في ذورة ضعفها.. إيران تواجه ترامب مجدداً
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
تواجه إيران عاماً صعباً من المواجهة مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، وضعفاً استثنائياً بعد 2024 التي ترافقت مع أزمة اقتصادية حادة في الداخل، وانتكاسات في الشرق الأوسط.
إيران عانت لإظهار قدرتها على صد محاولات تدمير برنامجها النووي
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الإدارة الأميركية الجديدة تخطط لزيادة العقوبات على إيران في جزء من جهد عدواني لاحتواء دعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط.
ولا تزال استراتيجية طهران، رغم أنها أقل مما كانت عليه، تهدد حلفاء واشنطن وشركاءها، خاصة إسرائيل، كما أنها غير شعبية بين العديد من الإيرانيين العاديين. كما يدرس فريق ترامب خيارات بينها الضربات الجوية، لمنع إيران من بناء سلاح نووي.
وتلفت الصحيفة إلى أن الاقتصاد الإيراني أصيب بالشلل بالفعل بسبب مزيج من سوء الإدارة والفساد والعقوبات القائمة. وأدى نقص الطاقة إلى إغلاق المكاتب الحكومية، والمدارس، والجامعات، وتعطيل الإنتاج في عشرات المصانع. وفي الوقت نفسه، خف التهديد العسكري الإيراني بسبب الضربات الإسرائيلية لحلفائها، حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والنظام السوري المنهار، ومعظم الدفاعات الجوية الإيرانية.
Iran faces a tough confrontation with the incoming Trump administration after a year of setbacks https://t.co/w0VAB5K9Gz
— The Wall Street Journal (@WSJ) January 5, 2025تمثل الصعوبات التي تواجهها طهران التحدي الأكبر لزعمائها الدينيين منذ 2022، عندما هزت البلاد اضطرابات واسعة النطاق أشعلتها وفاة شابة في حجز الشرطة بعد أن زُعم أنها وضعت حجابا غير لائق. وسحقت السلطات الانتفاضة بالقوة الغاشمة التي قالت منظمات حقوق الإنسان إنها قتلت المئات. في حين تظل الاحتجاجات على الصورة الاقتصادية المتدهورة محدودة، يبدو النظام أكثر عرضة للاضطرابات الآن.
وقالت سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس في لندن، إن القيادة الإيرانية "تواجه على الأرجح أعمق التحديات من صنعها" منذ سنوات، الأمر الذي يدفع طهران أيضاً إلى التفاوض على تسوية مع الغرب في سعيها إلى إيجاد مخرج من الأزمة.
وانتخب الرئيس مسعود بزشكيان في يوليو (تموز)على أساس برنامج الإصلاحات الاجتماعية والإحياء الاقتصادي والانفتاح السياسي على الغرب.
ولكن بعد ستة أشهر، تتلاشى آمال الإيرانيين في تحسين حياتهم اليومية بسرعة. وأثارت الأزمة الاقتصادية خطر الاضطرابات الاجتماعية، وهو مصدر قلق السلطات الإيرانية. وتظاهر التجار بسبب التضخم المتصاعد، بينما احتج المتقاعدون وعمال النفط على التأخير أو خفض المدفوعات.
وأغلقت العملة الإيرانية التي تعد مؤشر المعنويات الاقتصادية في 2024 عند أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 821500 ريال للدولار، بانخفاض 40% عن مستواها في بداية العام. وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 45% منذ 2012، عندما تصاعدت العقوبات بسبب برنامجها النووي، إلى 4465.60 دولارًا العام الماضي، وفق البنك الدولي.
وأصبحت الاحتجاجات بسبب القضايا الاقتصادية أكثر تواتراً في جميع أنحاء البلاد وفي مختلف الصناعات. واحتج الممرضون والعاملون في الاتصالات على تأخر المدفوعات. وتظاهر المعلمون المتقاعدون في الأسابيع الماضية أمام البرلمان بسبب التأخير في دفعات الرعاية الاجتماعية، وفقًا لاتحاد المعلمين.
وامتد السخط إلى قطاع النفط، الصناعة الأكثر استراتيجية في البلاد وأكبر مصدر للعملة الأجنبية. واحتج العمال في مصنع عبادان للبتروكيماويات، أحد أكبر المصانع في البلاد، على تأخر الأجور3 أشهر، وفقلوسائل الإعلام الحكومية والنقابات العمالية الإيرانية.
