اليمن يواجه خطر الهيمنة العسكرية متعددة الأطراف
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
ثمة موجة من التفاؤل لدى اليمنيين بشأن قرب انتهاء سنوات من الصراع والفوضى والأزمات المركبة الناجمة عنها في بلدهم، على ضوء ما تحقق في سوريا، حيث بدت الأمور هناك على مدى سنوات أكثر تعقيدا مما عليه في اليمن، وهذا أمر يحتاج إلى مزيد من التدقيق في صحته، على ضوء الوقائع الماثلة على الساحة اليمن وحيث يبدو الحوثيون أحد التحديات الصعبة، فيما تحيط باليمن تحدياتٌ أخطرها على الإطلاق الهيمنة العسكرية متعددة الأطراف.
تشير الدلائل إلى تضاؤل كبير في جهوزية السلطة الشرعية لقيادة عملية عسكرية تطيح بنفوذ الحوثيين العسكري والسياسي في شمال اليمن، بالنظر إلى استمرار وقوع هذه السلطة تحت ظرف عبثي ضاغط؛ يعزز إمكانية تشظيها في أية لحظة إلى مكوناتها الأولوية المتمثلة في تشكيلات تعمل تحت الإشراف الكامل إما للإمارات أو للسعودية وتتبنى مشاريع عبثية، وتقع تحت تأثير الصراع المكتوم على النفوذ بين الرياض وأبو ظبي.
تضاؤل كبير في جهوزية السلطة الشرعية لقيادة عملية عسكرية تطيح بنفوذ الحوثيين العسكري والسياسي في شمال اليمن، بالنظر إلى استمرار وقوع هذه السلطة تحت ظرف عبثي ضاغط؛ يعزز إمكانية تشظيها في أية لحظة إلى مكوناتها الأولوية المتمثلة في تشكيلات تعمل تحت الإشراف الكامل إما للإمارات أو للسعودية وتتبنى مشاريع عبثية
ووضع كهذا يقلل من إمكانية التطبيق المحتمل للسيناريو المثالي العالق في أذهاننا، والمرتبط بإمكانية اتحاد القوى العسكرية المتنافرة تحت مظلة الشرعية، وانسجام الموقف الإقليمي وتوفر التوافق الدولي حول مرحلة ما بعد استعادة صنعاء، مع التأكيد هنا على أن هذا السيناريو موضوعي وليس فقط مثاليا، وهو متاح إذا أخذنا بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة وكفاءته في إنهاء التحديات الناجمة عن وجود جماعة سياسية عسكرية طائفية مرتبطة بإيران وتتحكم بشكل كامل بجزء هام واستراتيجي من اليمن وتخضعه للأولويات الجيوسياسية لإيران؛ بكل ما تمثله هذه الأولويات من مخاطر على الأمن الإقليمي وعلى مستقبل المنطقة.
تتوفر لدى السعودية حزمة من الخيارات الخادعة للتعامل المريح مع الأزمة والحرب في اليمن، في ظل انخراط الولايات المتحدة الأمريكية، قائدة ما يسمى تحالف "حارس الازدهار"، وعدد من دول الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بمهمة "أسبيدس" المخصصة لصد الهجمات الحوثية على السفن العابرة للبحر الأحمر، والهجمات الجوية الإسرائيلية على اليمن. فالسعودية لم تعد بفعل هذه التطورات تحت ضغط الذهاب الاضطراري لتوقيع اتفاق خارطة طريق مع الحوثيين، لتجنب عقوبات أمريكية، وسيناريو الانكشاف الاستراتيجي المحتمل أمام إيران ومليشياتها، على النحو الذي كشفت عنه الهجمات الخطيرة على أكبر منشآت المملكة النفطية في "خريص" و"بقيق" في أيلول/ سبتمبر 2019، كما لم تعد خارطة الطريق إحدى الحلول المتاحة، لا لتحقيق السلام في اليمن ولا لاحتواء النشاط العسكري للحوثيين.
إيران والحوثيون من جهتهم يدافعون بشراسة عن هدفين أساسيين؛ أولهما هو أمن إيران والآخر هو المشروع الجيوسياسي للحوثيين في اليمن، ويقومون بذلك عبر استراتيجية التصعيد والهجوم على المستعمرات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، وهم على يقين بأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح للدفاع عن خياراتهم، يحدوهم اليقين بأن تغيير الوقائع في اليمن لن يتم فقط عبر تحييد قوة الحوثيين العسكرية، بل عبر توفر أرضية توافقية حول شكل اليمن المستقبلي فيما لو تقرر التعامل عن طريق الحسم العسكري ضدهم.
إيران والحوثيون من جهتهم يدافعون بشراسة عن هدفين أساسيين؛ أولهما هو أمن إيران والآخر هو المشروع الجيوسياسي للحوثيين في اليمن، ويقومون بذلك عبر استراتيجية التصعيد والهجوم على المستعمرات الإسرائيلية
السعودية في ضوء هذا المناخ المريح اعتمدت نهجا براجماتيا، يسمح بإدارة المشهد اليمني بما يتفق مع مصالحها، وهذا يفسر لماذا نقل المتحدث باسم جماعة الحوثي مقر إقامته من مسقط إلى الرياض، محملا بتطمينات والتزامات وتنازلات لتحفيز القيادة السعودية على إعادة مباشرة العمل بخارطة الطريق بصفتها صفقة ثنائية بين الرياض وصنعاء.
وفي الوقت نفسه، بدأت الرياض بتصدير وعود للقوى اليمنية بشأن مخطط محتمل للحسم العسكري مع جماعة الحوثي، وهذه الوعود لا تتوفر مؤشرات تدعمها على أرض الواقع حتى الآن، بل على العكس، هناك اضطراب وانهيار معيشي وتهاوٍ مريع في حياة سكان العاصمة المؤقتة عدن؛ بسبب انقطاع الكهرباء الطويل نتيجة عدم وجود وقود، في ضوء التصعيد الذي يقوم به ما يسمى حلف قبائل حضرموت بزعامة عمرو بن حبريش.
على أن الحسم العسكري ليس مستبعدا، وفي هذه الحالة دعونا نفترض أن ثمة مخططا سريا يجري تنفيذه بعيدا عن الأنظار؛ من أبرز التوقعات بشأنه إمكانية تحريك جبهة الساحل الغربي بهدف استعادة مدينة وموانئ الحديدة، بالتزامن مع تحريك جبهات أخرى، مع إبقاء المعركة ونتائجها السياسية رهن الإرادة السعودية والإقليمية والدولية، ومن شروط نجاح هذ السيناريو وجود تفاهمات مشتركة سعودية إماراتية. وهذا يقودنا إلى ضرورة التنبيه إلى الخطر الكامن الناجم عن غياب إرادة وطنية وقيادة يمنية كفؤة وقوة صلبة في حالة جهوزية كاملة للحسم، وجعل كل مفاعيل المعركة تحت تصرف اليمنيين وليست منحة قابلة للاسترجاع من قبل الداعمين، خصوصا في اللحظات الحاسمة.
الخطر الأكبر يأتي من إمكانية نجاح المقاربة الإماراتية للأزمة اليمنية، والتي قد تجرُّ معها واشنطن وتل أبيب إلى التعامل العسكري الجوي مع الحوثيين على قاعدة من التنسيق اللوجيستي مع الإمارات، لتحقيق هدف إضعاف الحوثيين واحتوائهم، وليس لإرساء سلام دائم في اليمن
على أن الخطر الأكبر يأتي من إمكانية نجاح المقاربة الإماراتية للأزمة اليمنية، والتي قد تجرُّ معها واشنطن وتل أبيب إلى التعامل العسكري الجوي مع الحوثيين على قاعدة من التنسيق اللوجيستي مع الإمارات، لتحقيق هدف إضعاف الحوثيين واحتوائهم، وليس لإرساء سلام دائم في اليمن يكون قادرا على إزالة ركام المشاريع التخريبية التي وضعت على الساحة اليمنية منذ عشرة أعوام.
ويمكن النظر إلى المطار العسكري الجديد الذي أنشأته الإمارات في جزيرة عبد الكوري التابعة لمحافظة أرخبيل سقطرى، بطول 2400 متر، مع مرافق ومنشآت أخرى مساعدة ورصيف بحري في الجزيرة، باعتباره الخطوة الأكثر عملية باتجاه تعزيز الشراكة الإماراتية الأمريكية، لتحقيق هدف التحكم العسكري متعدد الأطراف وطويل الأمد باليمن، والاستفراد بمزاياه الجيوسياسية، وتعزيز الأطماع الخطيرة لدولة الإمارات خصوصا بأرخبيل سقطرى.
ولا ندري هل يمثل التحرك السعودي الأخير في أرخبيل سقطرى عبر إقامة مشاريع خدمية ودعوة مسؤولين من الحكومة لزيارة الأرخبيل وافتتاح تلك المشاريع؛ جزءا من إجراء وقائي لتحجيم الادعاءات الإماراتية بالسيطرة على الأرخبيل وحرمان الإمارات من زيادة حصتها في التحكم بالمشهد اليمني، استنادا إلى التنسيق مع القوة الأمريكية وإلى التحالف الوثيق بين أبوظبي وتل أبيب، وهل يكفي التحرك السعودي الناعم هذا لتحييد الطموحات الإماراتية؟
x.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمنيين الحوثيون السعودية إيران إيران امريكا السعودية اليمن الحوثي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
ترامب: لا يوجد أي ضمانات بشأن إمكانية صمود وقف إطلاق النار في قطاع غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لا توجد أي ضمانات بشأن إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال ترامب ذلك، للصحفيين، وفقا لوسائل إعلام أمريكية عقب توقيعه على مجموعة من الأوامر التنفيذية الجديدة في المكتب البيضاوي، حيث أدلى بسلسلة من التصريحات بشأن قضايا داخلية وخارجية، وذلك بعد أسبوعين من توليه منصبه ومن أبرزها أنه سيكون لدى الولايات المتحدة صندوق ثروة سيادي كبير، واصفا إياه بالحدث المثير للاهتمام والذي يولد الثروة للولايات المتحدة الأمريكية.
وأعرب الرئيس الأمريكي عن أمله ورغبته في أن تصبح "كندا" الولاية رقم 51 للولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه سوف يتم توفير الحماية العسكرية لها والعمل معها، موضحا أنه لا يريد منهما أي شىء غير الانضمام للولايات المتحدة الأمريكية.
ووصف الرئيس الأمريكي المحادثات مع المكسيك بأنها كانت جديدة وركزت على عدة مواضيع منها الهجرة غير الشرعية، وغيرها، مضيفا أنه أجرى "محادثات جيدة مع رئيسة المكسيك، وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه سوف تفرض المكسيك سيطرتها على الحدود وتنشر 10 آلاف جندي على حدودها لمنع وصول المهاجرين غير الشرعيين للولايات المتحدة.
وبشأن رفع التعريفة الجمركية على البضائع الكندية والمكسيكية والصينية التي تدخل إلى الولايات المتحدة، أوضح ترامب، أن كندا لا تعاملنا بطريقة جيدة، ولن نسمح لها باستغلال الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن أمريكا تستورد منها أكثر مما تصدر، كما أن هناك عجزا كبيرا مع الاتحاد الأوروبي، فهناك حوالي 350 مليار دولار، وهم يمنعون دخول المنتجات والمحاصيل الزراعية أو السيارات الأمريكية، وعلى العكس نحن نشتري ملايين السيارات منهم، ولا نفعل أي شىء حيال ذلك، كما أنهم يفرضون القيود على بيع السيارات الأمريكية، ولا يشترون المنتجات والمحاصيل الزراعية والسيارات الأمريكية.
وأوضح الرئيس ترامب، "أنهم يستغلون الولايات المتحدة لأعوام ولا يجب أن يفعلوا ذلك، ولكن الآن هم يريدون توقيع اتفاق معنا وسوف نرى"، مشددا على ضرورة وجود معاملة تبادلية ومنصفة، أم فرض تعريفة جمركية، متابعا، أن الاتحاد الأوروبي يفرض ضريبة القيمة المضافة وهي تشبه التعريفة، وبأرقام لا يصدقها العقل، وكذلك كندا بالنسبة للمصارف يفرضون علينا رسوم باهظة، كما أنه في حال عدم التوصل مع الصين على اتفاق، سيتم فرض رسوم جمركية عليها باهظة، علما بأنه سوف يجري اتصالا هاتفيا مع الرئيس الصيني خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة.
وتحدث الرئيس ترامب عن المباحثات التي قادها وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو مع رئيس بنما، وعلاقتها بالوجود الصيني في قناة بنما، قائلا "لن نعطي قناة بنما للصين وبنما قد انتهكت الاتفاقيات التى وقعت معنا، وهناك اجتماع يوم الجمعة القادم، بمشاركة ممثلين من كلا البلدين للاتفاق على أشياء معينة في هذا الشأن.
وحول تقديم الدعم والمساعدات إلى أوكرانيا، طالب ترامب الاتحاد الأوروبي بالتعاون وتقديم الدعم المالي والمساعدات إلى أوكرانيا مثلما تفعل الولايات المتحدة والمساهمة بمبلغ معادل بما تدفعه بلاده، كاشفا عن وجود اتصالات الآن معهم "الاتحاد الأوروبي" للوصول الى اتفاق وضمانات في هذا الصدد.