يمانيون../
في عام 1962 نشر فريدمان مقالاً اعتبره الرأسماليون: ثورة فكرية -بحسب زعمهم- من خلال اقتراحات ونظريات قدمها كبدائل وحلول للمشاكل الاقتصادية آنذاك، بعد أن أخفقت وتعثرت نظريات من كان قبله من الاقتصاديين ابتداءً من (آدم سميث) في كتابه ثروة الأمم، ثم (مالتوس) صاحب الأفكار المنحرفة والنظريات السكانية المتوحشة، و(ديفيد ريكاردو) في كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب و(كارل منجر) في كتبه: مبادئ الاقتصاد وكتاب نظرية القيمة وأصل النقود.

برز فريدمان في بحثه المنشور في الستينيات من القرن الماضي مدافعاً بشكل أساسي عن حرية الأسواق، ومؤكداً أن الدول والحكومات لم تقدر على تقديم حلول للمشكلة الاقتصادية، وفي الوقت نفسه يطالب بتدخل الدولة تجاه المعروض النقدي باعتباره أهم سبب للتضخم، وهو محق في هذه الجزئية. ما زالت نظرياته قيد الاهتمام والتفاعل في الغرب بالرغم مما فيها من تناقضات، وقد جاءت بعد حدوث ركود تضخمي ثبت معه بطلان نظريات من كان قبله، وهو (جون مايارد كينز). وقد وصفت نظرياته بالعبقرية والأفكار السحرية، خاصة أنه نسب إليها الخروج من الأزمة المالية الكبرى 1929م، وقدمت للجامعات والمراكز البحثية كأهم إنجاز واختراع حدث على يد اليهودي (جون مايارد كينز) رغم تناقض نظرياته عن ما كان قبله من نظريات أيضاً.

وقد ركزت نظريات (كينز) على ضرورة أن تتدخل الدولة أثناء فترات الركود الاقتصادي لتحفيز الطلب والحد من البطالة واختراع أي سبب لخلق وظائف، ووفقاً للوسواس الخناس الذي خضع له (كينز) ثم أخرجه إلى حيز التنفيذ في كتابه النظرية العامة للتشغيل والفائدة. وتم وصفه بالعبقرية، وقد شجع الأمريكيين على خوض الحروب لمجرد تحريك المعروض النقدي وتصريف التضخم، وهو القائل: (لا بأس بأن تهدم جزءاً من لندن لمجرد إعادة إعمارها كاملة!).

لكن في الواقع لا يتم العمل بما قدمه فريدمان، خاصة في مجال السياسات النقدية، فالمشكلة الرئيسية للاقتصاد العالمي اليوم هي المعروض النقدي الكبير وعدم توقف مطبعة الدولار عن ضخ الأوراق إلى السوق، بالإضافة إلى المعروض من النقد الائتماني الذي تخلقه البنوك. وبالنسبة لأسعار العملات، فكثير من الأسواق تعتمد التعويم لأنها مرتبطة بالدولار العائم أصلاً منذ 1971م، بل بما قدمه في حرية الأسواق وعدم تدخل الدولة وفي جزئيات معينة بما يخدم الشركات وبنوك اليهود.

في الواقع، من المهم التأكيد على أن هذه التناقضات المتجددة دائماً، والتي تبرز من حين لآخر، تؤكد وتدل على حقيقة وقضية أساسية لا مهرب منها، وهي: عدم كفاءة النظريات والقوانين والرؤى البشرية باعتبارها قاصرة وثبت فشلها مرات عديدة، وهي في الواقع متمردة عن توجيهات الله ورؤية الخالق العظيم فيما أنزله من هدى ونور جعله متميزاً بالكفاءة والكمال كنظام لإدارة شؤون البشرية.

والمتأمل في القرآن الكريم يجد أن مسألة المال وقضية الاقتصاد قد حازت على مكانة كبيرة، ووردت بطريقة واضحة وضوابط تنظيمية قوية مميزة جداً من حيث (الواقعية والعدالة والإنسانية)، ومن كافة النواحي الأخرى فهي كاملة ولا نظير لها.

ومن المعلوم بالضرورة أن كل البنوك المركزية في العالم تابعة وخاضعة لهيمنة الدولار وبنك الاحتياطي الفيدرالي ونظامه المالي ممثلاً في (نظام سويفت/وبنك التسويات/وشركة المقاصة/ وصندوق النقد/والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية). وتدار كلها من أعضاء مجلس الفيدرالي، وهم أيضاً نفس الفريق الذي يمتلك ويدير البنك الاحتياطي ومطبعة الدولار التي لم تتوقف يوماً واحداً عن الطباعة، حيث لا تخضع لسلطة أحد سوى اليهود المصرفيين. والسياسات التي يعتمدونها سابقاً ولاحقاً هي التي تنسجم مع مصالحهم دون مراعاة أي اعتبارات أخرى.

استراتيجية اليهود في ترسيخ فكرة أن البنوك المركزية مستقلة (لا تتبع أحد) وعلاقتها بالتغطية على تناقضات الرأسمالية

منذ أن تم إنشاء بنك الاحتياطي الفيدرالي في 1913م، بعد تخطيط ومرحلة تأسيس أكثر من عشر سنوات، قام اليهود عبر الوسائل المختصة التابعة لهم بنشر وترسيخ فكرة أن البنوك المركزية يجب أن تكون مستقلة، لا تخضع لأي قيادة في الدولة التي من المفترض أنها المالكة لبنكها المركزي. لقد نجح اليهود المصرفيون في ترسيخ هذه الفكرة لدى قادة الدول والمجتمعات، بالرغم من سهولة الوصول إلى حقيقة أن معنى (مستقلة) تركها لتكون فعلياً تابعة لسياسات المالية والنقدية الصادرة عن النظام المالي العالمي. وهذا يعني (فعلياً) أن تبقى في خدمة الدولار ومصالح اليهود المصرفيين. (لا يستطيع أحد من المختصين أن ينكر هذه الحقيقة).

ماذا ترتب على القبول بفكرة (البنوك المركزية مستقلة)

تمكن اليهود من جعل البنوك المركزية في العالم تابعة لهم تقدم لهم خدمة توزيع تضخم الدولار منذ عام 1971م، حين تم فصل الدولار عن الذهب والهروب إلى ربطه بالسلعة الأكثر مبيعاً وتداولاً في العالم، وهي النفط. وقد تم إنقاذ الدولار من السقوط الحتمي بفضل تعاون آل سعود. وبسبب هذه الجريمة تم فرض الدولار على العالم كعملة عالمية معتمدة في بيع النفط وفي التبادل التجاري بين الدول، ومعتمدة للديون. وحتى يومنا هذا، ما زالت كل عملات الدول الورقية (معومة) بالدولار (العائم) غير المرتبط بأي شيء له قيمة مملوكة للجهات التي تقوم بطباعته.

المهمة الفعلية للبنوك المركزية في ظل النظام المالي العالمي

إن مهمة البنوك المركزية في العالم هي استقبال حصتها من تضخم الدولار وتوزيعه على الشعوب (المواطنين) المستهلكين، حيث تبقى العملات في صراع بقاء أمام الدولار والسياسات التي يفرضها اليهود المصرفيون عبر النظام المالي العالمي، ممثلاً بـ(الدولار ونظام سويفت وبنك التسويات وشركات المقاصة وصندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية).

والأثر السلبي لهذه المشكلة؛ والمقصود بها (مشكلة القبول بأن البنوك المركزية مستقلة لا تتبع أحد) ينعكس بشكل مباشر على الشعوب، التي تتحمل التضخم بشكل مستمر في شكل ارتفاع الأسعار والضرائب المعلنة والمخفية. فهي وحدها من يدفع فاتورة الاستيراد ويتحمل عبء انخفاض قوة العملات الوطنية أمام الدولار ومؤامرات الحروب النقدية. وهذا هو المعنى الوظيفي لتوزيع تضخم الدولار على الشعوب بشكل مستمر وظالم.

