أكدت الدكتورة لمياء محمد، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الفتاوى الإسلامية قد تطورت على مر العصور وتكيفت مع الواقع الاجتماعي والتاريخي، مشيرة إلى أن الفتاوى القديمة التي كانت ترفض تهنئة غير المسلمين بمناسباتهم الدينية كانت مرتبطة بفترات تاريخية شهدت صراعات دينية وتوترات بين الطوائف.

تهنئة المسيحيين بأعيادهم

وأضافت الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال تصريح، أن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين اليوم تقوم على أساس التفاهم والتعايش السلمي.

وقالت: "الفتاوى في العصر الحديث شهدت تحولات مهمة، خصوصًا في مسألة تهنئة المسيحيين بأعيادهم، والإسلام دعا دائمًا إلى التعايش السلمي، كما قال الله تعالى: 'وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا'، ويدعو الإسلام أيضًا إلى البر والإحسان مع غير المسلمين، كما في قوله تعالى: 'لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتُقسطوا إليهم'".

وأشارت إلى أن تهنئة المسيحيين بأعيادهم أصبحت اليوم رمزًا للبر وحسن الجوار بين أبناء الوطن الواحد، موضحة أن على المسلمين أن يدعموا الفتاوى الصادرة عن المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، التي أكدت جواز تهنئة المسيحيين في أعيادهم في إطار مفهوم المواطنة والتعايش.

وفيما يتعلق بخطاب الكراهية والتطرف، قالت: "التنظيمات المتطرفة تسعى إلى إثارة الفتن ونشر الكراهية بين الناس، متجاهلة تمامًا تعاليم الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى الرحمة والسلام، والتصدي لهذا الخطاب يتطلب توضيح رسالة الإسلام السمحاء التي تؤكد على العدل والإحسان والمساواة بين جميع البشر".

وأضافت: "تهنئة المسيحيين بأعيادهم مباحة شرعًا وتعبر عن احترام متبادل وتماسك مجتمعي، ولا تتعارض مع العقيدة الإسلامية طالما كانت بعيدة عن أي ممارسات مخالفة للشريعة، ومن هنا، يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على أهمية تعزيز قيم التعايش والمحبة بين أبناء الوطن الواحد. ونحن في المرصد نتقدم بخالص التهاني للأخوة المسيحيين في جميع أنحاء العالم بمناسبة عيد الميلاد المجيد، متمنين عامًا جديدًا مليئًا بالسلام والتفاهم بين جميع الشعوب".

الاحتفال برأس السنة الميلادية

أكد الدكتور إيهاب شوقي، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الجدل الذي يظهر في نهاية كل عام ميلادي بخصوص الاحتفال برأس السنة الميلادية وتهنئة المسيحيين بعيد الميلاد يمكن إنهاؤه بتوضيح رؤية الإسلام حول هذا الموضوع.

وأكد الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال تصريح، أن الاحتفال بهذه المناسبة هو في المقام الأول مناسبة اجتماعية ووطنية، قد تأخذ بعدًا دينيًا لدى البعض، موضحًا أن هذا الاحتفال يعزز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع ويؤكد على الوحدة الوطنية، خاصة في البلدان التي تشهد تنوعًا دينيًا.

وأشار إلى أن من الجانب الاجتماعي، يساهم الاحتفال برأس السنة في تعزيز التفاهم بين جميع أفراد المجتمع، بينما على الصعيد الوطني، يعكس ثقافة التعايش بين المسلمين وغير المسلمين داخل الوطن الواحد، مؤكدا أن الاحتفال بميلاد السيد المسيح عليه السلام يعد قيمة مشتركة بين الأديان، قائلاً: "الإسلام يعترف بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام كمعجزة إلهية عظيمة، كما ورد في القرآن الكريم في سورة مريم: 'السلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًا'".

