ما رسالة القسام من فيديو الأسيرة الإسرائيلية المجندة؟
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
في خطوة لافتة، نشرت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تسجيلا جديدا لأسيرة إسرائيلية، اختارت هذه المرة أن تكون مجندة في الخدمة الفعلية بدلا من المدنيين الذين ظهروا في إصداراتها السابقة.
ويطرح هذا الاختيار تساؤلات حول الرسائل السياسية التي تحاول المقاومة الفلسطينية إيصالها، خاصة في ظل تزامن النشر مع استئناف المفاوضات في الدوحة، وتصاعد الضغوط الشعبية في إسرائيل للتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى.
وكانت كتائب القسام قد نشرت مقطع فيديو للمجندة الإسرائيلية ليري ألباج، الأسيرة في غزة منذ أكثر من 450 يوماً، والتي ظهرت فيه مرتدية زياً يشبه الزي العسكري الإسرائيلي، موجهة رسالة عبرت فيها عن معاناة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة وشعورهم بأن العالم بدأ ينساهم.
توقيت مدروسويرى الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن نشر الفيديو يحمل أبعادا متعددة تبدأ من اختيار التوقيت المدروس، حيث تم البث يوم السبت لاستهداف المجتمع الإسرائيلي في يوم عطلته الأسبوعية، مما يتيح فرصة أكبر للمشاهدة والتفاعل في الشارع الإسرائيلي.
ويضيف أن هذا التوقيت يتزامن مع جولة المفاوضات الجارية في الدوحة، في إطار استراتيجية إعلامية متكاملة.
إعلانويلفت عرابي إلى دلالات ظهور المجندة بالزي العسكري بشكل مقصود، مشيراً إلى رمزية اختيار فتاة في التاسعة عشرة من عمرها، كانت في الثامنة عشرة حين أُسرت، وهو ما يجعلها نموذجاً للشباب الإسرائيليين في طور الخدمة الإجبارية.
كما يكشف عن البعد العسكري في الفيديو من خلال ربطه بالعمليات الإسرائيلية في غزة، حيث أشارت المجندة إلى تعرضها وزميلتها لخطر حقيقي بسبب القصف الإسرائيلي.
ويشير الباحث إلى أن الرسالة جاءت مزدوجة من حيث المخاطَب، فهي من جهة توجه مسؤولية مباشرة إلى وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي يبدو أنه يعرف والدها، ومن جهة أخرى تحمّل نتنياهو والحكومة وجيش الاحتلال المسؤولية عن مصير الأسرى.
كما يلفت عرابي إلى وجود "متكلم ضمني" في الشريط يتمثل في زميلة المجندة المصابة بجروح خطيرة، حيث أكدت الأسيرة أن فرصة إنقاذها تتضاءل باستمرار بسبب خطورة إصابتها والظروف الصعبة في قطاع غزة.
ويقدم الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى قراءة متعددة المستويات لتأثير الفيديو، إذ يبدأ بما يصفه بالمستوى "البسيط والأساسي" المتمثل في تأكيد أن الأسيرة على قيد الحياة.
أهمية استثنائية
ويشير إلى أن هذه الحقيقة البسيطة تكتسب أهمية استثنائية لدى العائلة والمجتمع الإسرائيلي في ظل حالة الشك السائدة حول مصير الأسرى لدى حماس والفصائل الفلسطينية.
ويرصد مصطفى تحولا لافتا في تعامل الإعلام الإسرائيلي مع فيديوهات الأسرى، حيث أصبح هناك تفاعل سريع وواسع مع هذه المواد، بعد أن كانت وسائل الإعلام تمتنع عن بثها في السابق.
ويعزو هذا التحول إلى وجود تأييد متزايد في المجتمع الإسرائيلي للذهاب نحو صفقة تبادل أسرى، مستشهداً بسرعة تداول خبر الفيديو في وسائل الإعلام الإسرائيلية المركزية.
ويلفت الخبير إلى خصوصية هذا الفيديو، مشيراً إلى أنها على الأرجح المرة الأولى التي تبث فيها كتائب القسام فيديو لمجندة إسرائيلية في هذا العمر.
إعلانويرى أن تأثير ظهور شابة في التاسعة عشرة من عمرها يفوق تأثير كل الفيديوهات السابقة، خاصة في ظل السردية السائدة في المجتمع الإسرائيلي حول "الخطر الحقيقي" على النساء الإسرائيليات في غزة.
ويضيف مصطفى بُعداً آخر يتعلق بكون المجندة تنتمي إلى فئة المجندات اللواتي عملن في المراصد العسكرية حول غزة، وهي فئة تحظى بمكانة خاصة في المجتمع الإسرائيلي.
ويختتم تحليله بملاحظة لافتة حول كون هذا الفيديو يتضمن، للمرة الأولى، توجيه اتهام مباشر للجيش الإسرائيلي إلى جانب الحكومة، في إشارة إلى ما يصفه بـ"تواطؤ" المؤسسة العسكرية مع الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة.
نقلة نوعيةبدروه، يرى الباحث السياسي سعيد زياد أن الفيديو الأخير يمثل نقلة نوعية من حيث الإنتاج والإخراج مقارنة بالفيديوهات السابقة للأسرى الإسرائيليين منذ بداية الحرب.
ويشير إلى التفاصيل التقنية في التصوير، خاصة مشهد النفق الذي تم تصويره باحترافية عالية، مما يعكس عناية خاصة في إخراج المشهد لإيصال رسائل محددة في هذا التوقيت.
ويكشف زياد عن أبعاد أخرى في الفيديو تتعلق بالإشارة إلى وجود مجندة جريحة في حالة خطيرة، مما يضع المفاوضات في إطار زمني حرج، فإما التوصل إلى صفقة سريعة لإنقاذ حياتها، أو انهيار المفاوضات مع ما قد يتبع ذلك من إعلان وفاتها.
ويربط الباحث السياسي ذلك بإعلان سابق للقسام عن إصابة مجندتين في قصف إسرائيلي، وفشل محاولة إنقاذ إحداهما.
ويشير زياد إلى التمايز الواضح بين هذا الفيديو وسلسلة الفيديوهات السابقة التي شملت كبار السن والأطفال وجنود الاحتياط، معتبراً أن استخدام مجندة في الخدمة الفعلية في هذا التوقيت يمثل تصعيداً محسوباً في الخطاب الإعلامي للمقاومة، خاصة مع التركيز على معاناتها النفسية وتأثير ذلك على المدى البعيد.
وعقب نشر القسام لرسالة الأسيرة، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن والدتها قولها "نحتاج لأفعال من (بنيامين) نتنياهو وحكومته لاتخاذ قرار بإعادة الأسرى"، فيما اعتبرت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، أن إشارة الحياة من ليري الباج دليل قوي على ضرورة الاستعجال بإعادة كل الأسرى من قطاع غزة.
إعلانوكانت كتائب القسام بثت منذ نحو شهر تسجيلا للأسير الإسرائيلي متان تسانجاوكر، وجّه فيه انتقادات حادة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وحمّله مسؤولية استمرار احتجاز الأسرى في غزة، كما تحدث عن ظروف احتجازه.
وسبق ذلك بأيام إعلان حركة حماس مقتل 33 أسيرا إسرائيليا كانوا محتجزين لديها، إذ قضى معظمهم بقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي على مناطق مختلفة من قطاع غزة منذ بدء العدوان في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المجتمع الإسرائیلی کتائب القسام قطاع غزة خاصة فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
بيوم الأسير الفلسطيني.. أرقام قياسية للانتهاكات الإسرائيلية
فلسطين – يحيي الفلسطينيون الخميس “يوم الأسير الفلسطيني” تحت ظروف توصف بأنها الأصعب منذ عقود، مع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى، وتزايد وتيرة الإخفاء القسري والاعتقال الجماعي منذ بدء الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب بقطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف.
ويحلّ “يوم الأسير” في 17 أبريل/نيسان من كل عام، وهو يوم أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير) عام 1974، تكريماً لنضال الأسرى في السجون الإسرائيلية.
وتُنظم بهذه المناسبة فعاليات ومسيرات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين خارج فلسطين، لتسليط الضوء على أوضاع المعتقلين والانتهاكات التي يتعرضون لها.
وحتى مطلع أبريل 2025 تجاوز عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية 9900 أسير، بينهم 3498 معتقلا إداريا يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، وما لا يقل عن 400 طفل، و27 أسيرة، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.
ويحيي الفلسطينيون هذا العام “يوم الأسير” بينما تواصل إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 167 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وبالتوازي يصعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 950 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 16 ألفا و400 فلسطيني وفق معطيات فلسطينية رسمية.
** حرب الإبادةوقبيل الشروع بالإبادة في أكتوبر 2023، بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال أكثر من 5250 أسيراً، بينهم نحو 1320 معتقلا إداريا و40 أسيرة، إضافة إلى 170 طفلاً.
وذكر نادي الأسير في تقرير أن “الاعتقال الإداري شهد تصاعداً غير مسبوق، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3498، بينهم أكثر من 100 طفل و4 سيدات”، مبينا أن هذه الأرقام “لم تُسجّل حتى في أوج الانتفاضات الفلسطينية”، وأن المحاكم العسكرية ساهمت بترسيخ ذلك من خلال جلسات شكلية.
** أسرى غزةوأوضح نادي الأسير أن إسرائيل اعتقلت آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة وسط تكتم شديد وإخفاء قسري، مشيراً إلى أن المعتقلين يتعرضون لظروف احتجاز قاسية ومرعبة تهدف، بحسب التقرير، إلى إيقاع أكبر ضرر ممكن بحقهم.
ولم يذكر رقماً محدداً لعدد الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة القابعين في السجون الإسرائيلية.
ونقل النادي عن إفادات لأسرى جرت زيارتهم في السجون والمعسكرات، أن مرض الجرب تفشى مجدداً بين المعتقلين دون توفير أي علاج أو إجراءات للحد من انتشاره.
وأفادت الشهادات بأن إدارة سجن النقب تُجبر الأسرى على قضاء حاجتهم في براميل وأوعية، وتحوّل الأمراض والإصابات والقيود وحتى الاحتياجات الأساسية إلى أدوات للتعذيب.
كما وثّق التقرير استمرار عمليات الشبح، والإجبار على الجلوس في وضعيات مؤلمة، وفرض قيود مشددة على الزيارات، يرافقها تهديد مستمر، ما يزيد من تدهور أوضاع الأسرى.
** الواقع الصحي للأسرىوأشار نادي الأسير إلى أن معظم الأسرى يعانون من مشكلات صحية، حتى من دخلوا السجون وهم بصحة جيدة، نتيجة ظروف الاحتجاز القاسية، أبرزها التجويع الممنهج، وانتشار الأمراض، والاعتداءات الجسدية التي تسببت بكسور وإصابات مختلفة.
وأضاف أن العزل الانفرادي والجماعي ترك آثارا نفسية حادة على كثير من المعتقلين، موضحاً أن إسرائيل تواصل عزل عشرات من قيادات الحركة الأسيرة في سجني “مجدو” و”ريمون”.
كما أشار إلى أن إدارة السجون تقيّد زيارات الطواقم القانونية من خلال فرض رقابة صارمة وتحديد مواعيد متباعدة.
وحذّر نادي الأسير من أن مصير الأسرى بات على المحك إذا ما استمرت هذه الجرائم على نفس الوتيرة.
ووثق النادي، مقتل 63 أسيراً منذ بدء حرب الإبادة، بينهم 40 من قطاع غزة، وكان آخرهم الطفل وليد أحمد.
وأشار إلى أن هذه الإحصائية تشمل فقط من تم التعرف على هوياتهم، في حين تواصل إسرائيل إخفاء هويات العديد من المعتقلين في إطار سياسة الإخفاء القسري.
الأناضول