وبما أن الشعوب والدول قبلت بفكرة أن (البنوك المركزية مستقلة) وتجاهلت ما يترتب عليها؛ فإن ذلك يعني في الواقع قبولها بأن تبقى البنوك المركزية تحت قيادة اليهود المصرفيين وبعض الشركاء الماليين من الصهاينة فقط. ومن خلال البنوك المركزية وخضوعها لسياسات اليهود المصرفيين وأدواتهم المالية المشار إليها تمكن اللوبي الصهيوني من فرض الهيمنة على قادة الدول، وتمكنوا من الاحتلال الاقتصادي للشعوب، وجعلوها في دائرة الاستهلاك والتبعية الاقتصادية لهم.

ومن يحاول أن يقدم مبررات أو مغالطات أخرى غير هذه الحقيقة فهو يغالط نفسه، وستبقى حجته باطلة تفتقر إلى المصداقية، لأن كل الشواهد في الواقع تؤكد أن الاقتصاد يقوم ويرتكز على المؤسسة المعنية بإصدار واعتماد وتنفيذ السياسات المالية والنقدية (البنوك المركزية). وإلى يومنا هذا، ما زالت بنوك العالم المركزية أسيرة لهيمنة النظام العالمي ومؤسساته، وكلها تمارس العبودية في بلاط الدولار وتقدم له (خدمة البقاء على قيد الحياة). ومن يقول غير ذلك فهو أفاك أثيم وحجته باطلة وقبيحة كمن يحاول إنكار أن الشمس تأتي من المشرق.

والله ولي التوفيق.

محمد محمد أحمد الأنسي – خبير اقتصادي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المرکزیة فی فی الواقع فی العالم

إقرأ أيضاً:

كاتب يهودي: ترامب يبيع اليهود كذبة خطيرة ولا يحميهم من معاداة السامية

شدد رئيس جامعة "ويسليان" في الولايات المتحدة والكاتب اليهودي، مايكل روث، على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم ببيع اليهود "كذبة خطيرة ولا يحميهم من معاداة السامية"، منتقدا التصعيد الذي يمارسه البيت الأبيض تجاه الطلاب والأكاديميين المناصرين لفلسطين.

وقالت روث في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21"، إن وزيرة التعليم الأمريكية ليندا مكماهون هددت الأسبوع الماضي بقطع منح وعقود بقيمة 9 مليارات دولار تقريبا لجامعة هارفارد بسبب "فشلها في حماية الطلاب في الحرم الجامعي من معاداة السامية".

ورغم صدمة هذا التهديد، إلا أنه لم يكن مفاجئا تماما، فمنذ أن شكلت وزارة العدل فريق عملها لمكافحة معاداة السامية، تلقت 60 جامعة إشعارات بأنها تخضع للمراقبة أو التحقيق، حسب الكاتب.

وأضاف أنه ومع تصميم إدارة ترامب على ما يبدو على القيام بكل شيء، في كل مكان، دفعة واحدة، قد يكون من الصعب أحيانا تحديد أولوياتها الحقيقية. ولكن في هذه النقطة تحديدا، لا يريد دونالد ترامب أي غموض: "هذا وعدي للأمريكيين اليهود"، كما قال خلال حملته الانتخابية "بأصواتكم، سأكون مدافعا عنكم وحاميا لكم، وسأكون أفضل صديق حظي به اليهود الأمريكيون في البيت الأبيض".

وتابع الكاتب "بصفتي أول رئيس يهودي لجامعة كانت ميثودية (أو منهاجية) سابقا، لا أجد أي عزاء في احتضان إدارة ترامب لشعبي، سواء في الجامعات أو في أي مكان آخر، فكراهية اليهود حقيقية، لكن مكافحة معاداة السامية اليوم ليست جهدا مشروعا لمحاربتها. إنها غطاء لمجموعة واسعة من الأجندات التي لا علاقة لها برفاهية الشعب اليهودي".


وشدد على أن جميع هذه الأجندات: تفكيك الوظائف الحكومية الأساسية إلى سحق استقلال المنظمات الثقافية والتعليمية إلى تجريم الخطاب السياسي إلى إضفاء الشرعية على الثارات الرئاسية التافهة، تعرض المبادئ والمؤسسات التي جعلت هذا البلد عظيما للخطر. وبالنسبة لليهود، فإن عددا من هذه الأجندات يفعل أكثر من ذلك: إنها تشكل تهديدا مباشرا للأشخاص الذين تدعي مساعدتهم. سيكتشف اليهود الذين يشيدون بحملة الإدارة الصارمة قريبا أنهم يفعلون ذلك وهي ليست لصالحهم.

