الأسباب العميقة لقلق مصر من تولّي إسلاميين للسلطة في سوريا
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
يثير وصول إسلاميين إلى السلطة في سوريا، بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد، قلق مصر، عقب عشر سنوات على تولّي عبد الفتاح السيسي الرئاسة، إثر إسقاط جماعة “الإخوان المسلمين” من الحكم.
ودعمت مصر الأسد حتى لحظات حكمه الأخيرة، وحالياً، مع تولّي إسلاميي “هيئة تحرير الشام” السلطة في سوريا، منذ 8 كانون الأول/ديسمبر، تشعر القاهرة بالقلق من أن يتوسّع تأثير هذا التغيير.
قوات الأمن المصرية اعتقلت 30 سورياً كانوا يحتفلون بسقوط الأسد، ثلاثة منهم يواجهون الترحيل
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون البحثي في واشنطن ميريسا خورما: “بالنسبة لمصر، يثير هذا الوضع مخاوف بالطبع، لا سيّما بسبب تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في البلاد”.
سارعت دولٌ عربية للاتصال بالسلطات الجديدة في دمشق، في حين أبدت القاهرة قدراً أكبر من الحذر.
أكدت مصر تأييدها لنظام بشار الأسد حتى قبل ثلاثة أيام من إطاحته، وانتظر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ثلاثة أسابيع قبل أن يتصل بنظيره السوري الجديد أسعد الشيباني داعياً سلطات الأمر الواقع إلى تنفيذ عملية انتقال سياسي “تتّسم… بالشمولية”.
والسبت، أعلنت وزارة الخارجية في القاهرة أن طائرة شحن حطّت في مطار دمشق حاملة أول مساعدات إنسانية مصرية منذ الإطاحة بالأسد.
“استفزاز لمصر”
في الأيام التي تلت سقوط الأسد اتسمت تصريحات السيسي بالحذر. وقال خلال لقاء مع صحافيين إن “أصحاب البلد” هم من يتخذون القرارات في الوقت الحالي في سوريا، و”إما أن يهدموها، أو يبنوها”.
وقالت الباحثة في معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، ميريت مبروك إن “رد الفعل المصري كان حذراً جداً”. ورأت أن خطوط مصر الحمراء هي الأمن والإسلاميون والجهات الفاعلة غير الحكومية.
وأضافت: “لكن في سوريا اليوم، هناك في السلطة جهات فاعلة غير حكومية وإسلاميين، وهذا بمثابة استفزاز لمصر”.
بمجرد سقوط الأسد، اتخذت القاهرة إجراءات وقائية.
وأكدت المبادرة المصرية لحقوق الإنسان أن قوات الأمن اعتقلت 30 سورياً كانوا يحتفلون بسقوط الأسد، ثلاثة منهم يواجهون الترحيل.
كما شدّدت مصر، التي يعيش فيها حوالى 150 ألف سوري، القيود على منح تأشيرات للسوريين.
وبثّ التلفزيون الحكومي المصري شريطاً مصوراً يعرض مشاهد اضطرابات وتدريبات عسكرية ومشاريع تنمية مرفقاً بخطاب ألقاه السيسي عام 2017 أكد فيه أن الجهات الواقفة وراء الحرب في سوريا يمكن أن تتحوّل إلى مصر.
تعيد “هيئة تحرير الشام” إلى الأذهان فترة حكم “الإخوان” القصيرة، التي استمرت عاماً في مصر بقيادة محمد مرسي، كما تتعارض مع صورة السيسي باعتباره حصناً في مواجهة الإسلام السياسي
كما عرض الشريط صورة حديثة للقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع إلى جانب القيادي الإخواني محمود فتحي المتهم بـ”الإرهاب” في مصر.
ولا يحمل وصول “هيئة تحرير الشام” إلى السلطة، في أعقاب هجوم خاطف، ما يطمئن القاهرة، إذ إن “الهيئة” كانت مرتبطة بتنظيم “القاعدة”، ونالت مع وصولها السلطة دعماً واضحاً من تركيا، حليفة جماعة “الإخوان المسلمين”.
وتعيد “هيئة تحرير الشام” إلى الأذهان فترة حكم “الإخوان” القصيرة، التي استمرت عاماً في مصر بقيادة الرئيس السابق محمد مرسي، كما تتعارض مع صورة السيسي باعتباره حصناً في مواجهة الإسلام السياسي.
