الموقفُ اليمني المساند لغزة وانزعَـاجُ الإعلام العربي
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
القاضي/ علي يحيى عبدالمغني
منذ بداية العدوان الصهيوأمريكي على غزة والإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي يشكّك في موقف الشعب اليمني من القضية الفلسطينية، وقدرته على مساندة غزة، وكانت البداية من البحر الأحمر، حَيثُ صوّر الإعلام العربي استهداف القوات اليمنية للسفن الصهيونية والأمريكية في البحر الأحمر بالمسرحية.
وحينما تطورت المواجهة وصار الجيش اليمني يستهدف الأراضي المحتلّة قالوا عنها مزايدة، وإن قيادة صنعاء متهورة تريد أن تجر اليمن والمنطقة إلى الهاوية، وبعد أن خرجت لبنان وإيران من المعركة، وسقطت سورية بيد الجماعات المسلحة ظن هذا الإعلام ومن يموله كما ظن الأمريكان والصهاينة أن الدور القادم على اليمن، وأنها سوف تدفع ثمن وقوفها مع غزة، وتعطيلها للبحر الأحمر.
اليمن بشعبها وجيشها وقيادتها في صنعاء خيبت ظنهم جميعًا، وأفشلت رهانهم مرارًا بقرارها الشجاع والحكيم والتاريخي باستمرار مواجهة الكيان الصهيوني حتى وقف العدوان على غزة، ورفع الحصار المفروض عليها، فاعتبر الإعلامُ العربي هذا الموْقف من اليمن انتحارًا.
وتسابقت القنوات العربية إلى نقل ردة فعل الصهاينة على هذا القرار، ونشر تصريحات وتهديدات المجرم نتنياهو حول اليمن، الذي حاول اختبار جدية القيادة اليمنية، وقدراتها على الاستمرار في المواجهة، وقام باستهداف بعض المنشآت المدنية في صنعاء والحديدة.
الرد اليمني كان صاعقًا ومزلزلًا وسريعًا ودقيقًا؛ أصاب عمق الكيان الصهيوني دون أن تتمكّن منظومات الدفاع الجوي الصهيونية والأمريكية من اعتراضه، وأدخل ملايين المستوطنين الصهاينة إلى الملاجئ في الثلث الأخير من الليل، وجعل “النتن ياهو” يصرخ من شدة الألم، وقلب فرحته في سوريا إلى مأتم، فقرّر قصف مطار صنعاء ومحطة الكهرباء مرة أُخرى، فكان الرد من اليمن عاجلًا وحاسمًا هذه المرة بقصف مطار “بن غوريون” في قلب يافا المحتلّة “تل ابيب” ومحطة الكهرباء في عسقلان وجنوب القدس.
أدرك المجرم “نتنياهو” أن معركته مع اليمن خاسرة، وليس أمامه سوى اللجوء إلى الأمم المتحدة، وصار ينفي علاقته بالهجمات التي تنفذها أمريكا على اليمن فور حدوثها رسميًّا خوفًا من الرد اليمني، وموقفه هذا أصاب الإعلام العربي المطبع معه بالإحباط.
ومع ذلك لا زال هذا الإعلام يكابر، ويصور الغارات التي نفذتها الطائرات الأمريكية الثلاثاءَ الفائت، على حديقة الـ21 من سبتمبر، وصالة الـ22 من مايو، ومجمع العرضي وكأنها دمّـرت اليمن، وقضت على كافة إمْكَانيتها وقدراتها الأمنية والعسكرية، مستغلًا المسميات القديمة لهذه الأماكن، وصور المشهد للمتابع العربي أن الطائرات الأمريكية استهدفت وزارة الدفاع اليمنية والفرقة الأولى مدرع في العاصمة صنعاء.
ولم يدرك أنها مسميات قديمة ألغتها ثورة الـ21 من سبتمبر، وحوّلتها إلى متنزهات عامة، ويتجاهلون أن هذه الأهداف والمواقع تم قصفها سابقًا عشرات المرات من قبل التحالف السعوأمريكي، وأنها باتت خالية من كافة الأفراد والمعدات العسكرية والأمنية، وأمريكا والكيان الصهيوني يعلمون علم اليقين أن ما قصفوه أهداف وهمية، لا تقدم ولا تؤخر، ولا تؤثر أبدًا على القدرات اليمنية التي تجهلها تمامًا.
ورغم أن الإعلام الأمريكي والصهيوني أقرا بذلك رسميًّا، إلا أن الإعلام العربي المتصهين يرفض أن يصدق ذلك؛ كونه لسانَ حَـلّ الأنظمة والجماعات العميلة والمطبعة التي خانت القضية الفلسطينية وتخلت عنها، ووقفت في وجه محور الجهاد والمقاومة حتى لا تظهر سوءتها، ويكتشف المواطن العربي خيانتها وعمالتها، إلا أنه بات يدرك ذلك تمامًا، ويدرك حقيقة الدور الذي تقوم به اليمن في مساندة غزة، والصداع الذي سببته للأمريكان والصهاينة، ويرد على ما ينشره الإعلام العربي المتصهين بتعليقاته عليها في موقع اليوتيوب وغيره من صفحات التواصل الاجتماعي، التي جعلت العالم قرية صغيرة، وكسرت احتكار الإعلام الرسمي للمعلومات والأخبار.
* أمين عام مجلس الشورى
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الإعلام العربی
إقرأ أيضاً:
اليمن بين موقفين
في موقف استثنائي وفي خطوة تعبر عن إصالة الهوية والانتماء العقيدي والديني والقومي والعروبي الأصيل الحافل بقيم أخلاقية وإنسانية وتجسيداً لثوابت مبدئة، جاء موقف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي منح فيه مهلة أربعة أيام للوسطاء بإقناع (الصهاينة) بفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، ما لم سوف تفرض اليمن حصارها على الكيان الصهيوني وتعيد عملياتها الإسنادية البحرية لاستهداف السفن الصهيونية والمتعاونة معها، وكذا استهداف عمق الكيان بالقدرات العسكرية اليمنية دعما للأشقاء في فلسطين، خطوة وموقف يجسدان حقيقة انتماءنا للعقيدة والهوية العربية الإسلامية، موقف جاء بعد ترقب (صنعاء) لمواقف وردود أفعال النظام العربي والجامعة العربية والقمة العربية، وما أسفرت عنه التحركات العربية من مواقف هزلية عقيمة وغير مجدية، خاصة والقمة العربية المنعقدة مؤخرا في القاهرة على مستوى القادة العرب والتي عقدت بزعم الرد على طروحات الرئيس الأمريكي (ترامب) الداعية إلى تهجير الشعب العربي الفلسطيني من القطاع، فيأتي بيان القمة حاملا لكل مفردات الشكر للرئيس الأمريكي ويستجدي القانون الدولي والمجتمع الدولي بإقناع العدو بالالتزام بالاتفاق الذي ابرمه الوسطاء مع المقاومة والكيان وبرعاية أمريكية والخاص بوقف إطلاق النار في فلسطين على ثلاث مراحل _ تقريبا، غير أن العدو التزم قهرا بالمرحلة الأولى ورفض الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق الذي يلزمه بإدخال المساعدات الإنسانية وإدخال مواد البناء والبدء بسحب قواته من كافة أراضي القطاع، بل أعطت تصريحات (ترامب) الهلامية الشجاعة للعدو بالتخلف عن تعهداته والتنصل عن الاتفاق بعد أن أعطته ردة الفعل العربية على عربدته في سوريا ولبنان الشجاعة لمواصلة عربدته وعدوانه السافر، متوهما أن الفرصة متاحة لتمرير مخططاته التوسعية وتصفية القضية الفلسطينية، مزهوا بما حققه في لبنان وسوريا دون أن يجد موقفاً عربيا أو إسلاميا أو دوليا على عدوانه الهمجي في لبنان وسوريا ولا على إدانة جرائمه في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس خاصة بعد أن نقل العدو عدوانه من القطاع إلى الضفة، ممهدا الطريق لتهجير الشعب العربي الفلسطيني..
على خلفية كل هذه التحديات والتداعيات الإجرامية الصهيونية جاء الموقف اليمني ممثلا بالمهلة التي منحتها صنعاء للوسطاء بإلزام العدو ورعاته بإدخال المساعدات إلى القطاع والالتزام بما وقع عليه مع المقاومة والتزم به أمام الوسطاء بموافقة رعاته وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الموقف الذي أطلقته صنعاء يضعنا أمام مفارقات مثيرة على الصعيد الوطني تزامنا مع تصعيد أمريكي صهيوني استعماري ضد صنعاء التي تم تصنيف قيادتها ( كجماعة إرهابية) بقرار أمريكي صهيوني استعماري، قرار هللت له ورحبت به جماعة ما تسمى بـ (الشرعية) التي لم تكتف بأنها ارتهنت ( للشيطان)، بل ذهبت للانبطاح داخل (الإسطبل الصهيوني _الأمريكي _الرجعي) وراحت ترحب بالقرار الأمريكي وتستعجل أمريكا والصهاينة وحلفاءهم لبدء العدوان على اليمن من أجل إسقاط من تصفهم بـ ( الإرهابيين) في صنعاء دون خجل من الله ومن الشعب ومن العالم والتاريخ..
(شرعية) ليس لها من اسمها نصيب ولا تمثل الشعب اليمني ولم تعبر عن خياراته ولم تكن يوما إلى جانبه، لأنها لا تستمد منه شرعيتها المزعومة، بل تستمدها من أعدائه الذين نصبوها قهرا وقسرا وعنوة على الشعب اليمني لتكون وكيلة لهم وممثلة لمصالحهم ولم تمثل يوما الشعب اليمني ولم تراع مصالحه..
قد يقول المتقولون من أبواق (الشرعية) ومن حملة المباخر لطويل العمر إن موقف صنعاء جاء ( للهروب من قرار تصنيفها عاصمة للإرهاب الحوثي) وهذا سيكون أول ردة فعل لهم على قرار صنعاء وليكن ما قد يقولوه صحيحا لأن الشرف والوطنية والمصداقية تطال كل من تصنفه أمريكا إرهابيا، فهذه ليست تهمة حين تصدر من أمريكا بل وسام شرف يعلق على صدر كل من ينتسب لجماعة أنصار الله وهي تهمة نفتخر بها جميعا وتدفعنا للالتفاف حول أنصار الله وتأييد مواقفهم، لكننا ضد كل من تعشقه أمريكا، لأن أمريكا لا تحب إلا الخونة ولا تبارك إلا للعملاء ويكفينا هنا أن نتذكر مواقف الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذي قال ذات يوم (احرص يوميا على متابعة إذاعة صوت أمريكا وإذاعة لندن، فإن وجدت هذه الإذاعات تشيد بي اعرف اني عملت شيئا لصالحهما، فأعيد حسابات مواقفي، وإن وجدتهما تشتماني وتصفاني بكل الأوصاف المقذعة اعرف أني أسير بالطريق الصحيح).. نعم كنا سنكفر بـ (أنصار الله والمقاومة) إن مدحتهما أمريكا ومدحتهما العواصم الغربية وأنظمة الخيانة العربية، لكن طالما أمريكا تصنف أنصار الله بالإرهابيين نعلم أنهم يسيروا على طريق الحق وأن (الشرعية) التي يلعق رموزها (أحذية الأمريكان والصهاينة) هم أعداء شعبنا وأمتنا مثلهم مثل بقية أنظمة العهر العربية..!
ومن المفارقات المثيرة أن تعترف أمريكا وتعترف الأنظمة العربية بمن في ذلك رموز ما يسمون أنفسهم بـ (الشرعية) بشرعية (هيئة تحرير الشام) الإرهابية التي تحكم سوريا اليوم بقيادة الإرهابي الجولاني، ولا يعترفون بشرعية أنصار الله في اليمن، والسبب بسيط أن أنصار الله ضد العدو الصهيوني وضد المخططات الاستعمارية الأمريكية، فيما عصابة الجولاني الإرهابية تركت الصهاينة يعبثون بالجغرافية السورية ويتوغلون حتى وصلوا إلى مشارف دمشق، فيما الجولاني يقتل ويرتكب جرائم بحق أبناء سوريا في الساحل وفي شمال وشرق وجنوب سوريا خدمة للعدو الصهيوني..
إن جماعة أنصار الله اتفقنا أو اختلفنا معهم على إدارة الدولة فإنهم الظاهرة الأخلاقية والقوة المثالية التي تصعد في سماء الأمة وهم ومضة الأمل في ليل الوطن والأمة القاتم والحالك السواد.