وأشار إلى أنه من بين أوائل المستهدفين البارزين للحملة المعادية للسامية، خريج حديث من جامعة كولومبيا، وطالبة دراسات عليا حالية في جامعة تافتس، الأول مقيم دائم قانوني في هذا البلد والأخرى هنا بتأشيرة طالب، وقد دافعا عن حقوق الفلسطينيين. وقد كبل كلاهما بالأصفاد، وطرد، واحتجزا إلى أجل غير مسمى ولم توجَه لأي منهما تهمة جنائية.

وأضاف الكاتب أن عمليات اختطاف على يد عملاء حكوميين واحتجازات غير مبررة لأجل غير مسمى واستهداف أفكار يُزعم أنها خطيرة وقوائم بأسماء الخاضعين للتدقيق الحكومي وتصريحات رسمية مليئة بالضجيج والكراهية،  حيث مر اليهود بمثل هذه التجربة مرات عديدة، ولم تنتهِ الأمور على خير بالنسبة لنا.

وأوضح الكاتب أن سيادة القانون والحق في حرية الفكر والتعبير ضمانات أساسية للجميع، ولكنها مهمة بشكل خاص لأعضاء الجماعات التي لا تتوافق أفكارها أو ممارساتها دائما مع التيار السائد. وكما كتب م. جيسن مؤخرا في هذه الصفحات: "إن الدولة التي تبعد جماعة واحدة عن مجتمعها السياسي ستبعد في النهاية جماعات أخرى". و "ما تفعله حكومتنا الآن خطأ في حد ذاته، بل وأكثر من ذلك، فهو يشكل تهديدا أكبر لسلامة اليهود من جميع الاحتجاجات الجامعية".

وقال " تلقيت سيلا من رسائل البريد الإلكتروني تسأل عما إذا كان اليهود موضع ترحيب في جامعة ويسليان". وأجاب أنهم موضع ترحيب. وبعض الطلاب الذين نشأوا في مجتمعات متشابهة في التفكير، يفاجأون بوجود أكثر من جانب واحد للقضية. في بعض الحالات، يكون ذلك كافيا لإيقاظ قلقهم.
وكان الوضع مختلفا في جامعة كولومبيا. اتسمت الاحتجاجات بالعنف (سواء في تصرفات المشاركين أو في تصرفات الشرطة التي استدعيت لقمعها). وبلغت التوترات بين مؤيدي الفلسطينيين والإسرائيليين ذروتها في بعض الأحيان، وفقا للمقال.

ولفت الكاتب إلى أنه من نواحٍ أخرى، تعد جامعة كولومبيا خيارا غريبا. فهي تضم ثاني أعلى نسبة من الطلاب اليهود من جامعات رابطة آيفي ليغ (جامعات النخبة). وقد صرحت وزيرة التعليم مكماهون بأن الحكومة ستلغي 400 مليون دولار من الدعم الفدرالي للجامعة بسبب فشلها في حماية الطلاب اليهود. ومع ذلك، فإن التخفيضات الفدرالية المخصصة لجامعة كولومبيا ستؤثر بشكل غير متناسب على الطلاب اليهود.

وعندما أعلن البيت الأبيض عن التخفيضات، فعل ذلك بتغريدة جاء فيها "شالوم كولومبيا". و"ليس بالضرورة أن تكون يهوديا لتسمع قدرا كبيرا من السخرية في هذه الكلمات".

ووفقا للكاتب، فإن هذا النوع من التوتر - بين مناصرة اليهود والسخرية منهم أو شتمهم أو حتى تهديدهم في بعض الحالات، كان واضحا لدى اليمين منذ فترة. لننظر أولا إلى الرئيس: من ناحية، ابنته وصهره وأحفاده يهود. (اعتنقت إيفانكا ترامب اليهودية عندما تزوجت جاريد كوشنر). من ناحية أخرى، عندما سار النازيون الجدد وأعضاء جماعة كو كلوكس كلان وغيرهم في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، حاملين المشاعل ويهتفون "لن يحل اليهود محلنا"، أدان ترامب العناصر الأكثر تطرفا في المسيرة لكنه أشار إلى وجود "بعض الأشخاص الطيبين للغاية من كلا الجانبين".

