ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما هي كيفية الدعاء للميت بعد الفراغ من الدفن؟ حيث يوجد سائل يسأل عن الدعاء على المقابر بعد الفراغ من دفن الميت، وهل يكون سرًّا بأن يدعو كل من الحاضرين في نفسه، أو يكون جهرًا بأن يقوم أحدهم بالدعاء ويُؤمّن الآخرون على دعائه؟ وما السنة في ذلك؟

الدعاء للميت بعد الدفن

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إنه يسن الوقوف عند القبر ساعة بعد دفن الميت ويُسَنّ الدعاء له؛ لما رواه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد عن عثمان رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ»، وروى مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: "إِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي"، وذلك إنما يكون بعد الدفن.

أما عن كيفية الدعاء للميت وهل يكون سرًّا أو جهرًا؟ فالأمر في ذلك واسع، والتنازع من أجل ذلك لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بل هو من البدع المذمومة؛ إذ من البدعة تضييق ما وسع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجه، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.

خطورة التضييق على الناس

ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأغلوطات وكثرة المسائل، وبين أن الله تعالى إذا سكت عن أمر كان ذلك توسعة ورحمة على الأمة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وحرم حُرُمَاتٍ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا» رواه الدارقطني وغيره عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وصححه ابن الصلاح وحسنه الإمام النووي.

وبيَّن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فداحة جُرْم من ضيَّق على المسلمين بسبب تنقيره وكثرة مسألته فقال: «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَقَّرَ عَنْهُ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» رواه مسلم من حديث عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيه رضي الله عنه.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» متفق عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء دعاء للميت الدعاء للميت كيفية الدعاء للميت المزيد صلى الله علیه وآله وسلم الدعاء للمیت رضی الله عنه

إقرأ أيضاً:

حكم تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين

دعاء رمضان.. قالت دار الإفتاء المصرية، إن كتابة بعض الناس على مجموعات التواصل الاجتماعي أدعية لشهر رمضان، على هيئة دعاء لكلِّ يوم؛ لتذكير المشاركين بهذه العبادة، أمر جائز شرعًا في كل الأوقات والأحوال.

مشروعية الدعاء وبيان فضله


وأوضحت الإفتاء أن مِن أحب العبادات والطاعات إلى الله تعالى: الدعاء، فقد أمر المولى سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يخلصوا له الدعاء، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60].

قال الإمام البغوي في "معالم التنزيل" (7/ 156، ط. دار طيبة): [أي: اعبدوني دون غيري أجبكم وأثبكم وأغفر لكم، فلما عبَّر عن العبادة بالدعاء جعل الإنابة استجابة] اهـ.

ولا شك أنَّ الدعاء ذكر لله، والذكر مشروع في كلِّ زمان ومكان، وعلى أيِّ هيئة كانت، وفي كلِّ الأحوال، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].

يقول الإمام النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (1/ 392، ط. دار الكلم الطيب): [﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ﴾ فرغتم منها، ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾، أي: دوموا على ذكر الله في جميع الأحوال] اهـ.

حكم تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين
وأكدت الإفتاء أن نشر دعاء كل يوم من أيام رمضان على مجموعات التواصل الاجتماعي لتذكير الناس بهذه العبادة، أمر محمود شرعًا، وله أصل في السُّنَّة النبوية من تخصيص بعض الأيام بعبادةٍ معينةٍ؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا"، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يفعله. متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (9/ 171، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقوله: "كلَّ سبت": فيه جواز تخصيص بعض الأيام بالزيارة، وهذا هو الصواب وقول الجمهور] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 69، ط. دار المعرفة): [وفي هذا الحديث على اختلاف طرقه: دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك] اهـ.

مقالات مشابهة

  • كيفية صلاة قيام الليل وموعدها.. «من أعظم العبادات»
  • حكم قراءة القرآن بدون وضوء «الإفتاء توضح»
  • الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان
  • دعاء الضيق كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
  • حكم تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين
  • المراد بقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • صيغة دعاء ليلة النصف من شعبان
  • حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم