محللون: مواقف جيران سوريا متباينة والبعض سيحاول إجهاض التحول السياسي
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
يبدو نجاح التحول السياسي في سوريا مصلحة لدول الجوار التي تختلف مواقفها ومخاوفها من هذا التحول، لكنها في الوقت نفسه قد تدفع أثمانا باهظة إذا انزلقت دمشق إلى مربع الدول الفاشلة كما يقول خبراء.
وفي سياق محاولاتها المستمرة لإدارة الملفات المشتركة والمتشابكة مع دول الجوار تسعى الإدارة السورية الجديدة للتوصل إلى تفاهمات تحقق المصالح المشتركة مع الجيران.
ويعتقد المحلل السياسي محمود علوش أن علاقات سوريا بجيرانها مع دول الجوار تتوقف على مسار التحول الداخلي السوري ودور سوريا المستقبلي وموقف دول الجوار من هذا التحول.
تحديات وفرصويحمل ما يجري في دمشق فرصا وتحديات في الوقت نفسه، وهو ما يتطلب دعما إقليميا -خصوصا من دول الجوار- حتى لا تصبح سوريا بلدا فاشلا يصدّر الفوضى إلى المنطقة ككل، حسب ما قاله علوش خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث".
وتختلف مواقف جيران سوريا (العراق، لبنان، الأردن، تركيا) من الإدارة الجديدة، إذ يهتم الأردن بمسألة تهريب المخدرات وهوية الحكم الجديد، في حين تحاول تركيا تعزيز مكانتها في المنطقة عبر دمشق، برأي علوش.
وتبدو فرص الأردن تحديدا في التبادل التجاري وإعادة الإعمار هائلة، وهو ما يتطلب منه البحث عن مواجهة المخاطر أولا ثم التطلع إلى الفرص، وفق علوش الذي يعتقد أن تبعات فشل سوريا ستكون كبيرة جدا على الجميع.
إعلانوفي السياق نفسه، يعتقد عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الشمال السورية الدكتور كمال عبدو أن العلاقات السورية الأردنية كانت متباينة حتى خلال فترة حكم عائلة الأسد، وأن تهريب المخدرات "سيكون المحدد الرئيسي في العلاقات بين البلدين، إلى جانب أمور أخرى قد تثير حساسية لدى عمّان من قبيل ترقية ضابط أردني إلى رتبة رفيعة في الجيش السوري".
ولعل هذه الحساسية التي تحدث عنها عبدو هي التي جعلت الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي يعتقد أن ما يهم الأردن حاليا هو هوية الحكم الجديد فيها.
وإلى جانب ما يصفه مكي بـ"الحساسية الأردنية من التنظيمات الإسلامية" فإن انتقال فكرة "القتال حتى النصر" أيضا تمثل هاجسا ليس للأردن فقط، وإنما لكل دول المنطقة.
ومن هذا المنطلق، فإن اعتدال النظام الجديد وطبيعته ونضجه كلها ستؤثر في الموقف الإقليمي منه كما يقول الباحث الأول في مركز الجزيرة.
مصالح متبادلة مع تركيا
أما تركيا فتعتبر الدولة الوحيدة التي ترى أن ما حدث في سوريا يمثل مكسبا لها، وفق عبدو الذي لا يرى خلافا بين البلدين سوى قضية التنظيمات الكردية وأزمة اللاجئين، وكلاهما سيجد طريقه إلى الحل.
لكن استعجال الأتراك في ترسيم الحدود البحرية وحديث وزير الخارجية هاكان فيدان ضمنا عن أن العبور إلى دمشق سيكون عبر أنقرة "يحمل استعجالا، ويحرج الإدارة الجديدة"، برأي عبدو.
ومع ذلك، فإن الفرص التي يقدمها التحول السوري لتركيا أكبر من التحديات -برأي علوش- الذي يعتقد أن العلاقة بين البلدين "ستعزز مكانة أنقرة بالمنطقة وفي منطقة شرق المتوسط ككل".
كما أن التقارب مع أنقرة "يساعد السلطة السورية الجديدة على تقديم نفسها إقليميا ودوليا، فضلا عن أن مكانة تركيا ضمانة لنجاح التحول السياسي في سوريا".
وعلى عكس الرأيين السابقين يعتقد مكي أن تركيا لم تحقق مجرد مصالح وأنها "ورثت النفوذ الإيراني في سوريا"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن تركيا دولة مؤسسات، في حين إيران اعتمدت على المليشيات في السيطرة على النظام وحاولت تغيير المجتمع أيديولوجيا.
إعلانويعتقد مكي أن السلطة السورية الجديدة "يمكنها تحقيق مكاسب دبلوماسية مع الدول العربية التي ربما تحاول عدم ترك سوريا للأتراك كما سبق أن تركت العراق للإيرانيين".
توتر مع العراق ولبنان
وعلى عكس العلاقة مع الأردن وتركيا فإن العلاقات السورية مع العراق ولبنان غالبا ما ستتسم بالتوتر، نظرا لموقف البلدين من سقوط بشار الأسد الذي كان جزءا من التحالف الذي تسيطر عليه إيران.
ففي حين ساهمت سوريا خلال العقود الماضية في إحداث عدم توازن سياسي في لبنان يبدو نجاح التحول السياسي في سوريا فرصة لإعادة هيكلة السياسة اللبنانية بشكل أكثر توازنا ودون وصاية من دمشق، كما يقول علوش.
لكن مشكلة لبنان -كما يقول مكي- "تتمثل في إقامة علاقات قائمة على التكامل مع سوريا، وليس فقط على حسن الجوار، لأن البلدين لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، خصوصا أن بيروت تعتمد اقتصاديا على دمشق بشكل كبير".
ويعتقد مكي أن لبنان والعراق سيظلان في حالة توتر مع سوريا نظرا لدور إيران في هذين البلدين، خصوصا العراق الذي لم يكن على وفاق مع دمشق حتى في عهد صدام حسين.
وهناك دول أخرى يعتقد مكي أن لها مصلحة في إدخال سوريا إلى دوامة الفوضى رغم ما يحمله هذا من تداعيات على الجميع، لافتا إلى أن الفوضى ستمنح من خسروا في سوريا فرصة للحصول على مكان في المستقبل.
والرأي نفسه ذهب إليه عبدو بقوله إن العراق "لديه مشكلة كبيرة من الإدارة السورية الجديدة التي كان قائدها أحمد الشرع معتقلا لدى القوات الأميركية في بغداد".
وأخيرا، يعتقد علوش أن الهاجس الأمني يعتبر عاملا مشتركا بين بغداد ودمشق، لأن العراق يخشى ترسيخ حكم معين في سوريا، في حين أن الأخيرة تخشى من الدور العراقي بالمحور الإيراني وما قد يحدثه من مشاكل طائفية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السوریة الجدیدة التحول السیاسی دول الجوار فی سوریا کما یقول فی حین
إقرأ أيضاً:
مقـ.تل عنصرين من وزارة الدفاع السورية خلال إطلاق نار كثيف
عرضت قناة “القاهرة الإخبارية” خبرا عاجلا يفيد بمقتل عنصرين من وزارة الدفاع السورية خلال إطلاق نار كثيف في مدينة جرمانا جنوب دمشق، وأن قوات الأمن العام تطوق مداخل جرمانا وتمنع مجموعات عسكرية من اقتحامها.
في زيارة غير رسمية تُعد الأولى من نوعها منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، التقى عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستاتزمان بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في دمشق.
وهدفت الزيارة إلى الاطلاع على التغيرات الجارية في سوريا واستكشاف فرص التعاون المستقبلي بين البلدين.
وخلال اللقاء، أعرب الشرع عن رغبته في فتح قنوات حوار مع الغرب، مؤكدًا أنه تلقى عروضًا من موسكو وبكين، لكنه يفضل التواصل مع الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أبدى استعدادًا لمناقشة إمكانية انضمام سوريا إلى اتفاقيات إبراهام، شريطة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ووقف الغارات الإسرائيلية، خاصة في منطقة الجولان.
وأشار ستاتزمان إلى أن الشرع استخدم مصطلح "إسرائيل" بدلًا من "الكيان الصهيوني"، ما يُعد مؤشرًا على انفتاحه على الحوار.
كما أكد أن الشرع يسعى لبناء دولة وطنية بعيدًا عن الطائفية، ويرغب في تحقيق وحدة وطنية شاملة.
في سياق متصل، أبدى الشرع اهتمامًا بإعادة بناء سوريا اقتصاديًا، مشيرًا إلى أهمية رفع العقوبات الغربية لتحقيق هذا الهدف.
كما ناقش مع ستاتزمان إمكانية إقامة علاقات تجارية وسياحية مع الدول المجاورة، بما في ذلك إسرائيل، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
زيارة ستاتزمان تأتي في وقت حساس، حيث تسعى الإدارة الأمريكية إلى تقييم الموقف من الحكومة السورية الجديدة.
ورغم أن واشنطن لم تعترف رسميًا بعد بحكومة الشرع، إلا أن هذه الزيارة قد تمهد الطريق لمزيد من الانخراط الأمريكي في الملف السوري.
تُعد هذه التطورات مؤشرًا على تحولات استراتيجية في الشرق الأوسط، حيث قد تشهد الفترة المقبلة إعادة تشكيل للعلاقات الإقليمية والدولية، مع إمكانية فتح فصل جديد في العلاقات السورية-الأمريكية.