قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ربنا سبحانه وتعالى وضَّح وبيَّن وحدَّد ملامح الحلال وملامح الحرام، ثم جعل الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بواحدة، ثم أوجد مقارنة بين الحسنات والسيئات، وجعل الحسنات يذهبن السيئات. كما فتح باب التوبة وباب الاستغفار، وبهذه الطريقة لا يتم الظلم.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه ومع ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يتصرف في ملكه برحمته، وليس بمحض عدله. ومن الجهل عند بعض الناس أن يقول: "اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك". فهذا جهلٌ بالله وجهلٌ بالنفس. إن هذا القول يعكس نوعًا من الكِبْر والغطرسة؛ إذ يظن الإنسان أنه لم يقترف خطأً، وهو في قوله هذا متكبر، والنبي ﷺ يقول: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر». فالكبرياء لله وحده؛ لأنه المستحق لها، كما جاء في الحديث القدسي: «العظمة إزاري، والكبرياء ردائي». أي أن الكبرياء أمر مختص بالله سبحانه وتعالى، فهو الكبير المتعال.

أما الإنسان، فلا يدرك حتى حجمه المادي، فلو تأمل حجمه بالنسبة إلى الكون، لأدرك ضعفه. جسده الذي قد يبلغ مترًا وثمانين سنتيمترًا ووزنه الذي قد يصل إلى مائة كيلوغرام، ليس إلا هباءً أمام الأرض، التي هي نفسها هباءٌ أمام السماء الأولى، والتي هي كحلقةٍ في صحراء مقارنة بالسماء الثانية. إذا أدرك الإنسان حجم الكون، عرف مقدار نفسه، وعلم أنه لا شيء إلا بالله، وأنه أضعف المخلوقات في عالم الحيوان. فالأسد مثلاً قد يفترسه بسهولة.

ومع ذلك، فإن الإنسان مكرَّم ومشرَّف، فقد أسجد الله له ملائكته تكريمًا له، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}. فالإنسان مكرَّم بالله، وليس بحجمه ولا بقوته ولا بفعله ولا بعمله. لذا، على الإنسان أن يتقي الله، وألا يُقدم على مثل هذه المجازفات والمخاطرات في القول.

أما قولهم: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، فهو كلام من كان في قلبه شك وريب على مر العصور. إذا جلست مع من غفلوا عن ذكر الله وتوغلوا في الدنيا، ستجدهم في النهاية في حالة من التيه، لا يعرفون كيف يتكلمون أو يعيشون.

لقد جلست مع كثير من الناس، ومنهم أطباء وعلماء، ووجدت أن من أدركتهم الغفلة يقولون مثل هذا الكلام، يعيشون حياة الدنيا ظانين أنهم أصبحوا قادرين عليها، وأنهم يعلمون ما لا يعلمه الآخرون، وأنهم دائمًا يجب أن يكونوا في الصدارة. فيتكلفون فوق طاقتهم، ويكفرون بالله، كما قال تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. وهذا الشعور نوع من الكفر.

النبي ﷺ كان دائمًا يخرج نفسه من هذه المنظومة، كما أمره ربه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}. فهو ﷺ لا يدعي القدرة أو العلم بما هو فوق طاقته، بل يؤكد أن الله وحده هو الضار والنافع، وهو على كل شيء قدير.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة الاستغفار الظلم باب التوبة المزيد

إقرأ أيضاً:

حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صوم شهر شعبان

قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء، أن من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام شهر شعبان أو أي صيام تطوعي، فإن صيامه يبقى صحيحًا ولا يحتاج إلى قضاء.

 

 وأوضح عثمان، في بث مباشر عبر صفحة دار الإفتاء على "فيس بوك"، أن الحكم نفسه ينطبق على صيام الفرض والنفل، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ" (رواه مسلم).

وأشار عثمان إلى أن هذا الحكم يسري أيضًا على صيام رمضان، حيث لا تجب الكفارة ولا القضاء لمن أكل أو شرب ناسيًا، وهو ما يتفق عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.

في المقابل، قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن من تناول الطعام أو الشراب ظنًا منه أن الفجر لم يؤذن بعد، ثم اكتشف عكس ذلك، فإن صومه يُعد فاسدًا، مستندًا إلى القاعدة الفقهية "لا عبرة بالظن البين خطؤه".

تأتي هذه الفتاوى تزامنًا مع صيام الكثير من المسلمين في شهر شعبان، حيث يحرص البعض على صيام أغلب أيام الشهر، بينما يواصل البعض الآخر صيام يومي الإثنين والخميس.

شهر شعبان له فضل كبير في الإسلام، ويمثل فترة تحضيرية لشهر رمضان المبارك. على الرغم من أن الفروض الأساسية مثل الصوم فرضت في رمضان، إلا أن هناك العديد من الفضائل لصيام بعض أيام شهر شعبان، وقد وردت عدة أحاديث في ذلك.

فضل صيام شهر شعبان:

صيام نصف الشهر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في شهر شعبان، فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم". (رواه البخاري)

شهر مغفرة الذنوب: في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم" (رواه النسائي). هذا الحديث يشير إلى أن الله يرفع الأعمال في هذا الشهر، ويحب أن يتم ذلك ونحن في حالة عبادة، مثل الصيام.

تخصيص الأيام الوسطى بالصيام: يوجد من يستحب أن يُصام يوم 15 من شعبان، وهو يوم تُرفع فيه الأعمال إلى الله، وبعض العلماء أكدوا على استحباب هذه العبادة.

الاستعداد لرمضان: صيام شعبان يعد تحضيراً نفسياً وجسدياً لرمضان، حيث يعين المسلم على التعود على الصيام في رمضان.

أدعية شهر شعبان:

لا توجد أدعية مخصصة بشكل خاص لشهر شعبان، ولكن يمكن للمسلم أن يدعو بما يود من الخير في هذا الشهر، وكذلك يمكن ترديد بعض الأدعية العامة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

إليك بعض الأدعية التي يمكنك ترديدها في شهر شعبان:

اللهم بلغنا رمضان:
"اللهم بلغنا رمضان، واجعلنا فيه من المقبولين، واجعل صيامنا فيه صيامًا مقبولًا، وقيامنا فيه قيامًا مشكورًا، آمين يا أرحم الراحمين."

اللهم اغفر لنا في شعبان:
"اللهم اغفر لي ولأهلي ولمن أحب، اللهم اجعل شهر شعبان شهرًا مباركًا علينا."

اللهم اجعل شهر شعبان شاهداً لنا لا علينا:
"اللهم اجعل شهر شعبان شاهداً لنا لا علينا، واجعلنا من الذين يستعدون لرمضان بقلوب نقية وأعمال صالحة."

اللهم اجعل صيامنا في شعبان شفاءً لنا من ذنوبنا:
"اللهم اجعل صيامنا في هذا الشهر شفاءً لنا من ذنوبنا، وارزقنا فيه التوبة والرجوع إليك."

يمكنك أيضًا الاستمرار في الدعاء بما يرضي الله، سواء كان في شهر شعبان أو في أي وقت من السنة، مع اليقين بالإجابة من الله سبحانه وتعالى.

مقالات مشابهة

  • أدعية للرزق في شهر شعبان
  • إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق .. علي جمعة يوضح
  • علي جمعة: نور الإيمان هداية في الدنيا وفوز بالآخرة
  • احذر هذا الفعل يجعل وجهك مظلمًا .. علي جمعة يوضحه
  • 5 كلمات حث عليها النبي أمته.. اعمل بهن وعلمهن لغيرك
  • إذا أردت أن تمتثل لأمر الله ورسوله.. علي جمعة: عليك بهذا الأمر
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • ردد هذه الآية 100 مرة يوميا ستجد العجاب في جلب الرزق.. علي جمعة ينصح بها
  • كيفية صلاة الاستخارة للزواج والدعاء المستحب.. تفتح أبواب الرضا والتوفيق
  • حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صوم شهر شعبان