تغيّر التوازن الجيوسياسي
في حين تراجعت حدة لهجة “هيئة تحرير الشام”، وتعهدت بحماية الأقليات، واعدةً بعدم “تصدير الثورة”، إلا أن الشكوك ما زالت تُساور مصر.
إلى ذلك، أدى سقوط النظام السوري إلى تغيّر التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط، مقلّصاً نفوذ إيران، حليفة الأسد، وممهداً الطريق أمام تركيا التي تدعم فصائل من المعارضة السورية منذ أمد.
ونظراً للتنافس بين القاهرة وأنقرة، يغذي هذا التغيير مخاوف مصر من أن تصبح تركيا أقوى حليف لسوريا، رغم أن علاقات الطرفين شهدت تحسناً مؤخراً، بعدما كانت متوترة.
وبادرت القاهرة إلى التواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا، بعدما أجرت دول الخليج، وبينها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، اتصالات معها.
لكن ترى مصر أن حدوث أي تقارب سيكون بشروط.
وأشارت مبروك إلى أن القاهرة تشدّد، خصوصاً، على مبدأ تقاسم السلطة، الذي من شأنه أن يمنع الإسلاميين من احتكار الحكم في دمشق.
(أ ف ب)
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: السيسي سوريا مصر هيئة تحرير الشام هیئة تحریر الشام فی سوریا
إقرأ أيضاً:
د.عمرو عبد المنعم يكتب: «هيئة تحرير الشام».. القاعدة برابطة عنق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق ماذا عن مستقبل الأجنحة الإقليمية داخل القاعدة؟.. ما مصير سيف العدل أمير القاعدة الحالى بعد القضاء على أذرع إيران الإقليمية؟
بدا واضحًا المخطط الأمريكي الصهيونى للمنطقة مع ظهور الأحداث السورية الأخيرة الذي وضعه برنارد لويس صاحب نظرية نشر الديمقراطية لمواجهة «الإرهاب». وهو أستاذ فخري بريطاني-أمريكي متخصص في دراسات الشرق الأوسط وتاريخ الإسلام والتفاعل بين الحضارات يعمل بجامعة برنستون وهو مستشرق صهيوني متطرف، ويعد من أبرز المخططين لمشاريع تقسيم الوطن العربي وله عدة مؤلفات شرح فيها هذا المخطط أهمها «أزمة الإسلام الحرب الأقدس والإرهاب المدني» و«أين الخطأ».
١- الفصائل المقاتلة السورية.. نتفق إلى حين.. وحتى إشعار آخر
من الفوضى الخلاقة إلي إدارة التوحش مخطط برنارد لويس سبقه ألف برنارد لويس، وتعود بداياته إلي عام ١٩٠٢ والتي جاءت علي لسان "ألفريد ثاير ماهان" ضابط البحرية الأمريكية وجيوستراتيجي، مؤرخًا، لقب بـ«الاستراتيجي الأمريكي الأكثر أهمية في القرن التاسع عشر الميلادي" والذي نبه الحكومة البريطانية لأهمية منطقة الخليج العربي والشام، مرورا بمشاريع اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني من ١٨٨٥ حتي رحليه عن مصر بعد مذبحة دنشواي عام ١٩٠٦م، إلي أن وصلنا لما أعلنه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن والذي أطلق عليه "مشروع الشرق الأوسط الجديد" وألحق به نظرية وزيرة الخارجية الأمريكية «كونداليزا رايس» في حديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأمريكية، نظرية "الفوضى الخلاقة" وأمام هذه النظريات الغربية نظرية "إدارة التوحش" لصاحبها القيادي القاعدي أبو بكر ناجي والتي تتلاقي مع نفس المخطط الغربي فقد تتبناها القاعدة وأخواتها.
فليس خفي على أحد ما يحدث في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا، هو أن تحكم الجماعات الدينية المتطرفة وتتواجد كما تشاء ولكن بشرط أن تكون الدول بلا جيوش ولا سلاح حتي يسهل تقسيم المنطقة وإعادة إنتاجها من جديد لصالح أمريكا والكيان الصهيوني معا.
أثناء بحثي عن فهم أكبر للحركات الجهادية العنيفة في سوريا ومناطق الصرع خلال السنوات الماضية فقدت كثيرا من أدوات البحث العميقة نظرا لاختفاء المواقع والمنصات الإرهابية العتيقة من على الشبكة العنكبوتية، فقد بلغت قدرات التتبع الهائلة من الأجهزة الاستخبارات العالمية للتيارات الجهادية قمتها مع عام ٢٠٢٢م، مما جعلها تختفي داخل الإنترنت المظلم، تم إغلاق معظم أدوات النظر والمتابعة ومن يصرح أن له هذه القدرة فغالبًا أره مدع، فأقصي ما يصل إليه المتابع الدقيق ما يلقيه المحبون لهذه التيارات لهم عبر الشبكات العنكبوتية ـ وليس حتي الأنصار فما بالك من العناصر والقيادات.
بين أغسطس ٢٠٢٣ وسبتمبر ٢٠٢٤، وبعد محاولات عديدة، بسبب الانغلاق القوي للمجموعة الجهادية علي نفسها، تمكنت من الحصول على أكثر من فرصة نتعرف من خلالها على أدبيات ومنشورات أحد المقاتلين السوريين من جماعة "أ _ س" الجهادية وهو اسم للحروف الأولي لهذه المجموعة، وحاورت أحد عناصرها المتطرفة من هذه الجماعة للوقوف علي مستجدات العقلية الجهادية العنيفة والذي أطلق علي نفسه أبو لؤي المصري، فكان سؤالي له علي الفور أين تركيزكم الآن علي صعيد المواجهة داخل سوريا والعراق فقال "نحن نحاول الآن أن نركز جهودنا ضد النظام السوري والروس والإيرانيين، لكن العرب تركز جهودها وراء قاعدة الظواهري وليس قاعدة سيف العدل فرد أبو لؤي المصري، "لا، هذا غير صحيح. هناك العديد من الجهاديين في صفوف هيئة تحرير الشام، لكن معظمهم من المقاتلين المهاجرين، فسألت أبو لؤي كثيرًا ما قامت هيئة تحرير الشام بقمع الجماعات الجهادية، فرد أبو لؤي: نعم هذا صحيح لكن يجب أن تعرف بعض الجوانب المهمة أولًا: هو أن هيئة تحرير الشام تأسست في البداية كفرع من فروع القاعدة، وهذا أحد الأسباب التي دفعت العديد من المجاهدين إلى الانضمام إلى صفوفها، ثم انفصلت الهيئة لاحقًا عن علاقاتها التنظيمية مع القاعدة وأصبحت مستقلة عنها، وهنا ظهر عدد من المجاهدين وأسسوا "تنظيم حراس الدين" كفرع بديل للقاعدة عن هيئة تحرير الشام، ثانيًا: ما ذكرته هو ما دفع العديد من المقاتلين إلى ترك صفوف هيئة تحرير الشام والانضمام إلى صفوف تنظيم "حراس الدين"، وهو فرع فعلي لتنظيم القاعدة في سوريا، الأمر الذي أثار قلق قادة هيئة تحرير الشام، مما دفعهم إلى البدء في العمل على إنهاء وجود "حراس الدين" نهائيًا، فسألته وهل تم استخدام القوة معكم والسجن، فأجاب: نعم حدث بالفعل وفي السابق تم استخدام القوة ضدنا أيضًا.
أحمد الشرع الجولاني سابقًامن هذا الحوار يتضح تصور الفصائل بعضها تجاه البعض وخاصة تصور القاعدة عن هيئة أحمد الشرع الجولاني سابقًا، فالهيئة قامت "بـفك الارتباط" بتنظيم القاعدة: في يوليو ٢٠١٦، أعلن الجولاني "فك ارتباط" جبهة النصرة بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى جبهة فتح الشام، كان هذا القرار تحولًا مهما وجذريًا في أهم فصائل الجهاديين السوريين، إذ أنهى رسميا علاقة الجماعة بالتنظيم الأم، وفتح الباب أمام إمكانية تعاونها مع فصائل أخرى. وثار جدل حول مدى صدق "فك الارتباط" هذا، إلا أنه شكّل انعطافا جديدا في مسار التنظيم والهيئة، وعمل الجولاني بعد ذلك علي تغيير الاسم، والهوية البصرية التي رافقته طوال السنوات الماضية بتنظيم القاعدة تغيير اسم الجماعة من "جبهة النصرة" إلى "جبهة فتح الشام"، ومن ثم إلى "هيئة تحرير الشام"، كما تغيرت الهوية البصرية للجماعة، حيث تم استبدال راية تنظيم القاعدة براية أخرى، يعكس هذا التغيير رغبة الجولاني في التخلص من صورة الجماعة المتطرفة، وتقديم صورة "وطنية جديدة له".
وهو ما ظهر به مؤخرا في صور بملابس غربية، في محاولة لتقديم صورة أكثر اعتدالا وقبولا لدى الغرب، وتخلى الجولاني عن الخطاب الجهادي المتطرف الذي صاحبه عند تأسيس تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام "داعش" ثم "القاعدة"، واتجه نحو خطاب براجماتي يركز على القضايا المحلية السورية، وطمأنة الأقليات لكن هل كل هذه الصورة تحسم هويته الأيدلوجية القديمة، بدون واقع فعلي ملموس علي الأرض هذا ما سوف تحسمه الأيام القليلة القادمة.
2 - فراغ القيادة فى تنظيم القاعدة والواقع السورى الجديد
بعد اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري يوليو ٢٠٢٢ حدث فراغ قيادي كبير في هرم القاعدة المركزية وكان أبرز المرشحين لتولي قيادة القاعدة محمد صلاح الدين زيدان المكني بسيف العدل وكان هناك كثير من القيادات المؤهلين لتحمل مسئولية قيادة التنظيم في هذه الفترة هم (أبو يوسف العنابي، خالد باطرفي، عبد الرحمن المغربي، وعمر أحمد ديري وغيرهم).
وهنا حدث انشقاق كبير في هرم القيادة المركزية بالقاعدة بين مجموعتين: المجموعة الأولى: تري أحقية سيف العدل بالقيادة المركزية بعتباره القيادة العسكرية القديمة في التنظيم، والمجموعة الثانية: ترفض قيادة سيف العدل لأسباب كثيرة.
وبين تيارين للقاعدة الأول عرف بتيار الظواهرية أو الجيل القديم المتمثل في بن لادن ومجلس شوراه الأصلي للقاعدة، والمجموعة الثانية العدليون نسبة لسيف العدل وهم الذين استقر بهم المقام داخل إيران بعد رحلات هروب ومطاردات استخباراتية دولية، التيار الأخير الخاص بسيف العدل حصل علي مكتسبات تنظيمية كبيرة من الحرس الثوري الإيراني عبر العشر سنوات الماضية مقابل دعم الخط الإقليمي الإيراني في المنطقة العربية سواء في اليمن وسوريا والعراق، من هذا المنطلق رفضت مجموعة الظواهري ترشيح وتولي سيف العدل قيادة التنظيم الهرمي الأم للقاعدة لعدة أسباب، أهمها السبب الأول: حقيقة وجوده وإقامته في إيران لمدة تزيد عن عشرين عامًا وبغض النظر عما إذا كان مخيرًا أو مجبرًا، سجينًا أم حرًا، فإن وجوده هناك يجعل من السهل التحكم به من قبل الآخرين لتحقيق مآربهم.
السبب الثاني في العقلية الجهادية هو أن وجود سيف العدل بعيدًا عن مسرح عمليات العنف ونسيانه لصعوبة الحياة والمشقات التي يتحملها ويعانيها أولئك المتواجدين على هذا المسرح وتعوده على أن يعيش بنعومة وترف كل ذلك جعله غير مؤهل لفهم المتطلبات التنظيمية أو ما يمرون به من تحديات، وذلك يمثل انفصالا بين القائد وبين أتباعه يؤدي إلى ضعف القيادة وفشل القائد.
ومن بين الأسباب الأخرى المهمة التي استندت إليها مجموعة الظواهرية هي أن سيف العدل لا يملك كاريزما الشخصية القيادية الطبيعية والحضور القوي داخل التنظيم، فهو (حسب رأي هؤلاء) رجل حاد الطباع متعصب لرأيه، كما أنه سريع الغضب وشديد الانفعال، وكل هذه الصفات تجعل من حوله ينفرون منه بسهولة.
وبعض قيادات القاعدة ذكروا رسالة قديمة لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة،وقعت هذه الوثيقة في يد الأمريكان فيما عرف "بوثائق أبوت أباد" يذكر فيها أن سيف العدل المعروف بأبو خالد وهي إحدي كني محمد صلاح الدين زيدان كان أقل تأهلا من أقرانه من الناحية الشرعية، وإن حصل واستلم القيادة فسيكون لذلك تأثير سلبي على التنظيم في سوريا، ويبدو أن نبوءة بن لادن كانت صحيحة فقد اعتلي الجولاني هرم قيادة تنظيم القاعدة وضحي بكل القيادات السابقة، وطور تنظيمه ليصل لـ"فتح الشام" ثم "جبهة تحرير الشام" وأخيرا ذلك المشهد الضبابي الذي تعيش فيه سوريا الآن.
والأهم من هذا وذاك كما يقول المعارضون لتولي سيف العدل داخل التنظيم الإرهابي هو مكان إقامه سيف العدل وهو إيران؟ وهو ما لم يجب عليه أبدا سيف العدل لعناصر وقيادات القاعدة مترامية الأطراف؟! ما الذي قدمه لهم ليعيش هناك هذه الفترة الطويلة الآمنة؟ وخاصة أن أيمن الظواهري رفض كثيرا الإقامة في إيران؟ وبماذا وعدهم؟ وماذا سيفعل من أجلهم في المستقل بعد ما وصل به الحال في سوريا ولبنان حاليا؟ واضح أن دور سيف العدل قد انتهي داخل إيران والقاعدة، فالأجوبة عن كل هذه الأسئلة تمثل حجر الزاوية والثقل الرئيسي الذي أدى بهذه الأصوات المعارضة إلى أن ترفض ترشيح وتعيين سيف العدل قائدًا للتنظيم خلفًا لأيمن الظواهري.
٣ - مستقبل التنظيم فى سوريا الجديدة والمخاوف الدولية
القاعدة الجديدة أمام تحديين كبيرين أولهما: العلاقة مع الجولاني: هنا مبادرة أطلقتها أطراف منشقة من القاعدة للصلح مع الجولاني، ومن المحتمل أن تنفجر الصراعات بينها في المرحلة القادمة، فقادة القاعدة القدامي يصفون الجولاني بـ "الشيخ الثائر" و"القائد المظفر" و"الحكيم ناكث للعهد والغادر" وهي أوصاف ساخرة بالطبع من الجولاني.
لذلك تسعي القاعدة للعودة مجددًا إلى الجنوب السوري من بوابة درعا، وهو ما يرفضه الجولاني بشكل قاطع، حيث أن القاعدة تطمع بالعودة إلى الجنوب مستغلةً علاقاتها بقيادات سابقة بالمحافظة التي بقي أميرًا عليها لسنوات.
التحدي الثاني: وهو قدرة القيادي أبو الهمام السوري وهو أحد رموز القاعدة في سوريا على كبح جماح " تيار سيف العدل" داخل التنظيم، فرموز القاعدة من السوريين والأردنيين لم يكونوا راضين علي تولي سيف العدل أميرا للقاعدة، ثم قبلوا به على مضض، كذلك "جماعة الملاحم السورية " - المنشقة عن الجولاني - بقيادة كل من أبي حمزة اليمني وأبي عبدالرحمن المكي، وإن كانت مقربة من القاعدة، إلا أنها لم ترتبط بها بشكل رسمي، وهو أمر متوقع أن يحصل لاحقًا أو يستميلها الجولاني لصفه، فرضي الجولاني عن هذه المجموعة سيكون من أجل التخلص من جناح سيف العدل الإيراني داخل التنظيم إلي حين.
لذلك هناك عدة سناريوهات قد يمر بها تنظيم القاعدة الإرهابي مع الجولاني في المرحلة القادمة هي:
أولًا: تماهي عدد من القياديات القاعدية مع الجولاني وما أحدثته الفصائل السورية في المرحلة الأخيرة، وأعلن توجهاتهم الفكرية المناصرة لجبهة تحرر الشام والانتصارات المزعومة هناك ومن ثم تطليق الفكرة القديمة بشكل مؤقت حتي تحدث حادثة أخري تخرج المكنون القاعدة من القمقم.
ثانيًا: انشقاق كامل لفرع القاعدة في سوريا عن الفصائل واستمرار فصيل "حراس الدين" بتشكيلاتها وقياداتها القديمة ليصبح خنجرا في ظهر جبهة الجولاني.
ثالثًا: هجرة القاعدة القديمة لمجموعات أخري جديدة قريبة من الفكرة الجهادية الأولي سواء هجرة عناصرها لداعش أو أنصار الإسلام وغيرها من الفصائل الجهادية الأخرى التي تتمتع بحصانة وقوة فصيل "جبهة تحرير الشام" و"أحرار الشام" ليكونوا مزيجا داخليا لفكر القاعدة دون راية القاعدة المعروفة سابقًا.
