تعد الساندويتشات من أكثر الأطعمة انتشارا في الولايات المتحدة، حيث يتناول يوميا نحو 50% من البالغين نوعا من الساندويتشات، التي تسهم بنسبة 14.8% من إجمالي الاستهلاك الغذائي للأفراد، مما يجعلها مصدرا أساسيا للطاقة والعناصر الغذائية المتنوعة.

تتنوع الساندويتشات التي يستهلكها الأميركيون، بدءا من البرغر والدجاج أو الديك الرومي، وصولا إلى ساندويتشات الإفطار مثل البيض والنقانق.

ومع ذلك، يظل البرغر الأكثر شعبية بينها، إذ يُعد الوجبة المفضلة التي يتناولها المواطن الأميركي العادي نحو 3 مرات أسبوعيا. ويصل استهلاك الأميركيين إلى نحو 50 مليار برغر سنويا، مما جعل البرغر والبطاطس المقلية رمزا للأصالة الأميركية والهوية الوطنية الحديثة.

لا يقتصر البرغر على كونه وجبة سريعة التحضير ومليئة بالطاقة، بل تحول إلى أيقونة ثقافية أميركية. فهو يجسد مزيجا من البساطة والتنوع، ويعبر عن نمط الحياة الأميركي المعاصر الذي يوازن بين السرعة والتمسك بالتقاليد. ولكن كيف استطاعت هذه الشطيرة البسيطة أن تصبح رمزا للثقافة الغذائية الأميركية

من هامبورغ إلى الولايات المتحدة

بدأت رحلة البرغر في الولايات المتحدة مع موجة الهجرة الألمانية الكبرى عام 1848، التي جاءت نتيجة للثورات السياسية في الاتحاد الألماني. حمل المهاجرون الألمان معهم تقاليدهم الغذائية، ومنها لحم البقر المفروم المعروف بـ"هامبورغ ستيك"، نسبة إلى مدينة هامبورغ التي اشتهرت بجودة لحومها. وسرعان ما انتشرت هذه الطريقة في إعداد اللحم المفروم في المدن الأميركية، حيث أدرجها الجزارون والمطاعم ضمن الأطباق التقليدية الألمانية.

شطيرة البرغر والبطاطس المقلية تعتبران من أبرز رموز الثقافة الغذائية في الولايات المتحدة (شترستوك)

في منتصف القرن الـ19، كان اللحم المفروم النيء يُستخدم في وصفات طبية لعلاج مشكلات الجهاز الهضمي. لاحقا، في عام 1867، اقترح الطبيب جيمس إتش سالزبوري من نيويورك طهي فطائر اللحم لتكون بديلا صحيا، مما أدى إلى انتشار وصفة "شريحة لحم سالزبوري". بالتزامن مع ذلك، ساهمت ماكينات فرن اللحوم المنزلية في تسهيل تحضير اللحم المفروم، مما جعل هذه الأطباق أكثر شيوعا.

إعلان

مع مطلع القرن الـ20، أحدثت تقنيات فرم اللحوم وإنتاجها بكميات كبيرة نقلة نوعية في صناعة البرغر. وفي عام 1921، افتُتح أول مطعم متخصص في البرغر، "وايت كاسل"، في ولاية كانساس، مما مهد الطريق لظهور سلاسل الوجبات السريعة الكبرى، مثل ماكدونالدز عام 1948، وبرغر كينغ عام 1954. وهكذا، تحول البرغر إلى رمز عالمي للثقافة الأميركية، وجزء لا يتجزأ من ثقافة الطعام الحديث.

لم يكن شطيرة في البداية

في بداياته، لم يكن البرغر يُقدم في شكل ساندويتش كما نعرفه اليوم، بل في صورة طبق ألماني تقليدي يُعرف باسم "فريكاديلين"، إذ كان يتألف من كرات لحم البقر المفروم المطهو ويُقدم بجانب البطاطس المهروسة.

ومع تطور الحياة التجارية في الولايات المتحدة وظهور المعارض الكبرى، بدأ البرغر في التطور ليتكيف مع النمط الأميركي السريع. مستلهما من الهوت دوغ، تم إدخال الخبز الأبيض ليصبح البرغر أكثر سهولة في التناول. بدأت المطاعم وأكشاك الطرق في ولايات مثل أوهايو ونيويورك وتكساس بتقديمه بهذه الطريقة.

وكان معرض سانت لويس العالمي عام 1904 هو الانطلاقة الرسمية للهامبرغر بشكله الحديث، حيث تم تقديمه بوصفه وجبة سريعة ومريحة، مما عزز مكانته ليكون رمزا للوجبات السريعة الأميركية.

الجبن والبرغر

للجبن السويسري الأميركي دور أساسي في تطور البرغر ليصبح كما نعرفه اليوم. ورغم أن أصول الجبن السويسري تعود إلى سويسرا، فقد وصل إلى الولايات المتحدة مع موجات الهجرة الأوروبية خلال القرن الـ19. وتأثرت صناعة الجبن الأميركية بالتقاليد السويسرية، مما أدى إلى إنتاج أنواع محلية مستوحاة من النسخة الأصلية، عُرفت لاحقا باسم الجبن الأميركي أو السويسري الأميركي.

مع الوقت، بدأ تصنيع الجبن السويسري محليا ليواكب الذوق الأميركي ومعايير الإنتاج الصناعي. يتميز هذا النوع من الجبن بنكهته المعتدلة وقوامه الذي يذوب بسهولة، ما جعله مكونا مثاليا للبرغر، خصوصا خلال فترة ازدهار مطاعم الوجبات السريعة في القرن الـ20.

البرغر بوصفه وجبة بسيطة بدأ للطبقات العاملة في المدن الأميركية (غيتي)

عندما انتشرت سلاسل البرغر الكبرى مثل "ماكدونالدز" و"وايت كاسل"، أصبح الجبن السويسري الأميركي عنصرا أساسيا في ساندويتشات البرغر. كان يُضاف فوق قطعة اللحم الساخنة ليمنح نكهة كريمية مميزة ويضفي مظهرا شهيا بفضل ذوبانه المثالي.

إعلان

كما لعب تسويق "برغر الجبن" أو "تشيز برغر" دورا بارزا في تعزيز شعبية الجبن الأميركي. وبفضل هذا المزيج المثالي من الجبن السويسري الأميركي، تطور البرغر ليصبح أكثر من مجرد وجبة سريعة؛ بل وجبة متكاملة بالنكهات والقوام الذي يروق مختلف الأذواق.

تُعتبر شطيرة البرغر والبطاطس المقلية من أبرز رموز الثقافة الغذائية في الولايات المتحدة، حيث اكتسب هذا الثنائي شهرة واسعة وأصبح جزءا لا يتجزأ من قوائم الطعام حول العالم. بدأ هذا الارتباط في أوائل القرن الـ20 مع تطور البرغر بوصفه وجبة سريعة ومحبوبة. أضيفت البطاطس المقلية، التي تعود أصولها إلى بلجيكا، لتكون خيارا جانبيا مثاليا بفضل سهولة إعدادها وقوامها المقرمش، مما جعلها شريكا مثاليا لشطيرة البرغر، خصوصا في مطاعم الوجبات السريعة التي ركزت على تقديم وجبات عملية وسريعة.

خلال الحرب العالمية الثانية، عززت القيود الغذائية هذا الترابط، إذ اعتمدت مطاعم مثل "وايت كاسل" على تقديم البطاطس المقلية في شكل خيار جانبي اقتصادي غني بالسعرات والنشويات، مما ساعد في زيادة شعبيتها وتعزيز مكانتها ضمن تجربة تناول البرغر. لاحقا، لعبت سلاسل كبرى مثل "ماكدونالدز" و"برغر كينغ" دورا رئيسيا في ترسيخ هذا الثنائي، إذ قدّمت البطاطس المقلية مع البرغر ضمن وجبات متكاملة وسوّقته بصفته خيارا مثاليا لتناول الطعام خارج المنزل.

هذه العوامل من التسويق الذكي، إلى جانب النكهة المميزة والتكامل المثالي بين البرغر والبطاطس المقلية، أسهمت في جعل هذا الثنائي رمزا للوجبات السريعة وثقافة الطعام الأميركي، إذ يمثل توازنا بين البساطة والإشباع الذي يروق مختلف الأذواق.

للجبن السويسري الأميركي دور أساسي في تطور البرغر ليصبح كما نعرفه اليوم (غيتي) البرغر: من وجبة بسيطة إلى رمز للثقافة الأميركية

بدأ البرغر كوجبة بسيطة للطبقات العاملة في المدن الأميركية، وسرعان ما تحول إلى ظاهرة عالمية مع تأسيس سلاسل مطاعم مثل "وايت كاسل" و"ماكدونالدز". ساهمت خطوط الإنتاج الضخمة وأسعاره المعقولة في تعزيز شعبيته، بينما رسخت الثقافة الشعبية الأميركية مكانته بوصفه رمزا للحياة اليومية.

إعلان

اليوم، يُعد البرغر رمزا عالميا للوجبات السريعة، ويمثل نحو 42% من قيمة هذا السوق عالميا. ومع توسّع سلاسل المطاعم الدولية، أصبح البرغر سفيرا غير رسمي للطعام الأميركي، يعكس تأثير الولايات المتحدة الثقافي والاقتصادي عالميا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الولایات المتحدة البطاطس المقلیة وجبة سریعة

إقرأ أيضاً:

تؤذي القلب وتتسبب في السكر والسرطان.. مخاطر كثرة تناول البطاطس المقلية

تناول البطاطس المقلية قد يكون لذيذًا، لكنه يؤثر على جسمك بعدة طرق، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، خاصة إذا تم تناولها بكثرة. إليك ما يحدث لجسمك عند تناول البطاطس المقلية:

التأثيرات قصيرة المدى:

1. ارتفاع سريع في مستوى السكر في الدم: البطاطس غنية بالكربوهيدرات البسيطة، والقلي يجعلها ذات مؤشر جلايسيمي مرتفع، مما قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم بسرعة، يليه انخفاض سريع قد يسبب الشعور بالجوع مرة أخرى قريبًا.


2. ارتفاع نسبة الدهون في الجسم: قلي البطاطس في الزيت يجعلها غنية بالدهون المشبعة أو حتى الدهون المتحولة إذا كان الزيت غير صحي، مما قد يؤدي إلى الشعور بالثقل والخمول.


3. احتباس الماء وزيادة الانتفاخ: بسبب كمية الصوديوم العالية (الملح المضاف)، قد تؤدي البطاطس المقلية إلى احتباس السوائل في الجسم، مما يجعلك تشعر بالانتفاخ.

التأثيرات طويلة المدى (عند تناولها بكثرة):

1. زيادة الوزن: السعرات الحرارية العالية والدهون تجعل البطاطس المقلية من الأطعمة التي تسهم في زيادة الوزن عند تناولها بكثرة.


2. مشاكل في القلب: الدهون المشبعة والمهدرجة ترفع مستوى الكوليسترول الضار (LDL) وتخفض الكوليسترول الجيد (HDL)، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.


3. ارتفاع خطر الإصابة بالسكري: الاستهلاك المتكرر للأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع قد يزيد من مقاومة الأنسولين، مما يرفع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.


4. زيادة خطر الإصابة بالسرطان: عند قلي البطاطس على درجات حرارة عالية، تتكون مادة الأكريلاميد، وهي مركب قد يكون مسرطنًا عند استهلاكه بكميات كبيرة لفترات طويلة.

كيف تجعل البطاطس صحية أكثر؟

استخدم القلي بالهواء (Air Fryer) بدلًا من الزيت العميق.

جرب شيّها في الفرن مع القليل من زيت الزيتون.

قلل كمية الملح وأضف توابل طبيعية مثل الفلفل الحلو أو الثوم.

تناولها باعتدال ولا تجعلها وجبة يومية.


بهذه الطريقة، يمكنك الاستمتاع بالبطاطس دون تعريض صحتك للخطر

مقالات مشابهة

  • خبراء الأمم المتحدة: الاقتراح الأميركي حول غزة يحطم القواعد الأساسية للنظام الدولي
  • شولتس: الاتحاد الأوروبي سيرد على الرسوم الجمركية الأميركية
  • ستزور لبنان.. المبعوثة الأميركية راجعة
  • حرب السودان وحدود القوة الأميركية
  • عاجل | الرئيس الإيراني: الرئيس الأميركي يدعم القتلة ويحميهم من محكمة الجنايات الدولية
  • تيك توك يتحايل على الحظر الأميركي ويسمح لمستخدمي أندرويد بتنزيل التطبيق من الويب
  • تؤذي القلب وتتسبب في السكر والسرطان.. مخاطر كثرة تناول البطاطس المقلية
  • عاجل| وزير الخارجية يتوجه إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية
  • في زيارة رسمية .. وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى الولايات المتحدة
  • الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الأداة الناعمة لنفوذ الولايات المتحدة