تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا غير مسبوق في الهجمات الهجينة التي تستهدف الدول الغربية، حيث تستخدم دول مثل روسيا وإيران مجموعة واسعة من التكتيكات غير التقليدية لزعزعة استقرار أوروبا والولايات المتحدة دون التورط المباشر في مواجهات عسكرية، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

أحد أكثر الأسلحة المثيرة للقلق في هذه الحرب هي الطائرات بدون طيار، التي أصبحت أداة رئيسية للتجسس والتخريب في "منطقة رمادية" يصعب فيها تحديد المسؤول عن الهجمات.

سرب من الطائرات المجهولة يثير الذعر في الغرب

وقبل ثلاث سنوات، بدأت طائرات مجهولة تحلق فوق منصات النفط ومزارع الرياح في النرويج. لم يكن المصدر واضحًا، ولكن المحللين اعتقدوا أنها جزء من خطة روسية للاستعداد لصراعات مستقبلية.

وقال ستال أولريكسن، الباحث في الأكاديمية البحرية الملكية النرويجية: "بعض تلك الطائرات كانت تقوم بالتجسس، والبعض الآخر ربما كان يتعلق بالتمركز الاستراتيجي في حالة اندلاع أزمة عميقة".

وفي نوفمبر الماضي، أُبلغ عن مشاهدات مشابهة لطائرات بدون طيار تحلق فوق قواعد عسكرية في بريطانيا وألمانيا، حيث تتمركز قوات أمريكية. وخلص المحللون إلى أن هذه الطائرات ربما تكون في مهمة مراقبة مدعومة من دول معادية.

طرود الموت: استخدام تكتيكات جديدة للتخريب

الهجمات لم تقتصر على الطائرات، فقد شهد شهر يوليو الماضي انفجارات غامضة هزت أوروبا نتيجة طرود بريدية قادمة من ليتوانيا. احتوت الطرود على آلات تدليك كهربائية مزودة بمتفجرات شديدة الاشتعال.

وقالت التحقيقات إن هذه الطرود كانت اختبارًا أجرته الاستخبارات العسكرية الروسية لزرع متفجرات على متن طائرات شحن متجهة إلى الولايات المتحدة وكندا. وعلق وزير خارجية ليتوانيا:"هذه الحوادث ليست عشوائية؛ إنها جزء من العمليات العسكرية الروسية".

التكتيكات الهجينة: أداة التخريب الصامتة

تشمل الهجمات الهجينة تخريب البنى التحتية الحيوية، الهجمات السيبرانية، والحملات الإعلامية المضللة. في ألبانيا، شنّت إيران هجمات إلكترونية على الأنظمة الحكومية، وفي مولدوفا حاولت روسيا التأثير على الانتخابات باستخدام الدعاية الرقمية.

كما يشتبه في أن السفن الروسية قد قطعت عمدًا كابلات تحت الماء تربط الدول الأوروبية، مما يعزز القلق بشأن التهديدات غير المرئية.

استجابة الناتو والاتحاد الأوروبي

وتواجه الدول الغربية معضلة كبيرة حول كيف يمكن الردع دون تصعيد الأمور إلى مواجهة عسكرية مباشرة؟ أعلن حلف الناتو مؤخرًا عن استراتيجية جديدة لمواجهة الهجمات الهجينة، تشمل تحسين أنظمة الاستخبارات، وتوسيع التدريبات العسكرية، وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات المسؤولة عن هذه الهجمات.

لكن العقبة الأكبر تظل في غياب الوحدة بين الدول الأعضاء. ووفقًا لتشارلي إدواردز، الخبير الاستراتيجي البريطاني:"عدم الرد بشكل صارم على الهجمات الهجينة سيمنح الكرملين الميزة الاستراتيجية، ويجعل أوروبا عرضة للخطر".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الهجمات الهجينة أوروبا الولايات المتحدة مواجهات عسكرية الطائرات بدون طيار

إقرأ أيضاً:

مقاطعة الإعلام الحربي كأداة مقاومة ضد آلة الدعاية العسكرية

مع كل نشرة أخبار — أصبحت مقاومة الحرب تبدأ بزرّ “كتم الصوت”. لم نعد بحاجة إلى جيوشٍ ولا خنادق، فالمعارك الآن تُخاض على الريموت كنترول، والهزيمة تُقاس بعدد مرات المشاهدة.
نحن جيلٌ يتصفّح الجحيم بين الإعلانات، ويستلهم ضميره من فواصل درامية مدفوعة.

لم نعد بحاجة إلى السلاح أو الجنود لنخوض الحروب، بل أصبحت المعركة تُخاض اليوم عبر شاشات التلفزيون، حيث تَتَحَكَّم التقارير الإخبارية في مصائرنا أكثر من أي معركة حقيقية. أصبحنا نعيش في عصرٍ يتخلله مشهد العنف والتدمير الذي يُعرض بين فواصل الإعلانات، في وقتٍ أصبح فيه الموت مجرد حدث يومي تُبث تفاصيله دون توقّف، وكأنما نحن جزء من مسرحيةٍ درامية لا تنتهي.

في هذا العصر، ماذا يعني أن تقاطع نشرة الأخبار؟ ببساطة، يعني أنك ترفض الانغماس في الحقيقة التي تُصاغ وفقًا لاحتياجات السلطة، وتصر على عدم أن تكون جزءًا من السرديات التي تُستخدم لإعادة تشكيل الواقع وفقًا لمصالح القوى المسيطرة.

إن مقاطعة الأخبار التي تُروّج لحكايات الصراع لا تعني إنكار الواقع، بل هي محاولة واعية لتحرير الوعي من عبودية الدعاية التي تُخفي وراءها مآسي الإنسان وتُهمّش معاناته. هذا الفعل لا يُعدّ هروبًا من الواقع، بل هو نوع من العصيان المدني الهادئ، الذي يهدف إلى كسر دائرة الرأي العام المُستعبَدة بتكرار صور العنف والدمار. غير أن هذا التأمّل لا يأتي من فراغ، بل ينبثق من وعيٍ جمعيّ تحاول المؤسسات الإعلامية الموجّهة أن تُجهضه يوميًا.

الإعلام هنا لم يعد ناقلًا للواقع، بل مُهندسًا له، خادمًا مطيعًا في بلاط السلطات العسكرية والمليشياوية، لا ينقل الأخبار بقدر ما يُعيد تشكيل الإدراك العام، وفق خطة متقنة لغسيل الدماغ الجمعي. وكأنّ من يدير هذه الماكينة الإعلامية قد قرأ بتمعّن أطروحة نعوم تشومسكي عن “تصنيع القبول”، ثم أساء استخدامها على نحو تراجيدي.

أما أولئك “الخبراء الاستراتيجيون” الذين يُستدعون كل مساء لتحليل “الموقف الميداني”، فهم في الحقيقة تجسيدٌ حيٌّ لعبثية نخبةٍ شاخت دون أن تعي، وتكلّست دون أن تتقاعد.

خبراء بلا حس، لا يُحسّون بكهولتهم، لكنهم مصرّون على أداء دور الرُسل الزائفين الذين يحملون رسائل الخراب، وكأنهم يسعون إلى تحويل معاناة الناس إلى لوغاريتمات عسكرية. أولئك الذين يمتلكون القدرة على التفسير، لا على الفعل، يُكرّسون خطابًا يُحيل المعاناة اليومية إلى مجرد معادلات انتصار أو خسارة، كأنّ حياة البشر أصبحت نردًا مسعورًا في يد نخبة مستبدّة.

وهم لا يطلبون منّا شيئًا أقلّ من المشاركة في هذه الحرب الرمزية. بل يطلبون منّا أن نكون جنودًا في جيش التأويل، حتى لو كنّا على بُعد آلاف الأميال. يُطالبوننا بأن نحمل بنادق وهمية من وراء الشاشات، ونقف صفًّا في معركة لا تُشبهنا، ضد عدوٍّ لم نُحدّده نحن، ولصالح سلطةٍ لم نخترها.

إنهم لا يطلبون تأييدًا، بل ولاءً أعمى، يجعل من صمتنا جريمة، ومن أسئلتنا خيانة، ومن تعاطفنا مع الضحية دليلًا على الانحياز غير المقبول.
ولأجل ذلك، تُستخدم أدوات السادية الإعلامية دون وجل: مقاطع الفيديو التي تُوثّق الذبح، والتنكيل، وحرق الناس و هم احياء، لا تُعرَض من أجل إيقاظ الضمير، بل من أجل تخديره. لا لشيء إلا للتطبيع مع الموت، والتعوّد على القبح، وفقدان القدرة الأخلاقية على الارتجاف من الألم الإنساني.

إنها أدوات غسيل دماغ ممنهج، تُراد لنا بها أن نُطبّع مع الرعب، أن نصبح شهودًا متواطئين في مسرحية دموية لا تنتهي. وكما يقول هربرت ماركوز: “الحرية التي تُمارَس في ظل هيمنة الصور الموجّهة ليست حرية، بل امتداد لنظام القمع في شكل جديد”. بل إنهم يُحفّزوننا — بإلحاح عاطفي ولغة مشحونة — أن نكون جزءًا من المعركة، حتى لو على البعد.

إنهم لا يريدون فقط أن نتابع أخبارهم، بل أن نتبنّى رؤيتهم للعالم، أن نحمل أعلامهم، ونغنّي أهازيجهم، ونلعن من يرفض هذا الانتماء القسري. إنهم، ببساطة، لا يطلبون وعينا، بل استلابه.

وعلى صعيد آخر، فإنّ هذه المقاطعة تُعيد إلى الجمهور السيطرة على المعلومات التي يتلقّاها، فتفتح المجال للتفكير النقدي وإعادة قراءة الأحداث من منظورٍ مختلف، بعيدًا عن التأطير الرسمي الذي يخدم مصالح الأطراف المتصارعة. إنها دعوة لإعادة صياغة رواية الحرب بحيث لا تبقى مجرد أرقام وإحصاءات تُبثّها محطات الأخبار، بل تتحوّل إلى قصة إنسانية تُبرز آلام الضحايا وتدعو إلى السلام والحوار.

إنّ في وجه هذا القمع الإعلامي والجماهيري، قد يكون صمت الفرد المقاوم، وامتناعه عن الاشتراك في ولائم الصور، أقرب إلى فعلٍ ثوريّ من ألف هتاف. كما قال محجوب شريف: “أخوي في الركن ساكت، ساكت… لكن الكلام فوقو بليغ”، فحتى السكوت يمكن أن يحمل صرخة كاملة حين يُصبح الوعي متيقظًا.

وفي ظل هذا الجنون الجماعي، تبدو كلمات الخاتم عدلان عن “الاستقلال الثاني للوعي” مُلحّة أكثر من أي وقت مضى. فمقاطعة الأخبار هنا ليست انسحابًا سلبيًا، بل بداية لانعتاق داخلي من منظومة إعلامية تُحوّل الإنسان إلى خلية ضمن معادلة ربح وخسارة. هو مقاومة ضد عقلية الحرب، وضد نظام يُعيد إنتاج الدمار باسم الواقعية السياسية.

في النهاية، تُعدّ مقاطعة أخبار الحرب في السودان فعل مقاومة، ليس فقط ضد محتوى الإعلام القمعي، بل ضد النظام الذي يُفضي إلى تكرار مآسي الماضي. هو تحدٍّ يُعبّر عن إرادة الشعوب في تحرير نفسها من دوّامة الدمار والإعلام المستعبِد، ورغبة في بناء مستقبل يُستمدّ من قيم الإنسانية والتضامن، بعيدًا عن أي محاولة لتزييف الحقيقة أو استغلال الألم لتحقيق مكاسب سياسية.

بهذا الصمت الثوري، يمكن أن يُكتب فصلٌ جديد في تاريخ المقاومة، فصلٌ تُعيد فيه الشعوب تعريف مصيرها بيدها، دون أن تُسكنها شاشات الحرب التي لا تُظهر سوى عَدائِها المستمر لكل مظاهر الحياة.

zoolsaay@yahoo.com

   

مقالات مشابهة

  • تصاعد رفض الخدمة العسكرية في إسرائيل مع استمرار الحرب على غزة
  • فطنة سياسية.. أحمد حمدي: صفقة طائرات الرافال مع فرنسا خطوة استراتيجية ذكية لمصر
  • ما وراء اتساع دائرة رفض الخدمة العسكرية بإسرائيل
  • صحيفة ذا ناشينوال انترست : الطائرات المُسيّرة تشكّل تحديًا خطيرًا لحاملات الطائرات الأمريكية
  • سلاح المقاومة في غزة
  • صور لـ أقمار صناعية تظهر حاملة طائرات أمريكية تقترب من إيران
  • ما جدوى التحشيد الكبير الذي تقوم به واشنطن لقواعدها العسكرية في المنطقة ..!
  • زيلينسكي يندد بتزايد الضربات الروسية على أوكرانيا
  • غارات أمريكية عنيفة على هذه المحافظة اليمنية قبل قليل
  • مقاطعة الإعلام الحربي كأداة مقاومة ضد آلة الدعاية العسكرية