هزاع أبوالريش (أبوظبي)
نرى  في الآونة الأخيرة، حضوراً كبيراً للإبداعات الشعرية، على المنصات الرقمية، وأن بعض الذين ينشرون أعمالهم عليها، يكتفون بالتواجد فيها، ولا يقومون بنشر أعمالهم في كتب مطبوعة، الأمر الذي دفعنا لطرح تساؤل على عدد من هؤلاء الشعراء، للتعرف إلى السبب الذي يجعلهم يتجهون إلى نشر قصائدهم عبر تلك المنصات، دون جمعها ونشرها في إصدارات ورقية.

في البداية يقول الشاعر سيف الحارثي: لعل في انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي جعلتنا أقرب إلى الجمهور، وأسرع للوصول إليهم وإلى ذائقتهم ومشاعرهم، هو السبب في ذلك، فهناك منصات وبرامج ساهمت في أن يكون المبدع أكثر حضوراً وتواجداً وإنتاجاً. وأضاف، صحيح أنني متواجد في البرامج الرقمية الحديثة، ولديّ حضور جيّد فيها، ولكني أنصح الشعراء بعدم العجلة في نشر كل ما يجول بخاطرهم، لأن الجمهور اليوم أصبح أكثر وعياً وذائقة.

سهولة الوصول
وقال الشاعر حسن بن شرفا: ربما ضيق الوقت وصعوبة التواصل مع دور النشر والجهات المعنية بمراجعة الإصدارات وطباعتها، جعلنا نتواجد في وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر ما لدينا من خلالها، فجمع القصائد بحاجة إلى وقت، ومتابعتها يتطلب الكثير من الجهد، والمنصات سهلت الأمر من حيث التوثيق والحفظ، وأكد أن تواجد الجمهور من خلال تلك المنصات عامل جذب، لأنه ربما يكون أكثر من تواجده في أي مكان آخر.

أخبار ذات صلة أحمد الشهاوي: الشعر كتاب للروح.. والمكان في نسيج الكتابة «الشعر يجمعنا».. لوحة غنائية تحتفي بالوطن والشعر

سرعة الانتشار
وأوضح الشاعر خالد الجابر، أن المدونات الإلكترونية والبرامج الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي تركت تأثيرها القوي في نفس المبدع سواء كان شاعراً أو كاتباً، ولديه ما يقدمه للجمهور، ونحن لا نتحدث عن مدى قوة الإنتاج الفكري، بقدر ما نتحدث عن سهولة الوصول إلى الآخر، وسرعة الانتشار لما يقدمه من إبداع، فأصبحت تلك المنصات الرقمية إضافة حقيقية، يتواجد من خلالها الشاعر، وهي سبب رئيس أيضاً في قلة شغف المبدع  بالإصدار المطبوع. 

متطلبات النشر
وقال الشاعر عبدالله النعيمي: لا نقلل من قيمة الإصدارات الشعرية وأهمية إصدار الدواوين الشعرية المطبوعة، ولكن وجود البرامج الرقمية الحديثة سهلت الكثير من الأمور التي كان يستصعبها المبدع، وجعلته يحصل على ما كان يريده، من وصول إبداعاته إلى أكبر قدر من القراء، فحين يرى  الردود والتفاعل من قبل الجمهور، فإن الحماس والاهتمام بنشر الأعمال الشعرية ورقياً يقل، كونها بحاجة إلى المزيد من الوقت والمتابعة والبحث عن دور النشر التي ستتبنى أعماله. وأضاف أن المتطلبات المادية لدور النشر، جعل المبدع يتجه إلى تلك المنصات ويكتفي بها، كونها غير ربحية ويصل إلى مراده من خلالها، بأقل جهد وتكلفة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الشعر الأعمال الشعرية وسائل التواصل الاجتماعي المنصات الرقمية مواقع التواصل الاجتماعي الكتابة الأدبية تلک المنصات

إقرأ أيضاً:

الشاعر السوري فواز قادري: دير الزور حكاية حب لا تنتهي.. والكتابة لا تهادن الواقع

الشاعر السوري فواز قادري، الذي حمل معاناته وهويته بين دير الزور وميونيخ، يكتب قصيدته بلغة لا تعرف القيود، ومن خلال تجربته في المهجر، يسعى إلى كشف الحقيقة التي تخفيها الحروب والمآسي، مُحولا الألم إلى كلمات مقاومة حية، في هذا الحوار، نغوص في رؤيته للشعر كأداة للتحرر، وكيف تصبح القصيدة لديه فعلا يكشف عن التحديات والآمال في آنٍ، وتلمس قلوبنا بعنفوانها الصادق.

- بين دير الزور وميونخ، كيف تنظر إلى تأثير المنفى على هويتك الشعرية؟.. أترى في الاغتراب حافزا للإبداع أم جرحا يتسع مع الزمن؟

للأمكنة تأثير كبير على الشعر والإبداع بشكل عام، وكذلك على المبدع نفسه، وعلى صعيدي الشخصي، تعمق مفهومي وتجربتي في كتابة «قصيدة العيش»، حيث أرى أن العيش هو أن تملأ حيزك الزماني والمكاني بمعناك.

مع «قصيدة العيش»، تكتسب الأشياء ماهية مختلفة، وتتحول الحياة إلى نبع رقراق يصير نهرا صغيرا يرافقك في أغلب الأوقات، يأكل ويشرب معك، ويستثير حساسيتك، حتى تصبح أنت نفسك أقرب إلى قصيدة تسكنك وتدعوك إلى كتابتها.

أما المنفى، أي المكان الآخر «وأنا هنا أعني ميونيخ»، فيدفعك إلى إعادة النظر في جميع مكونات حياتك، ويضيف إليها بعض العناصر الجديدة، تماما كما يجعلك أكثر يقينا بما تعتقد، إنه يبرز كل ما هو إنساني ومشترك مع الآخرين، مما يعمّق فهمك لذاتك وللعالم من حولك.

- في ديوانك «قيامة الدم السوري» رصدتَ مأساة الإنسان السوري بأسلوب شعري مكثف.. كيف تمكنت من الموازنة بين الشعر كفن والواقع القاسي دون الوقوع في فخ التوثيق المباشر؟

الواقع مثلما هو مرجعيتي الأساسية، أنظر إليه كفخ للمبدع والقصيدة، وأحذره، تجلى هذا بشكل خاص في الكتابة عن ثورة الشعب السوري على الطاغية وإرثه، هناك الكثير من الألم في ما حدث، ألمٌ يشبه القيامة، يجعلك لا تتوقف عن الصراخ.

كنتُ أعي تماما أن في كل نص تكتبه، قد تخرج عن أسلوبك المعتاد إلى نوع من المباشرة التي تدعوك إلى كتابة مختلفة عن مفهومك الجمالي، خاصة وأنت تؤثث بالشعر قيامة هذا الشعب الذي وصل إلى حافة الموات، في مثل هذه اللحظات، تصبح القصيدة ملحمية، قادرة على تناول التجربة، بل وأكثر مما تمنحها الصرخات.

- ديوان «أناشيد ميونخ المؤجلة» يحمل بين طياته حنينا ممزوجا بالغربة.. أفقدت القدرة على الانتماء؟ أم أن الشعر ذاته يصبح وطنا بديلا؟

ديوان أناشيد ميونيخ، صحوة شعرية حاولت أن أرد فيه دَين الحب إلى مدينة احتضنتني وشكلت وأعادت التوازن إلى روح الغريب، أثثت بالأصدقاء من أهل البلد، والغرباء الذين شاركوني دفء المدينة.

إلى درجة التماهي بين مدينتين «دير الزور» الذاكرة، مسقط الرأس والقلب، الطفولة التي لم تبارحني، المراهقة وأحلامها الكثيرة، الكدح المبكر الذي جعلني أنحاز إلى عرق الناس ومعاناتهم التي لا تنتهي، القصيدة المبكرة الخارجة من رحم الحارات، بعيدا عن المدرسة.

معاناة التقاط الأحرف من لافتات الشارع، ومن مهنة إصلاح الأجهزة الإلكترونية في محل صاحبه فنان ورسام، المسرح، الألوان، خيالات الصغير وشغفه بالأحلام، كل ذلك قاده لاحقا إلى العمل بالسياسة، واكتشاف الشعر الذي أصبح كل حياته.

«ميونيخ» الكدح اليومي من جديد، قصائد التجربة في مكان جديد، ثورة الأهل في سوريا، الحلم العتيق بالتغيير الذي لم يفارقني رغم البعد الجسدي، أوجاع الناس وأنا بعيد عنهم بجسدي، طوفان شعري لم يتوقف، الكتابة اليومية المشغولة بهدوء الفن، الصرخات المكتومة أعادت النظر في «قصيدة العيش»، بأدواتها، بلغتها المرافقة للوجع اليومي ومعاناة الناس هناك.

«ميونيخ.. النأي بلا عزلة»، طوفان لهاث وكتابة، دموع تتحول إلى كلمات، ورموز، وأساطير حية، قصائد تعيش معي، تتجدد، وتصبح أكثر رهافة وإنسانية، رغم الألم اللحظي الجارح.

- تلعب الذاكرة دورا محوريا في نصوصك.. أترى أن العودة إلى المكان في القصيدة محاولة للشفاء أم استعادة غير مكتملة؟

دير الزور.. المدينة، الذاكرة، النهر الذي لا يبرح يرافقني، دون أن يتدخل في تشكيل حياتي، فيها من العذوبة ما يجعلني أتيقن أنني أعيش زمني الحاضر، ولا أسترجع الماضي كي أعيش فيه، فأنا لست مريضا لأحتاج إلى الشفاء منه. ومن هذا النهر أنا فقط أحاول أن أطيل إقامتي في الأشياء التي أحبها، أطيل النظر فيها، أتدارك نقصانها بالمزيد من الحب.

- في ديوانك «صهيل في غرفة ضيقة» استخدمت رمزية الصهيل والغرفة الضيقة.. ما الدلالات التي أردت إيصالها من خلال هذه الرموز؟

ديوان الصهيل في غرفة ضيقة، باختصار، هو فعل الحرية وممارستها في أصعب الأوقات، «الصهيل» ذلك المدى الممتد في أعتى وأضيق الأمكنة، في الزنازين وكل أشكال الأسر، وكيفية تحول حالات الاختناق إلى غناء طليق.

- في ديوانك «نهر بضفة واحدة» كيف استخدمت النهر كرمز؟ وما الرسائل التي أردت إيصالها من خلال هذا العنوان؟

«نهر بضفة واحدة» لا إجابة محددة أو شارحة عندي، على القارئ أن يتخيل الحالة مع الشاعر والقصيدة، فالشرح التعليمي يخرج القصيدة من ماهيتها وطبيعتها.

- كيف ترى العلاقة بين الشعر والسياسة في أعمالك؟ وهل تعتقد أن الشاعر يجب أن يكون له دور في القضايا السياسية والاجتماعية؟

هناك دائما علاقة ما بين الشعر والسياسة، لكنها علاقة غير بوقية، فالشعر الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا صدى نفسه، دور الشعر والشاعر هو الكشف، وليس ترديد ما يُطلب منه، فالمعاني، كما قال المعلم، ملقاة على قارعة الطريق، لكن الشعر والفن يكمنان في كيفية القول، وليس في المعنى الذي يُقال.

- ما دور الموسيقى والإيقاع في قصائدك خاصة بعد انتقالك إلى قصيدة النثر؟.. وكيف تحافظ على الجمالية الصوتية في نصوصك؟

هجرت موسيقى القصيدة الخارجية، تركت الوزن وتخليت عنه، لأنه يعيق الشاعر في الكتابة، ولأن الأوزان هي تعبير عن زمنها، وهي -بمعنى ما- قيد على حرية الشاعر.لقد قيل الكثير عن هذا الموضوع، ولستُ أول من تخلى عن الوزن، ولن أكون الأخير الذي يفعل ذلك، ببساطة، لكل وقت إيقاعه وموسيقاه. ولكل قصيدة رمزيتها ووضوحها، فالشعر برق، أحيانا يضيء في النفس ثم ينسحب، لكنه يترك أثرا لا يمحى بسهولة.

- كيف ترى موقعك في مشهد الشعر العربي المعاصر، خاصة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية الكبرى التي تمر بها المنطقة؟

لم أفكر في هذا الأمر ولا أبحث عنه، أنا فقط أكتب قصائد العيش، ولا أهتم بموقعي أو موقع غيري، بالمحصلة سيأتي هذا الوقت، للتذكير صدر لي من أيام كتاب «هذا الوقت ليس وقتي» فيه إجابة على هذا السؤال.

مقالات مشابهة

  • في آخر أمسيات المعرض: شعر البادية يصدح بين جنبات القاهرة
  • عيد عبدالحليم: حين أكتب الشعر فأنا أكتب نفسي.. وأهدي الجائزة لجيل التسعينيات
  • والد سارة الودعاني ينصحها بترك التربية الحديثة والصراخ على أطفالها لإسكاتهم .. فيديو
  • الشاعر السوري فواز قادري: دير الزور حكاية حب لا تنتهي.. والكتابة لا تهادن الواقع
  • معرض الكتاب يناقش الشاعر العراقي علي الشلاه في التراث والهوية وتحديات الإبداع
  • سلطان القاسمي يفتتح "الشارقة للشعر النبطي"
  • سلطان يفتتح الدورة الـ 19 لمهرجان الشارقة للشعر النبطي
  • سلطان القاسمي يفتتح مهرجان الشارقة للشعر النبطي
  • الكاتب محمد قراطاس: الشعر أكثر كرمًا وإيثارًا من جميع أنواع الكتابات الأدبية
  • شعر بادية مطروح والإسكندرية في ندوة بمعرض القاهرة للكتاب