Iran faces a tough year of confrontation with the incoming Trump administration while holding an exceptionally weak hand after 2024 left it with an acute economic crisis at home and setbacks in the Middle East.https://t.co/iniQjhq9bn
— Emma Graham (@themmagraham) January 5, 2025أصبحت المظاهرات مسيسة بشكل متزايد، حيث ينتقد بعض الناس النظام لتركيزه الشديد على أجندته الإيديولوجية وعدم التركيز بشكل كافٍ على الاقتصاد. وكتب على لافتة حملها المتقاعدون المحتجون في مدينة الأهواز "كفى من إثارة الحرب، طاولتنا فارغة" وفي لافتة أخرى "اتركوا الحجاب وشأنه وفكروا فينا".
الجهود النوويةعلى مدى أشهر، ناقش المسؤولون الإيرانيون علناً إذا كان يجب زيادة الجهود النووية وإعادة النظر في تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي دام عقدين تجنب شراء أسلحة الدمار الشامل.
وتقول الصحيفة إن إيران عانت لإظهار قدرتها على صد محاولات تدمير برنامجها النووي. في 2024، شنت إسرائيل جولتي غارات جوية ضد إيران استهدفت منشآت عسكرية وأخرجت أنظمة دفاع جوي قدمتها روسيا، ردًا على الهجمات الإيرانية المباشرة غير المسبوقة على أراضيها.
وفي الوقت نفسه، بحث ترامب سبل منع إيران من بناء سلاح نووي، بما في ذلك الضربات الجوية الوقائية المحتملة التي من شأنها أن تكسر السياسة الأمريكية القديمة المتمثلة في احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع
لشهر ينايرَ (كانون الثاني) رنّة مؤلمة في طهران. لا تستطيع أن تنسى ما حدث في الثالث منه في 2020. رجل بعيد أسقط ما كانت تعده خطاً أحمر. قُتل قاسم سليماني على مقربة من مطار بغداد. قُتل قائد «فيلق القدس». مهندس «استراتيجية الأذرع» ومشروع «الضربة الكبرى» ضد إسرائيل.
لا تستطيع طهران في الشهر الحالي إلا أن تنظر بقلق وتوجس إلى العشرين منه. ففي هذا اليوم سيسقط البيت الأبيض مرة أخرى في يد الرجل الذي أمر بقتل سليماني. الرجل الذي انسحب من الاتفاق النووي وجفَّف عروق الاقتصاد الإيراني.وكان يمكن اعتبار آلام الشهر محتملة لولا المرارات التي خلّفها الشهر الرهيب السابق. رجل اسمه بشار الأسد كانت إيران قد ألقت بكل ثقلها لإبقائه. رجل نجح سليماني في إقناع فلاديمير بوتين بالتدخل لإنقاذه من «طوفان» معارضيه وهذا ما حصل. مدد التدخل الإيراني - الروسي عمر نظام الأسد، لكن «السيد الرئيس» اختار النجاة بنفسه من «الطوفان» الذي أطلقه من إدلب رجل اسمه أحمد الشرع.
صعد بشار إلى طائرة المنفى من دون أن تراوده رغبة المعاندة على الحلبة. المعاندة التي أنهت معمر القذافي وعلي عبد الله صالح. غادر من دون البراعة في رسم المشهد الأخير التي أجادها «الرفيق» البعثي صدام حسين.
توَّج فرار الأسد سنة الشهور المؤلمة لإيران التي شملت اغتيال حسن نصر الله ويحيى السنوار، فضلاً عن اغتيال إسماعيل هنية في ضيافة «الحرس الثوري» في طهران. ردَّ بنيامين نتانياهو على السنوار ونصر الله بـ«طوفان» من النار أنهك غزة ولبنان ولم يرحم «المستشارين» الإيرانيين في سوريا، مما جعل نظام الأسد يسقط كثمرة ناضجة.
في مكتبه في طهران يقلّب مسعود بزشكيان الأوراق والأيام. حظه سيئ. جاءته الرئاسة في زمن الطوفانات. كان الرجل يحلم بفتح النوافذ ولو تدريجياً وعلى استحياء. وبإبرام هدنات طويلة إذا تعذّر إنهاء الحروب. زيادة الاهتمام بالاقتصاد وصعوبات المعيشة لاسترجاع شرائح واسعة من خيبات تكررت. تصاعُد الهدير في الإقليم مُقلق ولا يسمح بالتقاط الأنفاس. صحيحٌ أن ملف سوريا والأذرع لم يكن يوماً من مسؤولية الرئيس. إنه من مسؤولية جنرالات «الحرس» و«فيلق القدس» وتحت رقابة المرشد. لكنَّ الصحيح أيضاً هو أن الاستحقاقات داهمة.
