شبكة انباء العراق:
2025-05-02@15:03:47 GMT

لا كرامة لوطن يهان فيه المواطن

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

بقلم : فالح حسون الدراجي ..

فكرة هذا المقال مركونة في ذهني منذ خمس سنوات تقريباً، لكنها برزت امامي اليوم بشكل لافت، فوجدت من المفيد عرضها في مقال افتتاحي

بمناسبة العام الجديد، عسى أن ينال الموضوع اهتمام من يعنيهم الأمر، رغم قناعتي أن القضية أكبر من الذين ( يعنيهم الأمر)، وأكبر من مناسبة العام الجديد .

.فهي قضية قديمة، متوارثة منذ نشوء الدولة العراقية قبل أكثر من قرن، تزداد سوءاً جيلاً بعد جيل، وحكومة بعد أخرى، بمعنى أنها لا تخص الحكومة العراقية الحالية، ولاتخص السنة الجديدة.. بل ولا تخص العراق فقط، إنما هي قضية عامة تخص كل البلدان العربية، وأغلب البلدان الشرقية أيضاً، رغم أني أعتقد أن حجمها في العراق هو الأكثر ورماً، والأشد أذىً ..

والقضية أو الفكرة التي أتحدث عنها هنا وأدعو لها بقوة، تتمثل باحترام المواطن وصون حريته وكرامته بل وتقديسها إن بقيت ثمة قدسية للأشياء في زمننا هذا ..

نعم، أنا أتحدث عن كرامة المواطن التي تهدر في كل مكان.. وحريته التي تسلب في كل زمان، وليس شرطاً ان تهدر هذه الكرامة في أحد مراكز الشرطة، او إحدى الدوائر الأمنية، فهذه الدوائر استوفت شروط ومستلزمات الإهانة منذ زمن بعيد، بحيث بات المواطن معتاداً عليها، بل ومقتنعاً بما يحصل له من (احترام) وتقدير عالٍ في هذه المواقع ( الوطنية) !

لذلك، أنا لا أتحدث عما يتعرض له المواطن في الدوائر الأمنية فقط، إنما أتحدث عما يحصل له من إهانات وعدم احترام في مختلف دوائر الدولة العراقية أيضاً.. فابتزاز المواطن مثلاً وإجباره على دفع (رشوة) مقابل تمشية معاملته (السليمة) في دوائر البلدية أو العقاري او أحد المنافذ الحدودية، أو في دائرة عقارات الدولة، أو التنمية الصناعية، أو أيّ دائرة حكومية عراقية اخرى، هو امتهان لكرامة المواطن، واحتقار لذاته الإنسانية.. وهو لا يقل أذى وتأثيراً عن أذى وتأثير الكيبلات والصوندات التي يتلقاها (المواطن) في الدوائر الأمنية.. لأني أرى أن دفع المواطن نحو ارتكاب الرشوة، وإشراكه بالاكراه في جريمة او جناية لا يحب الوقوع فيها هو عارٌ ما بعده عارٌ .. فكرامة المواطن يجب أن تأتي قبل كرامة أي كائن آخر، بما في ذلك كرامة الوطن نفسه.. إذ ماذا تعني كرامة الوطن، إذا كان المواطن فيه محتقراً ومهاناً وذليلاً ومقموعاً ومبتزاً !..

وكم سيكون الأمر رائعاً لو جعلنا شعار العام الجديد: ( كرامة المواطن واحترام آدميته) عنواناً وطنياً لعام 2025 ، على أن يؤمن كلٌ من المواطن والدولة معاً بهذه الحقيقة .. فاحترام المواطن عندي فوق احترام الوطن. وطبعاً أنا لست ضد احترام الوطن وتقديسه، وإلا ما سفكنا الدماء أنهاراً على مر الزمن دفاعاً عنه، وعن سيادته وكرامته، ولا ارتقى خيرة شبابنا وأحبتنا أعواد المشانق من اجل حرية الوطن وسعادة شعبه..

كما أن حب الوطن لا ولن يقتصر على العراقيين أو على العرب وحدهم، ولا حتى على شعب، أو قومية أو جنس معين، بل وليس مقتصراً على مستوى، أو درجة من درجات الرقي البشري، أو الثقافي، أو التعليمي، إنما يشمل كل شعوب الارض بلا استثناء. فالأوربي يحب وطنه مثلنا ويدافع عنه حد الموت، والأمريكي يدفع حياته ثمناً لحرية وطنه، وكذلك الإنكليزي والألماني والفرنسي والروسي والياباني والأفريقي والآسيوي وغيرهم أيضاً يحبون أوطانهم ويضحون بكل شيء من أجلها ..

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: (لعد المشكلة وين، إذا كان العراقي أو العربي، لا يختلف في حبه لوطنه عن الأمريكي أو الأوربي، أو الياباني، أو الأسترالي، ولا يختلف عنه في التضحية والفداء )؟!

والجواب: إن المشكلة لا تكمن في العلاقة بالوطن والتضحية لأجله، إنما في العلاقة بالمواطن نفسه ! بمعنى أن المشكلة تتلخص في اختلال التوازن بين الغرب والشرق، ذلك الاختلال المتمثل باختلاف المعايير والمقاسات، والرؤية إلى آدمية المواطن .

فالقياس المستخدم في العلاقة مع المواطن يختلف حتماً بين فرنسا والعراق، وبين امريكا والسودان، وبلجيكا واليمن، وهولندا وايران، وبين هذا البلد الشرقي وذاك البلد الأوربي .. وفضلاً عن نوعية القياس المستخدم، فإن نظرة النظام في العراق إلى مواطنيه تختلف عن نظرة النظام ( السويدي ) إلى مواطنيه والمقيمين أيضاً.

وذات المقارنة يمكن عقدها بين أي مواطن عربي مستلب، ومواطن غربي حر ومتحرر ..!

والسؤال يتكرر مرة أخرى، هنا، باحثاً عن جوهر المشكلة؟.. وجوهر المشكلة برأيي يكمن في ان السلطة في الغرب وجدت، والقوانين سُنّت من أجل حماية الوطن وصيانة حريته، لكنها في الوقت نفسه سنت من أجل صيانة كرامة المواطن وتقديس حريته أيضاً، بينما نجد العكس في بلداننا، حيث القوانين عرجاء، تمشي بساق واحدة.. فالكرامة والاحترام والتبجيل يحظي بها الوطن فحسب، بينما يعاني المواطن من الإهمال وعدم الإهتمام بل وعدم الاحترام أيضاً…. فحكومة العراق مثلاً، أو حكومة السودان، أو حكومة ليبيا، او سوريا، أو أي حكومة عربية أخرى، تحترم وطنها جداً، وتقدسه جداً، لكنها لا تحترم مواطنها (جداً )، بل ولا تشتري كرامته وحريته بفلسين او بفلس واحد على الأقل !

وهنا يكمن جذر الإختلال، فالوطن والمواطن في دول الغرب بكفة واحدة وليس بكفتين متباعدتين، كما هو الحال في العراق او البلدان العربية، كما أن الوطن والمواطن في أوربا وأمريكا والدول المتقدمة محترمان معاً، ومؤمّنان بالدرجة نفسها دون فرق أو تمييز بينهما، بل أن حرية المواطن وكرامته في بعض دول الغرب مصانة ومحفوظة أكثر من الوطن نفسه حتى…!

ثمة حقيقة يجب أن تدركها حكوماتنا، ولأجلها يجب أن تُسنَّ القوانين والقرارات، مفادها أن الوطن – أيّ وطن كان – ليس أكثر من تراب وماء وملح و ( كوم احجار ) ، وهو لايساوي شيئاً بدون وجود المواطن الإنسان.. فالمواطن هو الذي يبني الوطن ويزرعه ويجمله ويكمله وينبض في صدره ويدافع عنه حدّ الموت.. ولهذا يرى الغرب صورة المواطن في قلب صورة الوطن، فتتداخل لديه الصورتان حتى تصبحان صورة واحدة.. إذ لا يمكن أن يكون الوطن جميلاً بدون مواطن جميل، ولن يكون الوطن قوياً ومعافى وفيه المواطن ضعيف و خائف ومرعوب . فالمواطن عندهم يمثل الحياة والرقي والبهجة والجمال، والقوة والابداع والمتعة والتقدم والحرية، لذلك قال (كارل ماركس): “الإنسان أثمن رأس مال”

أما في أوطاننا، فالمواطن للأسف لاقيمة له ولا معنى فهو مجرد رقم لا يؤثر ولا يغير ، إن مات أو عاش ! ..

لذا أقولها بضرس قاطع، إني لا أؤمن بوطن (محترم)، وفيه المواطن (مهان)، ولا أقدس وطناً لا يُقدس إنسانيتي، ولا أدافع عن ( حرية وطن ) بينما تسلب فيه حريتي وكرامتي

وقطعاً لا يوجد في طول الأرض وعرضها، وطن محترم، واللصوصية فيه والرشوة والفساد باتت مهنة يمارسها آلاف السياسيين والنواب، والمسؤولين، والموظفين ورجال الأعمال وغيرهم !

إذاً، لنوقف اسطوانة (الوطن المقدس)، حتى يحترم الإنسان في بلادي، ويتوقف الأطفال في مدينة الثورة وحي طارق، وبوب الشام، والرشاد، والحسينية، والحيانية، وعشرات المدن الفقيرة عن تناول فطورهم من حاويات القمامة !

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات کرامة المواطن المواطن فی

إقرأ أيضاً:

المجد للبنادق

 

المجد للبنادق
خالد فضل

حديث السيد القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبدالفتاح البرهان جاء واضحا وصريحا،  طرح فيه مشروعه السياسي بدقة , وهو مشروع وطني عظيم، وإذا كان ميثاق تأسيس قد تحدث عن المبادئ فوق الدستورية يجوز أن نصف مشروع البرهان بأنّه اشتمل على مبادئ فوق الوطنية ؛ أي غير قابلة للنقاش .
كل حديثه ينضح حكمة وخبرة وعلم نافع . وأولها تأكيده الحازم الجازم بأنّ الكيزان غير موجودين في سلطته ، ولا يسيطرون على قرارها . لقد كفوا اياديهم وأقلامهم عن الجيش عندما توسّل إليهم ذات يوم بأنْ يفعلوا ذلك . فاستجابوا له مشكورين مأجورين، فهو الآن يتصرف و(يده) مطلوقة، يحيطون به في مكتبه فقط _كما قال عبدالحي يوسف_ و تحرسه البنادق التي (لها المجد) .
إذا شاهد أحد المواطنين السودانيين (الكويسين ) كوزا يسيطر على القيادة في المحلية أو الولاية أو مجلس الوزراء أو أيّا من المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية والعدلية والأمنية والإقتصادية والدعوية والمليشياوية والمشتركة فوووق ودرع السودان وقوات الأمين داؤود .. إلخ فما عليه إلا أنْ يراجع طبيب العيون، لأن نظره ما كويس، أو يراجع عقله لأنّه صدّق دعايات الكذابين . المواطن الكويس بحسب التعريف الجديد لرئيس مجلس السيادة (المستدام) يجب عليه أنْ يثبت أنّه ليس من الوجوه الغريبة ؛ وهي الفئات الآتية :
أولا : الدعم السريع و حواضنه الإجتماعية . ثانيا : حواضن ومؤيدي تحالف تأسيس وصمود والتغيير الجذري . ثالثا: ألا يكون قد سبق مشاركته في موكب أو حرق لستك في الشارع العام،  أو هتف تسقط بس أو أنشد الشاي بجاي وكورك مدنياااو .
رابعا : ألا تكون رجلاه قد تغبرتا ساعة في مظاهرة،  أو كتب منشورا يؤيد السانات والراصتات والواقفين قنا .أو أدى لهم أي تحية .
خامسا : ألا يكون عضوا في لجان المقاومة أو لجان الخدمات والتغيير أو غرف الطوارئ والتكايا والعمل الإنساني أثناء هذه الحرب .
سادسا: ألا يكون قد أيّد أو دعا إلى وقف الحرب أو احتفظ في هاتفه بملصق لا للحرب أو أي قصيدة لحميد وأزهري ومحجوب شريف أو صورة أو فيديو لقطار عطبرة أو زهرة مفرهدة حتى .
سابعا: ألا يكون قد سبق له التورط في لجان نفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م واسترداد الأموال العامة .
ثامنا: ألا يكون قد طالب في أي وقت بالدولة المدنية أو عمل على إقامتها فالمجد للبنادق وليس للساتك .
تاسعا: أنْ يكون قد أيّد بنادق جنود البرهان التي صححت الثورة في 25أكتوبر2021م . شريطة أنْ يكون قد عارض في نفس اللحظة بنادق جنود حميدتي التي شاركت في التصحيح . من أيدهما مجتمعين سيخضع لتقنية (الفار) الوطنية لتحديد مقدار التأييد،  والكلام ليك يا التور هجم .
عاشرا: ألا يكون قد دعا بدعوى الثورة الجاهلية الأولى مثل الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة .أو هتف يا عسكري ومغرور كل البلد دارفور، يفضل من هتفوا (………….. والجنجويد ينحل) من أكمل النقاط غير جدير بالمواطنة الكويسة .
حادي عشر : ألا يكون في رأسه عقل، ومن تثبت عليه هذه التهمة بعد تهشيم جمجمته سيتم تصميم مجسم له ليرجم مرّة أخرى بالرصاص الحي.
كل مواطن يأنس في نفسه المواطنة الصالحة، ويطيع ويفوّض ويجل ويعظّم كلام البنادق، ياهو ده المواطن الصالح المنشود، وسيتم منحه حجّة مجانا لبيت الله الحرام هذا العام،  وكسوة العيد لعياله، وقطعة أرض في السوق . المجد للبنادق الخزي والعار للساتك واللافتات والهتاف سلمية سلمية ضد الحرامية .. أليس هذا هو المشروع الوطني التنموي العظيم الذي يسعد البرين والبحرين، ويرضي الجيران والأبعدين، ويوطد أركان التمكين لجماعة الدين . قال ثورة ودولة مدنية وحرية وسلام وعدالة ولساتك ..!!!! المجد للبنادق التي تترصّد بالحياة .. تبا لكل داعية للحق الخير والجمال تبا .. المواطن الصالح هو من يشغل قبرا في العراء .. ولا نامت أعين الجبناء . الخونة والعملاء ….

الوسومالبرهان الثوار اللساتك المجد للبندقية خالد فضل قائد الجيش

مقالات مشابهة

  • زوجي رماني بسهام الخيانة فهل أرحل أم ابقى معه بلا كرامة كالجبانة؟
  • عن الفكر المتطرف والظلم المتطرف أيضا
  • مناقشة “كلّش” هادئة مع عشاق تقسيم العراق !
  • سلاح المدارس الصيفية يفسد مكائد العدو
  • برلمانية تطالب بحل "جذري" لأزمة عربات المبادرة الوطنية "حرصاً على كرامة المواطنين"
  • المجد للبنادق
  • زراعة قلب إنجاز طبي.. وأخلاقي أيضا
  • الحرب و تداعياتها المتصاعدة
  • قبائل ريف البيضاء تعلن النفير العام وتؤكد: معركة اليوم معركة كرامة ومصير
  • كاتب أميركي: روسيا تتفوق على الغرب بالمعركة الإعلامية في أفريقيا