بيروت- مع اقتراب موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية في 9 يناير/كانون الثاني الحالي، يسود الترقب المشهد السياسي في البلاد ويستمر الغموض في مواقف معظم الكتل السياسية والحزبية.

وتأتي هذه الجلسة المرتقبة بعد فراغ دستوري استمر أكثر من سنتين منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، مما جعل الساحة السياسية عرضة لتجاذبات داخلية وخارجية.

بينما تزداد وتيرة اللقاءات والاتصالات الدبلوماسية محليا ودوليا في محاولة لدفع عجلة التوافق بين كافة الأطراف.

وتتطلب عملية انتخاب رئيس لبنان غالبية الثلثين من أصوات نواب البرلمان البالغ عددهم 128، في الدورة الأولى، في حين يكفي الحصول على الغالبية المطلقة (أكثر من 50%) بالجولات التالية. ورغم الرهان على حسم الجلسة المنتظرة، فلا يزال المشهد ملبدا بضبابية التوافقات مما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة قد تعيق إنهاء الشغور الرئاسي.

تسوية مرتقبة

يرى علي درويش، النائب السابق في الكتلة البرلمانية لرئيس الحكومة، أن الساحة السياسية تشهد حاليا حركة اتصالات مكثفة وغير مسبوقة، وأكد للجزيرة نت أن "احتمالية انتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة المقررة في التاسع من هذا الشهر لا تزال قائمة مع تقدير نسبة النجاح بـ50% أو أكثر".

إعلان

ورغم هذه التحركات، يقول درويش إن المشهد السياسي العام يظل غامضا بسبب الانقسام المستمر بين الموالاة والمعارضة حول معايير اختيار رئيس الجمهورية الأنسب للمرحلة الحالية، سواء من حيث الشخصية أو الملفات التي يجب أن يتولاها.

وأشار إلى أن الجلسة المقبلة مفتوحة على جميع الاحتمالات، إذ يعتمد تحقيق اختراق سياسي على نجاح الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية شاملة. كما لفت إلى أن بعض المرشحين، مثل قائد الجيش، يحتاجون للحصول على 86 صوتا للفوز، وهي "مهمة تبدو ممكنة لكنها لا تزال محفوفة بالتحديات مما يعكس تعقيد المشهد الراهن".

وشدد درويش على أهمية اختيار رئيس قادر على تجاوز الانقسامات الداخلية وتوحيد اللبنانيين، وأوضح أن الدعم الدولي والعربي للرئيس المقبل -خصوصا من دول الخليج- سيكونان عاملين حاسمين لدفع عجلة الاستقرار والتنمية في لبنان.

ووفقا له، تتطلب المرحلة الحالية شخصية قيادية قادرة على فتح آفاق جديدة لدعم لبنان، لا سيما في مجالات إعادة الإعمار وتحقيق النمو الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الكبرى التي "تمثل حجر الزاوية للنهوض بالبلاد من أزماتها الراهنة".

ضبابية الرئاسة

من جانبه، أكد رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور أنه "يُفترض أن يتم انتخاب رئيس في الجلسة القادمة، وهو أمر كان يجب أن يحدث منذ عامين وشهرين، إلا أن ذلك لم يتحقق بسبب الممانعة التي تسببت في تعطيل 12 جلسة انتخابية، بالإضافة إلى تجميد الدعوات لعقد جلسات متتالية، مما يعكس عرقلة واضحة للعملية الانتخابية".

وأضاف للجزيرة نت أن الحديث عن جلسة مفتوحة يعد خطوة إيجابية مقارنة بالفترة السابقة، ومع ذلك لا تزال الصورة الرئاسية غامضة رغم أن القوى المعنية قد تكون لديها رؤية واضحة خلف الكواليس، وبالتالي يبقى الوضع الرئاسي غير محدد مما يستدعي الحذر والتروي في التوقعات.

إعلان

وحسب جبور، لا يمكن في هذه المرحلة تحديد مرشح بعينه حيث لا تزال الصورة غير مكتملة حتى الآن، ويبقى الحديث مقتصرا على الثوابت العامة المتعلقة بالمرشح الأقوى دون أن تكون هذه القضايا قد حُسمت بعد، وهو ما يعكس حالة من الانتظار في رسم معالم المرحلة المقبلة.

من ناحية أخرى، أكد المسؤول بحزب القوات اللبنانية أن القوى السياسية لا تزال تسعى لانتخاب رئيس توافقي، وهو هدف يتماشى مع المرحلة الحالية التي تتطلب بناء دولة حقيقية تقوم على تطبيق الدستور وتنفيذ القرارات الدولية، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار.

تحديات انتخابية

من جهته، يرى النائب قاسم هاشم عضو كتلة التنمية والتحرير (الكتلة البرلمانية لحركة أمل) أن الجلسة ستعقد في موعدها المحدد رغم المحاولات التي يبذلها البعض لإثارة الجدل حول إمكانية تأجيلها، وأكد للجزيرة نت ضرورة نجاحها و"هو ما يصر عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يسعى من خلالها إلى انتخاب رئيس للجمهورية".

وأضاف أن الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة تتطلب إعادة انتظام المؤسسات الدستورية، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون انتخاب رئيس للجمهورية. وأوضح أن بري "مصمم" على أن تكون الجلسة مفتوحة لدورات متتالية لإتمام عملية الانتخاب مع السعي للوصول إلى توافق حول شخصية الرئيس دون أن يشكل ذلك تحديا لأي طرف.

وفي حال عدم التوصل إلى تفاهم قبل موعد الجلسة، أكد هاشم أن الخيار الأخير سيكون لصناديق الاقتراع لتحديد هوية الرئيس، وبالتالي يجب على القوى السياسية والكتل النيابية الالتفاف حول النتيجة بشكل سريع لتشكيل المؤسسة الدستورية، مما يتيح انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة للتعامل مع الملفات العاجلة التي يحتاجها لبنان.

أما عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن، فأكد أن موقف كتلته كان واضحا منذ البداية بدعوتها لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده دون تعطيل الجلسات، وأضاف أنه حين تحديد موعد الجلسة حسمت الكتلة خيارها لصالح قائد الجيش العماد جوزيف عون "انطلاقا من قناعتها بضرورة أن يكون رئيس الجمهورية شخصية توافقية" مشيرا إلى وجود اعتراضات من بعض الأطراف على هذا الترشيح.

إعلان

وشدد أبو الحسن على أهمية التوصل إلى انتخاب رئيس توافقي، وقال للجزيرة نت "تبدو الجلسة قائمة وفق المعطيات الحالية لكن لا ضمانات للخروج برئيس ما لم تعمد الأطراف إلى مراجعة مواقفها، وقد نشهد مرونة من البعض باتجاه التسوية، لكن إذا استمر كل فريق بالتمسك بمرشحه الخاص فسيظل لبنان في مأزق لأن إدارة شؤونه لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الحوار والتفاهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رئیس الجمهوریة انتخاب رئیس للجزیرة نت لا تزال

إقرأ أيضاً:

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: هذا هو رئيس الجمهورية الذي نريد


قبل ثلاثة ايام على موعد جلسة انتخاب الرئيس في التاسع من الشهر الجاري، وجهت الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم كتابا مفتوحا الى نواب الامة حددت فيه مواصفات رئيس  الجمهورية الذي تريده برزها التحلي بصفة "الزعامة" لا بصفة "القيادة"، ولا يستجدي السلطة من أحد. ولن يقف فوق الطوائف ليكون رمزاً حقيقيّاً لوحدة لبنان ولا يسفح الدستور كُرمى لأحد، وليس لديه حسابات يصفيها مع أحد، ولا فاسداً عُضواً في نادي الفاسدين ولا يرضخ لنفوذ الدول، بل يرمم صداقاتِ لبنان، ويبني صداقاتٍ جديدةً قائمةً على مصالحِ لبنان.
وقالت الجامعة في كتابها:
إنَّ الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم، وبعد التشاور مع مسؤوليها في الانتشار، وبعد استطلاع آراء المنظمات الاغترابية المتحالفة معها، والشخصيات الفاعلة في اللوبي اللبناني في دول القرار، وعشِيَّةَ الانتخاباتِ الرئاسيةِ التي تأخرت لسنتين، وبعدَ حربِ إسنادِ الآخرين، وقد دُمِّرَ فيها البشر والحجر، وفي ظِلِّ الاحتلال الإسرائيلي للقرى المُدمَّرة، وفي ظِلِّ الدولةِ التي كان العالم على وشكِ إعلانها دولةً فاشلة، حيث دُمِّر الاقتصاد، وسُرِقت أموال لبنان، وودائع اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، ومستثمرين، وعلى وقع انهيار الإقليم وسقوط الطاغة الذين جثموا، وبأيادٍ لبنانية، على صدر الوطن، وفي ظلِّ المُتغيِّرات، السلبية والإيجابية، التي تلف المنطقة الشرق أوسطية، وإذ يُفتَح مجلس النواب، ربما مُرغَماً، وأخيراً، لانتخاب رئيس للجمهورية، ولمّا كان الانتشار اللبناني، ولمّا يزل، وحدَهُ الأملَ المتبقي لإنهاء الأزمة المالية والاقتصادية، لا أموال صندوق النقد والبنك الدولي ومؤتمرات الدول المانحة المُترجمة كلها ديوناً أو نفوذاً، تعلن باسم، الانتشار هذا، شروطه، غير المتسامحة، لما نريده في الرئيس العتيد:
لا نريد رئيساً يتكنّى بصفة "الزعامة"، بل يتحلى بصفة "القيادة"، فلا يضع شخصَه على قمة الهرم، بل الوطن.
 لا نريد رئيساً يستجدي السلطة من أحد، بل رئيساً يفرضها على الجميع.
 لا نريد رئيساً تحت الطوائف، بل رئيساً فوق الطوائف ورمزاً حقيقيّاً لوحدة لبنان بحسب الدستور.
 لا نريد رئيساً طَرفاً يسفح الدستور كُرمى لأحد، أو خوفاً من أحد، بل رئيساً، ليس حَكماً فقط بين اللبنانيين، بل حاكماً عادلاً مؤتمناً على تطبيق دستور الطائف نصاً وروحاً.
لا نريد رئيساً لديه حسابات يصفيها مع أحد، ولا فواتير يدفعها لأحد، بل رئيساً يصفي حسابات الوطن مع المتآمرين، والفاسدين، والمرتهنين، ويدفع فواتير الوطن للمظلومين من شعبه.
لا نريد رئيساً فاسداً عُضواً في نادي الفاسدين، بل رئيساً نزيهاً يُوقِّع، وبجرأة، على الطلب من الأمم المتحدة تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان سنة ٢٠٠٩، لاستعادة أموال لبنان واللبنانيين المنهوبة.
لا نريد رئيساً يرضخ لنفوذ الدول، بل يرمم صداقاتِ لبنان، ويبني صداقاتٍ جديدةً قائمةً على مصالحِ لبنانَ أولاً، وذلك لتحصينهِ، فيستعيد لبنان دوره العربي والعالمي.
لا نريد رئيساً يجعل من لبنان ساحةً لأحد، بل واحةَ سلامٍ وفكرٍ مستنيرٍ بذاتِهِ، مُضيءٍ على الإنسانية.
لا نريد رئيساً يُفرِّط قَيدَ أُنمُلة بالسيادة، مهما عَظُمت الضُغوط، والتهديدات، أو المُغريات، فلا "اتفاق قاهرة" جديداً، ولا معادلات "ذهبيَّة" أو "خشبيَّة" بعد اليوم، بل رئيساً يعتبر تطبيق الدستور أساساً، والجيش حامياً، وتطبيق القرارات الدولية، بدءاً من اتفاقية الهدنة، مروراً بالقرارات ٤٢٥، ١٥٥٩، ١٦٨٠ و١٧٠١ التزاماً لا مهادنة ولا لُبسَ فيه، أساسه وضع السلاح الفلسطيني وسلاح حزب الله، وأي سلاح غير شرعي تابع لأحزاب ومنظمات وسرايا، خاصةً ما ظهر منه خلال الحرب الأخيرة، بيد الجيش اللبناني وحده، فيصبح تطبيق هذه القرارات حامياً من أطماع الدول، ومُلزماً للدول الإقليمية وعلى رأسها إيران وإسرائيل.
لا نريد رئيساً يُوقِّع على حكومةِ مُحاصصة "توافقيّة"  يُمثِّلُ فيها الوزراء أحزابهم، وتنتهج أساليب القرارات والصفقات بالتراضي، بل رئيساً يفرض حكومةً تمثل فريق الأكثرية الحاكمة، يقابلها فريق الأقلية المعارضة، وإنهاء حالة الثلث المعطِّل المنافي للدستور ولمنطق دور الحكومة، فيستعيد المجلس النيابي دوره الأساسي في التشريع والمحاسبة.
لا نريد رئيساً تشلُّهُ الإدارةُ العامةُ "العثمانية" المترهلة، بل رئيساً يُعيد لمجلس الخدمة المدنيّةِ والتفتيش المركزي مَجدهما، يُنَظِّف دَرَجَ الإدارة من فوق إلى تحت، يفرض المكننة، فلا تعود الإدارة عِبئاً، ومغارةَ فساد، بل وسيلةَ خِدمةٍ سريعةٍ ونظيفةٍ للمواطن، وأساسَ تمويلٍ عادلٍ للدولة، وعاملَ نُمو.
 لا نريد رئيساً يُلزِّمُ إعادةَ الإعمار لصناديقَ ومجالسَ اشتهرت بالفساد، كمجلس الجنوب، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الإنماء والإعمار، بل رئيساً مُنزَّهاً يُشرف بشخصه على مؤسسةٍ وطنيَّةٍ جديدةٍ للإعمار، عمادها تِقنِيات الجيش وَخُبُراتِهِ في الإحصاء والمسح والتقييم والتعويض، بمشاركة الدول المانحة عبر مندوبيها، كي تذهب التعويضات لمستحقيها.
 لا نريد رئيساً يجعل من الإصلاح شعاراً، بل رئيساً يجعلُ الإصلاحَ سلوكاً شخصيّاً بالممارسة، فينعكس سلوكُهُ تطويراً للقوانين مَرجُوّاً منذ عُقود، ويحرص على فصل السلطات كي تنتظم. ولإحلال العدل والثقة بالدولة يَجعلُ تطهير وإصلاح القضاء بدايةَ هذا الإصلاح.
نريد رئيساً مؤمناً بالمنتشرين وقدراتهم، وبشبابِ لبنان وقُدُراتِه، وبِقدرةِ شعبِهِ على النهوض، نريد رئيساً يضع لبنان مُجدَّداً على طريقِ الحداثة، ويُحصِّنه من الإيديولوجيات المُميتة والبائدة، نريد رئيساً يؤمن بأننا نستطيع أن نُنافسَ الآخرين بالعلمِ والتقدُّمِ والمعرفة، وأن نكون شُركاء في التنمية وفي الرؤيا المتقدمة الناشئة في العالم العربي، وأن نعود مستشفى العرب، وجامعة العرب، لا أن نكون مصدر تصدير الثورات، وتدريب المقاتلين، ومصنعاً للمخدرات التي تُهدِّدُ أجيالنا الناشئة وشعوبَ المنطقة.
نريد رئيساً يُرسِّم حُدود الوطن، ويعرف حجمَ المسؤولية الاستثنائية المُلقاة على عاتقهِ، فهو الذي سيرسم اليوم خَطَّ لبنان الجديد، وَيَعمل على قِيامتِهِ كطائرِ الفينيق من الرماد، وتَحصينِهِ من القوى الإقليميّة، وإعادته رَقماً صعباً، بقدرِ ما هو حِياديٌّ في الصراعات الإقليمية والدولية، بقدر ما هو مُنغَمِسٌ،  مُتشبِّثٌ بعروبته، وعالميته، وحريته، وسيادته.
نهيب بنواب الأمة عدم "التذاكي"، وانتهاز الفرصة عبر جعل "اللعبة البرلمانية" تصب في مصلحة من يتمتع بالصفات التي ذكرنا، فلعلها الفرصة الأخيرة للإنقاذ، ونعد اللبنانيين أنَّ الانتشار سيكون المُساند، والمُراقب في آن!
الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم
المكتب الإعلامي
6 كانون الثاني 2025

مقالات مشابهة

  • الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: هذا هو رئيس الجمهورية الذي نريد
  • عبدالله: المطلوب رئيس توافقي يطمئن هواجس الأفرقاء اللبنانيين
  • الخازن: جلسة انتخاب الرئيس تمثل فرصة حاسمة لتحمل المسؤولية الوطنية
  • حركة خجولة خلال الأعياد في لبنان... وآمال معقودة على انتخاب رئيس
  • اللايقين سيّد الساحة قبل جلسة الانتخاب الموعودة
  • غموضٌ انتخابي كبير والأنظار تتجه إلى لقاء الكتل الأربع غداً وتواصل بين القوات و التيار
  • عن جلسة انتخاب الرئيس... هذا ما يأمله هاشم
  • ما هي احتمالات انتخاب رئيس لبنان في الموعد المحدد؟
  • موفد سعودي في بيروت والتشكيك يتسع بالخميس الانتخابي