لماذا ذهبت قوات الدعم السربع إلى الحرب؟
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
المشكلة الرئيسة التى تجابه قوات الدعم السريع ليست هي تشكيل حكومة أو سلطة مدنية. إنما التحدي الجسيم هو افتقار *المؤسسة*، كما يسميها مستشارو قائدها، إلى مشروع رؤية سياسية تم طرحها قبل الحرب، وترجمته في مانيفستو يعبر عن أهدافها ووسائل تحقيقها.
ذلك، بجانب اِفْتِقَاد المؤسسة لنظام أساسي ولائحة تنظيمية وهيكل إداري وهيئة تنفيذية، وقيادة سياسية-عسكرية ترسم سياساتها وخططها، وتشكل تحالفاتها السياسية مع القوى الأخرى.
لو كانت المليشيا تَمَلَّكَ هذه المقومات، فما هي، وأين إذن تكمن المشكلة في إعلان الدعم السريع عن حكومة موازية أو إدارة مدنية، طالما كانت تحقق أهداف المشروع بعد تعريفه؟ ففي كل الاحوال، فإن قيادة الدعم السريع هي من تمتلك سلطة التأسيس بدون منازع، واصدار مرسوم بتنصيب الحكومة أو السلطة المدنية.
لم تكن الحركة الشعبية لتحرير السودان تعترف بشرعية حكومة البشير، ولا حتى بحكومة السيد الصادق *المنتخبة*، لكنها لم تقدم أبدا على إعلان حكومة موازية لحكومة الخرطوم. بل كانت الحركة تقبل بالتفاوض مع أي حكومة بحسبانها *حكومة أمر واقع*، عسكرية كانت أم *مدنية*.
وكان للحركة قيادة سياسية-عسكرية عليا، ومجلس تنفيذي قومي، ومجلس تحرير قومي (تشريعي)، تمثل كافة وحدات الجيش الشعبي والمكونات الاجتماعية للحركة. فلم يكن من العسير إصدار مرسوم بتشكيل
سلطة مدنية في الأراضي المحررة، المسماه بالسودان الجديد، في الأقاليم الجنوبية الثلاثة وفي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. هذه السلطة هي كانت بمثابة الجهاز التنفيذى للمجتمع المدنى المسئولة عن تنفيذ سياسات الحركة والسودان الجديد.
صحيح كانت هناك قوى سياسية ومجتمعية ومدنية *نقابية*، لم تحمل السلاح، مناصرة للمشروع السياسي للحركة أو متحالفة ومتوافقة معها على قضايا تأسيسية للدولة (التجمع الوطني الديمقراطي). ومع ذلك، لم تكن لهذه القوى أي علاقة مطلقا بالسلطة المدنية في المناطق المحررة. فلم تكن الحركة تستشير هؤلاء الحلفاء في أمر تكوين هذه السلطة في مناطق سيطرتها، أو تطلب دعمهم لها. كما لم يتسبب قرارها في هذا الشأن في انقسام هذه القوى السياسية والمجتمعية، كما يحدث الآن على خلفية الدعوة لتشكيل حكومة موازية.
إن الكرة الآن في ملعب قيادة الدعم السريع لحسم الجدل، حول تشكيل حكومة موازية في مناطق نفوذها، دون إقحام للقوى السياسية و*المدنية* في هذا الخيار. إن المدنيين لا يسيطرون على هذه الأراضي، ولا سلطة لهم ولا قوة، حتى يتم إلقاء اللوم عليهم وتحميلهم مسؤولية أي اخفاقات مرتقبة من مثل هذه خطوة. ولا تثريب على من أراد طوعا من السياسيين والمدنيبن الإنضمام إلى، أو التحالف سياسيا مع *المؤسسة*.
السؤال الجوهري والجدير بالإجابة عليه هو: لماذا ذهبت إلى، وماذا تريد *"مؤسسة"* الدعم السريع من هذه الحرب؟
د. الواثق كمير
kameir@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع حکومة موازیة
إقرأ أيضاً:
مجـ.ـزرة في مستشفى .. قصف قوات الدعم السريع يودي بحياة 6 ويصيب 38 في الخرطوم
في تصعيد خطير للأوضاع الأمنية في السودان، أعلنت وزارة الصحة السودانية عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 38 آخرين جراء قصف نفذته قوات الدعم السريع على أحد المستشفيات في العاصمة الخرطوم.
يأتي هذا الهجوم وسط استمرار المواجهات العنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، التي دخلت شهرها العاشر، متسببة في كارثة إنسانية غير مسبوقة.
بحسب بيان صادر عن وزارة الصحة السودانية، تعرض أحد المستشفيات الكبرى في الخرطوم لقصف مباشر أدى إلى وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى، بينهم مرضى وطواقم طبية. ولم يتم الكشف بعد عن اسم المستشفى المستهدف، لكن تقارير محلية تشير إلى أنه كان لا يزال يقدم خدمات طبية محدودة رغم القتال الدائر في العاصمة.
كارثة إنسانية متفاقمةالهجوم على المنشآت الصحية في السودان ليس الأول من نوعه، حيث سبق أن تعرضت العديد من المستشفيات للقصف أو الإغلاق القسري بسبب الاشتباكات.
وتؤكد منظمات حقوقية وإنسانية أن استهداف المستشفيات والبنية التحتية الطبية يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويزيد من تفاقم الأوضاع الصحية المتدهورة في البلاد.
أثار الهجوم ردود فعل غاضبة على المستويين المحلي والدولي. فقد نددت نقابة الأطباء السودانية بالاعتداء على المنشآت الطبية، معتبرة أنه جريمة حرب تستوجب محاسبة المسؤولين عنها.
كما طالبت المنظمات الإنسانية الدولية بوقف استهداف المرافق الصحية وضمان وصول المساعدات الطبية إلى المدنيين المتضررين.
الوضع الميداني المتدهورمنذ اندلاع القتال في أبريل 2023، تشهد الخرطوم ومدن سودانية أخرى صراعًا دمويًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف، إضافة إلى نزوح الملايين داخل وخارج البلاد.
ومع غياب أي حل سياسي في الأفق، تتواصل معاناة المدنيين وسط تصاعد الانتهاكات والهجمات العشوائية.
ومع استمرار القتال، يحذر الخبراء من أن السودان يسير نحو كارثة إنسانية أكبر، حيث تنهار الخدمات الأساسية، بما فيها النظام الصحي. في ظل هذا الواقع، تتزايد المطالبات للمجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف العنف وحماية المدنيين.