رابعًا: تلاشي فرع القاعدة المنسوب لسيف العدل والموالي لإيران في المرحلة القادمة، فمن الواضح أنها اختفت تماما من المشهد في الوقت الحالي، نظرا للتوجه الدولي الرافض للمشروع الإيراني في المنطقة العربية فبعد العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية علي حزب الله داخل لبنان وقاعدة سيف العدل لم يسمع لها صوت حتي الآن بما فيهم مصطفي حامد صاحب موقع "مافا سياسا" صهر سيف العدل والموالي لإيران، وفي الغالب ينتظر سيف العدل مصير سلفه الظواهري وبن لادن في عملية استخباراتية قادمة لا محالة.
ففي غياب أتباع بن لادن المخلصين له، حاول الظواهري قيادة الجماعات الإرهابية النائية التي غالبًا ما تتجاهل قراراته وترفض نصيحته بعتباره "أمير مسردب" أي قابع في السراديب بعيد عن المواجهة الفعلية، فأدت به للمصير المعروف –الاغتيال- وعلى وجه الخصوص، طغى علي تنظيم القاعدة صعود تنظيم "داعش" وهيمنته الدموية لعدة سنوات على أجزاء من سوريا والعراق.
الحقيقة الملموسة أن أحمد الشرع الجولاني سابقًا أنهي علي البقية الباقية للتنظيم حتي جاءت نهاية الظواهري أثناء وقوفه في شرفة منزله آمن في حي السفارات الراقي في كابول العاصمة الأفغانية بعد رحلة هروب كبيرة استمرت قرابة العشرين عاما داخل الشريط الحدودي الفاصل بين أفغانستان وباكستان متقمصًا شخصية راعي غنم باشتوني يتحدث العربية بطلاقة ويروج أنه من أصل يمني حضرمي متجنبا أي استخدام للتكنولوجيا الحديثة ويطل علي اتباعه من خلال مقاطع فيديو تصور داخل المغارات الجبلية التابعة لهذه القبائل، كابول التي استقر فيها الظواهري بعد الانسحاب الأمريكي وسيطرة حركة طالبان عليها كتبت نهاية الظواهري، بعد أن أكدت طالبان للحكومة الأمريكية أن أيام تحريض تنظيم القاعدة للغرب والأمريكان قد ولّت، وبالفعل ولت لكن ظهرت تنظيم "داعش "، لكن في نفس الوقت التزامات حركة طالبان بعدم التعاون مع تنظيم القاعدة ومحاربة تنظيم داعش وهو ما جعل القوي الغربية المتمثلة فى أمريكا والاتحاد الأوروبي أن تتعامل بجدية مع حركة طالبان ذو الجذور الجهادية، فأي حركة إن لم تؤكد هذا المعني في علاقتها على الإطلاق فلن تكون لها موضع قدم، ومن هذا المنطلق فالواقع في سوريا الآن سيكون في موضع شك حتي بحسم هذه الخيارات المطلوبة في التعامل مع الغرب وخاصة الأمريكي منه.
أسباب المخاوف الدولية من الفصائل وهيئة تحرير الشام
- تأسيس إمارة سوريا الإسلامية التى تعتبره كثير من الدول خطرًا على سلام المنطقة وذلك بحسب تحليلات الإعلاميين المصريين والعرب.
-التخوّف من أن تنتقل الفوضى من سوريا إلى دول أخرى، بسبب تحفيز جماعات مثل الإخوان وداعش على محاولة الفوضى.
- تفتيت سوريا وتحويلها لمجموعة من الدويلات على أساس طائفي، الأمر الذى يهدد الأمن القومى العربى والإقليمى.
- التخوّف بشأن من سيقود المرحلة المقبلة، وطبيعة ايديولوجيته، ومن ثم طبيعة العلاقة بين المعارضة والفصائل المسلحة ومرجعتيهم، وهل سيطبقون نظاما مدنيًا، مما يؤثر على طبيعة العلاقات المستقبلية بين بعض الدول وسوريا.
- طبيعة الدور التركى والأمريكى والإسرائيلى فى سوريا فى المرحلة المقبلة، حيث يمكن أن تؤدى تدخلاتهم إلى تغييرات جذرية فى التوازنات الإقليمية.