روشتة نبوية: "تعمل إيه لو شوفت حلم مفزع أو كابوس؟"، تعد الأحلام جزءًا من حياة الإنسان اليومية، قد تكون مصدرًا للراحة أو التوتر، في بعض الأحيان، يشعر المسلم بالقلق أو الخوف من بعض الأحلام المفزعة أو الكوابيس التي قد تؤثر عليه نفسيًا أو روحيًا. وفي الإسلام، قدم لنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم توجيهًا هامًا في كيفية التعامل مع هذه الأحلام، لتهدئة النفوس وحمايتها من تأثيراتها السلبية.

الأحلام في الإسلام: بين الخير والشرالأحلام في الإسلام تقسم إلى ثلاثة أنواع:

1. الرؤيا الصادقة: وهي من الله سبحانه وتعالى، وهي تلك الأحلام التي تحمل رسائل طيبة أو بشارات خير.


2. أحلام من الشيطان: وهي الأحلام التي تثير الخوف والقلق وتكون محض تخيلات شيطانية تهدف إلى إزعاج المؤمن.


3. الأحلام الناتجة عن النفس: وهي ما تنشأ بسبب الضغوط النفسية أو الأفكار المزعجة التي يتعرض لها الشخص في حياته اليومية.

 

وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الرؤيا الصادقة من الله، والحلم من الشيطان» (رواه البخاري). هذا التوضيح يظهر أن الأحلام ليست جميعها سواء، وأن الإنسان يجب أن يكون واعيًا لهذا التمييز بين الأحلام الطيبة التي تريح القلب، والأخرى التي قد تأتي من الشيطان.

التوجيهات النبوية في التعامل مع الكوابيس والأحلام المفزعة

حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوف والهلع الذي قد ينتج عن الكوابيس، وأرشدنا إلى كيفية التعامل معها بما يبعث الطمأنينة في قلوب المؤمنين، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي توضح كيف ينبغي للمسلم أن يتعامل مع الكوابيس والأحلام المفزعة:

1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأى أحدكم ما يكره، فليتعوذ بالله من الشيطان، وليستعذ من شرها، فإنها لا تضره» (رواه مسلم). وهذا يعني أن الاستعاذة بالله هي أولى خطوات التخلص من تأثير الأحلام المفزعة.


2. التغيير في النوم: أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تغيير وضعية النوم إذا حدثت كوابيس، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأى أحدكم ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليتعوذ بالله من الشيطان» (رواه البخاري)، تغيير وضعية النوم يمكن أن يكون خطوة عملية في التخلص من أثر الكوابيس.


3. الدعاء والذكر: الدعاء والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى يعتبر من أقوى وسائل الحماية من الكوابيس، حيث يطمئن قلب المسلم ويشعر بالسلام الداخلي. ومن الأدعية المشروعة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت» (رواه مسلم).


4. التصدق والدعاء للمغفرة: في بعض الأحيان، قد تكون الكوابيس ناتجة عن الذنوب والمعاصي، لذا فإن الصدقة والدعاء بالاستغفار يمكن أن يساعدا في تطهير النفس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام ولم يصب خيرًا فليستغفر الله، فإنا قد علمنا أن هذه الأحلام قد تكون من الشيطان» (رواه ابن ماجه).


5. الوضوء والصلاة: إذا شعر المسلم بأن ما رآه من أحلام مفزعة يزعجه أو يرهقه، فإن التوضؤ والصلاة تعتبر من أفضل الوسائل التي تبعث الطمأنينة والسكينة في القلب. الصلاة تجعل المسلم في حالة من الاستعاذة بالله وتدفع عنه وساوس الشيطان.

 

رسالة الإسلام في حماية النفس البشرية

يظهر من خلال التوجيهات النبوية أن الإسلام يعترف بتأثير الأحلام على النفس البشرية، ويعلمنا كيفية حماية أنفسنا من تأثيراتها السلبية. فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتجئ إليه في جميع الأحوال، سواء في الرؤيا الطيبة أو الأحلام المفزعة، وأن نأخذ بالأسباب التي تجعلنا في منأى عن شرور الشيطان وهمزاته.

 

إن تعاملنا مع الأحلام المفزعة أو الكوابيس يجب أن يكون وفقًا لما أرشدنا به ديننا الحنيف، من خلال الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والدعاء، والتغيير في وضعية النوم، والتوكل على الله. فالإسلام لا يقدم فقط التوجيهات الدينية في العبادة، بل يعزز السلام الداخلي والاطمئنان الروحي للمسلم، ليعيش في سلام نفسي بعون الله ورعايته.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأحلام الكوابيس الله النبي روشتة نبوية النبی صلى الله علیه وسلم الله سبحانه وتعالى بالله من الشیطان الاستعاذة بالله

إقرأ أيضاً:

مدى مشروعية مقولة "خد الشر وراح"

كشفت دار الإفتاء المصرية مدى مشروعية مقولة " خد الشر وراح " التي اعتاد الناس عليها الناس في بعض البلاد، موضحة أنها لَمْ تخرج عن المشروعية، ولا حرج عليهم في قولها، ولا تُنافي الإيمانَ في شيءٍ، ولا تعارِض يقين المؤمنين بأنَّ دَفْع الشَّر أو جَلْب الخير بيد الله سبحانه.

مراعاة العرف في الأحكام الشرعية وأثره في الفتوى


ومن المقرر في الشريعة الإسلامية أنَّ النَّظَرَ إلى أعراف الناس وعوائدهم يكون بعين الرعاية، فالأصل إقرارُها ما لم تتعارض مع الأحكام الشرعية؛ قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199].

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك" وصحَّحه.

وقد صاغ الفقهاء هذا المعنى في قاعدةٍ مِن قواعد الفقه الكبرى، هي: أن "العَادَةَ مُحَكَّمَةٌ"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 7، ط. دار الكتب العلمية).

حكم مقولة: "خد الشر وراح" وبيان معناها
وقالت الإفتاء إن مقولة "خَد الشَّر ورَاح" التي هي تعبيرٌ باللهجة المصريَّة الدارِجَة يُقالُ لشخصٍ أُضِير ضررًا خفيفًا، وذلك على سبيل التخفيف مِن وَقعِهِ، كأن يَكسِر كوبًا أو طَبَقًا أو نحو ذلك ممَّا ينزعج الإنسان بفقده، والمعنى: أنَّ الذي كُسِر قد أَخَذَ الشَّرَّ وذَهَب به بعيدًا، وهو مِن قبيل التفاؤل بما سيأتي مِن أقدار الله سبحانه وتعالى، كما في "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية" للدكتور إبراهيم شعلان (2/ 448، ط. دار الآفاق العربية).

وقد اشتمل استعمال هذه المقولة على عدة معانٍ، منها: التخفيفُ والمواساةُ على مَن أصابه الضُّرُّ، والتفاؤلُ والاستبشارُ بالخير، وكلاهما ممَّا أمر به الشَّرعُ الشَّريف، وحثَّنا عليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم قولًا وفعلًا.

فمِن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمريض الذي يعوده: «لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ.. الحديث» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

ومنه: الأمرُ بتشميت العاطس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُل: الحَمْدُ لِلهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وفي هذه الأحاديث وغيرها ما لا يخفى مِن التخفيف والمواساة، مع الفألِ الحسن، والبشارة، حيث بَشَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم المريضَ بأن الله سيُطهِّرَه مِن دائه، وواساه بقوله: «لَا بَأْسَ»، وكذا بَشَّرَ العاطس بأنه ستشمله رحمةُ الله تعالى، فليُحسن ظَنَّه بربه.

قال الإمام ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" (2/ 100-101، ط. دار النوادر): [قولُ المشمِّتِ: "يرحمك الله" الظاهرُ منه والسابقُ إلى الفهم: أنه دعاءٌ بالرحمة، ويَحتَمِل أن يكونَ إخبارًا على طريقةِ البِشارة المبنيَّة على حُسنِ الظنِّ، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم للمَحْمُومِ: «لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ»، أي: هي طهورٌ لك إن شاء الله، والله أعلم بمراد رسوله] اهـ.

وقد أحبَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم التفاؤلَ والاستبشارَ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» متفقٌ عليه.

ومِن المعاني المشتملة عليها تلك المقولة أيضًا: حُسن الظن بالله سبحانه وتعالى، ورجاءُ الخير والفضل منه جَلَّ جَلَالُهُ، حيث ظهر ذلك في اليقين بأنَّ الخيرَ مستبطنٌ فيما قدَّره اللهُ على الإنسان وإن كان ظاهرُه شَرًّا أو أذى، إذ يقول الله تعالى في الحديث القدسي الجليل: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» متفقٌ عليه.

وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بثلاثٍ يقول: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ» أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه".

ومنها: إعلان التسليم لقضاء الله تبارك وتعالى، واليقين بلُطفِه جَلَّ جَلَالُهُ، قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ﴾ [الشورى: 19].

قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه شِعْرًا في "الديوان" المنسوب له رضي الله عنه (ص: 160، ط. دار المعرفة):

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الشيخان.

 

مقالات مشابهة

  • ماذا تعرف عن محطة كهرباء “أوروت رابين” الإسرائيلية التي استهدفتها قوات صنعاء؟
  • علي جمعة: اللهم عاملنا بفضلك وإحسانك ولا تعاملنا بعدلك وميزانك
  • هل يجوز ترديد دعاء اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك؟ تحذير من علي جمعة
  • الهوية الإيمانية وجمعة رجب.. بوابة اليمنيين إلى الإسلام
  • هل العمرة في شهر رجب سنة عن النبي؟
  • مدى صحة مقولة "العمل عبادة" في الشرع والسنة
  • علي جمعة: التوكل على الله أن تكون راضيا بسلطانه عاملا بأوامره متعلقا بفضله
  • مدى مشروعية مقولة "خد الشر وراح"
  • عالم بالأوقاف: حسن الظن بالله هو مفتاح الخير فى الأوقات العصيبة