لجريدة عمان:
2025-04-11@07:36:26 GMT

خريطة طريق للعمل الاجتماعي «1/3»

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ الأول من يناير 2025، والذي ترأسه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - أيده الله -، نصت إحدى إشارات بيان الاجتماع إلى ضرورة قيام مجلس الوزراء بإجراء الدراسات اللازمة (للظواهر الاجتماعية)، وما تواجهه (التركيبة السكانية) من تحديات وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ووضع (برامج وسياسات محددة)، لإيجاد الحلول المناسبة لكل التحديات في هذا الشأن.

وفي تقديرنا فإن هذه الإشارة مهمة في سياقها، ومحددة في ضروراتها؛ ذلك أن ثمة تحولات مجتمعية يمر بها المجتمع في عُمان تستوجب وضع منظومة متكاملة للرصد الاجتماعي، عبر إجراء التحليلات والدراسات المنتظمة والدورية والمستمرة، التي من شأنها تتبع حركة المجتمع، وما ينشأ عن تلك الحركة من (قضايا اجتماعية) تعنى ببعض الفئات الاجتماعية أو المناطقية، أو (ظواهر اجتماعية) وهي الحالات الاجتماعية التي تنشأ خارجة عن طبيعة المجتمع في استقراره وتكوينه ونظمه ولا يعلم ما ستؤول إليه مساراتها وتأثيراتها، أو (المشكلات الاجتماعية) وهي مجمل الحالات التي تنشأ وتؤثر بالضرورة على النسيج الاجتماعي والأنساق الاجتماعية وتعطل بعض تلك الأنساق من أداء وظائفها، وقد تكون هي في ذاتها ناشئة عن قصور في أداء المؤسسات الاجتماعية أو الأنساق الاجتماعية ككل وظائفها وأدوارها المعتبرة.

الأمر الآخر في أهمية التوجيه هو أنه طالب بـ (برامج وسياسات محددة)؛ وهذا يرتبط بطبيعة منظومات الرصد الاجتماعي، فإلى الضرورة المهمة لمراكمة نتاج بحثي دقيق ومعتبر، هناك ضرورة لأن تكون مخرجات هذا النتاج في شكل (برامج وسياسات محددة) وليست مجرد توصيات أكاديمية أو نظرية لا ترتبط بصورة مباشرة ببرنامج العمل الاجتماعي بالنسبة للدولة. وفي الواقع فإن المجتمع في عُمان يمر بمرحلة ديناميكية متغيرة، حيث يتفاعل مع جملة من السياسات الاقتصادية (في مرحلة التحول الاقتصادي بالنسبة للدولة)، ويتشكل نسيجه للتكيف مع آثار وتداعيات تلك السياسات، في الوقت الذي تتزايد فيه طبقة المتعلمين في مستويات التعليم المتعددة، وما تحمله تلك الطبقة من تصورات وتوقعات وقيم للواقع المعاش، ومع الضرورات التي يفرضها الانفتاح الاقتصادي ينتج عن التفاعل مع طبقة واسعة من الوافدين والعاملين في قطاعات الاقتصاد واندماجهم في صورة المجتمع الكلية جملة من القيم الثقافية والظواهر الناشئة، إضافة إلى الضغوطات الناشئة على الخدمات العامة بفعل تزايد أعداد السكان من العُمانيين وغير العُمانيين من ناحية، ومن ناحية أخرى يجعل هذا الضغط معادلة التحول من كفاية الخدمات إلى جودة الخدمات مسألة ذات جدلية كبرى بالنسبة للحكومات والمؤسسات العاملة في تقديم الخدمات العامة. في الوقت ذاته ينشأ عن حالة التفاعل الثقافي للمجتمع ضمن حركته العالمية صراع بين البنى التقليدية للتفكير والبنى الحديثة ، هذا الصراع تجسده أوساط واسعة من الشباب والناشئة، ويفرض ضرورات على إعادة تقييم الأدوار التربوية في حفاظها على القيم ومسؤوليات الضبط الاجتماعية. هذه هي الحالة العامة للمجتمع في عُمان في تقديرنا والتي يستوجب فهمها لمعرفة وتصور حركة المجتمع في سياقه العالمي.

وفيما يرتبط بالتركيبة السكانية بوصفها حالة الديموغرافيا والتكوين والحالة الاجتماعية للسكان فهي تتأثر بصورة مباشرة بمجمل السياسات العامة القائمة، بالإضافة إلى حركة المجتمع نفسه. وتثار هواجس التركيبة السكانية في سياقات عالمية متعددة في إشارة إلى المخاطر الناشئة عنها؛ بما في ذلك أزمة شيخوخة السكان العالمية، حيث تشير التقديرات إلى ارتفاع من هم أعلى من 65 عامًا إلى نحو 1.6 مليار نسمة خلال العقدين القادمين، مقارنة بـ761 مليون نسمة في 2021. وهذا في ذاته يولد ضغوطًا على خدمات الرعاية الصحية وعلى نظم التقاعد والحماية الاجتماعية وعلى الأسواق في ضرورة إيجاد منتجات جديدة تتناسب مع هذا النمو لهذه الفئة. وتثار عالميًا أيضًا فيما يرتبط بالتركيبة السكانية مشكلة تدني الإنتاجية العالمية، وهو ما يستدعي سياسات لتعزيز التعليم التقني والتدريب المهني وبرامج إعادة هيكلة المهارات، وحوافز الإنتاجية، وإعادة تشكيل سياسات العمل العامة، جنبًا إلى جنب مع تحسين جودة العنصر البشري في حالته العامة، حيث إن كل زيادة بنسبة 10% في جودة رأس المال البشري يمكن أن تؤدي إلى نمو الناتج المحلي بنسبة 1.4% (حسب بيانات البنك الدولي).

في هذه المقالة التي سنكتبها على 3 أجزاء سنحاول تقديم رؤية لطبيعة العمل والسياسات الاجتماعية التي يتطلبها الواقع الاجتماعي في سلطنة عُمان، وماهية السياسات الاجتماعية (المحددة) التي نرى بضرورتها لتحييد الآثار العكسية للسياسات الاقتصادية على المجتمع من ناحية، وتجويد مسائل التركيبة السكانية من ناحية أخرى. وفي الواقع فإن الأمر في منطلقه يتطلب توافقًا على الهواجس (المحددة) التي يجب أن تكون في بؤرة الضوء للعمل عليها ونعتقد من زاوية الاختصاص أنها 5 هواجس أساسية:

1- المحددات والعوامل المؤثرة في طبيعة القدرة على تكوين الأسرة والخيارات الزواجية.

2- المشكلات الاجتماعية الناتجة عن طبيعة حركة الاقتصاد والسياسات الاقتصادية، بما في ذلك مشكلات سوق العمل.

3- التحديات التي تفرضها الأيدي العاملة الوافدة على أنساق الاقتصاد والثقافة وتركيب السكان والمجتمع.

4- حالة التحولات القيمية والفكرية وما ينشأ عنها من سلوكيات وظواهر ومشكلات في السياق الاجتماعية.

5- تحديات المعرفة بالمجتمع: أزمة البيانات والدراسات والتحليلات الاجتماعية ومدى كفاءتها لصنع السياسات الاجتماعية.

في تقديرنا هذه الهواجس الخمسة، يستوجب أن تكون مدخلًا للنقاش حول الحالة الاجتماعية، وما سنسرده في الأجزاء التالية لهذه المقالة من رؤى وسياسات ستتمحور حولها. ونعتقد بأهمية إطلاق برنامج متكامل للتوازن والاستقرار المجتمعي يركز على نوعية من السياسات التي تسمى (السياسات الصديقة للأسرة/ السياسات المتمحورة حول الأسرة)، بالإضافة إلى تجويد منظومة سياسات الرعاية والحماية الاجتماعية والأسرية الراهنة، بحيث تكون مظلة شاملة وموحدة للعمل في حقل البرامج والسياسات الاجتماعية المطلوبة.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسات الاجتماعیة المجتمع فی من ناحیة

إقرأ أيضاً:

الإدارة العامة للشرطة المجتمعية ولاية جنوب كردفان تفعل عمل اللجان المجتمعية بالولاية

بحضور وزيرة التربية والتعليم ولاية جنوب كردفان رئيس اللجان الفنيه المتخصصة الأستاذة /فاطمة قمر إنعقد الاربعاء إجتماع اللجان المجتمعية لعدد 18حي من جملة 23 لإنطلاق عمل اللجان المجتمعية بمحافظة كادوقلي حيث أشارت الوزيرة إلي أهمية الإجتماع والمبادرة الطيبة وتقدمت بالشكر لإدارة الشرطة المجتمعية التي تعتبر من أهم ازرع للشرطة السودانية في إشراك المجتمع بقضاياه الإجتماعية والامنية في ظل هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها ولاية جنوب كردفان وقالت إننا نعول كثيرا علي لجان الشرطة المجتمعية بالاحياء وهي منوط بها عمل كبير وحماية المجتمع والمساهمة في العملية الأمنية في الأحياء المختلفه وتغيير المفاهيم السالبة في المجتمعات وإرساء دعائم الأمن والإستقرار ونبذ الجهوية والقبلية بين مكونات المجتمع وبناء النسيج الإجتماعي القوي ونشر ثقافة السلام المجتمعي بين الناسمن جانبه أشار العميد شرطة سيف الاسلام فضل علي مدير دائرة الجنايات بشرطة ولاية جنوب كردفان ومقرر اللجان الفنيه المتخصصة والمشرف على أعمال اللجان المجتمعية أشار في تصريح للمكتب الصحفى للشرطة الي ان عدد الحضور بلغ 140 عضو من اللجان المجتمعية بالأحياء وهذا الاجتماع الثاني لتدشين العمل الميداني متطرقا الي حضور وتشريف مولانا دكتور بابكر محمد صالح رئيس لجنة المساعي الحميدة وإصلاح ذات البين عضو اللجنة العليا للشرطة المجتمعية ووزير البني التحتية ونيس عبدالله ونيس الذي كان لحضوره إضافة مقدرة لهذا الإجتماع الذي تطرق الي تفعيل عمل اللجان الأمنية و المجتمعية داخل الأحياء والقيام بادوارها في المنطقة ودعم العمل الأمني والمجتمعيالعقيد شرطة علاء الدين أحمد الطاهر مدير الشرطة المجتمعية بالولاية ثمن الدور الكبير الذي تقوم به اللجان المجتمعية وهي تتأهب لتأمين الأحياء مشيرا للعمل الكبير الذي ينتظرها في المواقع المختلفة وقال اننا قمنا بتنوير اللجان بالوضع الراهن بعد الإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري المساندة لها في حرب الكرامة من تهيأت اللجان المجتمعية للقيام بمهامها في مرحلة الإعمار والتنمية التي تنتظم البلاد في الفترة القادمة حيث تفاعلت اللجان مع هذا قرارات الإجتماع .المكتب الصحفي للشرطة إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الإمارات: ضرورة وضع خريطة طريق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي
  • حركة ترقيات بجنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء لرفع مستوى الأداء
  • شم النسيم 2025.. خريطة أماكن الخروج والحدائق العامة لقضاء الإجازة
  • “جامعة نورة” تمنح حرم خادم الحرمين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية
  • ملتقى "التخطيط الاجتماعي" بحلوان يناقش استشراف مستقبل التخطيط والسياسة الاجتماعية بمصر
  • إصابة 6 أشخاص بحادث انقلاب سيارة سوزوكى على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى بطوخ
  • الإدارة العامة للشرطة المجتمعية ولاية جنوب كردفان تفعل عمل اللجان المجتمعية بالولاية
  • في خطوة تؤكد حجم التفاعل الكبير من أفراد المجتمع.. 1.8 مليار ريال حصيلة الحملة الوطنية للعمل الخيري
  • بدء اختبارات العمال المُرشحين للعمل بشركة مقاولات بالإمارات براتب 2000 درهم
  • نائب: الرئيس السيسي وماكرون رسما خارطة طريق السلام وعلى المجتمع الدولي تنفيذها