المسلة:
2025-03-10@02:47:44 GMT

بين الدستور والقوة: صراع الأجندات على مستقبل العراق

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

بين الدستور والقوة: صراع الأجندات على مستقبل العراق

5 يناير، 2025

بغداد/المسلة: في خضم المتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة إثر سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تجددت النقاشات داخل العراق حول مستقبل النظام السياسي، وسط دعوات لإعادة النظر في الدستور وتعزيز دولة المواطنة.

وبينما حملت بعض الأصوات المعارضة مطالب بتغيير جذري، ظهرت أصوات أخرى تدعو إلى تعزيز التسوية السياسية بدلاً من تقويض النظام الديمقراطي الحالي.

رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، أكد في تصريح حديث أهمية دعم الحكومة الحالية، مشيرًا إلى أن أي ضعف في الحكومة سيعني انهيارًا شاملًا للعملية السياسية.

وذكر المشهداني أن وثيقة التسوية السياسية التي أُعلنت عام 2018، وسلمت إلى عمار الحكيم بصفته رئيس التحالفات الشيعية آنذاك، ما زالت تمثل خريطة طريق واضحة لمعالجة الانقسامات. وأكد أن الالتزام بها سيكون الضمانة الأهم لتماسك الدولة.

وفي الوقت الذي يشهد فيه العراق ديمقراطية تعددية تضمن التداول السلمي للسلطة، تتحدث مصادر عن وجود أجندات خارجية تدفع باتجاه التغيير على أسس طائفية.

فقد أشار رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى رفض بلاده القاطع لربط التغيير في سوريا بتغيير النظام في العراق، قائلًا: “هذا الأمر لا مجال لمناقشته”. وجاء تصريحه في وقت تُرصد فيه محاولات إعلامية تُحرض على التغيير بدعوى مواجهة النفوذ الإيراني، وهو ما تعتبره بعض الدول الخليجية خطوة لتقويض إيران التي خسرت نفوذها في سوريا ولبنان.

على وسائل التواصل الاجتماعي، تتناقل تغريدات وتدوينات تعبّر عن تباين الآراء بشأن الوضع الحالي. كتب أحد المغردين: “العراق ليس سوريا، وخلط الأوراق لن يجلب سوى الفوضى”.

بينما علقت ناشطة عراقية على فيسبوك قائلة: “الطريق إلى التغيير يجب أن يمر عبر الدستور، لا عبر القوة أو التدخل الخارجي”. هذه الآراء تعكس حالة القلق التي تسود الأوساط الشعبية من أن يصبح العراق ساحة جديدة للصراع الإقليمي.

تحدثت مصادر مطلعة عن وجود قوى معارضة تعيش خارج العراق، بعضها لا يمانع اللجوء إلى القوة لإحداث التغيير، رغم التصريحات العلنية التي تدعو إلى الالتزام بالدستور. وأفاد باحث اجتماعي من بغداد بأن “هذه الدعوات تؤجج الانقسام وتعيد العراق إلى دائرة الصراعات، في وقت يحتاج فيه المواطن إلى استقرار اقتصادي وسياسي”.

من جهته، قال مصدر سياسي مقرب من الحكومة إن “هناك أطرافًا تراهن على إثارة الفوضى، لكنها تغفل عن حقيقة أن النظام الديمقراطي في العراق، رغم التحديات، صلب بما يكفي لتجاوز هذه المحاولات”. وأضاف أن الشعب العراقي بات أكثر وعيًا من أن يقع في فخ التحريض الطائفي الذي عانى منه في السنوات الماضية.

وفي تحليل استباقي، أفادت بعض الآراء بأن سقوط نظام الأسد قد يدفع إيران إلى تكثيف دعمها لحلفائها داخل العراق للحفاظ على نفوذها في المنطقة. لكن خبراء يرون أن المشهد العراقي مختلف، حيث تعتمد القوى السياسية بشكل متزايد على التفاهمات الداخلية لتجنب الانزلاق في أزمات جديدة.

السؤال يبقى مفتوحًا: هل يستطيع العراق أن يظل بمنأى عن تأثيرات التغيرات الإقليمية؟ الإجابة ربما تكمن في مدى قدرة الأطراف السياسية على التمسك بمبدأ الحوار والدستور كأساس لأي تغيير محتمل.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الديمقراطية السائبة: طوفان بلا سدود

8 مارس، 2025

بغداد/المسلة: كتب رياض الفرطوسي

إنها الريح العاتية حين لا تجد جداراً يوقفها، والماء المتدفق حين تُهدم السدود من أمامه، فتتلاعب به المنحدرات، وتأخذه حيث تشاء المصالح، لا حيث تقتضي المصلحة الوطنية. إنها الديمقراطية السائبة، حين يُرفع عنها الغطاء القانوني، وتُترك دون ضوابط تحدد مساراتها، فتصبح بلا هوية، تتأرجح بين الولاء للوطن والانصياع لجهات أجنبية تملي شروطها خلف ستائر المصالح الخفية.

الديمقراطية في العراق، كما وصفها السياسي المستقل الأستاذ عزت الشابندر، تعاني من فقدان الحدود الواضحة التي تحكمها، فهناك سياسيون يتنقلون بين السفارات كما يتنقل العابر بين محطات استراحة، يلتقون بمسؤولين أجانب، ويتفاخرون بالصور التي تجمعهم بهم، وكأنهم حصلوا على ختم القبول من جهات خارجية ترفع شأنهم في الداخل، فيصبح ولاؤهم معلّقاً بين طرفين، لا بين شعبهم ووطنهم.

إن خطورة الديمقراطية السائبة تكمن في أنها تفتح الأبواب لمن هبّ ودبّ ليقدم أوراق اعتماده في المزاد السياسي، متناسياً أن العمل السياسي هو مسؤولية لا مساحة للعبث فيها. حين تصبح الديمقراطية جسراً لعبور المصالح الأجنبية، تتحول إلى أداة اختراق تُضعف الدولة، وتجعلها هشّة أمام العواصف.

الديمقراطية المنتجة التي يمكن أن يضع أسسها الراسخة البرلمان العراقي في مشروعه الإصلاحي، هي الديمقراطية التي يحرص على حمايتها وتطويرها بما يتماشى مع احتياجات التنمية والتطور في العراق، وفي إطار دستوري يجلب الاستقرار والرخاء والازدهار للجميع. إنها الديمقراطية التي تناسبنا، التي تعتبر امتداداً طبيعياً لتاريخنا وحضارتنا، وتراعي قيمنا ومبادئنا وثقافتنا والتطور التاريخي لمجتمعاتنا.

هذه الديمقراطية تختلف اختلافاً جذرياً عن الديمقراطية السائبة التي نرى إفرازاتها عند تصريحات ولقاءات بعض المسؤولين ونتائجها وعواقبها الوخيمة على مستقبل الوضع السياسي، وهو نوع من الانفلات. الأنكى من ذلك أن الغرب مؤمن أن نموذجه الديمقراطي هذا هو أحدث ابتكارات تراكمات الفكر السياسي عبر العصور، وأنه يصلح لكل مكان وكل أمة وشعب وتجمع بشري، ولذلك يعمل على نشر هذا النموذج في العالم، وقد ظهرت تجلياته في وضعنا السياسي من خلال الديمقراطية المشوّهة.

فرض ديمقراطية مستوردة من خارج الحدود هو أبشع أشكال الانفلات، فليس هناك من عاقل يكره الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن الواعي وحده يعرف أن الغرب يستخدم هذه المفردات الجميلة لتحقيق مكاسب سياسية، وزعزعة المجتمعات المستقرة، والضغط على أنظمتها، وخلخلتها، والعبث بمساراتها التاريخية والاجتماعية، ثم السيطرة على مقدراتها بعد إنهاكها بالحروب والنزاعات والفتن.

تؤدي الديمقراطية السائبة إلى قلب مراكز القوة في الدولة على المستوى الإعلامي والسياسي، وتعطل وتعرقل مسيرة البناء، لأنها تساهم في عدم التزام سياسة واحدة، مما يغري الجميع على التجاوز والاستقواء بالخارج على حساب القرار السياسي الداخلي للدولة. الفيلسوف وعالم الاجتماع جان جاك روسو يقول: “هناك شخص يمكن أن يمثل أشخاصاً آخرين لمجرد أنه حاز على عدد أصوات أكبر في الانتخابات، لكن من المفروض أن يعمل لصالح الناخبين، فكيف به إذا عمل ضد مصالح الناخبين سراً وعلانية؟” هنا تأتي أهمية الرقابة البرلمانية، وعلى المسؤولين أن يدركوا أنهم لا يتمتعون بتفويض مفتوح من الناخبين ليقوموا بما يحلو لهم من أعمال.

نحتاج إلى نضج سياسي وبصيرة في الفصل بين الديمقراطية السائبة والديمقراطية المنتجة.

إصلاح المسار قبل فوات الأوان

إن الحاجة مُلحّة اليوم لتشريعات واضحة، تُحدد معايير التعامل مع الجهات الخارجية، وتضع فواصل دقيقة بين العمل السياسي المسموح، والتسيب الذي يؤدي إلى الإضرار بمصالح الدولة. هناك عراقيون يتصلون بمسؤولين أجانب ويزورون السفارات دون علم الحكومة، وبعضهم يحصلون على رواتب وأموال من الدولة ثم يستغلون مواقعهم ضد نظامهم السياسي، وهذا سلوك خطير يجب التصدي له عبر قوانين صارمة ورقابة مشددة.

لا بد أن تُعاد هيكلة الديمقراطية في العراق لتكون ديمقراطية ذات هوية واضحة، لا يعبث بها الانتهازيون، ولا تتقاذفها أمواج المصالح الخارجية. فالوطن أكبر من أن يكون ساحة للتجارب السياسية، وأمنه القومي أقدس من أن يُرهن باتصالات عابثة لا تخدم إلا أصحابها.

إن لم يوضع حد لهذه الديمقراطية المنفلتة، فسيظل العراق ساحةً مشرّعة للنفوذ الخارجي، وستبقى المصالح الوطنية في مهبّ الريح، يتلاعب بها من لا يهمه سوى بقاؤه السياسي، ولو كان ذلك على حساب الأرض والشعب.

فإما ديمقراطية محكومة بالقانون، أو فوضى تتلبّس قناع الديمقراطية، تجرّ الوطن نحو الضياع.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • البرلمان العراقي يتحرك للمطالبة بقطع العلاقات مع سوريا
  • أسعار الدولار في العراق الآن
  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • إقليم الجنوب: جدل التقسيم في المشهد العراقي
  • الديمقراطية السائبة: طوفان بلا سدود
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • عاجل.. الشرع: بعض فلول النظام الساقط سعى لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها
  • «عصام السقا»: بحب التغيير في الشخصيات التي أقدمها
  • عصام السقا: أحب التغيير في الشخصيات التي أجسدها
  • آراس حبيب يحذر: أزمة كهرباء وشيكة وعقوبات أمريكية تهدد الاقتصاد العراقي