صانعي أفلام من قطاع غزة تم تصويرها بإمكانات محدودة تحت وطأة حرب الإبادة المستمرة، وجرى تقديمها في قوالب متنوعة بين الروائي والوثائقي والتسجيلي.
وقام بإخراج هذه الأعمال عدد من صانعي الأفلام الغزيين وهم: ندى أبو حسنة، وكريم سطوم، وبشار البلبيسي، ومهدي كريرة، وأوس البنا، وهناء عليوة، ونضال دامو، واعتماد وشاح، وعلاء دامو، وريما محمود، ومحمد الشريف، وخميس مشهراوي.
وأخرج هذه الأعمال أيضا إسلام الزريعي، باسل المقوسي، ومصطفى النبيه، وأحمد الدنف، وسام موسى، وعلاء إسلام أيوب، وتامر نجيم، ورباب خميس، ومصطفى كلاب، وأحمد حسونة.
وجاءت هذه المجموعة من إنتاج المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، وتلقى زخما ورواجا عربيا وعالميا لاسيما مع وصولها إلى القائمة القصيرة لنيل جائزة أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة "الأوسكار"، عن فئة الأفلام الروائية الدولية.
وعن هذا قال المشهراوي: "قررت بعد بدء الحرب أن ألعب دور الجسر بين السينمائيين الموجودين في الداخل وبين العالم من خلال تجاربي السابقة وعلاقاتي مع الإعلام والمهرجانات والقنوات التلفزيونية وأصدقاء وزملاء سينمائيين، فجميعنا لدينا هدف واحد هو أن نحكي قصصا من غزة من المستحيل أن يراها العالم إذا لم نقدمها من خلال المشروع بعيدا عن الأخبار والشعارات".
وتضم القائمة القصيرة المرشحة للجائزة 15 عملا فنيا تمثل البرازيل وكندا والتشيك والدنمارك وفرنسا وألمانيا وأيسلندا وإيطاليا ولاتفيا والنرويج والسنغال وتايلاند والمملكة المتحدة، وبالطبع فلسطين، وهي الدولة العربية الوحيدة التي وصلت إلى هذه القائمة.
وتأهلت هذه الأفلام إلى الجولة التالية من التصويت في فئة الأفلام الروائية الدولية لجوائز "الأوسكار" السابعة والتسعين، وجرى اختيارها من 85 دولة ومنطقة مؤهلة للمشاركة في هذه الفئة.
وتمت دعوة أعضاء الأكاديمية من جميع الفروع للمشاركة في الجولة التمهيدية من التصويت ويجب أن يكونوا قد استوفوا الحد الأدنى من متطلبات المشاهدة ليكونوا مؤهلين للتصويت في هذه الفئة.
في جولة الترشيحات، تتم دعوة أعضاء الأكاديمية من جميع الفروع للمشاركة، ويجب عليهم مشاهدة جميع الأفلام الخمسة عشر المدرجة في القائمة المختصرة للتصويت.
ويذكر أنه مع ترشيح "من المسافة صفر"، تكون فلسطين قد تقدمت بـ17 فيلما لتمثيلها عن فئة أفضل فيلم طويل دولي (أجنبي سابقا) منذ عام 2003 حتى الآن.
ومنذ إصدار المشروع جرى عرضه في العديد من المحافل والمهرجانات الدولية، وحصل على جوائز وتقديرات متختلفة.
صعوبات بالغة
أشرف المشهراوي من الخارج على إدارة الفرق العشرين في غزة التي أنتجت أفلام المجموعة، وهي العملية التي وصفها بأنها "صعبة للغاية للغاية"، قائلا في مقابلة له: "في بعض الأحيان كنا نحتاج إلى الانتظار لمدة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام فقط حتى نتمكن من الاتصال بشخص ما، أو حتى نتمكن من تحميل المواد عبر الإنترنت".
وأضاف مشهراوي الذي ولد في غزة: "في أوقات أخرى، كانت الفرق مشغولة بالبحث عن خيمة، أو العثور على الأنسولين لأم المخرج، أو سيارة إسعاف للذهاب لإنقاذ بعض الأطفال".
وأوضح أن هناك أفلام تم تصويرها بالهاتف، إلا أن العمل على المشروع كان إنتاجا سينمائيا حقيقيا، قائلا: "كنا نقوم بتدريب ورعاية واستشارة وتوجيه السينمائيين لكي نؤهلهم ونؤسسهم ونعلمهم لكي يقوموا بتقديم أفلام دون تنازلات فنية أو تقنية".
???? Today, I got to watch From Ground Zero, Palestine's official Oscars entry.
Whatever you do, don't miss the chance to watch this masterpiece. It'll devastate you beyond what you can imagine, while grounding you in the humanity of the people of Gaza. pic.twitter.com/vLCIybihAZ — Mai El-Sadany (@maitelsadany) January 5, 2025
وذكر أن "عمليات ما بعد التصوير كانت تتم باتجاهين، من لديه إمكانية ومتوفر لديه لابتوب وكهرباء وخيمة لكي يقوم بعملية المونتاج الأولية في غزة يقوم بذلك ونحن نقوم بضبط الصوت والألوان والمونتاج الأولي النهائي، والجزء الثاني كان هناك أيضا مونتاج عن بعد يقوم به سينمائيون خارج غزة مع إشراف مستشارين فنيين للوصول إلى أعمال سينمائية مهمة في قيمتها الفنية".
وكشف أن "بعض العاملين كانوا يفقدون أقارب لهم خلال التصوير أو التحضير وخلال مرحلة الكتابة، وهو ما كان يبعدهم كثيرا عن المشروع، ومن المشاكل أيضا أن البعض كان يتعرض لخطورة حقيقية للوصول إلى مكان فيه إنترنت لإرسال المواد التي صورها".
وأشار إلى أن هناك أيضا "صعوبات تقنية كبرى كانت شبه تعجيزية مثل انقطاع الإنترنت والكهرباء لأيام أو فقدان الاتصال مع شخص ما، فكنا ملتزمين بالتمسك بنفس الأفكار والحكايات وألا تؤثر الأحداث على الفكرة الرئيسية.. كان التصوير يتم تحت القصف، لأن هناك وعيا لدى السينمائيين والمستشارين بأن المشروع أهم وأكبر من أي شيء".
اختيار الاسم
وقع الاختيار على اسم "من المسافة صفر" رغم أنه مصطلح طالما استخدمته المقاومة في وصف عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، حتى قبل حرب الإبادة الحالية وانطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو ما قد يعرض المجموعة لعمليات تحريض.
وجاء الاستقرار على هذا الاسم لأن أفلام المجموعة جرى تصويرها من المسافة صفر بالفعل، والمشروع بحسب المشهراوي "يعطي الفرصة للسينمائيين الموجودين في فلسطين ويعيشون الأحداث عن قرب ليقدموا حكاياتهم السينمائية، لأن هذا ما يميز الفيلم الذي تم تنفيذه خلال الحرب، فهذا السينمائي شريك بكل ما يحدث، ومن هنا جاءت التسمية".
Today is a great day to see a movie — and so is tomorrow! Get your tickets to see “FROM GROUND ZERO” in theaters now —> https://t.co/PfZGLuodDy pic.twitter.com/vpQSEcxO2U — Michael Moore (@MMFlint) January 4, 2025
وقال المشهراوي "بالتأكيد لا نخاف من أن يكون هناك أي تحفظ، لأننا حين نفكر في نشاط أو أفلام يكون التركيز على ما نقوم به أولا، فنحن لا ننفذ أفلاما لجهة محددة، وبالفعل هناك اهتمام كبير بالمشروع، ليس على المستوى العربي فقط، بل على المستوى الأجنبي أيضا"، بحسب مقابلة مع "الجزيرة".
معجزة سينمائية
انضم المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور كمنتج تنفيذي للمشروع، وهو الذي جرى إطلاقه في في الولايات المتحدة في 3 كانون الثاني/ يناير عبر شركة "ووتير ميلون بيتشرز - Watermelon Pictures".
وفي تعليقه على الفيلم، قال مايكل مور بحسب مجلة "فيرايتي - Variety": "لقد صنع هؤلاء المخرجون الفلسطينيون معجزة سينمائية، وسط ما وصفته المنظمات الحقوقية الدولية بالإبادة الجماعية، استطاعوا إبداع فيلم يعكس معاناة شعبهم وإصرارهم على الحياة. إنه لشرف لي أن أساهم في إيصال هذه القصص إلى العالم".
View this post on Instagram A post shared by Watermelon Pictures (@watermelonpictures)
ويذكر أن الفيلم تم عرضه لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي بعد انسحابه من مهرجان "كان" لأسباب سياسية، ولقي إشادة واسعة وجرى وصفه بأنه "مجموعة أفلام فريدة تجمع بين توثيق المعاناة وإبراز القدرة على الصمود".
وعلق المخرج المشهراوي على انضمام مور قائلا: "مشاركة مايكل مور تمنحنا دفعة إضافية لنقل رسالة إنسانية الفلسطينيين إلى العالم".