تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حالة من القلق وعدم اليقين تسود بين سكان روج آفا منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال شرق سوريا، حيث تدعم أنقرة الفصائل السورية في هجومها على مناطق الأكراد، بينما بدأت محاولة لإطلاق المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني، وهى المحاولة التى ينظر إليها الأكراد نظرة ريبة وشك في نوايا الائتلاف الحاكم في تركيا.

يبدو هذا القلق واضحًا عندما نتوجه إلى تلك المنطقة.. ولعل هذه السيدة تمثل نموذجًا لما يدور هناك.. ترتدي آينور (لم ترغب في ذكر اسمها الأخير) تنورة زهرية طويلة، ورأسها مغطى بحجاب أبيض مزين بالدانتيل، وتقف في منتصف الطريق، في حيرة من أمرها. الجدة، وهي من أصل كردي في منطقة سانليورفا جنوب شرقي تركيا، استيقظت مبكرًا للانضمام إلى المظاهرة التى تم تنظيمها في بلدة سروج الحدودية. لكن عدد ضباط إنفاذ القانون زاد في الموقع في الأيام الأخيرة، وأغلق طوق الشرطة الطريق ومنع تقدم الموكب الصغير.

تقول أينور بصوت منخفض، وهي تشير إلى الطريق أمامها، المؤدي إلى الحدود مع سوريا "لدي ثلاثة أبناء، وكنت أخشى أن ينضم أحد أبنائي إلى المنظمة [وحدات حماية الشعب، الحركة المسلحة الكردية السورية الرئيسية]. لكن في نهاية المطاف، كانت ابنتي هي التي غادرت إلى كوباني في عام ٢٠١٤".. تريد أن تصدق نفسها بقولها: "أعلم أنها لا تزال على قيد الحياة"، رغم أنها لم تسمع عنها منذ عدة سنوات. لذا، عندما سمعت أن كوباني، التي تقع على بعد حوالي عشرة كيلومترات إلى الجنوب، كانت مسرحًا للقتال، انضمت بشكل عفوي إلى مظاهرة السلام التي قام بها حزب المساواة والديمقراطية (المعروف سابقًا باسم حزب الشعوب الديمقراطي، وهو تشكيل تركي مؤيد للأكراد). 

كانت منطقة سروج الرمادية والمتربة، التي يبلغ عدد سكانها ١٠٠ ألف نسمة، منطقة عادية في تركيا لولا أنها "توأم" كوباني (عين العرب) في سوريا. الروابط العائلية توحد سكان المدينتين، ويخشى سكان سروج من تكرار سيناريو خريف عام ٢٠١٤. في ذلك الوقت، اشتبكت القوات الكردية ومقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال قتال مرير في كوباني، وقد تحولت سروج إلى قاعدة خلفية للمسلحين والعاملين في المجال الإنساني الذين جاءوا لتقديم المساعدة للسكان المدنيين في سوريا. وكان انتصار القوات الكردية، بدعم جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، قد حول مدينة كوباني إلى رمز للنضال ضد همجية تنظيم داعش.

ميليشيا إسلامية

منذ سقوط نظام بشار الأسد في ٨ ديسمبر ٢٠٢٤، استغلت فصائل الجيش الوطني السوري، وهي ميليشيا إسلامية مقابل أجر من تركيا، هذه الفرصة السانحة لإعادة إطلاق هجوم على منطقة روج آفا، منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال شرق سوريا، والتي تحميها قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف عربي كردي تهيمن عليه وحدات حماية الشعب. وأدت معارك بين فصائل قوات سوريا الديمقراطية وجيش الإنقاذ شرق منطقة حلب، إلى مقتل نحو ثلاثين شخصًا مع نهاية عام ٢٠٢٤. وتشير دلائل عديدة إلى أن تركيا لديها خطط لروج آفا. ويبقى أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسمح بحدوث ذلك أم كيف ستتصرف.

ولطالما اختلفت أنقرة وواشنطن حول الدعمين العسكري واللوجستي الذي تقدمه الولايات المتحدة للقوات الكردية في سوريا. وأعاد البنتاجون تأكيد دعمه لقوات الدفاع والأمن، وأعلن، في منتصف ديسمبر، أنه ضاعف قوته العسكرية لتصل إلى ٢٠٠٠ جندي في شمال شرق سوريا. 

فى الواجهة

وفي تركيا، عادت المسألة الكردية إلى الواجهة. وبالتوازي مع العمليات التي نفذت ضد قوات سوريا الديمقراطية، قررت حكومة أردوغان إعادة إطلاق مفاوضات السلام مع التنظيم المسلح لحزب العمال الكردستاني. والمثير للدهشة أن دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، الذي كان حتى الآن يعاني من حساسية تجاه أي مطالبة بالهوية الكردية، كان وراء هذه المبادرة.

وألمح بهجلي، خلال اجتماع لكتلته البرلمانية إلى أن القوة التركية ستخفف الضغط على القادة السياسيين الأكراد. وتشتبه المعارضة في وجود تلاعب يهدف إلى تجنيد الحزب الكردي وناخبيه في مشروع الإصلاح الدستوري الذي يدعو إليه الرئيس ويسمح له بشكل خاص بالترشح لإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية عام ٢٠٢٨، لولاية رابعة.

ويرى الباحث مسعود يغن، مدير برنامج التحول الديمقراطي في معهد الإصلاح والمتخصص في المسألة الكردية، أن الاضطرابات الجيوسياسية الإقليمية هي التي تدفع أنقرة إلى محاولة تهدئة علاقتها مع حزب العمال الكردستاني. لقد حاولت تركيا استخدام الجيش الوطني السوري، لكنها فشلت في أن تصبح لاعبًا مهمًا على الأرض.. وحيث لم تعد إيران قوية كما كانت من قبل في سوريا والعراق، بعد أن أدى فقدان نفوذها إلى خلق فراغ، فإن تركيا تريد الرد من خلال صنع السلام مع الأكراد.

وفي المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا، تظهر نتائج استطلاعات الرأي قدرًا معينًا من الحذر تجاه مبادرة الحكومة بالتصالح مع الحزب الكردى، ويراها البعض محاولة لـ"استخدام الورقة الكردية" ضمن محاولات إعادة انتخاب أردوغان رئيسًا للمرة الرابعة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سوريا وحدات حماية الشعب منطقة الحكم الذاتي الفصائل السورية مناطق الأكراد حزب العمال الكردستاني تركيا داعش فی شمال شرق سوریا الکردیة فی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون

شدد محللون تحدثوا لبرنامج "مسار الأحداث" على أهمية المسار السياسي وتطبيق العدالة الانتقالية لمواجهة واحتواء المخاطر التي تهدد السلم الأهلي في سوريا، وقالوا إن الأحداث الأمنية في الساحل السوري لها عدة دوافع.

وتخوض قوات الأمن السورية معارك ضد فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد تنفيذ هؤلاء كمائن مسلحة استهدفت قوات الأمن في منطقة الساحل وأسفرت عن عشرات القتلى والمصابين.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، محمد علوش إن ما جرى في منطقة الساحل كان متوقعا، "لكن المفاجأة الكبرى كانت في تقاطع التحركات التي تهدد استقرار الدولة في سوريا، في منطقة الساحل وفي الجنوب السوري".

ورأى أن ما جرى في منطقة الساحل يمكن قراءته محليا وخارجيا، فقد كانت هناك "محاولة لتشكيل تمرد عسكري على الدولة السورية لإخراجها من هذه المناطق"، وقال إن الخلايا التي تنشط في هذه المناطق لا تريد أن تكون جزءا من الدولة، بالإضافة إلى أن الخلايا وقادة النظام المخلوع الذين تحصنوا في هذه المناطق لا خيار أمامهم سوى التمرد لحماية أنفسهم.

كما أن التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري شكلت -حسب علوش- محفزا لخلايا النظام المخلوع في منطقة الساحل من أجل محاولة تشكيل التمرد المسلح.

إعلان

كما أشار إلى أن التحديات التي تواجهها الإدارة السورية تتمثل في ما وصفها بالشروط القاسية التي تفرضها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وفي المشروع الذي قال إنه يتبلور لرفض الاندماج في الدولة الجديدة.

وبحسب الباحث السياسي عبد المنعم زين الدين، فقد كانت الأحداث متوقعة لعدة أسباب، منها عدم المحاسبة، وأن المجموعات والفلول التي تقوم بالقلاقل تحاول استعادة مكاسب فقدتها بعد سقوط النظام السابق.

احتواء المخاطر

وعن كيفية احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا، رأى علوش أن هناك 3 مسارات يمكن للإدارة السورية الجديدة أن تعمل عليها، أولها الحزم الأمني في التعاطي مع مشكلة الفلول، باعتبار أنهم يشكلون تهديدا للسلم الأهلي، بالإضافة إلى مسار التسويات، ومسار العدالة الانتقالية.

وقال إن أكبر وسيلة لمواجهة المخاطر التي تهدد الأمن الأهلي في سوريا هي تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المتهمين بارتكاب جرائم بحق الشعب السوري خلال سنوات الصراع وفق القانون وليس وفق الأعمال الانتقامية، كما أوضح علوش.

كما أشار علوش إلى أهمية المسار السياسي، "فكلما كان هناك انخراط من جانب المكونات في عملية تشكيل مستقبل سوريا، كانت هناك قدرة للإدارة الجديدة في مخاطبة هذه المكونات وجعلها جزءا من عملية التحول".

بينما قال زين الدين إن مواجهة المخاطر تكون عبر الإسراع في محاسبة من سماهم المتورطين المجرمين في الأحداث، والتأكيد على أن ما يجري لا علاقة له بالطائفية، وأن المعركة ليس ضد أي طائفة، مشيرا إلى أن من أشعل الطائفية في سوريا هو النظام المخلوع.

وفي قراءته العسكرية للأحداث التي تعرفها سوريا، أوضح الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، أن تلك القلاقل ليست عملا منفردا وستستمر لعدة أسباب، بالنظر إلى أنها تحصل في منطقة جغرافية معينة وفي بيئة معينة، مشيرا إلى أن "القيادة السورية الحالية غير قادرة على فرض سيطرتها على كامل سوريا".

إعلان

وتهدف المجموعات التي تقوم بالقلاقل -يضيف العميد حنا- إلى "جر الحكومة إلى عمل عسكري في الأماكن التي تنشط فيها حتى يقوم المجتمع بالانقلاب عليها".

ويذكر أنه بعد إسقاط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت السلطات السورية الجديدة مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام السابق، من الجيش والأجهزة الأمنية "شريطة تسليم أسلحتهم، وعدم تلطخ أيديهم بالدم".

واستجاب الآلاف لهذه المبادرة، بينما رفضتها بعض المجموعات المسلحة من فلول النظام، لا سيما في الساحل السوري، حيث كان يتمركز كبار ضباط نظام الرئيس المخلوع. وبدأت هذه المجموعات بإثارة التوترات الأمنية وشن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية.

مقالات مشابهة

  • الأبيض.. تجدد القصف المدفعي لليوم الثاني واتهامات لـ”الدعم السريع” بالسعي لتهجير السكان
  • واشنطن تعلن اعتقال زعيم بتنظيم داعش الإرهابي بمناطق شمال وشرق سوريا
  • الأدباء والشعراء في حلب يؤكدون وقوفهم إلى جانب قوات وزارة الدفاع والأمن العام
  • الدفاع السورية تحدد مصير المتجاوزين: إحالة الى المحكمة العسكرية
  • قضية الصحراء ومفهوم الحكم الذاتي في المغرب.. القصة الكاملة في كتاب
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • الأردن يدين التدخلات الخارجية التي تستهدف أمن سوريا
  • مشفى بانياس الوطني في ريف طرطوس بعد تمشيطه من قبل قوات وزارة الدفاع والأمن العام، وتظهر في الصور آثار التخريب الذي طال بعض أقسام المبنى جراء ممارسات فلول النظام البائد يوم أمس.
  • أهالي القنيطرة يؤكدون وقوفهم إلى جانب قوات وزارة الدفاع والأمن العام في جهودهم لبسط الأمن والاستقرار على كامل الأراضي السورية
  • قوات وزارة الدفاع تدخل مدينة طرطوس دعماً لقوات إدارة الأمن العام ضد فلول ميليشيات الأسد ولإعادة الاستقرار والأمن للمنطقة