عودة إلى الخلف.. ردود فعل شعبية عنيفة على تغييرات المناهج الدراسية في سوريا.. سوريون يتهمون الإدارة الجديدة بفرض رؤية متطرفة للإسلام على أمة متنوعة تاريخيًا
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
واجهت الحكومة الانتقالية التي يقودها الإسلاميون في سوريا مؤخرًا عاصفة من الغضب الشعبي بعد الإعلان عن التغييرات المقترحة على المناهج الدراسية الوطنية.
وأثارت الإصلاحات المثيرة للجدل، والتي تضمنت مراجعات محافظة دينيًا ومحاولات لإعادة كتابة السرديات التاريخية، مخاوف بين السوريين الليبراليين والأقليات الدينية بشأن نوايا الإدارة الجديدة.
وتضمنت التغييرات المقترحة، التي أعلنتها وزارة التعليم المؤقتة، إزالة الإشارات إلى زنوبيا، ملكة تدمر الشهيرة، من النصوص الدينية، وحذف فصل علم الأحياء حول نظرية التطور وأصل الحياة لدارون، وإعادة تفسير الآيات القرآنية لاستهداف اليهود والمسيحيين.
وشملت المقترحات الأخرى مراجعة التاريخ العثماني لسوريا لمنع الإشارات إلى "القمع التركي" في محاولة واضحة لاسترضاء الحلفاء الأتراك. وفى مادة التربية الإسلامية، تُستبدل عبارة "أن يبذل الإنسان روحه للدفاع عن وطنه" لتكون "أن يبذل الإنسان روحه فى سبيل الله".. وتستبدل "يحكمه قانون العدل" لتكون "يحكمه شرع الله".. واستبدال "مبدأ الإخوة الإنسانية" ليكون "مبدأ الإخوة الإيمانية" وحذف كلمة "القانون" من عبارة "الالتزام بالشرع والقانون".
وأثارت هذه التعديلات انتقادات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهم السوريون الحكومة بتجاوز سلطتها وتأجيج الانقسامات الطائفية. ووصف المنتقدون المقترحات بأنها محاولة لفرض رؤية متطرفة للإسلام على أمة متنوعة تاريخيا.
ضغوط شعبيةردًا على ردود الفعل العنيفة، أعلن وزير التعليم نذير محمد القادري، أن التغييرات المقترحة سوف تتم مراجعتها من قبل "لجنة متخصصة" ولن يتم تنفيذها على الفور، لكنه أكد معالجة "التفسيرات الخاطئة" للنصوص الدينية، وهو تعبير مبهم لا يكشف عن النوايا، علمًا بأن كل هذه التعديلات وغيرها صدرت بتوقيع الوزير نفسه.
ردًا على ذلك، أعرب الدكتور إليان مسعد، منسق الجبهة الديمقراطية العلمانية، عن معارضته الشديدة لتغييرات المناهج الدراسية، ووصفها بأنها "عنصرية" وتشكل تهديدًا للهوية التاريخية لسوريا. وحذر من أن مثل هذه التعديلات قد تغذي الحنين إلى عهد الأسد رغم دكتاتوريته، مما يمنح المنتقدين فرصة للقول إن الحياة في ظل النظام السابق كانت أكثر شمولًا.
وقال عمار عبد الحميد، الناشط المقيم فى واشنطن: "إن سلطة الحكومة متجذرة في أيديولوجية إسلامية واضحة، ومع ذلك فإنها تواجه التحدي الهائل المتمثل في حكم أمة ذات تنوع عرقي وديني عميق". وأشار إلى أن استجابة الإدارة للاحتجاجات العامة قد تكون مشجعة، حتى لو ظل نهجها غير متسق. وأضاف: "كل بيان مثير للجدل يقابل بجهود لإعادة صياغة القضية. هذه الاستجابة، على الرغم من عدم كمالها، تشير إلى إمكانية الحوار. ويبقى أن نرى ما إذا كانت التعديلات ستؤدي إلى شمولية ذات مغزى".
أعرب مايك، أستاذ الفنون الجميلة في جامعة دمشق، عن قلقه إزاء الرقابة المحتملة في التعليم والفنون. وفي معرض تأمله في عملية الانتقال، أقر بالتحديات المتمثلة في إعادة تعريف هوية سوريا بعد خمسة عقود من حكم حزب البعث، لكنه ظل متفائلًا وقال: "سوريا لديها الكثير من المتعلمين. لن نقبل أبدًا شيئًا كهذا".
منذ الاستيلاء على دمشق، حافظت جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية على نهج حذر في الحكم، حيث أصدرت تصريحات عامة محدودة حول رؤيتها لسوريا. وقد أدت إصلاحات المناهج المقترحة، إلى جانب إعلانات سياسية أخرى محافظة دينيًا، إلى زيادة القلق بين السوريين الليبراليين.
حقوق المرأةالتغييرات المقترحة فى المناهج الدراسية ليست نقطة الاشتعال الوحيدة. فقد تعرضت عائشة الدبس، رئيسة مكتب شئون المرأة، لانتقادات بسبب تعليقاتها التي حثت فيها النساء على الالتزام "بالأولويات التي وهبها لها الله" وأعلنت أن مكتبها سيستبعد اللاتى لديهن وجهات نظر مختلفة. وفي وقت لاحق، سعى وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى تخفيف حدة تصريحاتها، وزعم التزام الإدارة الجديدة بدعم حقوق المرأة.
في حين تهدف بعض المراجعات المنهجية إلى إزالة دعاية نظام الأسد من الكتب المدرسية، فإن الآثار الأوسع نطاقًا لهذه التغييرات تظل مثيرة للجدال. وتسلط المقترحات الضوء على عملية التوازن الهشة التي تواجهها الإدارة الجديدة وهي تبحر في سوريا ما بعد الأسد التي تتسم بالتشكك والرؤى المتنافسة لمستقبل البلاد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سوريا المناهج الدراسية وزارة التعليم دمشق تغييرات المناهج الدراسية التغییرات المقترحة المناهج الدراسیة الإدارة الجدیدة
إقرأ أيضاً:
مستقبل الإيجار القديم| هل تحقق التعديلات الجديدة العدالة للملاك والمستأجرين؟.. خبير قانوني يوضح
في ظل التحديات المتزايدة التي يشهدها سوق العقارات في مصر، يظل قانون الإيجار القديم من أكثر الملفات حساسية وجدلاً. إذ تتقاطع فيه حقوق المالكين مع احتياجات المستأجرين، ما يفرض ضرورة إعادة النظر في التشريعات المنظمة للعلاقة بين الطرفين. الدكتور مصطفى أبو عمرو، أستاذ القانون المدني، ألقى الضوء على أبرز ملامح القانون رقم 10 لسنة 2022، مشيرًا إلى الحاجة الملحة للتعديلات تضمن العدالة وتحفز الاستثمار العقاري.
وحدات الإيجار القديم تحت مظلة القانون الجديد
أوضح الدكتور مصطفى أبو عمرو أن القانون رقم 10 لسنة 2022 ينص على إخلاء وحدات الإيجار القديم المؤجرة للأشخاص الاعتباريين لغير غرض السكن، لتعود ملكيتها إلى المالك بقوة القانون. ويشمل التشريع تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% من القيمة الإيجارية، تبدأ منذ مارس 2022 وتستمر لمدة خمس سنوات، على تسع فئات محددة ينطبق عليها القانون.
دعوة لإعادة التوازن بين الطرفين
ورغم هذه الخطوة، يؤكد أبو عمرو أن القانون بحاجة إلى مزيد من التعديل لتحقيق توازن فعلي بين حقوق المالكين والمستأجرين. فاستمرار الإيجارات المنخفضة بشكل غير منطقي، في ظل ارتفاع أسعار العقارات وتكاليف الصيانة، يمثل ضغطًا كبيرًا على الملاك ويعيق عملية تطوير البنية العقارية.
تشجيع الاستثمار وتحسين جودة الوحدات
يرى الدكتور مصطفى أن تعديل قانون الإيجار القديم يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار العقاري في مصر، مما سينعكس على تحسين جودة المباني وزيادة المعروض في السوق. كما أشار إلى أن مشروع القانون الجديد لا يستهدف الإضرار بالمستأجرين، بل يوفر لهم فترة انتقالية مناسبة، ويتيح فرصة الاستفادة من مشروعات الإسكان الاجتماعي، خاصة لغير القادرين.
ملف شائك يتطلب حلولًا عادلة
وصف الدكتور مصطفى ملف الإيجار القديم بأنه "إخلال بحقوق الملكية الخاصة"، إذ أن المالك على حد قوله لا يتمتع بكامل حقوقه في ملكيته، ويجد نفسه أمام إيجار ثابت منذ عشرات السنين رغم تضاعف قيمة العقارات. واعتبر أن استمرار هذا الوضع هو بمثابة إهدار للثروة العقارية ودفع الملاك إلى سلك الطرق القضائية التي باتت تزخر بآلاف القضايا المرتبطة بهذا الملف.
ضوابط جديدة لحالات الإخلاء
أحد أبرز ملامح المشروع الجديد، بحسب أبو عمرو، هو وضع ضوابط واضحة لحالات الإخلاء القانوني. فبعد انتهاء الفترة الانتقالية، وإذا لم يتفق الطرفان على تمديد العقد، يحق للمالك اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بالإخلاء الفوري. ورغم ذلك، يفتح القانون المجال أمام التفاوض والتوصل إلى عقود جديدة بشروط عادلة يتفق عليها الطرفان.
يبقى قانون الإيجار القديم قضية تمس شريحة كبيرة من المجتمع، ويبدو أن التعديلات الجديدة تحمل بوادر تغيير طال انتظاره. وبين تحقيق العدالة للمالك وتوفير الحماية للمستأجر، تبرز أهمية الحوار المجتمعي والتشريعي للخروج بحلول تضمن المصلحة العامة وتحفظ الحقوق لجميع الأطراف.