لماذا أنس الله وحدة آدم بحواء وليس بأي مخلوق آخر؟
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
لقد خلق الله سبحانه وتعالى جميع المخلوقات قبل آدم عليه السلام ، وذلك لأنه سبحانه خلق الكون كله لخدمه الإنسان ، وخلق الإنسان لعبادته واعمار الأرض ، واعمار الأرض ليس في الذرية فقط بل اعمارها بكل خير ، وقد خلق سبحانه آدم من طين الأرض ، ولكنه عليه السلام لم يكن سعيدا واستوحش أي شعر بالوحده ، وفي ذلك ما يعلمنا أن الاحتياج للآخر غريرة خلقها الله سبحانه وتعالى في الإنسان.
نصف روحه الآخر
كان هناك مخلوقات أخرى ولكنها لم تؤنس وحدته عليه السلام ، فهو يحتاج إلى نصف روحه الآخر ، فخلق الله سبحانه وتعالى حواء عليه السلام منه ، من ضلعه الأيسر من الخلف وهو نائم ، وفي كل ذلك حكم لله سبحانه ، فقد خلقت وهو نائم لأنه سيشعر بالألم عندما تخلق منه ، وإذا شعر بالألم سيكرهها ، ومن جانبه الأيسر أي من جانب قلبه لتكون قريبة من قلبه وليكون بينهما المحبة والمودة والرحمة ، ومن خلفه لأنها سنده ورفيقته وسكنه التي ستكون خلفه تؤازره ، خلقت من آدم عليه السلام نفسه وليست من الأرض كما خلق هو ، لتكون جزء منه ومن حياته لتشعر به ويشعر بها ، ولأن المرأة حياتها زوجها لذلك أيضا خلقت منه ، ولكن الرجل عليه أن يعمل ليوفر لأسرته حياة كريمة فلذلك خلق هو من الأرض التي سوف يسعى فيها ، وبهذا يكون هو الأرض الصلبة لها وهى السكن الحسي والمعنوي التي تؤنس وحدته.
دعاء الشفاء للمريض من القرآن الكريم.. ردده ولك المثليقول تعالى:"هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها " ، ويقول تعالى:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" والمقصود بزوجها أي الزوج الثاني للنفس ، ويقول تعالى أيضاً:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكونوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" أي أن الأصل أن لكل نفس زوج ففي الجسد هما اثنين أما الروح فهى واحدة مقسومة إلي نصفين الرجل والمرأة ، أي أن الزواج أصل الفطرة السليمة وضرورة الحياة الطبيعية ، يقول تعالى:"ولقد خلقنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية".
يقول تعالى:"خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام" ، أي أنه سبحانه خلق آدم عليه السلام أولا ثم خلق منه وله حواء ، وكان سبحانه قادر على أن يخلق حواء عليها السلام في نفس الوقت الذي خلق فيه آدم ، ولكن الإنسان لن يشعر بقيمة أي شئ إلا عندما يحتاجه أو يحرم منه ، فعندما شعر آدم عليه السلام بالوحشة ، عرف قيمة الأنس بالزوجة التي خلقها الله سبحانه وتعالى له.
ولقد تعددت التفاسير في سبب تسميها عليها السلام بحواء فقيل أنها من الحياة لأنها خلقت من حي وستكون جالبة للحياة بالذرية ، وقيل لأن إمرأة الرجل تحوي عليه وتستحمله.
دعاء شهر رجب المستجاب والمستحب ردده الآنوتؤكد آيات القرآن الكريم إن حواء عليها السلام خلقت من آدم عليه السلام ولآدم قبل دخول الجنة ، يقول تعالى:"وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" ويقول تعالى:"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ابى فقلنا يا آدم ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى".
ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال بالنساء كثيرا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء" ، وفي صحيح ابن حبان عن سمره بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن المرأة خلقت من ضلع فإن اقمتها كسرتها فدارها" والمداراة هى التساهل والملاينة فيما لا يخالف الدين.
لقد ختم الله المخلوقات بحواء عليها السلام ، ولابد أن يكون كل زوج وزوجة آدم وحواء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حواء إعمار الأرض الرجل والمرأة القران الكريم إبليس أبي هريرة الله سبحانه وتعالى آدم علیه السلام علیها السلام یقول تعالى خلقت من
إقرأ أيضاً:
بين الدين والعلم
محمد بن رضا اللواتي
mohammed@alroya.net
لماكس بلانك العالِم الألماني في الفيزياء الشهير، ومؤسس نظرية الكم، وأحد أهم فيزيائي القرن العشرين، الحائز على نوبل في الفيزياء عام 1918م، كلمة يقول فيها: "الرشفة الأولى من زجاجة العلم الطبيعي ستحولك إلى مُلحد ولكن في قاع الزجاجة ستجد الإله ينتظرك". (يُراجع: الإلهيات والفيزياء ص267).
لكن القرآن المجيد له رأي آخر، إذ يرى بأنَّه لا فرق بين الرشفة الأولى والأخيرة، من ناحية كون الله دائماً حاضرٌ عتيدٌ لا يغيب البتة، وللرشفة الأولى القدرة ذاتها التي للرشفة الأخيرة من إثبات ذلك.
وما يهمنا هُنا هو أنَّ القرآن المجيد في دعواه هذه يُراهن على العلوم بأنواعها في إثبات دعواه تلك، إذ نراه في سورة فاطر يقول: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)".
ففي المقطع الأول والمقطع الأخير، وهما "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا "، "وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ" أتت المراهنة على "علم الأحياء" بصفته علم يبرهن على وجوده تعالى، بينما في قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" أتت المراهنة على "علم الجيولوجيا" الذي يدرس الأرض بطبقاتها وصخورها والحوادث الزمنية على عصفت برياحها عليها، وعلم "الكوزموجينيا" الذي يدرس أصل الكون ومن أين نشأ تحديدا. والنتيجة التي يجزم القرآن المجيد على صحتها من خلال هذه العلوم هي: " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ".
وكان القرآن المجيد في سورة فصلت قد لخص الأمر بشكل يسبب الذهول إذ قال: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) " ومعنى هذا أن الآفاق الكونية وكذلك الأنفس البشرية حاوية على ما يسميها "بآيات" تشير إليه صراحة.
عبدالله الآملي – فيلسوف وفقيه معاصر– في تأمله لهذه الآيات يقول بأن ثمة ثلاثة مسالك عرضتها هذه الآيات لمسيرة الإنسان نحو اكتشاف وجوده تعالى.
المسلك الأول: وهو مسلك التأمل في الآفاق الكونية. ففي هذه الرحلة التأملية، الإنسان هو السالك، والطريق هو الآفاق، والغاية هي الله.
المسلك الثاني: وهو مسلك التأمل في النفس البشرية. ففي هذه الرحلة التأملية، الإنسان السالك هو نفسه الطريق، لقد دمجت الآيات المارة بين الطريق وبين سالكه، لأن النفس هي مصب التأمل وليست النفس إلا نفس الإنسان، فالسالك – الإنسان – أضحى الطريق، والغاية هي الله.
المسلك الثالث: وهو مسلك اكتشاف وجود الله عند وجود أي شيء يمكن إدراكه، ففي هذه الرحلة العجيبة أضحى الإنسان السالك، والطريق الذي يسلك فيه، والغاية التي يتوخاها أمر واحد! قال: " أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ؟" فالشهيد هُنا بمعنى المشهود الحاضر لدى كل شيء، فإذا كان الإنسان السالك شيء فالله حاضر عنده، وإذا كانت الآفاق والأنفس شيء فهو تعالى حاضر، لذا جاءت الآية المارة تطرح سؤالا استنكاريا جوابه النفي، فيكون المعنى: لقد أظهرنا لكم وجود الله بالتأمل في آيات الآفاق وفي آيات الأنفس، رغم أنه لا داعي لذلك أساسا، لأنه، أليس هو الحاضر لدى كل واقعية وجودية التي لا يمكنها أن تتحقق إلا به؟
إذن الرشفة سواء أكانت الأولى أم الأخيرة لا فرق، فهي لم ما كانت لتكون رشفة وأمرا موجودا إلا في ظل وجوده تعالى.
هذه الحقيقة تراهن على الفقر الذاتي وعجز قدرة أية موجود – مهما كان – وبسبب فقره الذاتي لا يمكنه إلا أن يستمد وجوده من غيره، وبالمقابل على الغنى الذاتي للإله وعدم حاجته لأن يستمد وجوده من غيره.
المهم هُنا أن الدين دائما ظل يرى أن العلوم بأنواعها مجالات لبلوغ شاطئ الإلهية والإيمان. حقا لقد كانت قصة "العلم يعارض الإيمان" مفبركة للغاية، حتى أن الذكاء الاصطناعي نفسه اليوم يرفض الاعتراف بها. لكنهم تمكنوا عند إطلاق الحملة الدعائية لها وترويجها من بث التأثير في العديد من الأذهان.