كما أفاد الدكتور إيهاب شوقي بأن القرآن الكريم خصص مساحة واسعة لتفاصيل ميلاد المسيح عليه السلام، مشيرًا إلى أن تهنئة المسلمين للمسيحيين بمناسبة عيد الميلاد تعكس احترام المسلمين لمكانة سيدنا عيسى عليه السلام وتحتفل بقيمته الإنسانية والدينية.

وأضاف: "النقطة الثانية والأهم هي تعزيز التعايش والتآلف الوطني، حيث أقر الإسلام لأهل الكتاب أعيادهم، وقد ورد في الحديث الشريف للنبي صلى الله عليه وسلم: 'لكل قوم عيد، وهذا عيدنا'، ومن هنا، تصبح التهنئة بهذه المناسبة وسيلة لتعزيز روح التلاحم الوطني وتأكيد قيم التعايش المشترك بين أبناء الوطن.

وفيما يتعلق بموقف الإسلام من هذه التهاني، أكد الدكتور إيهاب أن الإسلام أباح الزواج من أهل الكتاب، مما يقتضي ضرورة تبادل التهاني والمجاملات بين أفراد الأسر المختلفة، مشيرًا إلى أن هذا يشمل التهنئة بمناسبات مثل عيد الميلاد.

وأشار إلى أن علماء الإسلام قدموا نموذجًا حيًا على تعظيم التعايش والتعاون بين الأديان، موضحًا أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر كان من أبرز القيادات الدينية التي قدمت مثالًا في تهنئة المسيحيين بأعيادهم، مؤكدًا أن هذا ينسجم مع روح الإسلام الداعية إلى السلام والاحترام المتبادل بين جميع أطياف المجتمع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر مرصد الأزهر الكنيسة تهنئة المسيحيين السنة الميلادية الاحتفال بالسنة الميلادية المزيد بمرصد الأزهر لمکافحة التطرف تهنئة المسیحیین بأعیادهم عید المیلاد علیه السلام بین جمیع إلى أن

إقرأ أيضاً:

هيئة كبار العلماء تهنئ شيخ الأزهر بمولده.. 80 عاما مدافعًا عن الإسلام والمسلمين

بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، تتقدم هيئة كبار العلماء بخالص التهنئة لفضيلته، معربين عن تقديرهم لمسيرته العلمية والإنسانية التي أثرت العالم الإسلامي، ومتمنين له دوام الصحة والعطاء في خدمة الإسلام والمسلمين.


ميلاد الإمام الأكبر وخطواته الأولى  

أصدرت هيئة كبار العلماء بيانًا لتهنئة شيخ الأزهر مستحضرة سيرته الطيبه من مولده إلى سلسلة إنجازاته العمليه والعلمية للأمة الإسلامية حيث قالت:"في مثل هذا اليوم، السادس من يناير عام 1946م، الموافق الثالث من صفر سنة 1365هـ، وُلِد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في قرية القرنة بمحافظة الأقصر، التي كانت تتبع آنذاك محافظة قنا. نشأ فضيلته في بيئة علمية وصوفية بين أسرة عريقة تنتمي نسبًا إلى سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، مما أكسبه منذ الصغر القيم الدينية والعلمية".

وتابعت:كان جده الشيخ أحمد الطيب ووالده الشيخ محمد الطيب من الشخصيات المؤثرة في قريتهم، حيث ترأسا مجالس المصالحات والأحكام العرفية التي كانت تقام في ساحة الطيب. تعلم فضيلة الإمام منذ الصغر حضور هذه المجالس والمشاركة في حل النزاعات، وهو الدور الذي استمر فيه حتى اليوم بالتعاون مع شقيقه الأكبر الشيخ محمد الطيب.

وأضافت: بدأ فضيلة الإمام الأكبر مسيرته العلمية بحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ودرس المتون العلمية وفق الطريقة الأزهرية. التحق بمعهد إسنا الديني الابتدائي، ثم بمعهد قنا الديني الثانوي، قبل أن ينتقل إلى القاهرة للالتحاق بقسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين، حيث حصل على الإجازة العالية (الليسانس) عام 1969م.

مسيرة أكاديمية وعلمية مشرفة

كما وضحت أن  فضيلة الإمام عُين معيدًا فور تخرجه، وبعد ذلك بسنتين حصل على درجة التخصص (الماجستير). في عام 1977م، نال الدكتوراه عن أطروحته التي حملت عنوان: "موقف أبي البركات البغدادي من الفلسفة المشائية". وبعدها رُقِّي إلى درجة مدرس بقسم العقيدة والفلسفة.

عقب حصوله على الدكتوراه، سافر فضيلته إلى فرنسا لدراسة مناهج العلوم وطرق البحث بجامعة باريس، حيث أتقن اللغة الفرنسية وتعمق في الفكر الفلسفي. عاد بعدها لمواصلة مسيرته الأكاديمية، وحصل على الأستاذية عام 1988م، ثم تولى عمادة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بقنا، وعمادة كلية الدراسات الإسلامية بأسوان، وكذلك عمادة كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان.

توليه المناصب القيادية

وتابعت هيئة كبار العلماء أنه في عام 2002م، اختير فضيلة الإمام الأكبر مفتيًا لجمهورية مصر العربية، حيث أصدر خلال هذا العام أكثر من 2800 فتوى. ثم تولى رئاسة جامعة الأزهر لمدة سبع سنوات قبل أن يُعيَّن شيخًا للأزهر الشريف في 19 مارس 2010م.

ومنذ توليه مشيخة الأزهر، حرص فضيلة الإمام الأكبر على إعادة إحياء هيئة كبار العلماء، التي أُعيد تشكيلها عام 2012 بعد صدور قرار جمهوري يقضي بذلك، وكان لها دور كبير في تقديم الرأي الشرعي في القضايا المستجدة.

إنجازات مؤسسية ودولية

أسس فضيلة الإمام عدة مؤسسات بارزة، منها:

المنظمة العالمية لخريجي الأزهر.

بيت العائلة المصرية.

مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية.

أكاديمية الأزهر لتأهيل الأئمة والدعاة.

مجلس حكماء المسلمين.

كما شارك في مبادرات دولية لتعزيز الحوار بين الأديان والسلام العالمي.

الإنتاج العلمي والجوائز

أثرى فضيلته المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات، أبرزها:

"مباحث الوجود والماهية من كتاب المواقف".

"مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والماركسية".

"التراث والتجديد: مناقشات وردود".


ترجم فضيلته أيضًا العديد من الكتب من الفرنسية إلى العربية، منها:

"مؤلفات ابن عربي: تاريخها وتصنيفها".

"الولاية والنبوة عند الشيخ محيي الدين بن عربي".


واختتمت هيئة كبار العلماء أن فضيلة الإمام قد حصل على العديد من الجوائز والتكريمات، منها جائزة شخصية العام الإسلامية من دبي عام 2013، ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى من الأردن، وجائزة الأخوة الإنسانية من دار زايد عام 2019.

 

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يهنئ الإمام الأكبر شيخ الأزهر بمناسبة يوم ميلاده
  • هيئة كبار العلماء تهنئ شيخ الأزهر بمولده.. 80 عاما مدافعًا عن الإسلام والمسلمين
  • مرصد الأزهر: رقم قياسي جديد لمقتحمي المسجد الأقصى في 2024
  • مختار جمعة يُهنئ شيخ الأزهر بمولده: "بارك الله في عمره ونفع به الإسلام"
  • شيخ الأزهر .. 79 عامًا من الحكمة والريادة لخدمة الإسلام والإنسانية
  • شيخ الأزهر للبابا تواضروس: النبي أوصانا بمودة المسيحيين وأقباط مصر .. والقرآن أثنى عليكم
  • مفتي الجمهورية يهنئ البابا تواضروس والإخوة المسيحيين بأعياد الميلاد
  • التعايش الرقمي.. رئيس هيئة تعليم الكبار يكشف رؤية جديدة لمحو الأمية
  • إعلامي عن تصريحات "القندوسي": أغضبت المسلمين قبل المسيحيين