وصفة إلهية لتحقيق النجاح والطمأنينة في الحياة.. لا تفوتها
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} يُجسد المعنى الحقيقي للتوكل على الله، موضحًا أن التوكل يعني أن يعتمد الإنسان في كل شؤونه على الله سبحانه وتعالى، إيمانًا بأنه لا حول ولا قوة إلا به، وأنه القادر على تحقيق المقاصد وتلبية المطالب.
وأكد جمعة أن النبي ﷺ كان النموذج الأسمى في التوكل على الله، حيث كان يقول دائمًا: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ»، مشيرًا إلى أن هذا يُعلمنا أهمية استشعار قرب الله في كل أمور حياتنا، وأن نطلب ما نريد من الله وحده، لأن الاعتماد على غيره يُخرج الإنسان من دائرة التوكل الحق.
طلب الحاجات باسم اللهوأشار جمعة إلى أن طلب الحاجات باسم الله أمر عظيم، مستشهدًا بموقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان إذا طُلب منه أمر باستخدام عبارة "بالله عليك"، كان يفعله تعظيمًا لاسم الله، حتى لو حاول البعض خداعه بهذه الطريقة. وكان يقول رضي الله عنه: "مرحبًا بمن خدعني في الله".
وأضاف جمعة أن الدعاء بالله، سواء كان مباشرة من الله أو باستخدام اسمه مع البشر، يعكس إخلاص العبد في توجهه إلى الله، وهو ما تشرحه الآية الكريمة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، مؤكدًا أن هذا الإخلاص يحتاج إلى تدريب النفس وتهذيبها للوصول إلى هذا المستوى من التوكل والإيمان.
أثر الدعاء على الإيمانوأوضح جمعة أن الدعاء باب عظيم لزيادة الإيمان، لأن استجابة الله للدعاء تجعل العبد يشعر بلذة القرب من الله وثباته في الإيمان، وقال: "عندما ندعو الله ونرى استجابته، نتأكد من وجوده سبحانه وتعالى، ونزداد تمسكًا بالإيمان".
وأضاف أن المؤمن يتميز عن غيره بأنه يُجرب لذة الإيمان يوميًا من خلال الصلاة، الذكر، والدعاء، مؤكدًا أن قوله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} دليل واضح على الراحة والطمأنينة التي يجدها المؤمن في ذكر الله.
علاقة الذاكرين باللهوتابع جمعة أن حالة الذاكرين الذين يعيشون معاني الإخلاص لله، تجلب لهم عناية إلهية خاصة، مشيرًا إلى الحديث القدسي: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أحسن ما أعطي السائلين». وأوضح أن هذه الحالة تتحقق بإخلاص العبادة لله والتوكل الكامل عليه.
واختتم جمعة حديثه بالتأكيد على أن التوكل على الله ليس مجرد كلمات، بل هو منهج حياة يحتاج إلى تربية دائمة للنفس، مشيرًا إلى أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} يعني أن الله سبحانه وتعالى هو الكافي لعباده، وهو الذي يحقق لهم ما يطلبون إذا صدقوا في توكلهم عليه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة الله الدعاء أثر الدعاء التوكل على الله جمعة أن
إقرأ أيضاً:
العدل الإلهي: ملامح الحلال والحرام وأثرهما في حياة المسلم
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق إن الله سبحانه وتعالى قد بيَّن بوضوح ملامح الحلال والحرام، وجعل الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بواحدة، ليُظهر عدله ورحمته اللامتناهية. وأوضح أن الله سبحانه وتعالى وضع المقارنة بين الحسنات والسيئات بطريقة تجعل الحسنات تذهب السيئات، وأتاح للإنسان فرصة التوبة والاستغفار، هذه الرؤية تظهر كيف أن الله عز وجل لا يظلم أحدًا، بل يُسهم في إعادة التوازن بين الخير والشر، ويمنح الإنسان فرصًا عديدة للتوبة وتصحيح أخطائه، مما يعكس سعة رحمة الله وعظيم عدله.
التوبة والاستغفار: أبواب مفتوحة للرحمة الإلهيةالرحمة الإلهية تتجلى في أن الله فتح باب التوبة للإنسان، وجعل الحسنات تذهب السيئات، مما يُظهر سعة رحمة الله مع عباده. فالله سبحانه وتعالى يجعل التوبة والطاعات مجالاً للمغفرة وإزالة الذنوب، وهو ما يعزز مفهوم الرحمة التي لا حدود لها. فبقدر ما نخطئ، يظل باب التوبة مفتوحًا لمن يراجع نفسه ويسعى للإصلاح. هذه الرحمة تتجاوز المظالم التي قد يقع فيها الإنسان وتفتح له أفقًا جديدًا للعودة إلى الله.
طلب العدل بدلاً من الرحمة: جهل وغرور في فهم الذاتحذر جمعة من القول: "اللهم عاملني بعدلك لا برحمتك"، مؤكدًا أن هذا يُعد جهلًا بالله وظهورًا للكبر. فهذا القول يحمل في طياته نوعًا من الكبرياء، حيث يظن الشخص أنه لم يقترف خطأً يستحق العقاب، وبالتالي يطلب من الله أن يعامله بالعدل دون أن يعترف بضعفه وحاجته للرحمة. كما أن هذه الفكرة تتناقض مع حقيقة أن الكبرياء لله وحده، كما جاء في الحديث القدسي: «العظمة إزاري، والكبرياء ردائي»، وهو تذكير بأن الله هو المتعال والمستحق للكبرياء والعظمة، بينما الإنسان يجب أن يتحلى بالتواضع والاعتراف بحدوده.
الإنسان بين ضعفه وتكريمه الإلهي: كيف نعي مكانتنا في الكونعلى الرغم من ضعف الإنسان أمام عظمة الكون، إلا أن الله كرَّمه وأسجد له ملائكته، ليُظهر أن التكريم لا يأتي من القوة المادية بل من فضل الله ورحمته. فعلى الإنسان أن يتذكر دائمًا مكانته في الكون ويعلم أنه رغم ضآلته وضعفه في هذا العالم الكبير، إلا أنه مكرَّم عند الله. هذه التكريم ليس ناتجًا عن قوته أو حجمه، بل هو تكريم إلهي فطري، حيث قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}. فالتكريم الذي نالته البشرية هو تكريمٌ من الله سبحانه وتعالى، فيجب على الإنسان أن يتحلى بالتواضع أمام هذا الفضل العظيم.
الشك والتكذيب: الغفلة والتعالي على اللهتأملات في حال الذين يقولون: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، وكيف يعكس هذا الكلام شكًا وغفلة عن رحمة الله وعدله. هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في الدنيا غافلين عن ذكر الله أو يتوغلون في لذائذ الدنيا، ينتهي بهم الحال إلى الشك في وعود الله ووعيده.
فهم يُظهرون تكذيبًا بكلماتهم هذه، ويعتقدون أن وعد الله غير محقق، مما يُعد نوعًا من الكفر والتكبر. هذا التصرف ينم عن الغفلة عن حقيقة الحياة والموت وعواقب الأفعال.
التواضع والإيمان: رسالة النبي ﷺ في الاعتماد على الله وحدهالنبي ﷺ كان دائمًا يُظهر تواضعه ويؤكد أن لا قدرة له على شيء إلا ما شاء الله، وهو ما يجب أن يتعلمه كل مسلم.
النبي ﷺ كان يدرك تمامًا أن كل شيء في حياته هو بتقدير الله ومشيئته، لذلك كان يقول دائمًا: «قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا»، ليعلم الأمة جميعًا أنه لا قدرة لأحد على التأثير في مجريات الأمور إلا الله سبحانه وتعالى. هذه الرسالة تدعو إلى التواضع والاعتراف بأن الإنسان لا يملك من أمره شيئًا، وأنه يجب أن يعتمد على الله في كل خطوة، ويعيش متوكلًا عليه، مؤكداً بذلك أن العظمة الحقيقية هي في التواضع أمام الله.