بوابة الوفد:
2025-02-06@04:40:27 GMT

معنى النهي عن الذبح في حديث « لا فرع ولا عتيرة »

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

قالت دار الإفتاء المصرية إن ما ورد من النَّهي عن ذبح العتيرة في قوله عليه الصلاة والسلام: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» محمول على ما كان من أمر الجاهلية من الذَّبح لغير الله تعالى، أو هو محمولٌ على نفي الوجوب عنها، أو أنها ليست كالأضحية في الاستحباب أو في ثواب إراقة الدم.

وورد عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» متفق عليه.


والمراد من النهي الوارد في هذا الحديث هو عما كان من أمر الجاهلية من الذبح لغير الله عزَّ وجلَّ، أو يراد منه بيان أنَّ العتيرة غير واجبة، أو أنَّ الثواب فيها أقل من الثواب في الأضحية.

حكم العتيرة ذبيحة شهر رجب
وأوضحت الإفتاء أن العرب كانت تحترم الأشهر الحرم وتعظمها؛ اتباعًا لملة سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ وقد بلغوا من شدة تعظيمهم لها أن اختصُّوها ببعض القربات، كما حرَّموا على أنفُسهم فيها سفك الدماء؛ فكان الرجل منهم يلقى قاتل أبيه في هذه الأشهر ولا يتعرَّض له بالأذى، حتى جاء الإسلام فأقرهم على تعظيمها.

وعن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» متفق عليه.

مظاهر تعظيم العرب لشهر رجب
عرفت العرب منزلة الأشهر الحرم وما لها عند الله من شأنٍ وفضلٍ فعظَّموها، غير أنهم كانوا يبدِّلون ويغيِّرون فيها على حسب أهوائهم، إلا شهر رجبٍ؛ إذ ميَّزوه بمزيدٍ من التعظيم؛ فلم يغيِّروه عن مكانه، ولم يكن يَسْتَحِلُّهُ أحدٌ منهم، وما ذاك إلا لمعرفتهم بما لهذا الشهر من فضلٍ كبيرٍ، وشأنٍ عظيمٍ عند الله تعالى.

تعظيم العرب قبل الإسلام لشهر رجب
ومن مظاهر تعظيم العرب قبل الإسلام لشهر رجب أنْ جعلوا فيه ذبيحةً تُذبح في كل عام تُسمَّى بـ"العتيرة"، ومنهم من كان ينذر النذر أو يوجب على نفسه حقًّا في ماله ويعلق أجله والإتيان به بشهر رجب؛ لما له مِن شأنٍ عظيمٍ ومنزلةٍ رفيعةٍ عندهم.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 598، ط. دار المعرفة): [العتيرة المُنَذَرُ كانوا ينذرونه، من بلغ ماله كذا أن يذبح من كل عشرة منها رأسًا في رجب، وذكر ابن سيده: أنَّ العتيرة: أنَّ الرجل كان يقول في الجاهلية: إنْ بَلَغَ إِبِلِي مائةً عَتَرْتُ منها عتيرةً، زاد في "الصحاح": في رجب] اهـ.

وأول مَن سَنَّ العتيرة أو الذبح في شهر رجب: (بُورَا بن شُوحَا)، وهو مِن أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد سيدنا عدنان.

قال الإمام الطبري في "تاريخ الرسل والملوك" (2/ 274، ط. دار التراث) في ذكر نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد جده سيدنا عدنان: [ابن بورا؛ وهو بوز، وهو عترُ العتائر، وأولُ مَن سَنَّ العتيرة للعرب، ابن شوحا وهو سعد رجب] اهـ.

حكم العتيرة  ذبيحة شهر رجب

وكان الصحابةُ رضوانُ الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن كل شيءٍ كانوا يفعلونه في الجاهلية حتى يبيِّن لهم الحلال منه والحرام، وعندما سُئِل صلى الله عليه وآله وسلم عن العتيرة في حجة الوداع: نهى عمَّا كان فيها من الذبح لغير الله، وبيَّن أنها تكون في كل شهور العام؛ فعن نُبَيْشَةَ الهذلي رضي الله عنه قال: نادى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وَآله وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نَعتِرُ عَتِيرَةً في الجاهليَّة في رجبٍ؛ فما تأْمرنا؟ قال: «اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا لِلَّهِ، وَأَطْعِمُوا» أخرجه الأئمة: ابن ماجه والنسائي في "السنن"، وأحمد في "المسند".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العتيرة الإفتاء دار الإفتاء النبی صلى الله علیه وآله وسلم شهر رجب

إقرأ أيضاً:

العطاء المبرور

 

 

د. سليمان بن خليفة المعمري

يقال إنَّ العطاء هو أقصر الطرق لحصول المرء على السعادة والرضا النفسي، وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" (رواه البخاري)، وقد حضَّ الإسلام أتباعه على العطاء والإنفاق الحسن يقول الله عز وجل "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا" (المزمل: 20).

الآية الكريمة تؤكد على أنّ الأجر العظيم والخير العميم إنما هو فيما يسديه الإنسان من عطاء ومعروف وإحسان للآخرين، وأنّ ما يقدمه من زكاة وصدقات هو في حقيقته يقدمه لنفسه ويدخره لآخرته عند رب كريم لا تضيع عنده الودائع؛ بل يجازي المحسنين بالإحسان إحسانا ويكافئ بالمعروف أجرا كبيرا وغفرانا.

ولقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة لأتباع هذا الدين الحنيف ينفق في سبيل الله إنفاق من لا يخشى الفقر، وكان صلى الله عليه وسلم مثالا في الجود والكرم فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، وقد تربى الصحابة الكرام  رضوان الله عليهم في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق النبيل واعتادوا هذا النهج الكريم فكانوا يسارعون في الخيرات وينفقون أموالهم في وجوه البر سرا وجهرا، فها هو الصديق رضي الله عنه ينفق جميع أمواله لتجهيز جيش المسلمين لغزوة تبوك، ويتبرع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله، ويضرب الصحابي الجليل عثمان بن عفان المثل والأسوة في البذل والسخاء فقد "جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ في كُمِّه –حينَ جهز جيشَ العسرةِ– فنثَرها في حِجرِه، فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُقلِّبُها في حِجرِه، ويقولُ: ما ضَرَّ عثمانَ ما عمِل بعدَ اليَومِ، مرتينِ"( رواه الترمذي).

وقد سار المسلمون على هذه السيرة الحسنة فتصدقوا بفضول أموالهم وأوقفوا الكثير من الأوقاف في وجوه الخير، وأعانوا كل محتاج ووقفوا مع كل مغرم أو معوز مستلهمين الوصايا الربانية الكريمة في هذا الشأن ومستحضرين عقبى ما يقدمونه من عون إنساني مستذكرين حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"(أخرجه مسلم)، والواقع أنّ انتشار ثقافة العطاء في المجتمع وسيادة روح التعاون بين أفراده من شأنه أن يسهم في رفاهية وخير المجتمع، فبالإضافة إلى ما يحصده المعطي من بركة ونماء في حاله وماله جزاء ما يقدمه من صدقات وتبرعات فإنّ العطاء يذهب السخائم من قلوب الفقراء والمعدمين تجاه الأغنياء والموسرين ويزرع المحبة والألفة بين أفراد المجتمع المسلم، ويسهم في تجاوز تحديات وصعوبات الحياة والوصول إلى الاستقرار المنشود.

إلا إنّه وحتى يكون العطاء مبرورا مشكورا محققا لمقاصده النبيلة وأهدافه وغاياته الإنسانية السامية فإنه يجب أن يخلو من كل ما من شأنه المس بكرامة الإنسان واهدار ماء وجهه أو الإساءة إليه عبر ما قد يمارسه البعض من تصوير ونشر وابتذال عبر وسائل التواصل الاجتماعي حينما يقدمون أية معونة أو مساعدة لمتضرر أو محتاج، مما قد يجرح مشاعره ويؤذي نفسيته، فيصبح عطاءً مقرونا بالمن والأذى وصدق الله العظيم حيث قال في محكم كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ "( البقرة، 264)، فعلى المتصدق أو المعطي أن يحترم آدمية الإنسان الذي يتصدق عليه وأن يعلم أن ما يعطيه له من مال إنما هو من مال الله الذي استخلفه فيه وأنه هو أحوج لأجر العطاء والصدقة من الشخص المتصدق عليه، وعليه أن ينفق برضا نفس وطيب خاطر وأن يتوخى كل ما من شأنه احباط العمل وذهاب أجر العطاء، ولله در الشاعر حين قال:

إن التصَدُّقَ إسعادٌ لِمَنْ حُرِموا

أهلُ السَّخاءِ إذا ما احْتجْتهُمْ بانوا

داوي عَليْلكَ بالمِسْكين ِتطعِمُهُ

البَذلُ يُنجيكَ مِنْ سُقم ٍ وَنِيرانُ

يا مُنفِقا ً خلفا ً أُعْطِيتَ مَنزِلة ً

يا مُمْسِكا ًتلفا ًتلقى وَخُسْرانُ

لا تخذِلنَّ لآتٍ رادَ مَسْألة ً

جَلَّ الذي ساقهُ كافاكَ إحْسانُ

مقالات مشابهة

  • حكم قراءة القرآن بدون وضوء «الإفتاء توضح»
  • الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان
  • العطاء المبرور
  • دعاء الضيق كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
  • المراد بقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • صيغة دعاء ليلة النصف من شعبان
  • حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
  • معنى حديث ناقصات عقل ودين.. شيخ الأزهر يصحح المفاهيم المغلوطة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم