جمعة رجب في تاريخ اليمنيين.. محطةٌ إيمانية وتاريخٌ متجدد مع الرسالة المحمدية
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
يمانيون../
تعتبر أول جمعة في رجب الأغر يومًا من أَيَّـام الله، وعيدًا من الأعياد المقدسة لدى اليمنيين، بل وذكرى تاريخية ومحطة إيمانية هامة لتعزيز الهُــوِيَّة الإيمانية والتمسك بها.
ففي مثل هذا اليوم التاريخي دخل اليمنيون في دين الله أفواجًا من كُـلّ فج عميق، فلا غرابة أن يحتل هذا اليوم مكانة تاريخية أصيلة في قلوبهم، يعبرون فيه عن فرحتهم بمختلف الجوانب والطقوس الدينية الأصيلة.
ويعتبر الباحثون والمفكرون عيد جمعة رجب حدثًا مهمًّا لتجديد العهد والولاء والارتباط بالإسلام وتعزيز القيم والمبادئ واستحضار الفضائل التي اعتاد أهل اليمن منذ القدم إحيائها بزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام والتوسيع على الأهل بالذبائح ولبس الثياب الجديدة.
ويشيرون إلى أن اليمنيين يحظون بمكانة عظيمة في تاريخ الإسلام، ولهم أصول عريقة في الفتوحات ونشر دين الله، معتبرين هذه المكانة سببًا في تكالب العالم المتصهين على اليمن منذ أكثر من 9 أعوام في محاولة لطمس الهُــوِيَّة الإيمَـانية التي يتمسك بها اليمنيون منذ القدم لإدراجهم في مستنقع الضلالة والاستعباد والانحراف وإشراكهم بالحرب الناعمة، ولكن اليمنيين مُستمرّون كما عهدهم التاريخ الإسلامي في تمسكهم بالهُــوِيَّة والقيم ورفض الخنوع والإذلال والاستسلام مهما كلفهم الثمن لذلك.
ورغم محاولات أعداء الأُمَّــة وسعيهم طمس الهُــوِيَّة الإيمانية اليمنية وتبديلها بهُــوِيَّة وثقافة لا تتفق مع تعاليم الإسلام، يجدد أبناء اليمن بإحياء ذكرى جمعة رجب تمسكهم بالهُــوِيَّة الإيمانية وتجسيدها سلوكًا وعملًا.
ومن نتائج تمسك اليمنيين بالهُــوِيَّة الإيمانية وتجسيدهم قيم الإسلام والدين الحنيف، هو ما لمسه العالم من أثر بالغ للموقف المتفرد لليمن المتمثل في نصرة إخوانهم المستضعفين والمظلومين في قطاع غزة بكل أنواع الدعم والإسناد الذي ليس له نظير على الإطلاق.
فالتمسك بالهُــوِيَّة الإيمانية يعد مرتكزًا أَسَاسيًّا في الصمود والمواجهة ومصدرًا من مصادر القوة والغلبة والتمكين على الأعداء والمعتدين، وما هذا الصمود الأُسطوري الذي أذهل العالم إلا ثمرة من ثمار هذه الهُــوِيَّة التي استطاع خلالها الشعب تحقيق البطولات وتطوير القدرات على مختلف الأصعدة.
قدسية المناسبة:
وفي السياق يؤكّـد عضو مجلس الشورى الدكتور عمرو معد يكرب، أن “جمعة رجب حدث مهم ومحوريّ في حياة اليمنيين يتجدد فيها العهد والولاء والارتباط بالإسلام وتعزيز القيم والمبادئ الممثلة في الهُــوِيَّة الإيمَـانية”، مُشيرًا إلى أن هذه المناسبة لا تقل أهميّة لدى اليمنيين عن الأعياد الدينية المعروفة، حَيثُ دخل اليمنيون الإسلام في هذا اليوم من أوسع أبوابه ونزلت فيهم الآيات المحكمات من الباري عز وجل يقول الله تعالى: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا”.
ويضيف معد يكرب أن “اليمنيين يهتمون بإقامة الاحتفالات ومظاهر الفرح والسرور في هذه المناسبة العظيمة على قلوبهم لما تمثله من أهميّة كبرى”، لافتًا إلى “ما كان يمارس في السابق من طقوس الأعياد الدينية من لباس جديد وذبح الذبائح وزيارة الأهل والأصدقاء”، مؤكّـدًا أنها مناسبة لا تقل عن عيد الفطر المبارك أَو عيد الأضحى.
ويوضح أن هذه المناسبة “تتميز بخصوصيتها لدى أهل اليمن؛ فالأعياد الدينية أعياد لكافة المسلمين، لكن جمعة رجب هي عيد مخصوص لأهل اليمن ولها رمزية مهمة في حياتهم يستذكرون بها تلك النعمة العظيمة التي منحها الباري عز وجل إليهم وهي نعمة الإسلام”.
ويذكر أن هناك دلالات أُخرى لهذه المناسبة الهامة والعظيمة تتمثل في “حب اليمنيين لأهل البيت الكرام وذلك من خلال علاقتها بنصرة الإمام علي بن أبي طالب -سلام الله عليه- والذي قال فيهم قصيدته المشهورة بعد إسلام أهل اليمن: “لو كنت بواباً على باب جنة.. لقلت لهمدان ادخلوا بسلام”، مردفًا أن في هذه المناسبة أخبر الباري عز وجل رسوله الأعظم وفيها يقول الرسول صلوات الله عليه وآله وسلم: “السلام على همدان، السلام على همدان، السلام على همدان”، مبينًا أن في هذا دلالة هامة على مكانة الشعب اليمني في قلب النبي صلوات الله عليه وآل بيته الكرام، وهم من نصروا الإمام علي بن أبي طالب في كافة حروبه ومعاركه حتى يومنا هذا.
ويشير إلى أن مظاهر تلك الاحتفالات تُرى بشكل ملحوظ منذ ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة في تصاعد واهتمام من القيادة السياسية ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- الذي أولى اهتمامًا في سبيل إعادة إحياء هذه المناسبة العظيمة على قلوب اليمنيين، مشدّدًا على ضرورة المضي على خطى السيد القائد في إحياء هذه المناسبة العظيمة وترسيخها في قلوب وعقول أولادنا وبناتنا بشكل سنوي ومُستمرّ حتى لا نفقد أهم مميزات هُــوِيَّتنا الإيمانية اليمنية.
وبخصوص أهميّة هذه المناسبة في ظل المتغيرات السياسية في وقتنا الحاضر، لا سِـيَّـما مع معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس؛ يؤكّـد الدكتور معد يكرب أن إحياء هذه المناسبة يجدد العهد والولاء نحو استمرار الجهاد حتى تحرير الأراضي المحتلّة في فلسطين، وهي مناسبة لإظهار التماسك والتالف بين الشعب اليمني بكل فصائله ومناطقه وهي رسالة واضحة إلى العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني أن اليمن لن تتراجع عن موقفها الداعم لأبناء فلسطين حتى انتهاء العدوان ودحر العدوّ الصهيوني.
فيما يرى الناشط الإعلامي عبد الخالق القاسمي، أن “جمعة رجب تؤكّـد انسجام اليمنيين مع الفطرة السليمة، فبمُجَـرّد تعرفهم على الحق دخلوا في دين الله أفواجاً، وعندما أصبحوا مسلمين حظَوا بشرف حمل راية الإسلام”.
ويقول القاسمي: إن “الشعب اليمني اليوم يقف بقوة حاملًا راية الجهاد ضد اليهود الصهاينة الذين يرتكبون أبشع الجرائم في غزة”، مؤكّـدًا أن هذا الموقف المشرف “ما كان أن يتم لولا العودة إلى الهُــوِيَّة الإيمانية التي حاولت الأنظمة السابقة تغييبها، ولولا المناسبات الدينية لكان موقف الشعب اليمني من موقف القيادة العميلة في فنادق الدنيا التي تسعى اليوم لتأمين الملاحة الإسرائيلية، وتحَرّك الجبهات ضد صنعاء خدمة للأمريكي والإسرائيلي”.
ويضيف أن تهيأ للشعب اليمني بفضل الله المشروع والقيادة وبهما يتفرد على الشعوب الإسلامية كما في زمن الرسول بنصرة المستضعفين وحمل راية الجهاد، معتبرًا التذكير بيوم جمعة رجب مهماً من حَيثُ شد المجتمع إلى مجده القديم وإيمانه القويم.
موقف الأنصار لم يتغير:
من جهته يشير الناشط الثقافي محمد جعفر سليمان، إلى النعمة العظيمة التي مَنَّ الله بها على الشعب اليمني بدخوله الإسلام دون أية ممانعة أَو مقاومة وذلك في أول جمعة من شهر رجب الأغر، حَيثُ قد جعلها هذا الشعب عيدًا له، من خلالها يستمد هُــوِيَّته الإيمانية المتأصلة والمتجذرة أعماقها في هذا الشعب منذ أن هاجر الأنصار من أرض اليمن إلى أرض يثرب لينتظروا وهم على أحر من الجمر لمبعث رسولنا الأكرم “صلوات الله عليه وعلى آله”.
ويقول سليمان: إن “الهُــوِيَّة الإيمانية ما زالت موجودة في هذه النبتة الطيبة الشعب اليمني، لافتًا إلى ما أكرم به رسول الله للشعب اليمني بالثناء في عدة مواضع وعدة أحاديث التي منها: “إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن”، ومنها “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، وَ “أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبًا وألينُ أفئدة”.
ويرى أن الإيمان والحكمة ما زالت ماثلة في الشعب اليمني فيما يتجلى في هذه الأيّام بمواقفه العزيزة أمام الله وأمام خلقه، المتمثلة في مساندته للشعب المظلوم المكلوم في فلسطين وفي أرض غزة، وفي الوقت الذي تخاذل فيه العالم وانبطح العرب تحت راية الصهاينة، مؤكّـدًا أن هذا بفضل الله وفضل قيادة اليمن الحكيمة المتمثلة في السيد القائد عبد الملك بدرالدين “يحفظه الله”.
ويؤكّـد أن “من يحمل هذه الهُــوِيَّة الإيمانية ليس لديه خطوط حمراء في مواجهة الأعداء الذي أمرنا الله بعدائهم وأن كُـلّ ما نمتلكه من قدرات أظهرناها وجعلنا منها بأسًا شديدًا على الأعداء”، منوِّهًا بظهور فرحة اليمنيين في أول جمعة رجب الممزوجة بالعنفوان اليماني على أعداء الله والمناصرة للمستضعفين في فلسطين.
ومهما تكالبت قوى الشر والإجرام ستظل الهُــوِيَّة الإيمانية راسخة لدى اليمنيين، متمسكين بها بكل قوة وإرادَة وصلابة ولن يستطع العدوّ إركاع الشعب اليمني أَو منعه من القيام بمسؤولياته؛ كونه مرتبطاً بأسباب القوة والصمود والتمكين والغلبة على المعتدين.
المسيرة | أيمن قائد
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذه المناسبة الشعب الیمنی ة الإیمانیة باله ــو ی أهل الیمن الله علیه اله ــو ی جمعة رجب فی هذه ة التی
إقرأ أيضاً:
الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2/2)
لم ينجح إعلامنا في بناء رسالة ملحاحة للعالم في لغاته تحمله على الاقتناع بأن "الدعم السريع" منظمة إرهابية حقاً بينما حقيقة إرهابها هي كل ما في جعبتها.
أثار تعيين إعلاميين في كل من سفارة السودان في القاهرة وأديس أبابا مسألة الإعلام في الحرب من أكأب زواياها وهي فقه الوظيفة لا رسالتها. ومن بين رسائل الإعلام دعوة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة تصويب الجهود السياسة والإعلامية ليرى العالم قوات الدعم السريع كما هي في حقيقتها: طاقة إرهابية لا جيشاً في مقابل القوات المسلحة كما طرأ لمجتمع دولي كسير ذابل.
ونواصل حديث الأمس:
من جهة أخرى ليست الحرب القائمة في السودان حرباً لمن أراد الاحتكام إلى قانون الحرب. فقام هذا القانون على افتراض أن الحرب مما يقع بين قوتين عسكريتين، وشدد على المهنية لأنها مدار تقليل فداحة الحرب لا على المدنيين كما ينبغي وحسب، بل حتى على العسكريين أيضاً. فيحكم القانون ضرب حتى الهدف العسكري، ناهيك بالمدني، بضوابط معروفة بالتناسب، فعلى القوة التي انتخبت هدفاً عسكرياً لضربه أن تحسب بدقة قوة النيران الكافية لغرضها لتصيبه بلا تفريط يتعدى الأثر إلى غيره. ويريد القانون بالتناسب أن تصيب هدفك لغرض ساعتك بلا زيادة. وشرط إحسان التناسب هو المهنية. فالقانون يطلبها نصاً بقوله إن على المتحاربين أن يكونوا على قدر كبير من التدريب في الفن العسكري ليحسنوا إدارة عملية ضرب الأهداف بتناسب. وينوه بأن تتمتع الأطراف المتحاربة باستخبارات ذكية تقع على الهدف العسكري بمهنية لا رجماً. بل شدد القانون على هذا التدريب نفسه ليحول دون السرقة والنهب في الحرب، فما وقع النهب والسلب، في قول التقرير، حتى دل ذلك على بؤس في تدريب القوة العسكرية المعنية وضعف قادتها الذين ينتهزون سانحة الفوضى العاقبة للمعارك فتمتد يدهم إلى أشياء من لا حول لهم لردهم.
فلم نرَ هذه المهنية في "الدعم" لنعدهم قوة محاربة ينطبق عليها قانون الحرب، فأول ما ينقصه هو سلسلة القيادة التي تضبط إدارته، ويشاهد السودانيون منذ الحرب فيديوهات فيها بيان كافٍ عن انحلال تلك السلسلة، ولكنهم يصرفونها كـ"هرج جاهلين" بينما هي بينة مرموقة على الطبيعة المليشياوية لـ"الدعم السريع".
فيظهر أي جندي منهم بحديث مباشر للقائد محمد حمدان دقلو يبثه شكواه واحتجاجه، بل وخطته المثلى لإدارة الحرب. فتسمع ممن يريده تغيير وجهة الحرب من الخرطوم إلى ولاية النيل والشمالية، أو من يبث شكواه عن إهمالهم حتى إنهم يعالجون جرحاهم من المعارك على حسابهم. ويشتكي آخر في معركة الخرطوم أن عربات السلاح لم تدخل المعركة لأنها بطرف قادتهم الذين هم بين أزواجهم في دور غيرهم. بل اشتكى أحدهم للقائد حميدتي من سوء توزيع العربات القتالية. فهي في قوله راكزة في الصحراء بكبار القادة يسفيها الرمل بينما كانت الحاجة إليها ماسة في الخرطوم. وكان من رأيه أن تكون في طريقها لاحتلال بورتسودان مقر حكومة الفلول بدلاً من ضلالها عن الحرب في الخلاء، بل زاد قائلاً إن هذه الحرب في "دار صباح" (وهي لغة في الشرق عند أهل الغرب في السودان) داخلتها "ملعوبية" من الفلول الكيزان.
وجاء آخر بفيديو غاضب موجه للقائد دقلو إثر هزيمة قواتهم من الخرطوم. قال إنهم لم يجدوا معهم في ميدان القتال سوى لواءين بالاسم، أما الآخرون فغابوا بسياراتهم والذخائر التي نفدت بين أيديهم ولم يجدوا مدداً. وقال لحميدتي إنه قائم بالأمر كما ينبغي ولو نقصت فالكمال لله، وقال إنهم لم يجدوا من يمدهم بالسلاح أو الذخيرة في حر المعركة، ولم يشوش أحد على مسيرات الجيش التي قرضت الناس، واشتكى غياب السيارات ذات المدافع عن المعركة لأنها بيد قادة فضلوا أن يلازموا بيوتهم الجديدة في حي المنشية الراقي بالخرطوم.
وتجد في هذه الفيديوهات من يعبر عن قبيلته صريحاً مقابل قبيلة أخرى وبخاصة ما كان بين قبيلة المسيرية (كردفان) والماهرية (دارفور)، فقال أحدهم إنه من الفرقة 40، فرقة الجنرال جلحة، الذي كانت قتلته القوات المسلحة قبل شهرين أو نحوه، وهي فرقة مسيرية خالصة. وبدا أن المتهمين بالاستفراد بالسيارات هم من الماهرية. فقال الدعامي المسيري إن هذه السيارات للدواس ولا سبب لتكون في غير ميدانها الذي راح ضحيته منهم بالنتيجة 52 قتيلاً. وجاء بأسماء قادتهم ممن لقوا حتفهم. وقال إنهم لم ينسحبوا من كوبري المنشية بالخرطوم إلا بعد إطلاق آخر رصاصة بجعبتهم. ولم يتورع من القول إن هزيمتهم ثمرة خيانة. فوراؤها "لعبة" بينما هم أهل قضية.
وفي إشارة إلى استقلالهم كمسيرية في "الدعم السريع" قال إن فرقتهم خسرت سبع عربات في المعركة وهي ملك للفرقة 40 لا لـ"الدعم السريع". وبدا للرجل كأن القتال صار على مثلهم لا غيرهم، وبدا كمن يقول إن شعب المسيرية هو من وقع عليه القتال بينما توارى آخرون، وربما قصد جماعة الماهرية الذين هم من خاصة أهل حميدتي. وتكررت الشكوى من اعتزالهم القتال وتمتعهم بما وقع لهم من حظ منه.
من الصعب بالطبع وصف هذه العلاقة بين الجند الدعامة والقيادة بأنها مما يستأهل به "الدعم السريع" أن يكون قوة عسكرية مما رأينا اشتراطاتها في قانون الحرب. فليس بينهم وبين قيادتهم "ضبط وربط" الذي هو ميسم المهنية. فبدا أن لكل دعامي خطة الحرب غير ما اتفق لقيادته، بل ويطلق الواحد منهم لسانه على الملأ عن "ملعوبية" في الحرب أوردتهم موارد التهلكة. وعلى هذا فالقول إن حرب السودان هي بين قوتين عسكريتين من فضول القول، فبنية "الدعم السريع" خلت من النظامية والمهنية، وبدت كطاقة إرهابية فقط.
مما يسعد أن يستعيد الإعلام موقعين في سفارتين مركزيتين للسودان في القاهرة وأديس أبابا. وليس بشارة أن غلب فقه الوظيفة في تناول هذا التعيين على فقه وظيفة الإعلام لدولة تخوض حرب موت أو حياة في عالم ذابل. ولا من يغالط أن إعلام الحكومة لم ينم تقليداً في المبادأة والطلاقة لأنه ربيب نظم حكم ديكتاتورية طال أمدها. فصار بها بوقاً لحكومة الوقت. واحتاجت حكومة الوقت في يومنا، وفي شرط الحرب، كما لم تحتج حكومة قبلها إلى إعلام بلا ضفاف لإذاعة قضيتها في الحرب برصانة. وسيحتاج إعلامها بهذا إلى الاشتباك مع العالم في منصاته ومعارفه وأعرافه بسرديات مخدومة يخرج به سيفاً لدولة لا بوقاً:
إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول
ibrahima@missouri.edu