أميركا تتساءل: كيف نتصرف مع إرهابنا المحلي؟
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
واشنطن– لم يفِق المجتمع الأميركي من صدمة "العمل الإرهابي" الذي أودى بحياة الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد هيلث كير، أكبر شركات التأمين الأميركية، بريان تومبسون، في نيويورك، حتى فوجئ بصدمة مزدوجة في أول ساعات العام الجديد مع حادثتين جديدتين في مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا، ومدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، ارتكبهما عسكريان أميركيان، سابق وحالي.
وقُتل بريان تومبسون أثناء سيره إلى فندق في ساعات الصباح الأولى، حيث كان يُعقد مؤتمر استثماري لشركته، بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة. ووجهت هيئة محلفين أصابع الاتهام بالقتل إلى الشاب الأبيض لويجي مانجيوني، واعتبرت الجريمة "عملا إرهابيا".
كما اعتبر مكتب التحقيقات الفدرالي حادثة دهس حشد من المحتفلين بالعام الجديد في نيو أرلينز، والتي أدت لمقتل 14 شخصا وإصابة أكثر من 35 آخرين بجروح، هجوما إرهابيا، وحدد هوية المشتبه به الذي قتل برصاص الشرطة، على أنه المحارب المتقاعد من الجيش شمس الدين جبار.
بعد ذلك بساعات، وعلى بعد أكثر من 2700 كيلو متر، انفجرت شاحنة من طراز "تسلا" خارج فندق ترامب الدولي في مدينة لاس فيغاس، مما أدى إلى مقتل المحارب المخضرم في الجيش، ماثيو آلان ليفلسبيرغر، الذي أطلق النار على رأسه قبل انفجار السيارة التي أدى انفجارها لإصابة 7 أشخاص بجروح متنوعة.
إعلانوسبق وحصل كل من ليفلسبيرغر وشمس الدين على أوسمة وميداليات عسكرية رفيعة تقديرا لجهودهما وتفوقهما العسكري. في الوقت نفسه، نال قاتل رئيس شركة يونايتد للتأمين سابقا الكثير من الثناء والمديح على وسائط التواصل الاجتماعي.
شاحنة من طراز تسلا "انفجرت" خارج فندق ترامب الدولي في مدينة لاس فيغاس (رويترز) تجدد الإرهاب المحليوأمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، حدد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي إف بي آي، كريستوفر راي، في ديسمبر/كانون الأول 2023 "3 فئات مختلفة من التهديدات الإرهابية هي: الإرهاب الدولي، والإرهاب المحلي، والإرهاب الذي ترعاه بعض الدول".
وحذّرت السلطات الأميركية إثر ذلك من هجمات محتملة داخل أميركا من قبل مهاجمين منفردين. وتسلط الهجمات الثلاث الأخيرة (والتي ارتكبها 3 رجال، اثنان من البيض، والثالث من الأميركيين السود، اثنان منهم من خلفية عسكرية)، الضوء على صعوبة أو استحالة تجنب هذه الحوادث أو الاستعداد لمواجهتها، خاصة مع توافر مختلف أنواع الأسلحة النارية في المجتمع الأميركي بصورة قانونية.
وأعقب ذلك تحذير آخر من الجهات الأمنية، التي أشارت إلى اتجاه عالمي مثير للقلق لمهاجمين يستخدمون السيارات والحافلات لتنفيذ أعمال عنف جماعي في احتفالات الأعياد وغيرها من التجمعات الكبيرة.
وحذر مسؤولون من مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي في نشرة دورية الشهر الماضي، من أن بيئة التهديد قد اشتدت في ضوء تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، وأن الجماعات الإرهابية كانت تشارك دعاية تحث على العنف في عطلة الشتاء.
وتم التحذير تحديدا مما يسمى بالأهداف السهلة خلال العطلات مثل "دور العبادة والأسواق المفتوحة والمسيرات وغيرها من التجمعات الكبيرة أو فعاليات الأعياد".
الإرهاب والجيشعلى الرغم من الرمزية التي قد ترتبط بتفجير سيارة شركة إيلون ماسك من طراز "تسلا" خارج فندق ترامب الدولي في لاس فيغاس، قال مسؤولو إنفاذ القانون -الخميس الماضي- إنهم ما يزالون يحاولون تجميع سبب قيام ضابط عسكري حائز النجمة البرونزية 5 مرات، والأب الجديد لرضيع ولد مؤخرا، للقيام بهذا التفجير.
إعلانووصف أحد أفراد العائلة وزميل سابق في الجيش ليفلسبيرغر بأنه شديد الحب لبلاده، وبالأخص الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وعين ترامب مؤخرا ماسك للمشاركة في قيادة لجنة استشارية رئاسية هي إدارة الكفاءة الحكومية.
من ناحية أخرى، تحاول بعض الأصوات ربط شمس الدين جبار بتنظيم الدولة على أساس خلفيته الإسلامية، في الوقت الذي تتردد وسائل الإعلام بصفة عامة في التركيز على أن كلا المتهمين من العسكريين الأميركيين.
وجمعت الخدمة العسكرية والقتال في صفوف الجيش الأميركي في أفغانستان بين مرتكبي جريمة نيو أورلينز ولاس فيغاس، وهو ما زاد من المخاوف المتجددة بشأن انتشار التطرف داخل القوات المسلحة التي كافح المسؤولون من أجل اجتثاثها.
وعلى الرغم من أن الهجومين ليسا أول أعمال التطرف من قبل عسكريين أميركيين، فإنهما يضخمان التساؤلات حول عدد قدامى المحاربين المتطرفين وغير المستقرين، وحول مدى نجاح جهود البنتاغون لتحديد واستئصال المعتقدات المتطرفة منهم.
وتقول هايدي بيريش، المؤسس المشارك لـ"المشروع العالمي لمكافحة الكراهية والتطرف" التي درست النشاط العسكري المتطرف لعقود من الزمن، إن المشكلة التي لم يتم حلها خطيرة بشكل خاص لأن قدامى المحاربين والعسكريين الحاليين يمكنهم القتل بشكل أكثر كفاءة.
وقالت "لم يعالج الجيش المشكلة بشكل كافٍ، سواء من المتعصبين البيض أو المتطرفين الإسلاميين، وهذه الحالات هي تذكير بمدى أهمية عدم تدريب الأشخاص الذين لديهم القدرة على أن يصبحوا متطرفين على التكتيكات العسكرية".
وخدم جبار في الجيش من عام 2007 إلى عام 2020، من بينها عام في أفغانستان، وتقاعد برتبة رقيب. في حين أن ليفلسبيرغر، مهاجم لاس فيغاس، كان ضابطا في القوات الخاصة الأميركية في إحدى قواعدها العسكرية بألمانيا.
وجدير بالذكر أنه تم توجيه اتهامات وحكم بالإدانة على العشرات ممن هاجموا مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 وكانوا من قدامى المحاربين أو العسكريين حاليا في الجيش الأميركي.
إعلانوتتبع مشروع منع العنف عمليات إطلاق النار الجماعية من عام 1996 إلى عام 2024. وكشف المشروع وجود نسبة ضخمة تقترب من الثلث بين مرتكبي هذه الحوادث من العسكريين السابقين أو الحاليين.
إستراتيجية المواجهةفي 20 يناير/كانون الثاني 2021، أول يوم له في منصبه، وجه الرئيس جو بايدن فريق الأمن القومي بمراجعة شاملة خلال 100 يوم لجهود الحكومة الأميركية للتصدي للإرهاب المحلي، والذي أصبح خلال السنوات الماضية التهديد الإرهابي الأكثر إلحاحا وخطورة على الولايات المتحدة اليوم. ونتج عن تلك المراجعة، إصدار إدارة بايدن أول إستراتيجية وطنية على الإطلاق لمكافحة الإرهاب المحلي.
وأبرزت الإستراتيجية تعريف الإرهاب، وقالت إن الإرهاب المحلي "أنشطة تنطوي على أعمال خطرة على حياة الإنسان وتشكل انتهاكا، يبدو أن الغرض منها ترهيب السكان المدنيين أو إكراههم، أو التأثير على سياسة الحكومة عن طريق الترهيب أو الإكراه، أو التأثير على سلوك الحكومة عن طريق الدمار الشامل أو الاغتيال أو الاختطاف. وتحدث في المقام الأول ضمن الولاية القضائية الإقليمية للولايات المتحدة".
لكن الكونغرس فشل في اتخاذ قرارات غير حزبية وغير مسيسة لسن قوانين تشرع مكافحة الإرهاب المحلي.
من جهة ثانية، خلص تقرير استخباري، عن عنف جماعات اليمين الأميركي، إلى أن المتطرفين ذوي الدوافع العنصرية والإثنية -مثل العنصريين البيض وأولئك المرتبطين بالمليشيات العنيفة- يعتبرون أكثر التهديدات خطورة على الداخل الأميركي.
ورجّح التقرير أن يقوم الجناة، في صورة منفردة أو خلايا صغيرة في عدد أعضائها من المتطرفين، بتنفيذ هجمات أكثر من المنظمات الأكبر.
وقالت وكالات الاستخبارات في ملخصها إن من وصفتهم بـ"الذئاب المنفردة" يشكلون أهم التحديات، ويرجع ذلك إلى "قدرتهم على التطرف المستقل واللجوء إلى العنف، وقدرتهم على التعبئة بشكل منفصل، والحصول على الأسلحة النارية بصورة فردية".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات لاس فیغاس فی الجیش
إقرأ أيضاً:
صحيفة سعودية تتساءل: لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً ضد الحوثيين في اليمن؟
قالت صحيفة سعودية إن النفي المصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة شن هجمات عسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن، تثير تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن، رغم ما تعانيه من تداعيات اقتصادية جراء هجمات الحوثي على السفن المارة في البحر الأحمر.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن خبراء قولهم إن "مصر لا تفضل أن تقوم بأعمال عسكرية خارج حدودها، وأن القاهرة تدرك أن توترات البحر الأحمر سببُها استمرارُ الحرب في غزة، ومن هنا فهي تُفضل "الطُرق الدبلوماسية لوقف الحرب.
ونفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن "قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن". وذكر المصدر المصري المسؤول، في تصريحات أوردتها قناة "القاهرة الإخبارية" الفضائية، أن مثل هذه التقارير، وما تتضمنه من معلومات "مُضللة"، ليس لها أساس من الصحة.
وكانت تقارير إسرائيلية ادعت أن مصر تستعد لضرب الحوثيين بعد تكبدها خسائر اقتصادية كبرى جراء تصاعد التهديدات ضد هيئة قناة السويس التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية.
وحسب الصحيفة فإنه منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة الحوثي السفن المارة بالممر الملاحي، "رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة"؛ ما دفع شركات الشحن العالمية لتغيير مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر.
وعدَّ الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، التقارير الإسرائيلية، "محاولة للضغط على مصر ودفعها للعب دور في اليمن". وقال إن "مصر لن تشارك في أي عمل عسكري في اليمن"، مشيراً إلى أن القاهرة "تدرك أن السبب وراء التوترات في البحر الأحمر ليس في الحوثي أو في اليمن؛ بل في استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة". وأضاف فرج: "لو توقفت الحرب الإسرائيلية في غزة سوف تتوقف الهجمات على السفن بالبحر الأحمر".
واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن "المشكلة ليست في (الحوثي)، فما يحدث جزءٌ من حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، و(الحوثي) مجرد أداة، والقاهرة لن تتعامل مع الأدوات ولن تتورط في هذا الصراع".
وأضاف أن "القاهرة تؤمن بالحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة، ولن ترسل قواتها خارج الحدود، لا سيما مع إدراكها حجم التوترات على جميع حدودها، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان".
وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، فإن رفض مصر التدخل عسكرياً ضد «الحوثي» في اليمن "دليل على موضوعية السياسة المصرية".
وقال إن "مصر هي الخاسر الأكبر من هجمات الحوثي، لكنها على مدار أكثر من عام لم تدنها، واقتصرت التصريحات الرسمية على التأكيد على ضرورة تأمين الملاحة في البحر الأحمر".
وأرجع أستاذ العلوم السياسية ذلك إلى أن "مشاركة مصر في أي تحالف حالياً ضد الحوثي قد ينظر له البعض على أنه دعم لتل أبيب في حربها على قطاع غزة".
وسبق وأشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي الذي يبدأ من يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نهاية الشهر الماضي، إن "إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضاً تجاوز 60 في المائة مقارنة بعام 2023، مما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في عام 2024".