وقال روث إن الانفصال على مستوى بين صورة اليهود كأشخاص ضعفاء يجب حمايتهم وأشخاص أقوياء يجب هزيمتهم، أصبح الآن واسع الانتشار.

وأضاف أنه في العام الماضي عندما وضع الكونغرس مشروع قانون لمعارضة الخطاب المعادي للسامية في الجامعات، سارع العديد من المشرعين للتعبير عن دعمهم. لكن لم يكن هذا حال بعض أبرز ممثلي حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، ومنهم مات غيتز ومارجوري تايلور غرين، الذين لم يعترضوا على مكافحة معاداة السامية، لكنهما أشارا إلى أن صياغة مشروع القانون ستعيق قدرة المسيحيين على اتهام اليهود بقتل المسيح. وفي مناسبات أخرى، اتفقت غرين مع فلاديمير بوتين، قالت إن الرئيس اليهودي لأوكرانيا كان يدير "جيشا نازيا".

وقالت كانديس أوينز، المؤيدة البارزة لترامب، إن جيفري إبستين كان يعمل لصالح إسرائيل، الدولة التي أتقنت الابتزاز "بطريقة علمية". وشجع أندرو تيت، بطل حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" (والمتهم بتهم الاتجار بالجنس)، الناس على "التشكيك" في انتقاداتهم لهتلر - وعلى إعادة التحية النازية، في الوقت نفسه - وقال إن "من كتبوا الرواية الرسمية" للهولوكوست "استخدموها لتقويض وعي الشعوب الغربية ودفعها إلى الانتحار الجيني الجماعي".

ودافعت إليز ستيفانيك، ثالثة أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب، بشراسة عن اليهود ضد معاداة السامية في التعليم العالي، مما قاد استجوابا مكثفا لثلاثة رؤساء جامعات، فقد اثنان منهم مناصبهما بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، في مناسبات أخرى، استخدمت لغة مشابهة لـ"نظرية الاستبدال العظيم"، وهي نفس نظرية المؤامرة المعادية للأجانب التي كان المشاركون في حركة "وحدوا اليمين" يهتفون بها في شارلوتسفيل.


كما أن نيك فوينتس، الذي تناول العشاء مع  ترامب في عام 2022، يرى أن "تأثير اليهود" هو إحدى أكبر مشكلتين في العالم، وأعلن أن على "اليهود التلموديين" مغادرة البلاد أو اعتناق المسيحية. أما  ترامب نفسه، فقد أعلن أن السيناتور تشاك شومر "لم يعد يهوديا"، مما يذكر بكارل لويغر، المعادي للسامية المتعصب وعمدة فيينا في نهاية القرن العشرين، الذي أعلن: "أنا من يقرر من هو اليهودي". شارك ليو تيريل، رئيس فريق عمل ترامب لمكافحة معاداة السامية، تغريدة لأحد أبرز دعاة تفوق العرق الأبيض، أشاد فيها بقدرة الرئيس على "سحب بطاقة هوية اليهودي من أي شخص".

وفي بلدة لونغ آيلاند التي نشأ الكاتب فيها، كان اليهود أقلية. وقد "علمني والدي كيف أضرب معادي السامية قبل أن أتعرض للضرب، وعندما كنت في المدرسة الابتدائية! وأكد لي أنه يجب أن أتوقع مصادفة مثل هؤلاء الأشخاص أينما ذهبت، خاصة مع انتقالي إلى بيئات مهنية أو اجتماعية غير مألوفة لي"، حسب روث.

وتكهنت الروائية والباحثة دارا هورن بأنه مع خفوت ذكرى النازيين والهولوكوست، "كان العار العام المرتبط بالتعبير عن معاداة السامية يتلاشى أيضا - بمعنى آخر، أصبحت كراهية اليهود أمرا طبيعيا". مما يعني أنه ينبغي علينا توقع تفاقم الأمور.

ونظرا لكل هذا، بحسب الكاتب، هناك إغراء كبير لدى اليهود لاحتضان أي شخص يندد بمعاداة السامية، بغض النظر عن التناقضات الأخلاقية (أو الصلة المشبوهة بين حماية الأقليات الدينية، مثلا، وقطع المنح لأبحاث السرطان). وقالت رابطة مكافحة التشهير ردا على اعتقال محمود خليل، المقيم الدائم القانوني: "نقدر الجهود الواسعة والجريئة التي تبذلها إدارة ترامب لمواجهة معاداة السامية في الجامعات، وهذا الإجراء يُبرز هذا العزم من خلال تحميل الجناة المزعومين مسؤولية أفعالهم".

كما أشار سام أدلر-بيل مؤخرا، شجعت بعض المنظمات اليهودية الأمريكية على تآكل الحقوق والأعراف مقابل دعم إسرائيل. ولم يمض يوم كامل على تولي الرئيس منصبه حتى دافعت رابطة مكافحة التشهير عن إيلون ماسك لإلقائه ما بدا لي بالتأكيد تحية النصر. بعد أن واجهت المنظمة انتقادات شديدة بسبب دعمها لاختطاف  خليل، أعاد الرئيس التنفيذي للمنظمة الأسبوع الماضي التأكيد على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. كيف وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها هذا الأمر موضع شك؟

تأسست رابطة مكافحة التشهير عام 1913، في أعقاب قضية ليو فرانك، وهو رجل يهودي اتُهم بقتل فتاة مسيحية تبلغ من العمر 13 عاما. يتفق معظم المؤرخين اليوم على أن فرانك، الذي أُعدم شنقا عام 1915، أُدين ظلما بعد محاكمة صورية، لكن أنصار حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" على قناة إكس لا يسعهم إلا الاحتفال بإعدام يهودي شنقا. صاحت لورين ويتزكي، المرشحة الجمهورية لمجلس الشيوخ لعام 2020، قائلة: "لقد نال ما يستحقه تماما، وكان ينبغي أن ينال كل فرد في ذلك الحشد أوسمة تقديرا لحماية مجتمعهم".


وأشاد كينغسلي ويلسون، نائب السكرتير الصحافي في البنتاغون، وهو شاب في العشرينيات من عمره، بحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، مستشهدا بالشعار النازي "Ausländer raus!" ("أخرجوا أيها الأجانب!"). وكما قال المحافظون التقليديون في بولوارك: "إن "التحول في التوجه" لا يعني بالضرورة أن المزيد من اليمينيين معادون للسامية مقارنة بما كان عليه قبل ثماني سنوات، بل إن جزءا كبيرا من اليمين الآن يبدو رافضا للفكرة الأساسية القائلة بوجوب وجود أي وصمة عار حتى ضد أشد أشكال التعصب شراسة".

وقال الكاتب إنه ولهذا السبب، يُعد "استغلال الخوف اليهودي" أمرا ضارا للغاية. أولئك الذين يهاجمون أشخاصا مثل محمود خليل اليوم سيتشاركون الخبز مع جماعة "Ausländer raus!" غدا. سيبحثون عن أهداف جديدة. من سيكون التالي؟

وختم المقال بقوله "في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد، تحالفت مملكة يهودا اليهودية مع روما لحماية نفسها من هيمنة الثقافة اليونانية. استجابت روما، واحتلت يهودا. عدو عدونا ليس صديقنا. في ذلك درس، إن استطعنا استيعابه".

مقالات مشابهة

  • بـ 51.38 جنيه في الأهلي.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس في البنوك
  • رسميًا الآن.. الدولار يواصل الهبوط أمام الجنيه في البنوك إلى هذا المستوى
  • رسميا الآن .. تحرك أسعار الدولار مقابل الجنيه في البنوك
  • محافظ الوادي الجديد: تدشين عيادتين للتأمين لخدمة مركزي بلاط وباريس
  • ريم مصطفى تمارس التنس على طريقة ماريا شاربوفا
  • سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 9 أبريل 2025
  • "المركزي الصيني" يطلب من البنوك الحكومية الحد من شراء الدولار الأمريكي
  • أسعار الدولار مساء اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 في البنوك المصرية
  • سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025
  • كاتب يهودي: ترامب يبيع اليهود كذبة خطيرة ولا يحميهم من معاداة السامية