من الولايات المتحدة إلى ألمانيا.. كيف أصبح ماسك لاعبًا سياسيًا مؤثرًا؟
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
أثار إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، جدلًا واسعًا بعد دعمه العلني لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف. وأثارت تصريحاته ردود فعل غاضبة من المسؤولين في ألمانيا، الذين اتهموه بمحاولة التأثير على الانتخابات الفيدرالية المقررة في 23 شباط/فبراير.
اعلانجاء تصريح ماسك في مقال افتتاحي نُشر في صحيفة ألمانية مطلع هذا الشهر، حيث أعلن دعمه لسياسات الحزب المتعلقة بالطاقة، الانتعاش الاقتصادي، والهجرة.
ولم يكن الجدل الذي أثاره إيلون ماسك بدعمه لحزب يميني متطرف في ألمانيا سوى جزء من سلسلة تعليقات وآراء سياسية واسعة النطاق، شملت دولًا مثل بريطانيا وإيطاليا والبرازيل، مما يظهر تأثيره المتزايد في القضايا السياسية.
ماسك والسياسة البريطانيةفي بريطانيا، أثار ماسك اهتمامًا واسعًا بعد ظهوره في صورة مع نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح الشعبوي، ونيك كاندي، أمين صندوق الحزب، وذلك أمام لوحة لدونالد ترامب في مارالاغو، عقار الرئيس الأمريكي السابق في فلوريدا. الصورة أثارت تكهنات حول اهتمام ماسك بالسياسة البريطانية، خاصة بعد تصريح فاراج في كانون الأول/ديسمبر بأن ماسك يدرس إمكانية التبرع لحزبه.
هذا الأمر قد يدفع المشرعين البريطانيين إلى سن قوانين جديدة تحد من التبرعات السياسية الأجنبية، بحسب صحيفة "الغارديان". وإذا قرر ماسك المضي قدمًا في التبرع، فقد يلجأ إلى شركته الفرعية التابعة لشركة "X" في المملكة المتحدة، والتي ما زالت تعمل هناك وفقًا لسجلات الشركة.
هذه ليست المرة الأولى في عام 2024 التي تثير تصريحات ماسك جدلًا في بريطانيا. فقد سبق أن وصفها بأنها "دولة بوليسية مستبدة"، وذلك في سياق أعمال شغب شهدتها ساوثبورت الصيف الماضي. وأشعل ماسك الجدل بقوله إن "الحرب الأهلية حتمية". وأفادت هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية بوجود علاقة مباشرة بين منشورات وسائل التواصل الاجتماعي والعنف في الشوارع خلال تلك الأحداث.
ماسك والسياسة الإيطاليةفي إيطاليا، واجه ماسك انتقادات حادة من الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، بعد أن نشر تغريدة أثارت الجدل طالب فيها بعزل قضاة إيطاليين. جاءت التغريدة عقب حكم قضائي من محكمة روما في تشرين الثاني/نوفمبر يقضي بإعادة سبعة مهاجرين محتجزين في ألبانيا إلى إيطاليا، وهي خطوة اعتُبرت ضربة للسياسات المتشددة التي تبنتها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
ماسك وصف القرار بأنه "غير مقبول"، وتساءل في تغريدة أخرى عما إذا كانت إيطاليا ما زالت "دولة ديمقراطية أم أن قراراتها تُدار بواسطة نظام استبدادي غير منتخب".
ورد الرئيس ماتاريلا بتصريح حازم قال فيه: "إيطاليا دولة ديمقراطية عظيمة وتعرف كيف تعتني بشؤونها". في المقابل، أصدر أندريا ستروبا، ممثل ماسك في إيطاليا، بيانًا أكد فيه احترام ماسك للرئيس والدستور الإيطالي، مشددًا على أنه سيواصل التعبير عن آرائه بحرية.
الحظر المؤقت لمنصة "X" في البرازيلفي البرازيل، خاض ماسك مواجهة قانونية مع القاضي ألكسندر دي مورايس، أحد قضاة المحكمة العليا. بدأت الأزمة في نيسان/أبريل، عندما رفض ماسك تنفيذ أمر قضائي بإزالة أكثر من 100 حساب على منصته بتهمة نشر خطاب الكراهية والمعلومات المضللة وتهديد الديمقراطية.
