المشاريع العملاقة.. سوق العمل السعودي الأكثر جاذبية
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
يُعد «سوق العمل» في المملكة العربية السعودية الأكثر جاذبية في المنطقة، وهو ما يعكس تحولاً اقتصادياً كبيراً تشهده المملكة، وهذا التحوّل جاء نتيجة للتغييرات الجذرية التي تقودها رؤية السعودية 2030، التي أطلقتها بهدف تنويع مصادر الدخل وتحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد مستدام ومتنوّع لا يعتمد بشكل أساسي على النفط.
أحد أبرز العوامل التي جعلت سوق العمل السعودي جذاباً هو التنوع الكبير في الفرص الاقتصادية التي أصبحت متاحة، فقد فتحت الرؤية مجالات جديدة مثل «التكنولوجيا والطاقة المتجددة والترفيه والسياحة». على سبيل المثال، أصبحت المملكة تستثمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي وقطاعات الصناعة المتقدمة ومشاريع الاستدامة البيئية، مما خلق بيئة عمل غنية ومغرية للعديد من الكفاءات والخبرات.
إلى جانب ذلك، عملت المملكة على تطوير التشريعات الاقتصادية لتسهيل دخول المستثمرين والشركات الأجنبية إلى السوق المحلية، وتخفيف القيود على العمالة الوافدة، حيث أسهمت في تعزيز جاذبية سوق العمل على المستوى الإقليمي والعالمي.
المشاريع العملاقة التي أطلقتها المملكة، مثل مشروع «نيوم» الذي يُعد أحد أكبر المشاريع الطموحة على مستوى العالم، ومشروعات «البحر الأحمر والقدية وأمالا»، ليست فقط محركات للنمو الاقتصادي، لكنها أيضاً منصّات مبتكرة لاستقطاب المواهب المتميزة. وهذه المشاريع تقدم فرص عمل متنوعة تشمل قطاعات «الهندسة والإدارة والسياحة والإبداع، والتكنولوجيا وتسهم في خلق بيئة عمل متميزة تتسم بالإبداع والتطور المستمر.
علاوة على ذلك، تولي المملكة اهتماماً كبيراً بتطوير الكفاءات الوطنية من خلال برامج تدريبية مكثفة مثل برنامج «تمهير» الذي يهدف إلى إعداد الشباب لدخول سوق العمل بمهارات حديثة، كما يتم توجيه استثمارات ضخمة نحو التعليم والتدريب التقني والمهني لرفع كفاءة القوى العاملة المحلية، مما يعزز من تنافسية سوق العمل ويجعلها بيئة متكاملة تستقطب أفضل الكفاءات من الداخل والخارج. ولا يمكن تجاهل الجانب الاقتصادي، حيث تقدم الشركات العاملة في المملكة رواتب وحوافز تنافسية تعد من الأعلى في المنطقة، إضافة إلى بيئة عمل مستقرة في ظل الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به المملكة.
وفي المجمل، أصبح سوق العمل في المملكة نموذجاً للتطور والنمو في المنطقة، بفضل استراتيجياته المدروسة ورؤيته المستقبلية التي تهدف إلى بناء اقتصاد قوي ومستدام، يجعل من المملكة وجهة مفضلة لكل من الباحثين عن فرص مهنية متميزة والمستثمرين الراغبين في دخول أسواق واعدة.
إلى ذلك يعد سوق العمل السعودي الأكثر جاذبية في منطقة الخليج لعدة أسباب، أبرزها تنوع الفرص الاقتصادية والتشريعات المحفزة والمشاريع الضخمة والتطوير المهني والتدريب وزيادة الرواتب والمزايا. ويؤكد ذلك، تفاصيل تقرير المرصد الوطني للعمل (NLO) حول السوق في القطاع الخاص لشهر يونيو الماضي، الى أن إجمالي العاملين السعوديين والمقيمين في القطاع الخاص، وصل إلى 11,409,348 عاملًا، مما يدل على جاذبية القطاع الخاص، ونموه المستمر في خلق الوظائف. ووفقًا للتقرير، بلغ إجمالي عدد المقيمين العاملين في القطاع الخاص 9,068,471 مقيمًا، منهم 8,692,051 مقيمًا، و376,420 مقيمة، وسجلت التحويلات الشخصية للأجانب المقيمين في المملكة خلال العام الماضي، 124.9 مليار ريال، وهو ما يؤكد أهمية السوق وجاذبيته للعمالة من جميع دول العالم.
ولم يصل سوق العمل في المملكة إلى ما وصله من جودة وريادة، من فراغ، وإنما مما أولته المملكة من اهتمام كبير بقضايا حقوق الإنسان «بمن فيهم العمال الأجانب»، وإرساء دعائم حماية هذه الحقوق على المستويين المحلي والدولي مع مراعاة خصوصية المجتمعات واحترام تعاليم الدين الإسلامي، وحظيت جهود وإسهامات المملكة في حماية حقوق الإنسان بتقدير كبير من الهيئات والمؤسسات الدولية المعنية، وما توج ذلك بفوز المملكة بعضوية أول مجلس لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2006م.
وبالحديث عن حقوق العمال في المملكة، لا يمكن تغافل برنامج وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لحماية الأجور للعمالة المنزلية، الذي جاء في إطار سعي الوزارة لحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية من العمالة المنزلية وأصحاب الأعمال، وتوثيق عقود التوظيف لتلك العمالة إلكترونيًا، حيث يتم من خلال إصدار بطاقات مسبقة الدفع لرواتب العمالة المنزلية، تحويل الرواتب لحساباتهم البنكية، وضمان تحصيلهم لأجورهم وحمايتها.
ويلزم البرنامج أصحاب العمل (الأفراد) بإصدار بطاقة مسبقة الدفع لرواتب العامل أو العاملة المنزلية فور قدومهما للمملكة، إذ يتعين على صاحب العمل الاشتراك بالمنتج المخصص لذلك لدى البنوك، ثم الدخول على بوابة «مساند» الإلكترونية، وإنشاء عقد توظيف إلكتروني، وتحديد الراتب الشهري للعامل، وبعد ذلك توثيق العقد في الموقع وطباعة نسخة منه.
وشدد نظام العمل في المملكة على أهمية تجهيز بيئة العمل والوقاية من المخاطر والحوادث، حيث ألزم صاحب العمل بحفظ المنشأة في حالة صحية ونظيفة، وإنارتها وتأمين المياه الصالحة للشرب والاغتسال، وغير ذلك من قواعد الحماية والسلامة والصحة المهنية وإجراءاتها ومستوياتها، كما ألزمه بأن يتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال من الأخطار والأمراض الناجمة عن العمل، والآلات المستعملة، ووقاية العمل وسلامته، وعليه أن يعلن في مكان ظاهر في المنشأة التعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال، وذلك باللغة العربية وبأي لغة أخرى يفهمها العمال عند الاقتضاء، ولا يجوز لصاحب العمل أن يحمّل العمال أو يقتطع من أجورهم أي مبلغ لقاء توفير هذه الحماية.
كما على صاحب العمل أيضاً، إحاطة العامل قبل مزاولة العمل بمخاطر مهنته، وإلزامه باستعمال وسائل الوقاية المقررة لها، وعليه أن يوفر أدوات الوقاية الشخصية المناسبة للعمال، وتدريبهم على استخدامها، وعلى صاحب العمل اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من الحريق، وتهيئة الوسائل الفنية لمكافحته، بما في ذلك تأمين منافذ للنجاة، وجعلها صالحة للاستعمال في أي وقت، وأن يعلق في مكان ظاهر من أماكن العمل تعليمات مفصلة بشأن وسائل منع الحريق. كما أن صاحب العمل مسؤول عن الطوارئ والحوادث التي يصاب بها أشخاص آخرون غير عماله، ممن يدخلون أماكن العمل بحكم الوظيفة، أو بموافقة صاحب العمل أو وكلائه، إذا كانت بسبب إهمال اتخاذ الاحتياطات الفنية التي يتطلبها نوع عمله، وعليه أن يعوضهم عما يصيبهم من عطل وضرر حسب الأنظمة العامة.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القطاع الخاص فی المملکة صاحب العمل سوق العمل
إقرأ أيضاً:
الصبيحي يدعو النواب لرفض تعديل المادة (31) من قانون العمل
#سواليف
دعا خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، #موسى_الصبيحي، النواب لرفض #تعديل_المادة_31 من #قانون_العمل، مشيرا إلى أن هناك 10 #تداعيات_كارثية لإنهاء #خدمات_العاملين دون ضوابط قانونية.
وأوضح الصبيحي في منشور عبر فيسبوك، “لا يعني تخفيض مجلس النواب نسبة العاملين المسموح لأصحاب العمل بإنهاء خدماتهم دون الرجوع لوزارة العمل من (15%) إلى (5%) شيئاً، فالمبدأ واحد، وهو تسهيل التخلص من العمال والموظفين في منشآت القطاع الخاص. وبالتالي خلق مشكلات لها أول وليس لها آخِر في المجتمع”.
أمّا عن تداعيات ذلك قانونياً واجتماعياً واقتصادياً فكثيرة وكارثية منها:
أولا: الإخلال بالعلاقة التنظيمية المتوازنة التي جاء قانون العمل لينشئها بين العمال وأصحاب العمل، والقائمة على المصالح المتبادلة، فكلما كانت العلاقة بين الطرفين صحية ومنصفة ومتوازنة كان الناتج أفضل. وهذا الإخلال سيؤدي بالتأكيد إلى نتائج عكسية على مختلف الأطراف.
ثانياً: تعريض مستقبل ومعيشة أعداد كبيرة من العاملين في القطاع الخاص وأفراد أُسَرهم لخطر العوز والفقر في حال تم إنهاء خدماتهم وفقاً لمشروع القانون المعدل لقانون العمل المقدّم من الحكومة، وقد يصل عددهم إلى (120) ألف عامل سنوياً على اعتبار أن عدد المشتركين بالضمان من العاملين في منشآت القطاع الخاص يبلغ حوالي ( 800 ) ألف عامل.
ثالثاً: إضعاف فُرص تمكين العمال والموظفين الأردنيين العاملين في القطاع الخاص من الحصول على راتب التقاعد مستقبلاً، أو على الأقل تأخير حصولهم عدى التقاعد بسبب الانقطاعات المتكرّرة عن العمل الناتجة عن إنهاء خدماتهم.
رابعاً: ارتفاع نِسب البطالة بين الأردنيين إلى معدّلات غير مسبوقة، والتأثير سلباً على الجهود الرسمية للحد من البطالة.
خامساً: التقليل من إقبال الأردنيين على العمل في القطاع الخاص بسبب عدم الاستقرار الوظيفي في منشآته، والتخوف من إنهاء خدماتهم في أي وقت، مما يزيد من حجم تطلعات الأردنيين للعمل في مؤسسات القطاع العام، وزيادة الضغط على هذا القطاع.
سادساً: تخفيض الإيرادات التأمينية لمؤسسة الضمان الاجتماعي (الاشتراكات) نتيجة لخروج الآلاف من المؤمّن عليهم وإيقاف اشتراكهم بالضمان بسبب إنهاء خدماتهم من منشآت القطاع الخاص. مما يؤثّر سلباً على التوازن المالي لمؤسسة الضمان.
سابعاً: تهديد الأمن والسلم المجتمعي بصورة ملموسة بسبب زيادة رقعة الفقر والبطالة وزيادة الشعور بالظلم نتيجة فقدان الكثير من أرباب الأُسَر من العمال لوظائفهم ومصادر كسبهم.
ثامناً: ضرب رؤية التحديث الاقتصادي العشريّة في الصميم من جانبين:
١- تخفيض دخل الفرد بدلاً من زيادته بنسبة 3% سنوياً كما جاء في الرؤية.
٢- إضعاف قدرة الدولة على خلق مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر للرؤية (بمتوسط 100 ألف فرصة سنوياً).
تاسعاً: الضغط على صندوق التعطل عن العمل بمؤسسة الضمان، وربما يتضاعف عدد المؤمّن عليهم الذين يتقدمون بطلبات للحصول على بدل التعطل سنوياً، علماً بأن المتوسط السنوي لعدد المؤمّن عليهم الذين يحصلون على بدل تعطل عن العمل من الضمان يبلغ ( 33 ) ألف مؤمّن عليه.
عاشراً: تخفيض حجم الإنفاق العام على أساسيات المعيشة وثانوياتها بسبب خروج آلاف العمال من سوق العمل وفقدانهم لمصدر دخلهم، مما تتأثّر به مختلف القطاعات الاقتصادية.
في ضوء ما سبق، فإنني أدعو النواب إلى إعادة النظر بقرارهم بشأن تعديل المادة (31) من قانون العمل، ورفض التعديل رفضاً مطلقاً كما أوصت لجنة العمل، والإبقاء على نصّها كما هو في القانون النافذ حالياً دون أي تغيير.