من الواضح ان ادبيات "حزب الله" في الايام الاخيرة تصب في الخانة ذاتها التي تحدث فيها الامين العام الشيخ نعيم قاسم، اذ ان الرجل اوحى بأن الحزب يستعيد عافيته العسكرية والتنظيمية بشكل كبير، وهذا قد يكون امراً واقعا من دون ان يعني عودة الحزب الى قوته السابقة، اذ ان الحرب التي خاضها الحزب في الاشهر الاخيرة كان فيها بأسوأ احواله، ووصل الى حد القتال من دون قيادة وسيطرة وعليه من الطبيعي ان يكون قد تعافى بشكل كبير من المستوى التنظيمي الذي كان فيه.



لكن تعافي الحزب لا يعني ايضا انه مستعد للحرب او يريد عودتها، اذ انه يتعايش مع مرحلة جديدة قد تكون غير قصيرة لا يملك فيها ردعا فعالا ضد اسرائيل ويدرس بشكل جدي خياراته العسكرية في حال اراد تفعيلها في لحظة ما، كذلك فإن الحزب بات اليوم، ولاول مرة منذ تأسيسه من دون حليفه السوري، وهذا غير مرتبط بخط الامداد الذي قد يكون تعويضه امراً سهلا من خلال "التصنيع" لكن العمق الحيوي الذي خسره قد يكون اهم من خط الامداد بكثير.

من خلال خطاب قاسم امس يمكن فهم اولويات الحزب، وهي كسب الوقت قدر الامكان، اولاً لانهاء الحرب بشكل كامل في المنطقه وهذا ما يجعل عودة اسرائيل اليها امرا صعبا للغاية، وثانيا ترميم كامل قدراته العسكرية والتنظيمية الامر الذي يحتاج الى وقت طويل وثالثا انتظار التطورات السورية التي قد تعود لتصبح في صالحه خلال المرحلة المقبلة، خصوصا ان الاستقرار في الشام يبدو الاحتمال الاضعف حاليا.

يسعى الحزب الى تثبيت الاستقرار والبدء بإعادة الاعمار، وقد يكون هذا الامر الخط الاحمر الوحيد لدى حارة حريك، لذلك لا يريد الحزب ان يلزم نفسه بتصعيد او رد على الخروقات الاسرائيلية اولا، لانها تهدف الى الحد من مساعيه لاعادة ترميم قدراته، وما دام الحزب يدرك حجم فعالية هذه الخروقات ضده وهو قادر على تحملها، فإنه يستطيع السكوت عنها منعا لتوسع الحرب مجددا، وثانياً لانها تزيد من شرعيته الشعبية وهذا الامر بالغ الاهمية في سياسات الحزب واستراتيجياته.

سيركز الحزب نشاطه على السياسة الداخلية، اذ انه اليوم لا ينوي ان تنعكس الضربات التي تلقاها ميدانيا على حضوره في الساحة السياسية، وعليه قد تكون المهادنة التي بدأتها حارة حريك في الداخل غير طويلة الامد خصوصا اذا استمر خصوم الحزب في الرهان على ضعفه ومحاولة الاستفادة من تطورات الاشهر الاخيرة لكي تنعكس على الساحة السياسية والاستحقاقات الدستورية.

يقيم "حزب الله" ورشة تنظيمية ستظهر نتائجها للعلن خلال المرحلة المقبلة من خلال التعيينات الجديدة، وهذا ما سينعكس على ادائه السياسي في الداخل، اما الاداء العسكري او تطور القدرات العسكرية فلن تكون موضع استعراض او اعلان حتى بالمستوى الذي كان في السابق... المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: قد یکون

إقرأ أيضاً:

الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (3)

الِمُبْتَدَأٍ: -
عَلَى الشُيُوعِيِّ أَنْ لا يَقَعَ فِي قَبْضَةِ الدَعاوِي الديماغوجِيَّةِ الرَجْعِيَّةِ، فَالمَنْهَجُ المادِّيُّ الجَدَلِيُّ؛ وَالفَهْمُ الطَبَقِيُّ لِمَسْأَلَةِ الحَرْبِ؛ قادِر عَلَى تَحْصِينِهِ.
وَالخَبَرُ: -

(21)
التعاطي المُجتزَأ مع قضية في حجم الحرب؛ زاد حدة توتر وإرباك عضوية الحزب؛ وأضر كثيرا بوحدة الفكر والإرادة. ونلحظ هنا أن مجموعة الرفاق التي رأت دعم الجيش والاصطفاف خلفه -برغم جميع علاته-؛ بررت ذلك بضرورة المحافظة على الوطن؛ الذي يواجه مؤامرة داخلية مدعومة بقوى إقليمية؛ لديها مشاريع ومطامع معلنة في موارد وخيرات البلاد؛ ووفق هذا الفهم تبلورت لدى المجموعة قناعة؛ بأن دعم الجيش مهما كانت سلبياته هو واجب وطنياً (مقدساً)!!.

(22)
لم يثن هذه المجموعة عن موقفها مخاوف اتهامها بتبني نفس موقف فلول النظام البائد؛ وظلت تتمسك بقوة بمبرر أن حماية البلاد من الخطر الداهم مقدما على كل اعتبار؛ ولو أدى الأمر للاصطفاف في خندق واحد؛ كتف بكتف؛ مع الغريم التاريخي والعدو الطبقي!!. لا شك في أن هذه المجموعة من الرفاق قد فسرت مسألة الحرب؛ على أنها صراع بين (الخير) الذي يمثله الجيش وكتائب إسناده و(الشر) الذي يمثله الدعم السريع ومرتزقته!!.

(23)
المتلمس منهجيا لدواعي اصطفاف رفاق كلتا المجموعتين؛ يرى أنهما يعتقدان أن على الطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية المسحوقة؛ التخلي عن أي موقف طبقي مستقل؛ واختيار الاصطفاف خلف طرف من طرفي هذه الحرب الرجعية. ولعمري هذه هي الفوضى الفكرية التي لا بد أن تغرس في وحلها قدماك؛ عندما تتخلى عن الموقف الطبقي؛ ويغيب عن ذهنك كشيوعي التحليل المادي الجدلي.

(24)
وأكاد أجزم هنا أن مقاربة رفاق كلتا المجموعتين جوهريا؛ لا تختلف عن مقاربة أولئك اليساريين الإصلاحيين؛ أصحاب النزعة السلمية اللذين كلما نشبت حرب سارعوا إلى إطلاق نداءات التعقل؛ والحلول السلمية؛ بدلا من السعي لفهم الأسباب والمصالح الموضوعية التي أدت إلى الحرب وشرحها لعامة الناس. هؤلاء الإصلاحيون مثاليون في مقارباتهم وفقا لقناعاتهم وباختيارهم؛ فما بال رفاق المجموعتين -المساندة للجيش والداعمة لمليشيا الدعم السريع-؟؟!!.

(25)
الفكر الماركسي يعتبر الحرب ظاهرة اجتماعية واقتصادية؛ مرتبطة بالصراعات الطبقية؛ والمصالح المادية؛ ومن هذا المنطلق فإنه يرفض الحروب العدوانية مبدئيا؛ ويحللها في سياقها التاريخي والطبقي، وليس في سياقها الأخلاقي؛ والحرب العدوانية أيا كانت فهي تزرع الانقسامات في صفوف الطبقة العاملة، والشرائح الاجتماعية الضعيفة؛ وتؤجج الكراهية القومية، وبتالي فهي تدفع الوعي الطبقي القَهْقَرَى إلى الوراء. هذه المبررات المادية أكثر من كافية لوقوف الشيوعي ضدها.