ماسك اتهم القاضي دي مورايس بـ"فرض الرقابة"، ورفض تعيين ممثل قانوني لشركته كما أمرت المحكمة، مما أدى إلى حظر منصة "X" في البرازيل في 30 آب/أغسطس، مع فرض غرامات مالية على الشركة.
Relatedانتخابات أمريكا 2024: بين هاريس وترامب.. من يفضل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا؟البرازيل تحظر منصة إكس بعد نزاع قانوني مع إيلون ماسكالقضاء البرازيلي يُصادر 3.3 ملايين دولار من حسابات مصرفية تابعة لإيلون ماسكالحظر أثار احتجاجات من أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذين اعتبروا القرار دليلًا على "الاضطهاد السياسي". وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" أن آلاف الأشخاص خرجوا في مظاهرات ضد الحظر.
إلاّ أن الحظر رُفع في نهاية المطاف بعد أكثر من شهر، إثر دفع شركة "X" غرامة قدرها 5 ملايين دولار أمريكي (4.4 مليون يورو).
ماسك والسياسة الأمريكيةفي الولايات المتحدة، كان ماسك مشغولًا أيضًا بنشاطه السياسي، حيث قدم دعمًا ماليًا كبيرًا لحملة إعادة انتخاب دونالد ترامب، قُدّر بنحو 200 مليون دولار أمريكي (191 مليون يورو)، عبر لجنة العمل السياسي "America PAC".
الرئيس المنتخب دونالد ترامب يرحب بإيلون ماسك قبل إطلاق الرحلة التجريبية السادسة لصاروخ SpaceX Starship الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 في بوكا تشيكا، تكساس.Brandon Bell/Pool via APوفي الأيام التي سبقت انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، عرض ماسك تقديم مليون دولار عشوائيًا لبعض الناخبين في الولايات المتأرجحة، بشرط تعهدهم بدعم التعديلين الأول والثاني للدستور الأمريكي، المتعلقين بحرية التعبير وحق حمل السلاح.
وبعد فوز ترامب بفترة وجيزة، عُين ماسك رئيسًا مشاركًا لمنظمة حكومية جديدة تُدعى "إدارة الكفاءة الحكومية" (DOGE)، تهدف إلى تقديم استشارات للبيت الأبيض.
المصادر الإضافية • AP
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية 2024: آريان 6 وستارشيب يرسمان ملامح المستقبل وتقدم نوعي ملحوظ في مجال استكشاف الفضاء ما هي الدول الأوروبية التي حظرت استخدام الهواتف الذكية في المدارس؟ الذكاء الاصطناعي في التعليم: أداة لتحطيم الحواجز أمام الطلاب ذوي الإعاقات ألمانياالبرازيلمنصة إكسإيلون ماسكبريطانياالسياسة اليمنيةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. رهينة إسرائيلية لحكومة نتنياهو: "هل تريدون قتلنا؟".. ونعيم قاسم يقول: قد ينفد صبرنا قبل الستين يوما يعرض الآن Next في تصعيد متبادل.. طائرات أوكرانية تستهدف 5 مناطق روسية وروسيا تطلق 81 مسيرة وتسيطر على قرية جديدة يعرض الآن Next وزارة الدفاع التركية: تحييد 10 إرهابيين من تنظيم "بي كي كي" شمال العراق يعرض الآن Next ميانمار: عفو جماعي يشمل أكثر من 6000 سجين مع استثناءات للمعتقلين السياسيين البارزين يعرض الآن Next بقيمة 8 مليارات دولار..بايدن يُخطر الكونغرس بصفقته الأخيرة لإسرائيل اعلانالاكثر قراءة لحماية الأطفال من إدمان الإنترنت.. اليونان تعزز الرقابة الأبوية والحكومية بتطبيق جديد مصر تكشف عن أول حالة نادرة مصابة بمتلازمة فيكساس.. كل ما يجب أن تعرفه عن هذا المرض! سقوط جسم فضائي غامض في كينيا ووكالة الفضاء تبحث عن إجابات.. ما القصة؟ لحظات مريرة في غزة: تدافع الجائعون على كشك طعام في خان يونس وسط أزمة حادة "كنت أتوقع ذلك منذ البداية'".. وزيرة خارجية ألمانيا ترد على عدم مصافحة الشرع لها اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومضحايادونالد ترامبألمانياروسياقطاع غزةقصفاعتداء إسرائيلأمنحياة مهنيةحركة حماسسورياحكم السجنالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025المصدر: euronews
كلمات دلالية: ضحايا دونالد ترامب ألمانيا روسيا قطاع غزة قصف ضحايا دونالد ترامب ألمانيا روسيا قطاع غزة قصف ألمانيا البرازيل منصة إكس إيلون ماسك بريطانيا السياسة اليمنية ضحايا دونالد ترامب ألمانيا روسيا قطاع غزة قصف اعتداء إسرائيل أمن حياة مهنية حركة حماس سوريا حكم السجن یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
تنظيم داعش الآن أصبح امتيازا
كلارا بروكارت - كولين بي كلارك
في الساعات الأولى من فجر أول أيام العام الجديد، اقتحم عسكري أمريكي سابق يبلغ من العمر اثنتين وأربعين سنة ويدعى شمس الدين جبار بسيارته حشدا من المحتفلين في «الحي الفرنسي» بنيو أورلينز، قاتلا أربعة عشر ومصيبا العشرات، وكان جبار يعلّق على السيارة التي استأجرها علم تنظيم داعش ويقال إنه سجل فيديو يعلن فيه ولاءه للجماعة المتطرفة.
تُجري المباحث الفيدرالية الأمريكية حاليا تقييما لأجهزة جبار الإلكترونية لترى ما سيكشفه التحليل الرقمي، من قبيل نوعية الدعاية الداعشية التي كان يتشربها، والوتيرة التي كان يقرأ بها منشورات التنظيم، وهل حصل على أدلة لتصنيع عبوات ناسفة مرتجلة أو متفجرات أخرى، وأي منصات التواصل الاجتماعي كان يزورها، وهل كان على اتصال بأي عناصر فعلية في تنظيم داعش ربما كانوا له مدربين إلكترونيين أو روادا افتراضيين في هجومه.
في العام الماضي، توشك جميع عمليات تنظيم داعش الخارجية الناجحة والمحبطة -أي الهجمات الواقعة خارج محيط المحافظات المختلفة التي تسيطر عليها المجموعة- أن تكون مستلهمة من المجموعة، وليست بتوجيه وتمكين منه. وهذا إنجاز مذهل، إذ استغل تنظيم داعش اسمه التجاري في العالم كله ليلهم بعنف ودمار بعيدا عن الأراضي الخاضعة لسيطرته ودون أن يقدم حتى المساعدة للمهاجمين.
يبرز هذا دورا أساسيا للتكنولوجيا من قبيل منصات التواصل الاجتماعي والاتصالات في إتاحة المحتوى المؤدي إلى التطرف، وكذلك المعرفة التقنية اللازمة لترتيب الهجمات، كما أنه يشير إلى أن كثيرا من الخطط يعتمد على أساليب بدائية متواضعة التقنيات -من قبيل الدهس بالمركبات- تستفيد من بساطة ووحشية وفعالية التكتيكات الوحشية.
فكيف يتسنى إحباط هذه الهجمات، وما السبل لوقف انتشار الامتياز الداعشي في أنحاء العالم؟
يشير تبنّي الإرهابيين للتقنيات المتقدمة -من العبوات الناسفة إلى الطائرات المسيّرة- والاستمرار بنجاح كبير في استعمال إجراءات هجومية بسيطة -من الدهس بالمركبات إلى الطعن- إلى الحاجة لمزيد من الفهم الدقيق لأسباب اختيار الإرهابيين لتقنيات معينة دون غيرها في تنفيذ هجماتهم في قضية ترجع إلى نوفمبر الماضي، عندما خطط متطرف يميني في الولايات المتحدة للهجوم على منشأة طاقة بطائرة مسيّرة مزوّدة بمتفجرات، في تناقض صارخ مع ما جري في نيو أورلينز.
لقد أصبح الدهس بالسيارات -الذي لا يكاد يقتضي أي تخطيط- من أنجح تكتيكات الإرهاب المستلهم من تنظيم داعش بسبب مزيج من العوامل العملية والأيديولوجية؛ إذ استعملت في هجمات مستلهمة من الجماعة أو نفذت بتمكين منها في أنحاء العالم كما في برشلونة وبرلين ولندن ونيويورك ونيس وستوكهولم. والدهس بالسيارات أرجح نجاحا لأنه يصعب كثيرا اكتشافه في مرحلة التخطيط كما يصعب بالقدر نفسه تخفيفه لارتفاع تكاليف ذلك.
فالسيارات -من حيث الإتاحة- متوافرة بالطبع، ومن خلال منصات تأجير السيارات والمشاركة فيها، لا تلزم موارد كبيرة لتنفيذ مثل هذه الهجمات، وفيما تصفه المباحث الفيدرالية بالمصادفة المحضة، استخدم مهاجم نيو أورلينز وجندي من القوات الخاصة في الجيش الأمريكي قتل نفسه قبل انفجار شاحنة تسلا سايبر ترك التي كان يستقلها في الأول من يناير في لاس فيجاس تطبيقا واحدا يُعرف بتطبيق تورو للتأجير من المالك مباشرة في الحصول على مركبتيهما.
فضلا عن أن العائق بسيط ولا يتطلب سوى رخصة قيادة والجانب الرمزي لهجمات الدهس بالمركبات مهم أيضا: وهو أنه يمكن لأي شيء من أغراض الحياة اليومية أن يتسبب في مذبحة جماعية في أي لحظة، دون الحاجة إلى أي تحضير تقريبا. وهذه الهجمات لا تنفرد بها الجماعات المتطرفة. فقد استخدم متطرف ينتمي إلى أقصى اليمين مركبة خلال مسيرة توحيد اليمين في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا عام 2017 لدهس حشد من المتظاهرين المعارضين، مما أسفر عن مقتل أحدهم، وقبل بضعة أسابيع فقط، استخدم مواطن سعودي مقيم في ألمانيا، بدافع من مزيج غريب من الأفكار المعادية للإسلام وأفكار اليمين المتطرف، سيارة لمهاجمة أحد أسواق الكريسماس في جنوب غرب برلين.
طالما اعتمد تنظيم داعش على إلهام أنصاره لتنفيذ هجمات بالمركبات، اتباعا لتنبيه من الرجل الثاني السابق في التنظيم، أبو محمد العدناني، الذي حث أنصار تنظيم داعش ذات يوم على تنفيذ هجمات ضد الغربيين بأي وسيلة تحت تصرفهم. إذ حرَّض العدناني قبل أكثر من عقد من الزمان قائلا «اسحقوا رأسه بحجر، أو اذبحوه بسكين، أو ادهسوه بسيارتكم، أو ألقوه من مكان مرتفع، أو اخنقوه، أو سمِّموه»،. وتظل تكتيكات القوة الغاشمة هذه ناجحة للغاية ويصعب اكتشافها في مراحل التخطيط.
وقد تكون مكافحة الإرهاب مهنة غير مشكورة، فعند تعطيل المؤامرات أو الكشف عن الخلايا الإرهابية، فقد تظهر هذه الأحداث في دورة الأخبار للحظة، ولكن قليل من الناس هم الذين يطيلون التفكير فيما كان يمكن أن يحدث لو نجح الهجوم، والحقيقة أن المباحث الفيدرالية ووكالة المخابرات المركزية وغيرهما من الوكالات التي تركز على مكافحة الإرهاب لديها سجل مثير للإعجاب في الصراع الجيلي ضد جماعات من قبيل القاعدة و«داعش» وفروعها المختلفة وامتيازاتها وفروعها الإقليمية.
ولكن مثلما صرح الجيش الجمهوري الأيرلندي علنا بعد أن كاد يقتل رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر في عام 1984، «لا ينبغي أن يحالفنا الحظ إلا مرة واحدة، أما أنتم فلا بد أن يحالفكم الحظ دائما». يعني هذا أيضا أن سلطات مكافحة الإرهاب تحتاج إلى تخصيص الموارد إلى حيث تعتقد بوجود أكبر التهديدات، وذلك هو الذي يدفعها أحيانا إلى التركيز على «الشيء اللامع الساطع» أو الحدث المحتمل الذي قد لا يكون متوقعا، وهذا يعني قدرا كبيرا من التركيز على الإرهابيين الذين يستخدمون الطائرات المسيرة لشن هجمات أو يحاولون نشر أسلحة كيميائية أو بيولوجية، ولكن الهجمات الأكثر شيوعا، من قبيل التي وقعت في نيو أورلينز، فتبقى شديدة الفتك ويكاد يكون من المستحيل ردعها أو الدفاع ضدها.
يمثل بناء أعمدة فولاذية أو أشياء أخرى تساعد في تقوية الأهداف الضعيفة إحدى الطرق التي يتبعها ممارسو مكافحة الإرهاب لتأمين أماكن الفعاليات العامة، وفي نيو أورلينز، كان نظام الأعمدة قيد الإصلاح استعدادا لمباراة السوبر بول الشهر المقبل، ولكن حتى هذا يبين أن مجتمعاتنا تتكيف دوما مع الإرهاب أو تستجيب له، برغم حرص ساستنا على ترويج الوهم القائل بأن تغيير حياتنا بأي شكل من الأشكال هو «سماح للإرهابيين بالفوز». ولا يزال خلع الحذاء في صفوف أمن المطارات بعد أكثر من عقدين من الزمان على هجوم الحذاء المفجر سيئ السمعة مثالا واضحا على هذا. وعلى العكس من ذلك، فإن تحصين الأهداف الضعيفة، إما بحواجز وقائية أو بزيادة حضور الشرطة، ليس سوى اعتراف بأن التهديد حقيقي، وبأن مجتمعنا يعتزم الوقوف في وجه هذا التهديد.
وما من حل سحري للتعامل مع التهديد الذي يشكله الإرهاب. فهو في نهاية المطاف تكتيك ولا يمكن إلحاق هزيمة تقليدية به، وكأنه جيش أو دولة قومية. فمكافحة الإرهاب السليمة تعني تدابير حركية من قبيل الضربات بطائرات مسيّرة وغارات من العمليات الخاصة، ولكنها تعني أيضا نهجا شاملا للتعامل مع الأسباب الجذرية والمظالم، سواء أكانت اجتماعية اقتصادية أم دينية أم قومية عرقية أم غير ذلك. من جوانب كثيرة، يمثل النموذج الذي اتبعه تنظيم داعش بالاستعانة على تنفيذ إرهابه في الغرب بجهات فاعلة منفردة، لديها قائمة طويلة من المظالم، يمثل تجسيدا لكتاب القواعد الذي سعت إليه المجموعة منذ فترة طويلة. كما يجعل التركيز على الأسباب الجذرية أكثر أهمية. ففي حالة جبار، تشير تقارير إلى أنه عانى، مثلما عانى كثيرون غيره، في إعادة الاندماج في الحياة المدنية بعد ترك الجيش.
لا بد من النظر إلى مكافحة الإرهاب في العصر الحديث من خلال عدسة واسعة ومتعددة الأوجه، ومعالجة التهديدات عالية التقنية ومنخفضة التقنية في وقت واحد. في حين أن انتشار التكنولوجيات المتقدمة -مثل الطائرات المسيرة، والاتصالات المشفرة، والقنابل- يتطلب استجابة متطورة ومنسقة، فلا ينبغي أن نتجاهل التهديد الدائم الذي تشكله الأساليب الأكثر بدائية مثل هجمات الدهس بالسيارات والطعن. وعليه، فإن استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب تعني تفكيك البنية التكنولوجية الأساسية التي تمكن الجماعات الإرهابية من التواصل والعمل عبر الحدود في حين تعمل في الوقت نفسه على تعزيز الحواجز المادية والمجتمعية التي تخفف من خطر التكتيكات الأكثر بساطة ووحشية.
لا يمكننا ضمان سلامة مجتمعاتنا وقدرتها على الصمود في مواجهة المشهد الإرهابي دائم التطور إلا من خلال نهج متوازن يشمل كامل طيف التكنولوجيا المستخدمة في الهجمات، ومع تكثيف تنظيم داعش لعملياته في الخارج، مستغلا فراغ السلطة من سوريا إلى الصومال، فإنه سيعمل أيضا على تسريع عملياته الدعائية والإعلامية، بما يؤدي إلى سعي المزيد من أتباعه إلى تنفيذ هجمات باسمه.
ربما يكون تنظيم داعش قد تراجع من الصفحة الأولى للصحف، في ظل حرب روسيا في أوكرانيا ورد إسرائيل على هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، لكن التنظيم يظل صامدا بعناد وسوف يتبين أنه قضية اليوم الأول لإدارة ترامب.