خيارات الراهن السياسي للسودان: بين “ذئب التمكين” و”حملة السلاح”
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
السودان يقف اليوم أمام مرحلة تاريخية حاسمة، حيث تتنازع مستقبله قوتان رئيسيتان مختلفتان في الأهداف والرؤى. ورغم أن الخيار أمام الشعب السوداني يبدو معقدًا، إلا أنه في جوهره يتعلق باختيار المسار الذي يمكن أن يحفظ وحدة السودان ويحقق تحولًا ديمقراطيًا حقيقيًا.
المعادلة الراهنة: بين مشروع التمكين الشمولي والقوى المتنوعة التي تمثل مختلف ألوان الطيف السوداني
الطرف الأول: “ذئب التمكين”
يمثله تنظيم عسكري-سياسي مؤدلج، يهدف إلى الهيمنة على السودان من خلال عقيدة التمكين، التي تستند إلى إقصاء الآخرين وتثبيت السلطة في يد قلة تؤمن بعقيدتها الشمولية.
هذا التيار لا يؤمن بالتعددية السياسية، وهو الآن يستخدم العنف، والشواهد تدل على إصراره في قتل وتشريد غالبية الشعب، حتى لو أدى ذلك إلى تقسيم البلاد وإفقار شعبها، لضمان بقائه في الحكم.
الطرف الثاني: “حملة السلاح والقوى المدنية”
يضم قوى متنوعة تشمل:قوات الدعم السريع؛ الحركات المسلحة مثل عبد الواحد، الحلو، والجبهة الثورية؛ تنظيمات غير مسلحة مثل الحزب الجمهوري وحركة تحرير كوش السودانية ؛ وتنظيمات مهنية وشبابية وأحزاب سياسية
هذه القوى ليست موحدة في رؤيتها السياسية، لكنها تتبنى خطابًا مشتركًا يقوم على حماية التحول المدني الديمقراطي، وتؤكد التزامها بوحدة السودان. ومع ذلك، تواجه هذه القوى تحديات مرتبطة بتحويل التزاماتها السياسية إلى واقع عملي ومستدام.
إلى أين يتجه الشعب السوداني المغلوب على أمره؟
الشعب السوداني، الذي يخوض حربًا لا ناقة له فيها ولا جمل، يواجه أسئلة مصيرية:
١. السير خلف “ذئب التمكين” والجيش، الذي حكم البلاد حكمًا إرهابيًا استغلاليًا منذ عام ١٩٥٦؟ بلا شك، كل الدلائل تشير إلى رفض الشعب لهذا المسار، الذي يقود إلى تكريس حكم شمولي يقصي الآخرين، ويهدد وحدة البلاد وسلامتها.
٢. ام الاعتماد على “حملة السلاح والقوى المدنية”؟ هذه المكونات تعِد بالالتزام بحماية التحول الديمقراطي وبناء سودان موحد، لكنها تحتاج إلى إثبات قدرتها على تحقيق ذلك دون الانزلاق نحو فوضى السلاح أو الانقسام.
**المشهد معقد.. لكن الخيارات واضحة:
١. الانزلاق للاستسلام إلى “ذئب التمكين” (النظام الشمولي)
النظام الشمولي يسعى إلى فرض رؤية أحادية للحكم، ولا يؤمن بالديمقراطية أو التعددية السياسية، وهو مستعد للتضحية بوحدة السودان من أجل بقاء مشروعه الشمولي.
٢. الاعتماد على حملة السلاح من الموقعين على سلام جوبا أو حكام المناطق المحررة، بالإضافة إلى القوى المدنية. هذه القوى ليست لديها طموحات أيديولوجية متشددة، وتعلن التزامها بالتحول المدني الديمقراطي، وإيمانها بوحدة السودان. لكنها بحاجة إلى التزام بإدارة سياسية رشيدة لتجنب الفوضى والانقسامات الداخلية.
ما العمل؟: الشعب السوداني بحاجة إلى استراتيجية شاملة للعبور من هذه المرحلة الحرجة، تتضمن الآتي:
١. إدارة حوار وطني شامل مع القوى المسلحة والمدنية، لضمان التزامها بالتحول الديمقراطي، وتحويل شعاراتها إلى أفعال ملموسة على الأرض.
٢. رفض الشمولية بشتى أشكالها، سواء جاءت من تنظيمات عسكرية أو مدنية، والعمل على بناء نظام ديمقراطي تعددي يقوم على العدالة، المواطنة، واحترام التنوع.
٣. الاستثمار في الحركات الاجتماعية والمجتمع المدني، لبناء تيار سياسي يعبر عن تطلعات الشعب، ويؤسس لمرحلة جديدة تتجاوز دائرة العنف والصراع المسلح.
تفرض الحالة الراهنة واحد من احتمالين :
أ. الاستمرار في الصراع المسلح: هذا السيناريو يفرض نفسه كما هو الحال الآن، نتيجة فشل السودانيين في بناء تحالف سياسي قوي مع القوى المسلحة والمدنية غير المؤدلجة. استمرار هذا الصراع سيؤدي إلى تقسيم البلاد وزيادة الفوضى.
ب.التحول الديمقراطي التدريجي: هذا السيناريو يمثل بارقة الأمل الوحيدة. قد يتحقق إذا نجح الشعب السوداني في توجيه القوى المسلحة نحو الالتزام الفعلي بالتحول الديمقراطي وحماية وحدة البلاد. هذا التحول سيفتح الباب أمام بناء دولة حديثة ومستقرة، تتجاوز إرث الحروب والشمولية.
لكن السؤال الأهم هو: كيف يضمن السودانيون عدم انقلاب الخيار المختار عليهم لاحقًا؟
الحل المقترح في تقديري، والكمال لله، يكمن في الآتي:
١. تأسيس آليات رقابة ومساءلة ديمقراطية تضمن عدم انفراد أي جهة بالسلطة.
٢. توسيع المشاركة السياسية لتشمل جميع الفئات والأطراف، بما يضمن توازن القوى ومنع أي طرف من التفرد بالقرار.
٣. إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية تعزز الوحدة، وتمنع تكرار أخطاء الماضي.
الخلاصة: الشعب السوداني لا يواجه فقط خيارًا بين طريقين، بل يتحمل مسؤولية تاريخية في بناء نظام ديمقراطي يحمي مستقبله، ويضع حدًا لدورات العنف والاستبداد التي دمرت البلاد لعقود.
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٥ يناير ٢٠٢٥ هلسنكي - فنلندا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی الشعب السودانی حملة السلاح
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري يكشف تفاصيل زيارة رئيس المخابرات للسودان
كتب- حسن مرسي:
أكد الإعلامي مصطفى بكري أن زيارة الوزير حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة المصرية، إلى السودان ولقاءه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، تعكس حرص القيادة المصرية على دعم استقرار السودان ووحدة أراضيه.
وأوضح بكري خلال تقديمه برنامج "حقائق وأسرار" المذاع على قناة صدى البلد أن رئيس المخابرات حمل رسالة شفوية من الرئيس عبد الفتاح السيسي تؤكد دعم مصر للقيادة السودانية في جهودها لاستعادة الأمن، واستعداد القاهرة للتعاون في إعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية والمشاركة في إعادة إعمار المرافق الحيوية التي تضررت جراء الحرب.
كما أشاد البرهان بالدور المصري في مساندة السودان، مثمنًا جهود الرئيس السيسي في دعم وحدة السودان، واستضافة مصر للسودانيين النازحين. وشدد اللقاء على التعاون الأمني بين البلدين ورفض التدخلات الخارجية، ما يعزز استقرار السودان والمنطقة بأكملها.
اقرأ أيضا:
أمطار ورياح وأتربة.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس المتوقعة غدًا
قرار جمهوري بتعيين حاتم نبيل رئيسًا للجهاز المركزي للتنظيم والإدارة
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
مصطفى بكري السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المخابرات العامة المصرية الرئيس السيسيتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: حذرت من ارتفاع الأمواج.. الأرصاد تصدر إنذارًا بحريًا بشأن حالة البحر الأحمر الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
مصطفى بكري يكشف تفاصيل زيارة رئيس المخابرات للسودان
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك