معلومات الوزراء يستعرض تحديات وفرص التحول في مجال الطاقة من منظور المدن الخضراء
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله نتائج مؤشر التحول في مجال الطاقة عام 2024، ومتطلبات هذا التحول، وأهم المدن الصديقة للبيئة من خلال مؤشر أركاديس للمدن المستدامة عام 2024، وتجربة مصر في تنفيذ برنامج المدن الخضراء، مشيراً إلى أنه مع استمرار العالم في التعامل مع آثار الظروف البيئية المتغيرة، تتخذ مدن عديدة خطوات لتقليل بصمتها الكربونية لتصبح أكثر صداقة للبيئة، مع الحد من استخدام وإنتاج مركبات الكربون الهيدروفلورية وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة.
وأوضح المركز أن مفهوم "المدن الخضراء" أصبح يكتسب أهمية متزايدة مع سعينا إلى إنشاء مناطق حضرية أكثر استدامة وصديقة للبيئة، والمدينة الخضراء هي تلك التي تعطي الأولوية لصحة ورفاهية سكانها، فضلا عن الحفاظ على الموارد الطبيعية، ويمكن أن يشمل هذا تدابير، مثل: تنفيذ خيارات النقل الأخضر، وتعزيز كفاءة الطاقة، وحماية النظم البيئية المحلية.
أوضح التحليل أنه بالرغم من النتائج القياسية لمؤشر التحول في مجال الطاقة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) خلال عام 2024 - حيث وصلت درجات مؤشر التحول في مجال الطاقة العالمي (ETI) إلى أعلى مستوياتها، وأحرزت 107 دول من أصل 120 دولة تقدمًا على مدار العقد الماضي- فإن المشهد العالمي لا يزال يتميز بالتقلبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة والتحولات التكنولوجية، وينعكس عدم اليقين هذا على نتائج المؤشر، حيث انخفض معدل التحسن على مدى السنوات الثلاث الماضية، مما أضاف تعقيدًا إلى البيئة التي تعمل فيها البلدان ومسار انتقالها في مجال الطاقة، كما تشكل التوترات الجيوسياسية مخاطر على أمن الطاقة وتعوق التعاون الدولي، وتهدد الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط بتفاقم التقلبات في أسواق النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.
وازدادت التقلبات في أسواق السلع الأساسية نتيجة الحرب في غزة، وأدت إلى ارتفاع أسعار نفط خام برنت والغاز الطبيعي الأوروبي بنسبة 9% و34% عند الذروة.
وأشار التحليل إلى أن مؤشر التحول في مجال الطاقة (ETI) يُمثل تطوراً لأربعة عشر عاماً من مقارنة أنظمة الطاقة على مستوى الدول، ويوفر إطارا قائما على البيانات لتعزيز فهم أداء واستعداد أنظمة الطاقة العالمية للتحول، ويغطي مؤشر التحول في مجال الطاقة 120 دولة من حيث أداء أنظمة الطاقة الحالية لديها فيما يتعلق بثلاثة جوانب للطاقة (مثلث الطاقة)، هي:
-العدالة: ضمان التوزيع العادل وإمكانية الوصول إلى الطاقة وبأسعار معقولة للجميع، جنبًا إلى جنب مع الجهود المشتركة والفوائد المترتبة على الاستدامة، لتعزيز النمو الاقتصادي العادل وتحسين مستوى المعيشة.
-الأمن: ضمان أمن الإمدادات من خلال التنويع في ثلاثة أمور: مزيج الطاقة، وشركاء التجارة في الطاقة، ومصادر توليد الكهرباء. بالإضافة إلى المرونة، سواء في إمدادات الغاز أو نظام الطاقة، فهي ضرورية أيضًا لأمن الطاقة.
-الاستدامة: دمج مقاييس جانب الطلب والعرض لتقليل كثافة ثاني أكسيد الكربون والميثان في إمدادات الطاقة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وتعزيز الاستهلاك المسؤول من خلال خفض بصمة الطاقة والانبعاثات للفرد، وزيادة حصة الطاقة النظيفة في الطلب النهائي.
أوضح التحليل أن الدول العشر الأولى في مؤشر التحول في مجال الطاقة تمثل 1% فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة، و3% من إجمالي إمدادات الطاقة، و3% من الطلب على الطاقة، و2% من سكان العالم. كما أظهرت 28% فقط من الدول تحسنًا قويًّا في البعد الذي حصل على أدنى درجة، مما يشير إلى التقدم نحو نظام أكثر توازناً.
أفاد التحليل أنه بالرغم من وصول حجم الاستثمارات في الطاقة النظيفة إلى 1.8 تريليون دولار في عام 2023، حيث ارتفعت الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة بنسبة 40٪ منذ عام 2020، لكنها تظل متركزة في الاقتصادات المتقدمة والصين، وعلى النقيض من ذلك، تلقت الاقتصادات الناشئة والنامية الأخرى أقل من 15٪ من إجمالي الاستثمار في الطاقة النظيفة، على الرغم من أنها تمثل 65٪ من سكان العالم، وتولد حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وأشار التحليل إلى أن هذا التفاوت يسلط الضوء على اتجاه مثير للقلق في تمويل التحول في مجال الطاقة في الاقتصادات الناشئة والنامية. وللتوافق مع الجهود المبذولة للحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، "يجب أن يزيد الاستثمار في الطاقة النظيفة في هذه الاقتصادات خارج الصين بأكثر من ستة أضعاف، من 270 مليار دولار حاليًّا إلى 1.6 تريليون دولار بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين"، مع إعطاء هذا الاستثمار الأولوية لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق، وتعزيز شبكات الكهرباء، والإنفاق على تصميمات المباني والأجهزة الموفرة للطاقة.
استعرض التحليل متطلبات التحول في مجال الطاقة ومنها:
-تحويل الدعم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.
-زيادة الاستثمارات والتمويل في مجال الطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف في دول العالم من خلال المسؤولية والالتزام بتوجيه التمويل إلى مجال تحويل الطاقة.
-جعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عامة عالمية من خلال توفيرها وإتاحتها لجميع الطبقات.
-السعي نحو بناء المدن الخضراء التي تعمل بوسائل نقل مستدام.
-تبني مفهوم الصناعة الخضراء كشرط أساسي لحصول الشركات الصناعية الجديدة على التراخيص اللازمة.
-جمع بيانات عن مؤشرات الطاقة لتقييم مدى التقدم المحرز والوقوف على احتياجات التحسين.
-الأخذ بأسلوب الأتمتة في أنظمة النقل.
-تسريع عملية اتخاذ القرار بالنسبة لإقامة البنى الأساسية للطاقة.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن شركة أركاديس (Arcadis) أجرت على مدار العقد الماضي، أبحاثًا حول مئات المدن العالمية وكشفت عن المقياس الحقيقي لاستدامتها، ومع بقاء نحو 2000 يوم فقط لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام 2030، على الدول التحرك الآن من أجل بناء عالم مرن وعادل ومستدام.
وأضاف أنه منذ إنشاء المؤشر في عام 2015، وهو بمثابة معيار لقياس الصحة البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمدن، من خلال 3 ركائز أساسية، هي:
-ركيزة الكوكب: تقيس العوامل البيئية، من خلال مؤشرات فرعية، تتمثل في: تلوث الهواء، والمساحات الخضراء، وإدارة النفايات، وإنتاج واستهلاك الطاقة، وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، والطاقة المتجددة، والتنقل المستدام، ومخاطر الكوارث الطبيعية والمرونة، والسياسة الخضراء.
-ركيزة الأشخاص: تقيس الأداء الاجتماعي وجودة الحياة للمواطنين، من خلال مؤشرات فرعية، لتقييم أداء ما يلي: الصحة، والتعليم، ومستويات الجريمة، وعدم المساواة في الدخل، والتوازن بين العمل والحياة، والحياة الحضرية.
-ركيزة الربح: وتقيس عوامل بيئة الأعمال، من خلال مؤشرات فرعية، تتمثل في: القدرة على تحمل التكاليف ومستويات المعيشة، وسهولة التنقل والاتصال بالمدينة والازدحام، إلى جانب مؤشرات تتعلق بالبنية الأساسية للأعمال، مثل: الوصول إلى الكهرباء، وجودة الإنترنت، وسهولة ممارسة الأعمال، والتنمية الاقتصادية، والتشغيل.
أكد التحليل أن هذه الركائز تتوافق مع الأهداف الشاملة لأهداف التنمية المستدامة، مما يوفر رؤى قيمة حول تقدم المدن نحو تحقيق هذه الأهداف الطموحة. وهذا العام، وللمرة الأولى، تمت إضافة ركيزة رابعة، وهي التقدم، والتي تنظر في مدى إحراز المدن للتقدم المستدام، باستخدام مؤشرات رئيسة من ركيزة الكوكب (مياه الشرب والصرف الصحي وتلوث الهواء والطاقة)، وركيزة الأشخاص (الصحة وعدم المساواة في الدخل وخدمات النقل العام والتعليم)، والربح (الدخل ومستويات المعيشة والتوظيف)، والتي يمكن تتبعها على مدى فترة 10 سنوات، كما يعمل مؤشر أركاديس للمدن المستدامة على تعزيز المرونة، والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وضمان الوصول العادل إلى الخدمات الأساسية والإسكان والنقل المستدام، وتعزيز المساحات الخضراء والتنوع البيولوجي والاستخدام الفعال للموارد.
أشار التحليل إلى أن المدن الأوروبية تهيمن على المراكز العشر الأولى في مؤشر المدن المستدامة عام 2024، وتتصدر أمستردام (هولندا) المركز الأول، كما احتلت المركز السادس في ركيزة الكوكب، والمركز 42 في ركيزة الأشخاص، وهي الأولى في ركيزة الربح، وتحتل المركز الـ 11 في ركيزة التقدم الجديدة. ويُعد الأداء القوي للعاصمة الهولندية مثالاً واضحاً على كيفية استمرار التطورات المستدامة، فإحدى القوى الدافعة وراء نجاح أمستردام هي خريطة طريق الحياد المناخي 2050، والتي تحدد استراتيجية للحد من انبعاثات الكربون في المدينة بنسبة 95٪ مقارنة بمستويات عام 1990. وتحدد هذه الوثيقة الإجراءات اللازمة للحد من استهلاك الطاقة والانبعاثات في المجالات الرئيسة -البيئة، والتنقل، والكهرباء، والصناعة- وتدعو السكان إلى تقاسم المسؤولية عن تحقيق هذا الهدف.
وقد أبرز التحليل نتائج مؤشر أركاديس للمدن المستدامة وفقًا لكل ركيزة:
-ركيزة الكوكب: حيث تتضح هيمنة أوروبا في ركيزة الكوكب التي تهتم بقياس العوامل البيئية. وتحتفظ أوسلو بالمركز الأول فغالبا ما يشار إليها باسم "عاصمة المركبات الكهربائية في العالم"، كمثال للنقل الأخضر المستدام، ومع ذلك، فإن التقدم المستدام المستقبلي لأوسلو سيتناول أصعب عناصر التنمية. ومن أجل تحقيق هدفها المتمثل في أن تكون خالية من الانبعاثات بحلول عام 2030، سيتعين على المدينة الاستجابة للتحديات، بما في ذلك إنشاء اقتصاد دائري للمواد، والترويج الأوسع للبناء منخفض الكربون.
بالإضافة إلى ذلك؛ تحتل جميع المدن الألمانية الأربع المدرجة في المؤشر -برلين وفرانكفورت وميونيخ وهامبورج- مكانًا في المراكز العشرة الأولى، مدعومة بالإنجازات في مجال الصرف الصحي للمياه وإدارة النفايات، وتهدف خطة تحول الطاقة في ألمانيا إلى زيادة إنتاج الطاقة المتجددة بشكل كبير من مصادر -مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية- بحلول عام 2050، وتعتمد الاستراتيجية على تعزيز وتطوير شبكة توزيع الطاقة في جميع أنحاء البلاد.
-ركيزة الأشخاص: تعد استراتيجيات التنمية الشاملة ضرورية لضمان استفادة جميع أفراد المجتمع من التقدم الحضري. وتقود باريس هذه الركيزة، حيث تظهر نقاط القوة في وسائل النقل العام والمرافق الثقافية والتوازن بين العمل والحياة. وقد نجحت مبادرة باريس المبتكرة "مدينة الـ 15 دقيقة" في الحد بشكل ملحوظ من حركة المركبات والانبعاثات، مع تعزيز إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية والمساحات الخضراء. وبشكل عام تهيمن أوروبا على قمة ركيزة الأشخاص، حيث تتفوق في الصحة والتعليم والبنية التحتية للنقل العام.
-ركيزة الربح: حيث تقوم على النجاح الاقتصادي القادر على دعم التنمية المستدامة عندما يقترن بالمبادرات التي تعود بالنفع على المجتمعات والبيئة. حيث يتعين على الاقتصاد المزدهر أن يعزز الإبداع وييسر الاستثمار في البنية الأساسية الحيوية والمبادرات الخضراء والبرامج الاجتماعية. ويشير مؤشر الاستدامة البيئية لهذا العام إلى تقارب متزايد بين ركيزتي الكوكب والربح، وهو ما يسلط الضوء على التشابك بين العمل البيئي والازدهار الاقتصادي. ومع تزايد وضوح تداعيات استخدام الوقود الأحفوري، تسارع شركات عديدة إلى تبني مصادر الطاقة البديلة كجزء من مزيج طاقة أكثر استدامة. ومن ناحية أخرى، يعمل الاستثمار في المبادرات البيئية على توليد الفرص الاقتصادية، بما في ذلك خلق فرص العمل في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتقنيات الخضراء. وعلى هذا فإن إعطاء الأولوية للاستدامة البيئية لا يحمي الكوكب فحسب؛ بل إنه مفيد لاقتصادات المدن. وقد احتلت أمستردام المركز الأول في ركيزة الربح، حيث تفوقت في الدخل ومستويات المعيشة والتوظيف والبنية الأساسية للنقل. وحذت حذوها بروكسل وكوبنهاجن وبرلين.
-ركيزة التقدم: لا يهتم المؤشر هذا العام فقط بالمكانة التي تحتلها المدن حاليًّا في رحلات الاستدامة الخاصة بها، بل يهتم أيضًا بالمدى الذي وصلت إليه، حيث قدم ركيزة جديدة هي "التقدم" التي تقيس التغيير بمرور الوقت عبر مقاييس أداء الاستدامة الرئيسة، وتتبع إنجازات المدن خلال 10 سنوات، ونتيجة لذلك خلص المؤشر في التقييم الشامل إلى أن هناك أربع مجموعات من المدن مثيرة للاهتمام بشكل خاص للنظر فيها، هي:
-المدن ذات الأداء المستدام: المدن التي تحقق أداءً جيدًا عبر الركائز الأساسية وركيزة التقدم.
-المدن ذات الأداء المتراجع: المدن التي تحقق أداءً جيدًا عبر الركائز الأساسية، ولكنها أقل جودة فيما يتعلق بالتقدم.
-المدن ذات الأداء المبكر: المدن التي تحقق درجات تقدم عالية ولكنها ذات تصنيفات أساسية منخفضة.
-المدن التي تفتقر إلى الأداء الجيد على المستويين: المدن التي تسجل مستوى أدنى من تصنيف الركائز الأساسية وتصنيف ركيزة التقدم.
وفي سياق متصل، أشار التحليل إلى تجربة مصر في تنفيذ برنامج المدن الخضراء مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتحويل مدينة 6 أكتوبر إلى مدينة خضراء، والذي يأتي ذلك في إطار تنفيذ الاستراتيجية المشتركة مع البنك للفترة (2022-2026)، والتي ترتكز على ثلاث ركائز رئيسة، تشمل تسريع وتيرة التحول الأخضر في مصر، وكذلك الأولويات الوطنية للانتقال إلى النمو الأخضر الشامل والمستدام، وحرص الدولة على تنفيذ برنامج المدن الخضراء والمستدامة الذي ينفذه البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
أوضح التحليل أن مدينة السادس من أكتوبر تعمل من خلال خطة العمل على معالجة القضايا والتحديات البيئية المتعلقة بالبنية التحتية ودعم التحول إلى مستقبل أخضر منخفض الكربون وقادر على الصمود والاستجابة للأزمات، وهي بمثابة خارطة طريق استراتيجية مصممة لتحقيق رؤية المدينة من خلال تنفيذ "مشاريع محورية أساسية"، حيث حددت خطة عمل المدينة الخضراء 14 مشروعًا رئيسيًّا في قطاعات رئيسة؛ بدعم من 17 مبادرة طويلة الأجل، بهدف تحويل مدينة السادس من أكتوبر إلى مدينة مصرية رائدة تدعم الاستدامة والاستثمار الأخضر والتحول الرقمي والنمو الشامل.
وأوضح التحليل في ختامه أن المدن تواجه تهديدات متصاعدة من تأثيرات تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة، وهو ما يستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز المرونة وتخفيف المخاطر، وعلاوة على ذلك، يجب عليها دمج اعتبارات تغير المناخ في تخطيط البنية التحتية، مثل أنظمة إدارة مياه الأمطار وحواجز الفيضانات، لتحمل المخاطر المرتبطة بالمناخ. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تعزيز المساحات الخضراء الحضرية إلى تحسين جودة الهواء، والحد من مخاطر الأمراض المرتبطة بارتفاع الحرارة أثناء موجات الحر، كما أن الاستثمار في النقل المستدام أمرًا ضروريًّا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في غضون نحو 2000 يوم، ويتعين على المدن إعطاء الأولوية لمعالجة أزمة القدرة على تحمل التكاليف لضمان الوصول العادل إلى الخدمات الأساسية والفرص لجميع السكان، والاستفادة من الابتكار الرقمي والتكنولوجي للتغلب على تحديات الاستدامة الملحة، ولتحسين جودة حياة السكان من خلال تبني الرقمنة، حيث إن التحول الرقمي يغير الطريقة التي نفهم بها العالم المادي ونتفاعل معه، ويمكن أن يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الطاقة الوزراء معلومات مجلس الوزراء المزيد التنمیة المستدامة فی الطاقة النظیفة الطاقة المتجددة المدن الخضراء رکیزة التقدم الاستثمار فی من خلال مؤشر التحلیل إلى المدن التی فی رکیزة إلى أن عام 2024
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء يوضح تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل"، تناول خلاله التحولات التي تشهدها أسواق العمل العالمية، من انخفاض معدلات البطالة إلى زيادة أعداد العاملين، بالإضافة إلى استعراض تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف التقليدية، وزيادة الطلب على المهارات الرقمية، كما تطرق إلى الوظائف التي يُتوقع أن يحل محلها الذكاء الاصطناعي، وتلك التي يصعب استبدالها.
أشار التحليل إلى أن عام 2025 بدأ وسط تحولات مستمرة في أسواق العمل العالمية؛ حيث أثرت جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتزايد الصراعات الجيوسياسية، بالإضافة إلى فرض حالة الطوارئ المناخية والركود الاقتصادي، في الديناميكيات العالمية للتوظيف المدفوع بالتكنولوجيا، وتشير البيانات الاقتصادية إلى أن معدل البطالة العالمي وصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1991، حيث بلغ 4.9% في عام 2024. وعلى الرغم من ذلك، تشهد الدول ذات الدخل المنخفض زيادةً في معدل البطالة من 5.1% في عام 2022 إلى 5.3% في عام 2024.
تناول التحليل تطور أعداد العاملين في العالم خلال الفترة من 2014 إلى 2024، حيث بلغ إجمالي القوى العاملة في العالم 3.1 مليارات عامل في عام 2014، مسجلًا أدنى مستوى خلال هذه الفترة. ثم شهد عدد العاملين نموًّا حتى عام 2019، حيث بلغ 3.29 مليارات عامل. ومع ظهور جائحة كوفيد-19، انخفض عدد العاملين إلى 3.22 مليارات عامل في عام 2020، بنسبة انخفاض بلغت 2%. ومع ذلك، عاد العدد للنمو مرة أخرى حتى وصل إلى 3.51 مليارات عامل في عام 2024، مسجلًا زيادة قدرها 0.86% مقارنة بعام 2023، الذي بلغ فيه عدد العاملين 3.48 مليارات عامل.
أشار التحليل إلى أنه بناءً على الاستطلاع الذي أجرته شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PWC) البريطانية على 4702 رئيس تنفيذي في 105 دول حول العالم، فقد أظهرت النتائج أن 25% من الشركات في قطاعات مختلفة كانت تستعد لشطب نحو 5% أو أكثر من الوظائف لديها في عام 2024 بسبب تأثيرات الذكاء الاصطناعي.
وكشفت نتائج الاستطلاع أن 32% من الرؤساء التنفيذيين في قطاع الإعلام والترفيه أشاروا إلى خططهم للاستغناء عن وظائف خلال عام 2024.
كما تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل نحو 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025، وفي الإطار ذاته، أوضحت شركة فريثينك freethink- الداعمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي- أنه: "يمكن أتمتة 65% من وظائف البيع بالتجزئة بحلول عام 2025، نتيجة التقدم التكنولوجي وارتفاع التكاليف والأجور، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي".
وعلى الجانب الآخر، من المُتوقع نمو الطلب على عدد من الوظائف التي ترتبط بالتكنولوجيا بوتيرة أسرع بحلول عام 2030، وبحسب الاستطلاع الذي أشار إليه المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير مستقبل الوظائف - الصادر عام 2025 - لآراء أكثر من 1000 صاحب عمل في عام 2024، والذين يمثلون نحو 14 مليون عامل في 55 دولة حول العالم، فتأتي وظيفة متخصص البيانات الضخمة على رأس 15 وظيفة سيزيد الطلب عليها، ثم وظيفة مهندس التكنولوجيا المالية، ثم متخصص الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ومن بين هذه الوظائف أيضًا: (مطور البرمجيات والتطبيقات، ومتخصص إدارة الأمن، ومتخصص مستودعات البيانات، ومتخصص المركبات ذاتية القيادة والكهربائية، ومصمم واجهة وتجربة المستخدم "UI/UX"، وسائق خدمات التوصيل، ومتخصص إنترنت الأشياء، ومحلل وعالم البيانات، ومهندس البيئة، ومحلل أمن المعلومات، ومهندس Devops، ومهندس الطاقة المتجددة).
أوضح التحليل أن تقرير بنك جولدمان ساكس يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل 300 مليون وظيفة بدوام كامل، مما قد يؤدي إلى زيادة القيمة السنوية الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة عالميًّا بنسبة 7%. ومن المتوقع أيضًا أن يكون ثلثا الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أكثر عرضة للأتمتة. ومن أبرز الوظائف الأكثر عرضة للأتمتة ما يلي:
- ممثلو خدمة العملاء: لم تعد أغلب تعاملات خدمة العملاء البشرية تتم عبر الهاتف مع موظف بشري يراقب الخطوط، ففي بعض الأحيان تكون استفسارات العملاء ومشكلاتهم متكررة، ولا يتطلب الرد على هذه الاستفسارات ذكاءً عاطفيًّا أو اجتماعيًّا عاليًا، وبالتالي يُمكن الإجابة عن الأسئلة الشائعة بشكل آلي. ووفقًا لدراسات جارتنر، فمن المتوقع استخدام 25% من عمليات خدمة العملاء بواسطة روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027، مما يقلل الطلب على موظفي خدمة العملاء البشريين بشكل كبير.
- موظفو الحسابات: تستخدم العديد من الشركات الآن الأتمتة والذكاء الاصطناعي في عملياتها المحاسبية، بحيث توفر خدمات المحاسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي نظامًا أكثر مرونة وفاعلية، وأقل تكلفة من دفع راتب لموظف يقوم بنفس الوظيفة، وسيضمن الذكاء الاصطناعي جمع البيانات وتخزينها وتحليلها بشكل صحيح.
- موظفو إدخال البيانات: يُمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات المُنظمة بسرعة ودقة، مما يقلل من الحاجة إلى العنصر البشري، فلا تعمل هذه الأنظمة على تقليل الأخطاء فحسب، بل إنها تدير أعباء العمل بشكل أكثر فاعلية، ووفقًا لدراسة أجرتها شركة ماكينزي، فإنه يُمكن أتمتة 38% من مهام إدخال البيانات بحلول عام 2030
- المدققون اللغويون: أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Grammarly وبرامج معالجة اللغة الأخرى أكثر دقة في اكتشاف الأخطاء الإملائية والنحوية؛ حيث تستطيع هذه الأنظمة معالجة مجموعة من البيانات الضخمة، والقيام بدور المُدققين البشريين، لذا فمن المُتوقع أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من أداء 90% من مهام التدقيق اللغوي بحلول عام 2030.
- عمال التصنيع: تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات على أتمتة العديد من المهام اليدوية الخاصة بعملية التصنيع، فيمكن للروبوتات التي تعمل بتقنية التعلم الآلي، العمل بشكل أسرع دقة وعلى مدار الساعة دون الحاجة إلى فترات راحة، كما يشير المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أنه من المقرر أن يستمر هذا التوجه، مع توقع انخفاض بنسبة 30% في أدوار التصنيع البشري بحلول عام 2030.
- حراس الأمن: تتناقص الحاجة إلى حراس الأمن البشريين، بسبب تزايد فاعلية أنظمة الذكاء الاصطناعي، والتي تتضمن تقنيات التعرف على الوجه وتحليل السلوك لمراقبة مناطق واسعة، وتتمتع هذه الأنظمة بالقدرة على مراقبة البيئة بشكل مستمر، وتحديد المخالفات، وإخطار السلطات المعنية، لذلك فمن المُتوقع أن ينخفض الطلب على أفراد الأمن البشر بشكل كبير في السنوات القادمة.
أشار التحليل إلى أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الكثير من الوظائف سالفة الذكر، فإن هناك بعض الوظائف التي يقوم بها الأشخاص في سوق العمل المفتوحة، لن يحل الذكاء الاصطناعي محلها، ومن هذه الوظائف:
- المعلمون: على الرغم من التوسع في آليات التعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد، فإن المعلم يمثل نقطة مرجعية للكثيرين، وفي بعض الأحيان، نتأثر بمعلم معين لنا في السنوات السابقة، فعلى سبيل المثال بعض قراراتنا الأكاديمية تعتمد جزئيًّا على مدى إلهام معلم معين لنا، لذلك فمن الصعب أن يحظى الطلاب بتجربة تدريس رقمية كاملة في المستقبل.
- القضاة والمحامون: نظرًا لتمتع هذه المناصب بعنصر قوي من التفاوض وتحليل القضايا، فيتطلب الأمر مجموعة معينة من المهارات للتمكن من التنقل عبر الأنظمة القانونية المعقدة والمرافعة دفاعًا عن حق العميل في المحكمة، والنظر للأمر في جميع الجوانب المختلفة، وهذا لا يتمتع به إلا القضاة والمحامون.
- المديرون والرؤساء التنفيذيون: ترتبط عملية إدارة فرق العمل داخل المنظمة بالقيادة، وهي ليست مجرد مجموعة من السلوكيات التي يُمكن معالجتها، لذلك يُعد الرئيس التنفيذي مسؤولًا عن مشاركة المهام والمسؤوليات مع فريق العمل، لذلك لا يشعر المستثمرون بالراحة في الاستثمار في شركة تديرها الروبوتات.
- علماء النفس والأطباء النفسيون: على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُقدم فوائد عديدة في مجال الرعاية الصحية النفسية، فإنه لا يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تحل محل الأطباء النفسيين بالكامل، خاصةً في التعامل مع الحالات المُعقدة، وتقديم التفاعلات العاطفية؛ كما تعد اللمسة الإنسانية ضرورية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بدعم الأشخاص لتحقيق النجاح في حياتهم، ويعتمد الاختيار بين الذكاء الاصطناعي والأطباء النفسيين حسب طبيعة المشكلة التي يعاني منها المريض.
- الجراحون: تتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في غرفة العمليات، بالقدرة على تحديد الخطوات التشريحية في العمليات الجراحية، وتقليل الأخطاء البشرية، وعلى الرغم من ذلك، فمن الصعب أن تحل تقنيات الذكاء الاصطناعي محل الجراحين، لأنها مجرد وسيلة لتعزيز الرعاية المُقدمة للمرضى، كما أنه يتطلب من الجراح التواصل مع المريض، وهو ما لم تقدر عليه أنظمة الذكاء الاصطناعي.
أشار التحليل إلى أن التطورات المتسارعة تُمثل جرس إنذار بشأن ضرورة خلق وظائف جديدة بمعدلات أكبر من ذي قبل، لذا يجب التفكير من الآن في ابتكار مجالات عمل جديدة. ووفقًا لما ذكرته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التابعة لحكومة دبي، فإنه بعد مائة عام ستختفي مليار وظيفة من وظائف العصر الحالي، وستشكل وظائف مجالات تطبيقات الهواتف المحمولة 47% من المهن المستقبلية. كما أنه لن يكون هناك سائقو أجرة، ولا محطات انتظار للسيارات، ولا محطات وقود، ولكن ستُوجد بدائل يطورها مستشرفو المستقبل من صناع التكنولوجيا الحديثة.
والجدير بالذكر أنه من المتوقع أن يتغير مستقبل صناعة السيارات في العالم، حيث سيتجه الكثيرون نحو السيارات الكهربائية. وخلال الفترة من 2030 إلى 2035، من المتوقع حدوث تغييرات في القيادة على الطرق الرئيسة والسريعة، مع اختفاء أماكن انتظار السيارات في مناطق المطارات. كما تعتزم شركة إيرباص إنتاج ما يُعرف بـ "التاكسي بلا سائق" بحلول عام 2030، مما سيوفر مليارات الدولارات ويقلل الحوادث المرورية والخسائر في الأرواح التي تصل إلى 20 مليون شخص سنويًّا في العالم.
في ضوء التحولات العميقة التي تشهدها سوق العمل العالمية نتيجة لتقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أشار التحليل في ختامه إلى أهمية تبني الأفراد والشركات على حد سواء استراتيجيات مرنة لمواكبة هذه التغيرات. ومن خلال الابتكار والتطوير المستمر للمهارات الرقمية، يمكننا الاستفادة من الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق وظائف جديدة. وسيتعين على الجميع، من القادة في القطاعات المختلفة إلى العاملين في شتى المجالات، أن يعملوا معًا لبناء مستقبل مهني يعكس تطور التكنولوجيا ويسهم في رفاهية المجتمعات العالمية.