(26)
واجب الشيوعيين في مثل هذه المنعطفات التاريخية المربكة؛ هو التصدي بلا هوادة للتدليس وتغبيش الوعي؛ والسعي الحثيث لتخليص العامة من قبضة الدعاوي الديماغوجية الرجعية، وتمليك الجماهير فهما طبقيا لمسألة الحرب؛ تستطيع من خلاله استيعاب جوهر الصراع الذي نشب بين الأطراف؛ التي تناقضت مصالحها؛ هذا هو واجب الشيوعي المتسق مع منهجه المادي؛ وليس انحيازه العاطفي الاعمى وسقوطه في فخ الأفكار المثالية البائسة.

(27)
عموما كلتا المجموعتين الداعمة للجيش (قناعة) والمساندة للدعم السريع (نكاية) لم يمثلا ثقل عضوية الحزب الشيوعي؛ تلك التي التزمت وسط حيرتها وارتباكها خط قيادة الحزب؛ الداعي لضرورة إيقاف الحرب وحقن الدماء؛ والتحقيق فيمن أشعلها؛ وهو موقف من حيث المبدأ لا غبار عليه؛ إذا ما استكمل بطرح وثيقة (فكرو سياسية)؛ تعالج قضية الحرب من وجهة نظر طبقية.

(28)
قد يقول قائل إن رفض الحرب والدعوة إلى إيقافها؛ التي يتبناها الحزب الشيوعي هو أيضا موقف بائس وصرخة خجولة في آذان صماء؛ شأنها شأن مناشدات اليسار الإصلاحي. ويبدو دون شك هذا النقد صائباً؛ (لو) توقف جهد الحزب الشيوعي عند حدود الدعوة لإيقاف الحرب؛ ولم يتجاوزها قدما بطرح برنامج عملي لوقفها ووضع آليات واقعية لتنفيذ ذلكم البرنامج؛ وحشد أوسع تحالف جماهيري (متجانس) لإنزاله على أرض الواقع.

(29)
توصيف تحالف (متجانس) المذكور أعلاه المقصود به أوسع كتلة جماهيرية مؤمنة بأن الحرب ليست مسألة أخلاقية؛ بل هي مسألة طبقية في الأساس؛ تعكس مصالح مادية قوية. إن الدور الحيوي الهام المناط بالشيوعيين لعبه في مجتمعاتهم؛ هو فضح نفاق الطبقات السائدة؛ وتوضيح المصالح المشتركة للطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية المسحوقة.

(30)
توضح الأدبيات الماركسية بجلاء؛ أن مسألة الحرب مثلها مثل مسألة الثورة كلاهما مسألتان أساسيتان؛ تعكسان مصالح طبقية مادية. ولقد تم تناول هذا الموضوع باستفاضة في كتابات ماركس ولينين وتروتسكي. والعجيب في الأمر أن هذه الأفكار المنهجية المرشدة؛ كثيرا ما تُتَجَاهَل في عصرنا الحاضر؛ من قبل دعاة (تخفيف الحمولة الأيدلوجية) !!؛ ويتبنون عوضا عنها فكر إصلاحي عقيم؛ وهذا لعمري تخلي أخرق وغير مبصر عن وجهة النظر الطبقية.
يَتْبَعُ

tai2008idris@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الشيخ نعيم قاسم : اسناد غزة لم يكن سبب الحرب على لبنان ..!
  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • الاشتراكي.. مواقف حاسمة ضد اسرائيل
  • لماذا لا يُقرّ حزب الله بالهزيمة؟
  • شبيبة أحرار العيون تشيد بالمجهودات الحكومية الرامية إلى حماية القدرة الشرائية
  • حزب الريادة يرسم الفرحة على وجوه الأطفال بمستشفى قنا العام
  • حوار الأمين.. إطلالة تلفزيونية لنعيم قاسم وهذا موعدها
  • التقدمي: نُعرب عن أسفنا للأحداث التي تشهدها منطقة الساحل السوريّ
  • الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (3)
  • أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها