5 يناير، 2025

بغداد/المسلة: في أول إحصاء سكاني شامل يتم في البلاد منذ نحو 30 عامًا، تم الكشف عن حقائق صادمة تتعلق بالعشوائيات التي تنتشر في العديد من المناطق الفقيرة.

تقرير هذا الإحصاء كشف عن مدى معاناة السكان في هذه المناطق، حيث أظهرت الأرقام أن الملايين من المواطنين يقيمون في مناطق بنيت من مواد رديئة مثل الصفيح على أراضٍ مملوكة للدولة، وبدون أي مرافق حيوية أو بنية تحتية تواكب الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

أظهرت بيانات الإحصاء أن غالبية سكان العشوائيات يعانون من الفقر المدقع والأمية، إذ تشير الإحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من سكان هذه المناطق لا يملكون شهادات تعليمية ولا يمكنهم الوصول إلى فرص التعليم.

وبعض السكان لا يمتلكون حتى أوراقًا ثبوتية تثبت هويتهم، مما يجعلهم عرضة للاستغلال ويعرضهم للعديد من المشكلات القانونية.

قصة إحصائية مثيرة تطرقت إليها التقارير تتعلق برجل فقير لا يستطيع تحديد عدد أبنائه بشكل دقيق، ففي أثناء تعبئته الاستمارة مع موظف إحصاء، أبلغ الأخير بأن لديه أربعة أطفال، ليكتشف لاحقًا، وبناء على قول الجار، أن لديه خمسة أطفال.

هذه الحادثة كشفت عن التحديات الكبيرة التي يواجهها المواطنون في مناطق العشوائيات، حيث الارتباك في المعلومات الشخصية يصبح نتيجة مباشرة للفقر والتهميش.

وإلى جانب ذلك، أظهرت التقارير حالات متكررة من الزواج غير المسجل، حيث يعيش العديد من المواطنين في علاقات غير موثقة قانونيًا ودينيًا، وهو ما يعزز من صعوبة تقديم الدعم الاجتماعي للمحتاجين.

حالات أخرى شملت أطفالًا بلا مدارس، إذ وجد الإحصاء أن هناك أعدادًا كبيرة من الأطفال الذين يعيشون في هذه المناطق بعيدًا عن فصول الدراسة.

وأشار موظف إحصائي إلى حادثة طريفة ولكن مؤلمة، حيث تم تسجيل طفلة باسم شقيقتها المتوفاة، بحيث أصبحت الطفلة تستخدم أوراق شقيقتها الشخصية بعدما أوصى وكيل مواد غذائية مقرب للعائلة بذلك، في خطوة قد تكون مرتبطة بتسهيل وصولهم إلى بعض المستحقات أو الإعانات.

أسباب الوضع المؤسف في هذه المناطق لا تقتصر فقط على الفقر المدقع، بل أيضًا على التفشي الكبير للجريمة المنظمة، التي تجد في هذه المناطق بيئة خصبة لتنفيذ عملياتها غير القانونية.

ومع ازدياد الأوضاع الاقتصادية سوءًا وارتفاع أسعار العقارات، تزداد مأساة هذه العائلات فكريًا ومعيشيًا، حيث يواجه السكان ضغوطًا متزايدة للبقاء في أماكنهم التي لا تحتوي على أي بنية تحتية.

وفقًا لتحليلات خبراء اجتماعيين، هناك حلقة مفرغة تجعل من هذه المناطق بيئة خصبة للعنف والفقر، فلا التعليم متاح ولا الفرص الاقتصادية موجودة، وبالتالي يزداد الإحباط لدى الشباب، مما يدفعهم في كثير من الأحيان نحو الانضمام إلى العصابات أو اللجوء إلى المخدرات كمخارج للهروب من واقعهم المرير.

وقال الباحث الاجتماعي أحمد العتيبي في مداخلة عبر إحدى الصحف المحلية: “العشوائيات ليست فقط قضية سكنية، بل هي معضلة مجتمعية عميقة تؤثر على كل نواحي الحياة”.

توقعات المستقبل لا تبدو مشجعة، حيث يعتقد محللون أن هذه المناطق ستظل مصدرًا رئيسيًا للاحتقان الاجتماعي والجريمة ما لم تتخذ الدولة إجراءات جذرية لتحسين الظروف المعيشية والتعليمية.

وأضاف الباحث في الشؤون الاقتصادية،  يوسف نجم: “إن الاستثمار في تعليم هؤلاء الشباب وتوفير فرص العمل لهم هو مفتاح التخلص من هذه الظاهرة على المدى الطويل”.

وفي تدوينة على منصة X (تويتر)، علق الناشط الاجتماعي محمود الجاسم قائلاً: “إذا لم نبدأ الآن في معالجة أزمة العشوائيات، سنجد أنفسنا في مواجهة مع جيل كامل ضاع مستقبله وأصبح فريسة للجريمة”. بينما علق أحد المواطنين عبر فيسبوك قائلاً: “أطفالنا يعيشون في الظلام، لا مدارس ولا فرص عمل، إلى متى ستظل هذه الحال؟”.

ومن جهة أخرى، تحدثت مصادر محلية من إحدى مناطق العشوائيات في العاصمة، حيث أكد أحد سكان المنطقة أن الحياة اليومية أصبحت أكثر صعوبة مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وزيادة العجز في توفير الخدمات الأساسية. وتساءل قائلاً: “هل سيتحرك أحد لإنقاذنا من هذا الوضع؟”.

وفي النهاية، يبدو أن الأمر يتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات الحكومية لضمان توفير بيئة مناسبة للعيش في هذه المناطق وتقديم الحلول المستدامة التي تضمن استقرار السكان ورفع مستوياتهم التعليمية والاجتماعية، وإلا ستظل العشوائيات نقطة ضعف في بنية المجتمع وتؤثر سلبًا على مستقبله.

ويؤكد مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن “قطاع السكن في العراق يعاني أزمة قديمة، وأكثر من ثلاثة آلاف عشوائية يسكن فيها نحو أربعة ملايين شخص تنخفض فيها متطلبات العيش اللائق، وتتجمع نصف هذه العشوائيات في أطراف بغداد، والنصف الآخر في بقية مدن البلاد، والحكومة الحالية تسعى إلى توفير ثلاثة ملايين وحدة سكنية تمهيداً لتقليل ارتفاع معدلات العيش في مناطق مماثلة”.

وتشير وزارة التخطيط إلى أن “نحو أربعة ملايين مواطن يسكنون في بيوت عشوائية تُعرف ببيوت التجاوز التي تنخفض فيها معايير العيش اللائق”.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی هذه المناطق

إقرأ أيضاً:

العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع: حققت قوات وزارة الدفاع تقدماً ميدانياً سريعاً، وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام

2025-03-07kamelسابق رئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب: ليس أمام من ورطتهم أيادٍ خبيثة وتلطخت أيديهم بدماء رجالنا الطاهرة إلا تسليم أنفسهم وأسلحتهم انظر ايضاً رئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب: ليس أمام من ورطتهم أيادٍ خبيثة وتلطخت أيديهم بدماء رجالنا الطاهرة إلا تسليم أنفسهم وأسلحتهم

دمشق-سانا أكد رئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد أنس خطاب أنه لا صحة لما تداولته بعض …

آخر الأخبار 2025-03-07العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع: حققت قوات وزارة الدفاع تقدماً ميدانياً سريعاً، وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام 2025-03-07رئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب: ليس أمام من ورطتهم أيادٍ خبيثة وتلطخت أيديهم بدماء رجالنا الطاهرة إلا تسليم أنفسهم وأسلحتهم 2025-03-07أهالي حماة يشيعون شهداء الأمن العام الذين ارتقوا يوم أمس 2025-03-07التعليم العالي تؤجل امتحان الكيمياء لطلاب السنة التحضيرية المقرر يوم غد في كل الجامعات 2025-03-07مصدر أمني في وزارة الداخلية لـ سانا: بعد قيام فلول النظام البائد باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية، ونعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري. 2025-03-07وزير الموارد المائية يطلع على محطة العرشاني ومشروع الطاقة ‏الشمسية لتغذية محطات مياه إدلب 2025-03-07رابطة العالم الإسلامي تؤكد تضامنها مع الحكومة السورية في مواجهة ما يهدد أمنها واستقرارها 2025-03-07وزير الزراعة يطلع على واقع العمل بمحطتي قرحتا ودير الحجر ‏البحثيتين بريف دمشق ‏ 2025-03-07الخارجية التركية: نقف ضد الأعمال التي تستهدف حق السوريين بالعيش بسلام 2025-03-07تجمعات شعبية في مختلف المحافظات دعماً لجهود الدولة السورية في محاربة فلول النظام البائد

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • وزارة الإعلام: ننوه إلى وسائل الإعلام العربية والغربية التعامل بدقة ومصداقية مع الأحداث الجارية وعدم الوقوع في فخاخ الشائعات التي يتم ضخها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متصاعد وممنهج
  • وزارة الإعلام: نهيب بالمواطنين التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة التي تستهدف النسيج الاجتماعي، ونؤكد على ضرورة الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، لما لذلك من أهمية في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي
  • خبير زلازل يكشف: هذه هي المناطق الأكثر تهديدًا في إسطنبول حال وقوع زلزال!
  • إعصار ألفريد يهدد شرق أستراليا.. إجلاء آلاف السكان قبل الاجتياح
  • العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع: حققت قوات وزارة الدفاع تقدماً ميدانياً سريعاً، وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام
  • تحذير مهم من الأرصاد الجوية للمواطنين في الأغوار الجنوبية
  • الأرصاد: أمطار غزيرة على مناطق بالشمال الغربي وجريان بعض الأودية
  • اليوم.. شبورة كثيفة وأمطار ببعض المناطق وطقس معتدل نهارا على القاهرة
  • قانون الضمان الاجتماعي.. تعرف على الحالات التي تحرمك من الدعم النقدي
  • نجم الزمالك السابق: مباراة مودرن صعبة وبطولة الكأس مليئة بالمفاجآت