بعد الشمال إسرائيل تنقل المحرقة إلى محافظة غزة
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
لليوم الثالث على التوالي تعيش محافظة غزة أياما دامية نتيجة تصعيد قوات الجيش الإسرائيلي عمليات الإبادة والتطهير العرقي فيها.
فمنذ الخميس الماضي وسّع الجيش الإسرائيلي نطاق المحرقة التي بدأها بمحافظة شمال غزة في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 لتمتد جنوبا وتشمل محافظة غزة.
ويهدد هذا بارتفاع كبير في عدد الضحايا من الفلسطينيين وفق تحذيرات مراقبين، نظرا للكثافة السكانية الكبيرة في محافظة غزة التي تضم حاليا نحو 550 ألف نسمة يمثلون نحو ربع سكان القطاع، بما يشمل نحو 180 ألفا نزحوا لها قسرا من محافظة الشمال جراء 3 أشهر من المحرقة الإسرائيلية.
وهذا ما بدأ يظهر فعليا في الأرقام الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فحسب ما صرح به مدير المكتب إسماعيل الثوابتة للأناضول قُتل 184 فلسطينيا وأُصيب العشرات عبر 94 غارة جوية شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على القطاع خلال الساعات الـ72 الماضية.
ولفت الثوابتة إلى أن أغلبية الضحايا كانوا في محافظة غزة، وأن المحافظة شهدت كذلك خلال هذه الفترة دمارا واسعا طال المنازل والبنية التحتية.
ومنذ صباح السبت فقط قتل الجيش الإسرائيلي خلال عمليات الإبادة في محافظة غزة وحدها أكثر من 45 فلسطينيا، بحسب المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل للأناضول.
وفي وصفهم للمحرقة الإسرائيلية المتواصلة، قال شهود عيان من محافظة غزة للأناضول إن الطائرات الحربية الإسرائيلية كثفت هجماتها الجوية مستهدفة مربعات سكنية كاملة، مما أدى إلى تدمير المباني فوق رؤوس ساكنيها.
إعلانوأضاف الشهود أن الهجمات الجوية الإسرائيلية جاءت بشكل مفاجئ، مما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا بين قتلى وجرحى، ولفتوا إلى أنه لا يزال هناك العديد من المفقودين تحت الأنقاض.
وقال أحد الشهود للأناضول إن الغارات كانت عنيفة ومتواصلة، لقد شاهدنا بأعيننا كيف تم نسف مبانٍ بأكملها على رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار.
ويتشكل قطاع غزة من 5 محافظات، هي من الجنوب إلى الشمال: رفح، وخان يونس، والوسطى، وغزة، وشمال غزة.
وتعتبر محافظة غزة المركز الإداري للقطاع، وتضم العديد من الأحياء السكنية والمرافق الحيوية.
وجاء توسيع المحرقة الإسرائيلية إلى محافظة غزة بعد يوم واحد من تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأربعاء الماضي حركة حماس بأنها ستتلقى ضربات قوية لم تشهدها غزة منذ فترة طويلة إن لم تسمح بإعادة المحتجزين لديها وتوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وأضاف كاتس أن الجيش الإسرائيلي سيكثف أنشطته في غزة حتى يتم إطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليون) والقضاء على حماس.
يأتي ذلك رغم تأكيد حماس مرارا خلال الأشهر الماضية استعدادها لإبرام اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بل أعلنت موافقتها في مايو/أيار الماضي على مقترح قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراجع عن المقترح بطرح شروط جديدة، أبرزها استمرار حرب الإبادة الجماعية، وعدم سحب الجيش من غزة، في حين تتمسك حماس بوقف تام للحرب وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي.
خطة الجنرالات
ويزعم الجيش الإسرائيلي أن عملياته التصعيدية في محافظة شمال غزة منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 وفي محافظة غزة منذ الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري تستهدف منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة.
لكن الفلسطينيين يكذّبون مزاعم الجيش الإسرائيلي، محذرين من أن محرقة الإبادة والتطهير العرقي اللذين تشنهما إسرائيل في المحافظتين يأتيان بهدف احتلالهما وتحويلهما إلى منطقة عازلة وتهجير سكانهما تحت وطأة قصف دموي وحصار مشدد يحرمهم من الغذاء والماء والدواء ضمن خطة الجنرالات.
إعلانوتهدف خطة الجنرالات -بحسب موقع "واي نت" الإسرائيلي الذي كشف عنها في سبتمبر/أيلول الماضي- إلى تحويل منطقة شمال ممر نتساريم (محافظتا غزة والشمال) إلى منطقة عسكرية مغلقة.
وحسب أرقام بصل للأناضول، فإن من بين إجمالي سكان محافظة شمال غزة البالغ عددهم 200 ألف هُجّر منهم بالفعل قسرا نحو 180 ألفا، ولم يتبق سوى 20 ألفا.
ويبدو أن الدور الآن بات على محافظة غزة لتطالها عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري لسكانها من قبل الجيش الإسرائيلي.
وسيكون هذا تهجيرا قسريا مركبا، لأن أكثر من 30% من سكان محافظة غزة الحاليين هم أصلا من النازحين إليها من محافظة شمال غزة، والذين يعيشون في ظروف غير إنسانية، إذ تقيم العائلات النازحة في خيام مصنوعة من النايلون والقماش وتفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية وسط برد قارس، مما يزيد معاناتها ويهدد صحة الأطفال وكبار السن.
وينتشر النازحون في الملاعب والساحات العامة والمراكز الثقافية والمدارس والشوارع العامة.
ومع بدء العمليات العسكرية في محافظة غزة يتخوف السكان من إجبارهم قسرا على الانتقال إلى منطقة المواصي التي تدعو إسرائيل للتوجه إليها رغم معاناتها من شح شديد في مقومات الحياة الأساسية.
وتمتد منطقة المواصي من غربي مدينة رفح إلى غربي مدينتي دير البلح (وسط) وغربي مدينة خان يونس (جنوب)، ويتم النزوح إليها عبر طريقي البحر وصلاح الدين، وسط أوضاع إنسانية متدهورة تفاقم معاناة الأهالي الذين يواجهون ظروفا قاسية ومصاعب يومية للحصول على الاحتياجات الضرورية.
كما أن ذلك لا يحميهم من الإبادة الإسرائيلية، إذ تشن إسرائيل بين الحين والآخر هجمات على خيام النازحين في منطقة المواصي تسقط بسببها أعداد كبيرة من الضحايا بزعم القضاء على مسلحين من حماس.
وأول أمس الجمعة، قال المحلل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هارئيل إن ما يقوم به الجيش في الجزء الشمالي من قطاع غزة مرتبط بأيديولوجية متشددة هدفها إعادة الاستيطان ومنع عودة الفلسطينيين.
إعلانوأضاف هارئيل أن أبواق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدأت في التلميح علنا إلى أن الخيار الوحيد المتاح سيكون احتلال محافظة غزة.
من جانبه، علق مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش على المحرقة الحالية التي تشنها إسرائيل في محافظة شمال غزة قائلا للأناضول إن الاحتلال الإسرائيلي جن جنونه، إذ يستهدف كل مكان في المحافظة بشكل متواصل منذ الصباح وعلى مدار الأيام الماضية، في إطار توسيع الإبادة الجماعية.
وأضاف البرش أن هناك أعدادا كبيرة من المصابين والشهداء تصل إلى مستشفى المعمداني ومستشفى الشفاء في محافظة غزة، في وقت تعمل فيه الطواقم الصحية بإمكانيات بسيطة جدا.
وقال إننا لم نتمكن من استيعاب هذا العدد الكبير من الإصابات بسبب انهيار المنظومة الصحية التي تعاني أصلا من نقص شديد في الموارد بفعل الإبادة.
وأشار البرش إلى أن الاحتلال يستهدف أماكن متعددة وبكثافة، مما يزيد العبء على الكوادر الطبية ومنظومة الإسعاف التي تعاني من ضعف شديد.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 154 ألف قتيل وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی محافظة شمال غزة منطقة المواصی فی محافظة غزة قطاع غزة غزة من إلى أن
إقرأ أيضاً:
محافظة القدس: الدعوات الإسرائيلية لذبح قرابين بالأقصى تطور خطير
قالت محافظة القدس الفلسطينية، الثلاثاء، إن دعوات الجماعات الإسرائيلية المتطرفة لذبح قرابين في المسجد الأقصى الأسبوع المقبل "تطور خطير"، محذرة من "اعتداء خطير على الوضع التاريخي والقانوني القائم" للمسجد.
وقالت المحافظة، في بيان، إن "الدعوات لمحاولات ذبح ما يُسمى "قربان الفصح العبري" داخل المسجد الأقصى المبارك ومحيطه (…) تصعيد خطير يأتي في سياق المحاولات الحثيثة والمحمومة لاستهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك".
وأضاف البيان أن "ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل التابعة للجماعات المتطرفة بما فيها جماعات الهيكل المزعوم المتطرفة (…) تتزامن مع صور واستعراضات مُهدِّدة نشرتها شخصيات بارزة في هذه الجماعات الاستيطانية، بدعم وتحريض مباشر من وزراء ومسؤولين في حكومة الاحتلال، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي (المتطرف إيتمار بن غفير)".
ومع اقتراب "عيد الفصح" اليهودي، الذي يمتد بين 12 و20 أبريل/نيسان الجاري، دعت جمعيات استيطانية لإدخال القرابين إلى المسجد الأقصى وذبحها داخله، بزعم أنه مكان "الهيكل" المزعوم.
انتهاك صارخواعتبرت محافظة القدس تلك الدعوات "استفزازًا وانتهاكًا صارخًا لمشاعر المسلمين، واعتداءً سافرًا على حقوقهم الدينية في واحد من أقدس مقدساتهم"، وحذرت من "أن هذا السعي المحموم لتنفيذ طقوس توراتية داخل المسجد الأقصى، يُعدّ اعتداءً خطيرًا على الوضع التاريخي والقانوني القائم".
إعلانوحسب وكالة الأناضول، فإن الوضع القائم في المسجد الأقصى هو الذي ساد قبل احتلال إسرائيل مدينة القدس الشرقية عام 1967، وبموجبه فإن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، هي المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد.
لكن في 2003، غيّرت إسرائيل هذا الوضع بالسماح لمستوطنين باقتحام الأقصى، دون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية التي تطالب بوقف الاقتحامات.
وتزعم إسرائيل أنها "تحترم الوضع القائم" بالمسجد الأقصى، وهو ما تنفيه دائرة الأوقاف الإسلامية التي أكدت مرارا في السنوات الماضية أن إسرائيل "تنتهك الوضع التاريخي والقانوني القائم بالمسجد" عبر سماحها أحاديا للمستوطنين باقتحامه.
جدير بالذكر أن الأردن احتفظ بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة" للسلام، التي وقّعها مع إسرائيل عام 1994.
وكانت السلطات الإسرائيلية فرضت قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة إلى القدس الشرقية منذ اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويعتبر الفلسطينيون هذه الإجراءات جزءا من محاولات إسرائيل لتهويد القدس الشرقية، بما في ذلك المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.