ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "سمعنا اليوم، في الأحد الذي يسبق عيد الظهور الإلهي، مقطعا من الإنجيل بحسب مرقس الإنجيلي، يعرفنا على النبي السابق المجيد يوحنا المعمدان وعلى طريقة عيشه وعمله.

فالمعمدان كان أبرز أنبياء الفترة التي سبقت استعلان المسيح أمام الجميع بصوت الآب. كان يوحنا يعتبر قائدا قويا إذ لم يكن يهاب أحدا، لكنه كان يتحلى بالتواضع الكبير الذي جعله يقول: «إنه يأتي بعدي من هو أقوى مني وأنا لا أستحق أن أنحني وأحل سير حذائه. أنا عمدتكم بالماء وأما هو فيعمدكم بالروح القدس». كان النبي يوحنا يشهد بأنه جاء ليعد الطريق للمسيح فظهر «صوتا صارخا في البرية: أعدوا طريق الرب».  

أضاف: "بعد معمودية الرب يسوع، كأننا أمام لحظة تسلم وتسليم، ليس من النبي السابق إلى المسيح الرب وحسب، بل بالأخص من العهد القديم إلى عهد النعمة والفداء، تطبيقا لما جاء بالنبي القائل: «هاءنذا مرسل ملاكي أمام وجهك يهيء طريقك قدامك، صوت صارخ في البرية، أعدوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة». لم يفتتح الإنجيلي مرقس إنجيله بعرض أحداث الميلاد أو نسب المسيح، لكنه، إذ كان يكتب للرومانيين، قدم المسيح على أنه ابن الله وصاحب سلطان، وقوي، لأن الرومانيين كانوا يحبون القوة، فعمل مرقس في كل إنجيله على إظهار قوة الرب، وأنه يعطي قوة للمؤمنين به. الإنجيلي مرقس هو الوحيد الذي يسمي كتابه إنجيلا، أي بشارة سارة، إذ يقول في آيته الأولى: «بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله» (مر1: 1)، مبشرا الوثنيين بمخلص يدعى يسوع، وبملك ممسوح قوي ليس من بني البشر، بل هو ابن الله، الإله الوحيد. كذلك يبدأ إنجيل مرقس بمعمودية الرب يسوع، ويختم بدعوة التلاميذ لأن يكرزوا، ويبشروا الأمم، أي أن يحملوا إليهم الإنجيل ويعمدوهم. لقد جاء المسيح وعلمنا ما يجب علينا القيام به، ثم صعد إلى السماوات بعدما منحنا البنوة لله الآب، وهذه البنوة تنتقل عبر المعمودية التي هي السر الأول الذي يعطى للإنسان المسيحي، فيكون مدخلا إلى سائر الأسرار التي أسسها الرب يسوع من أجل خلاصنا".

وتابع: "يستعير الإنجيلي مرقس من النبي إشعياء قوله: «صوت صارخ في البرية» دلالة إلى يوحنا المعمدان الذي كان يزأر كأسد في برية إسرائيل، حيث أصبح الشعب قاحلا وغير مثمر، وكأنه عاد إلى الصحراء التي تاه فيها أربعين سنة، وهذا الشعب لن يثمر إلا إذا سقي بماء المعمودية وبدموع التوبة معا. ولأن الإنجيلي مرقس يكتب للرومانيين، نجده يقدم المعمدان كسابق للملك المسيح ليعد الطريق أمامه، تماما كما كانوا هم يفعلون مع ملوكهم الأرضيين، إلا أن يوحنا السابق كان أسدا ذا صوت عظيم. فإذا كان المرسل هكذا فكم تكون قوة الملك الآتي؟! كذلك، يستعير الإنجيلي مرقس من النبي ملاخي قول الله على لسانه: «هاءنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي» (3: 1)، لكنه يغير صيغتها قائلا: «هاءنذا مرسل ملاكي أمام وجهك يهيى طريقك قدامك»، وهذا ليس مصادفة، بل ليظهر أن المسيح هو نفسه الإله المتجسد. إن قوة معمودية يوحنا ليست في ذاتها بل في تهيئتها لمعمودية المسيح. لهذا يقول يوحنا للناس إنه سيأتي من سيعمدهم بالروح القدس بدلا من الماء. فالمعمدان يشبه الناموس اليهودي في وظيفته التي هي دفع الإنسان للتمتع بالمسيح وقيادة الجميع إليه فقط، لا إلى أي مخلوق أرضي. يقدم لنا المعمدان خلاصة العهد القديم التي تجلت عبر عمل الأنبياء جميعا في دعوة الشعوب إلى التوبة واتباع الرب وتمليكه على حياتهم. كان يخرج إلى يوحنا جميع أهل اليهودية وأورشليم إذ كانت مشاعرهم تتحرك بسبب كلامه الناري، فيقدمون توبة ويعتمدون رمزا للإغتسال من الخطايا. دعوتنا اليوم أن نعيد تفعيل معموديتنا، ونقدم توبة لنقوم من موت الخطايا كما قمنا مع المسيح، ونخرج أنقياء من قعر جرن المعمودية. فمن يقدم توبة حقيقية تنفتح عيناه ويعرف المسيح ويؤمن به، ويكون ابنا حقيقيا يسر به الله الآب".

وقال: "لبنان أيضا بحاجة إلى توبة حقيقية يقدمها نوابه وقادته بسبب إهمال واجباتهم تجاهه. اللبنانيون ينتظرون بأمل جلسة انتخاب الرئيس بعد أيام، ويخشون أن تكون كسابقاتها. أملنا أن يحزم نواب الأمة أمرهم ويتمموا ما كان يجب أن يتمموه منذ أكثر من سنتين، ولا يتركوا قاعة المجلس قبل الوصول إلى إعلان اسم الرئيس المنتخب. نسأل الله أن يلهمهم انتخاب رئيس يكون أمينا للبنان، حاميا فعليا للدستور، يطبقه ويمنع تجاوزه، يعمل بوحي إيمانه بالله وأمانته لوطنه، بتواضع ونزاهة وانفتاح وحزم، على بناء دولة عصرية عادلة، خالية من الفساد، ويؤسس لنهج جديد فلا تكون محسوبية في عهده ولا استزلام ولا استقواء ولا ظلم، ولا تسويات وصفقات على حساب لبنان، بل القوانين تطبق على الجميع، والمحاسبة تطال الجميع".

وختم: "صلاتنا أن يستجيب الرب دعاء اللبنانيين".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

جريصاتي: التعديل الدستوري غير متاح حالياً

كتب عباس صباغ في" النهار": في لبنان درجت العادة على تفسير الدستور وفق أكثر من نظرية متعارضة، كما هي حال المادة 75 التي تنص على أن "مجلس النواب الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أي أمر آخر". وعليه، فإن البرلمان لا يستطيع التشريع ولا تعديل الدستور ما دامت جلسة انتخاب الرئيس منعقدة ملتئمة أو مفتوحة الدورات. لكن هل المجلس يتحول إلى هيئة ناخبة في شكل دائم، أم فقط عندما يلتئم للشروع في الانتخاب؟
وزير العدل السابق سليم جريصاتي يوضح لـ "النهار" أنه "عند افتتاح الجلسة لانتخاب الرئيس يصبح المجلس هيئة انتخابية عملاً بالمادة 75 من الدستور، ولا يستطيع على الإطلاق التشريع وفي حال ترك الجلسة مفتوحة عندها أيضاً لا يستطيع المجلس أن يشرع، ويبقى أمر تحديد موعد جلسات الانتخاب منوطاً برئيس المجلس، إذ إنه قرار إداري يعود له حصراً". ويلفت جريصاتي إلى أنه "في حال كان هناك تشريع للضرورة وعملاً بالمادة 16 من الدستور التي تنيط التشريع بهيئة واحدة فقط هي مجلس النواب، وهي المهمة الأساسية له، فيمكن رئيس المجلس تحديد موعد للجلسة من خلال قرار إداري، على ألا يكون المجلس في أي حال ملتئماً لانتخاب رئيس أو تكون جلساته مفتوحة للانتخاب".
أما عن تعديل الدستور فيشير إلى وجوب احترام الأصول الجوهرية للتعديل، والتي لا يمكن تجاوزها لكونها منصوصا عليها في المادتين 76 و 77 من الدستور وهي أصول تتلخص بالآتي: يمكن إعادة النظر في الدستور بناء على اقتراح رئيس الجمهورية فتقدم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب، الأمر غير المتاح راهنا بسبب غياب الرئيس أو أن يعاد النظر فيه بناء على طلب مجلس النواب، على أن يكون المجلس منعقداً خلال عقد عادي، وهو الأمر غير المتوافر راهناً لكون العقد العادي الأول بحسب المادة 32 من الدستور يبدأ يوم الثلثاء الذي يلي 15 آذار وتتوالى جلساته حتى نهاية أيار، والعقد العادي الثاني يبدأ يوم الثلثاء الذي يلي 15 تشرين الأول حتى نهاية كانون الأول، وبالتالي اليوم ليس المجلس في عقد عادي". ويلفت إلى أن ما قيل في السابق عن أن المهل تسقط عندما تخلو سدة الرئاسة من دون انتخاب رئيس غير متاح في الدستور إذ إنه لو قيض ذلك للمشترع الدستوري لنص عليه".
ويضيف: "أما عن السابقة في انتخاب العماد ميشال سلیمان رئيسا للجمهورية في ما سمي في حينه التعديل الضمني بحيازته 86 صوتاً من أعضاء المجلس حتى لو أخذ بها ولم يطعن بالأمر أمام المجلس الدستوري، فيكون الرئيس قد نصب على كرسيه".
وفي سياق آخر، يبقى البحث عن الصيغة التي سيعتمدها رئيس المجلس في حال عدم التمكن من انتخاب رئيس للجمهورية في الدورات المفتوحة واضطراره إلى تحديد موعد للدورات المقبلة.
لا سابقة عرفها لبنان ليبني عليها وبالتالي من المفترض أن يحدد رئيس المجلس موعداً لاستكمال - الدورات المتتالية من دون أن يقفل محضر الجلسة، فإقفال المحضر يعني تلقائياً العودة إلى الجلسة الأولى، وبالتالي ضرورة أن يحصل المرشح للفوز بالرئاسة على 86 صوتا في الدورة الأولى من الجلسة، لا أن يكتفى بغالبية الـ 65 صوتاً، لأن الدورات لم تعد مفتوحة عندما يعلن رئيس المجلس إقفال المحضر.
أكثر من رئيس للجمهورية تم انتخابه في الدورة الثانية من جلسات الاقتراع بعد تعذر حصوله على غالبية الثلثين، ولكن هل انتخب رؤساء في الدورة الثالثة أو الرابعة ؟
سابقتان شهدهما لبنان عندما أخفق المجلس في انتخاب الرئيس في الدورة الأولى وانتقل إلى الدورة الثانية من دون أن يتم الانتخاب. ففي العام 1970، وبعد عدم حصول الرئيس الراحل سليمان فرنجية على غالبية الثلثين في الدورة الأولى، انتقل المجلس للانتخاب في الدورة الثانية حيث تكفى الغالبية المطلقة النصف زائدا واحداً)، ولكن لدى عد الأوراق تبين وجود 100 ورقة اقتراع بينما عدد النواب كان 99 وعندها تم إلغاء دورة الانتخاب وإعادة توزيع الأوراق ومن ثم كان احتساب الأصوات، فاز فرنجية بحصوله على 50 صوتاً والأمر تكرر عند انتخاب الرئيس ميشال عون عام 2016 بعد الانتقال إلى الدورة الثانية، ولدى عد الأوراق تبين أن العدد 128 بينما عدد النواب الحاضرين كان 127،
فألغيت الدورة وأعيدت مرتين للسبب عينه، ولم يتم احتساب الأصوات فيهما، إلى أن تم الانتخاب بحصوله على 83 صوتاً.

مقالات مشابهة

  • ماكرون: نأمل في انتخاب رئيس للبنان
  • الراعي: لا بدّ من انتخاب رئيسٍ يكون على مستوى هذه الأوضاع
  • المجلس الإنجيلي العام يثمن دور الرئيس السيسي في استقرار الوطن
  • جريصاتي: التعديل الدستوري غير متاح حالياً
  • جاء المسيح لراحة المتعبين.. ووهب لهم الراحة
  • الشعب الجالس فى ظلمة أبصر نوراً عظيما ميلاد المسيح ينير العالم من ظلمة الخطية
  • «قراءة فى رسالة الميلاد»
  • نائب يطالب استجواب وزير الداخلية بشأن تسليم لاجئ سياسي إلى الكويت خلافا للدستور
  • مجلس النواب الأميركي يعيد انتخاب الجمهوري مايك جونسون رئيسا له