لا بد من القراءة، وهي صعبة كالاستنتاجات. يعرف بزشكيان أن «حماس» قاتلت بشراسة، لكنه يعرف أيضاً أن غزة ستخرج من الشق العسكري في النزاع لتنشغل بإعادة الإعمار وتضميد الجروح. إطلاق المعتقلين الفلسطينيين في أي صفقة لا يُلغي أن غزة قد دُمِّرت ودفعت ثمناً إنسانياً باهظاً.
يتمشى في مكتبه. في القرى الحدودية قاتل «حزب الله» اللبناني بشراسة ودفع ثمناً مرتفعاً. هذا لا يُلغي أنه أُصيب في الحرب بخسارتين هائلتين؛ خسارة قائده حسن نصر الله التي يصعب عليه تعويضها، وخسارة العمق السوري الذي لا تسمح الجغرافيا بتعويضه. من دون العمق السوري لا يستطيع الحزب أن يخوض حرباً ضد إسرائيل، خصوصاً بعدما أبرزت الحرب الهوّة التكنولوجية الهائلة بينه وبين إسرائيل. خيارات الحزب صعبة. الحدود اللبنانية - الإسرائيلية تحت رقابة القرار 1701 وجنرال أمريكي، وطريق سليماني بين طهران وبيروت أُغلقت بإحكام.
كانت المفاجأة السورية أكبر من القدرة على الاحتمال. تشظى «محور الممانعة». وسمعت دول عدة كلاماً صارماً في الآونة الأخيرة: «لا بد من إنهاء زمن الفصائل والجيوش الموازية». «على الفصائل العودة إلى خرائطها. لا يحق لها إرسال صواريخها ومُسيَّراتها في مهمات إقليمية». «السلاح يجب أن يكون في عهدة الدولة وحدها. لا يجوز صرف رواتب من الخزينة لفصائل متهمة بأدوار إرهابية». العراق لا يريد أن يكون ساحة حرب. وصواريخ «الحوثي» لن تعوّض صمت الأذرع الأخرى.
كان العقاب شديداً. الآلة الإسرائيلية تهدد إيران نفسها، وأمريكا ليست بعيدة. تشترط أمريكا لقبول إيران أن تكون بلا أذرع إقليمية وبلا قنبلة نووية. هذه أصعب أيام البلاد وأصعب أيام المرشد.
يقلّب بزشكيان جمر المشاهد السورية. واضح أن دمشق ستغرف من قاموس آخر. يوزع الشرع على زواره تعابير الطمأنة. يوحي بأن ما حدث مجرد تغيير داخل الخريطة وليس مشروع «طوفان». سقطت الحلقة السورية من سبحة الممانعة فانفرط عقدها. يحاول الزوار التكهن بما يدور في رأس الشرع. ها هو يستهلّ عهده بمطالبة الفصائل بالذوبان في وزارة الدفاع. هل سيحاول اقتباس النموذج التركي أم أن الأمواج ستتدافع في اتجاه نموذج صعب؟ الأكيد أن الزوار لم يذرفوا دمعة على إخراج إيران من الخريطة السورية.
استعادة سوريا إلى «محور الممانعة» شديدة الصعوبة في المدى المنظور. هذه المهمة أكبر من قدرات «الحشد» العراقي و«حزب الله» اللبناني ومحفوفة بالأخطار. تهاجمه الأسئلة. هل على إيران تغيير مقاربتها لشؤون الإقليم والاكتفاء بدور أقل؟ هل تعب بوتين من عناد الأسد فتركه لمصيره؟ هل قرر سلطان إسطنبول معاقبة والي دمشق لرفضه المتكرر أن يصافحه؟ اتهم المرشد علي خامنئي إسرائيل وأمريكا بالوقوف وراء ما جرى في دمشق. قال أيضاً إن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور»، في إشارة إلى تركيا.
ما أصعب الشرق الأوسط. أرض فِخاخ ومشقّات ومفاجآت. يعرف بزشكيان الرنّة المؤلمة لهذا الشهر في طهران. تُضاعف قسوة المشهد شهور مرارات كثيرة مرت بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع.