تجاهلت الحكومة مقترحا لمؤسسة الوسيط، يتعلق بـ »إرساء أداة مندمجة لإجراء تقييم شمولي للصعوبات الواقعية و/أو المحتملة في الولوج إلى الخدمات الارتفاقية خلال مرحلة ما بعد زلزال الحوز ».

وقالت مؤسسة الوسيط، إنه بناء على مقتضيات الفصل 162 من الدستور؛ وتفعيلا لما خوله المشرع للوسيط من مهام وصلاحيات نصت عليها مواد القانون المنظم للمؤسسة، ارتأت سنة 2023، بصفتها قوة اقتراحية، أن تضع يدها على سبع قضايا استأثرت باهتمامها، فبادرت فيها إلى تقديم اقتراحات، منها ما استجابت له الحكومة، ومنها ما تفاعلت معه فقط عبر إحالة مواضيعها على القطاعات المعنية، ومنها ما لم تتلق بشأنه ردا.

وأوضحت المؤسسة في تقريرها السنوي الذي نشر مؤخرا في الجريدة الرسمية، أنها أعدت مقترحا حول إرساء أداة مندمجة لإجراء تقييم شمولي لصعوبات الولوج إلى الخدمات الارتفاقية خلال مرحلة ما بعد زلزال الحوز، إلا أن الحكومة لم تتفاعل مع المقترح إلى غاية تاريخ إعداد التقرير.

وقالت المؤسسة، إن مقترحها يأتي « من منطلق حرصها على مواكبة الحياة الارتفاقية في أعقاب الزلزال المدمر، الذي ضرب منطقة الحوز ببلادنا يوم الجمعة 8 شتنبر 2023، والذي خلف خسائر بشرية ومادية كبيرة في العديد من مناطق المملكة طالت مجالات مختلفة »، وأيضا من منطلق أن « الاستئناف السريع للخدمات العمومية، التي تلبي الحاجيات الآنية للمنكوبين شكل موضوع تعليمات ملكية سامية وتتبع حثيث ومتواصل منذ اللحظات الأولى التي أعقبت الزلزال ».

سجلت المؤسسة بارتياح وتفاؤل كبيرين ما طبع المرحلة، من تعامل احترافي للسلطات العمومية مع الوضع، ومن حس تضامني كبير عبّرت عنه مختلف شرائح ومكونات المجتمع المغربي، كما وقفت في نفس الوقت على العديد من الحالات التي يشتكي فيها الناجون من ضياع وثائقهم وأصول مستنداتهم التي تختزل مسارهم العمري وتاريخ تعاملهم مع الإدارة، معبرين عن الحيرة الكبيرة التي وقعوا فيها جراء الشعور بكونهم في وضع الـ »بدون أوراق ».

واعتبرت المؤسسة تبعا لذلك، أن انكباب السلطات العمومية على مواجهة الآثار البشرية والمادية المباشرة للزلزال، يجب أن توازيه بشكل واضح مواكبة متطلبات « ضمان الاستئناف السريع للخدمات العمومية » والحيلولة دون انقطاعها أو اضطراب سلاسة تدفقها.

وارتأت المؤسسة أنه من الملائم، بعد الخروج من آثار الصدمة، التأكيد على اعتبار تعزيز نظام اليقظة الاستثنائية في مجال تأمين الخدمات الارتفاقية أمرا أولويا للغاية، يستدعي مضاعفة الجهود المبذولة والتعبئة المبتكرة الاستباقية في الموضوع، بما يجسد التقائية التدخلات القطاعية، والتنسيق الارتفاقي، وبما يضمن تبسيط وحكامة المساطر والإجراءات الإدارية لتيسير ولوج الأشخاص المتضررين وذويهم إلى كل الخدمات التي تقدمها الإدارة العمومية في أحسن الظروف.

واقترحت المؤسسة على رئيس الحكومة التفكير في إمكانية « إرساء أداة مندمجة، لإجراء تقييم شمولي للصعوبات الواقعية و/أو المحتملة في الولوج إلى الخدمات الارتفاقية خلال مرحلة ما بعد زلزال الحوز »، وذلك بهدف « ضمان استدامة وانسيابية الخدمات الارتفاقية العمومية الأساسية الاعتيادية » و »تأمين الاستجابة السريعة لمختلف الطلبات المتعلقة بالخدمات الارتفاقية الطارئة بعد الأساسية »، ثم « توفير معطيات وبيانات موثوقة وغير مسبوقة حول المرتفقين ووضعياتهم ونوعية الخدمات الارتفاقية المطلوبة وظروف منحها، إلى غيرها من المعطيات الضرورية لتتبع وتقييم مسار تعاملهم مع الإدارة ».

كما اقترحت المؤسسة « رصد الاضطرابات المحتملة في توفير الخدمات العمومية بصورة عامة، سواء كانت ناتجة عن آثار الزلزال بشكل مباشر، (تهدم بعض المرافق العمومية أو تضررها الكبير)، أو تعزى بشكل غير مباشر لأمور تنظيمية، (تغلف في الغالب بغلاف الأولويات وقلة الموارد البشرية) ».

وأوصت أيضا بـ »قياس الأثر الفعلي لزلزال الحوز على الحق في الولوج إلى الخدمات العمومية، وتحديد جحم الخسائر غير المادية المرتبطة بانقطاع هذه الخدمات أو تعثر تقديمها أحيانا لفائدة مختلف الفئات المجتمعية، لا سيما تلك التي تعاني هشاشة مركّبة »، و »تحقيق فهم أوضح للوضعية العامة التي خلفها الزلزال فيما يخص الخدمات الارتفاقية داخل المجال المعني بآثاره »، ثم « الخروج بخلاصات واستنتاجات متقاطعة حاسمة وعملية، داعمة للجهود المبذولة في مجالات أخرى غير ارتفاقية ».

كما دعت المؤسسة إلى اعتبار بعض المبادرات القطاعية المتفرقة، مؤشرات توجيهية تكشف عن الحاجة إلى تنظيم قوافل القرب الارتفاقي المندمج ذات الشباك الوحيد، واقترحت أن تبادر الحكومة إلى إقامتها في شكل مكاتب متنقلة متعددة الخدمات في الأماكن المتضررة، لتكون قادرة على تأمين الاستجابة لمعظم الاحتياجات الارتفاقية للمتضررين في عين المكان، بإجراءات مبسطة، وآجال مضبوطة، مع مراعاة الأوضاع المادية الهشة للمعنيين بالأمر في بحث إمكانية الإعفاء من بعض الرسوم الخدماتية.

كلمات دلالية مؤسسة الوسيط، زلزال الحوز، الحكومة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: زلزال الحوز

إقرأ أيضاً:

* أتغلَّب على صعوبات البحث في الأرشيف بالشغف والإصرار على الوصول للمعلومة * الغالبية كوّنت صورة مغلوطة عن الفنانة ميمي شكيب فأردتُ تصحيحها

يعتمد الكاتب المصري محمد الشماع في كتبه على الأرشيف، لكنه لا يجمع الأوراق القديمة، رغم مشقة المهمة في كثير من الحالات، بغرض إعادة نشرها، لكنه يقرأ الأوراق، ويحاول الوصول إلى ما بين سطورها، ويملأ فراغاتها، كما فعل أخيرًا في كتابه الشيق "ميمي شكيب" الذي يحمل اسم فنانة مصرية شهيرة.

ميمي شكيب كانت شخصية محيرة بالنسبة له بسبب ما كان يُقال عنها، صورتها لم تكن واضحة في أذهان الكثيرين، اختُصرت تقريبًا في مشهدين، الأول هو مشهد اتهامها في قضية "الرقيق الأبيض" حيث أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع المصري، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وقيل حولها الكثير من المعلومات، وتحولت إلى مادة يومية دسمة جدًا للصحافة، وفتحت شهية الكُتَّاب لإضافة الكثير من الخيال خصوصًا في الجانب السياسي، فقيل مثلًا: إن الهدف من هذه القضية هو شخصية عربية نافذة، وقيل كذلك: إن الهدف هو قطع العلاقات مع بلد عربي يعد ممثلاً للاتحاد السوفييتي في المنطقة العربية.

أما المشهد الثاني، كما يقول الشماع، فهو مشهد انتحارها أو قتلها بإلقائها من شرفة منزلها. يعلق: "هذا المشهد تحديدًا هالني أثناء عملية بحثي فيه، حيث أجمع سكان العمارة، التي كانت ميمي تقطنها بوسط القاهرة، أنها ألقيت من شرفة (بلكونتها)، بل كانوا يحذِّرون المترددين على شراء الشقة بأنها مليئة بـالعفاريت، وحين يسألهم أحد ما إذا قد شاهدوا الواقعة بأنفسهم؟ يرددون بأنها حكايات سمعوها عن آبائهم وأجدادهم، بين هذا المشهد ومشهد القضية اكتشفت مفاجآت كثيرة للغاية عن حياة هذه المرأة".

مع بداية عمله في الكتاب - منذ أن افتتن بحلقة من مذكراتها المنشورة في مجلة (الشبكة) سنة 1975 وقعت في يده بالصدفة - لم تكن في ذهن الشماع صورة واضحة يود تقديمها عن ميمي شكيب، بل جعل العمل نفسه يقوده لرسم صورة ميمي شكيب. يقول: "إنها شبيهة بصورة الفنانة نفسها على غلاف الكتاب، فهي تعكس ملامح امرأة قوية شعرت بأنوثتها مبكرًا، واقتحمت دوائر (باشوات) زمانها، وتعرضت للخيانة والغدر، وأرادت أن تنتقم من كل الرجال، وبين كل هذا وذاك امتلكت شغفًا مهولًا بالفن والحياة، وتقديرًا للفنان نجيب الريحاني فقد جعلته بمثابة أب لها، وحبًا حقيقيًا للفنان سراج منير زوجها حيث عاشت معه حياة سعيدة حتى وفاته".

وحول سبب الإقبال الكبير على قراءة هذا الكتاب وكتب السيرة الذاتية بشكل عام يقول الشماع: "أظن أن ذلك يعود إلى سببين، الأول يخص الكتاب، والصورة الذهنية التي كوَّنتها الغالبية عن ميمي شكيب، حتى أن أحد الأصدقاء استنكر إقدامي على تجربة مثل هذه وقال لي نصًا: "هل تريد أن تكتب سيرة قوادة؟!". من اقتنوا الكتاب أو قرؤوه على منصات القراءة كان دافعهم الرئيس -كما ذكر لي البعض- هو اكتشاف هذه المرأة، التي كان لها في عالم السياسة والمجتمع أكثر بكثير من عالم الفن".

ويضيف: "أما السبب الثاني فهو يخص كتب السيرة بشكل عام، خاصة ما تدور أحداثها في الأزمان البعيدة؛ لأن هناك حنينًا كبيرًا للزمن الماضي وشخصياته المؤثرة وعوالمه الأخاذة الغامضة، ومن هذه النوعية التي تعجب الناس أذكر كتابًا سابقًا لي صدرت منه عدة طبعات وهو "السرايا الصفراء"، الذي حقَّقت فيه مذكرات مدير مستشفى العباسية للأمراض العقلية في أواخر الأربعينيات، الدكتور محمد كامل الخولي".

ما الفارق بينك وأستاذك الكاتب الصحفي صلاح عيسى في التعامل مع الأرشيف؟ أسأل ويجيب: "أجمل تجارب عشتها في حياتي هي ملازمتي للراحل صلاح عيسى أثناء عمله على نصٍّ نشر منذ 100 عام تقريبًا وهو كتاب "مذكرات فتوّة" للمعلم يوسف أبو حجاج. رأيت كيف كان الأستاذ الكبير يدقق في كل لفظ ويعيده لأصله اللغوي والمجتمعي، كما لمست بنفسي كيف كان يحقق الحوادث التاريخية، وتعلمت كذلك من كتابه "رجال ريا وسكينة" درسًا مهنيًا عظيمًا في الوقوف عند لحظة تاريخية بعينها ربما نكون جميعًا على دراية بها، وتناولها بعمق شديد، في نص يخلط بين الإبداع والتحقيق التاريخي في الوقائع".

وأضاف: "أذكر له كذلك كتب "رجال مرج دابق" و"البرنسيسة والأفندي" و"مأساة مدام فهمي"، وكلها لقطات تاريخية نستطيع جميعًا الوصول إليها في كتب التاريخ العادية، لكن الوقوف عندها واستعادتها في اللحظة الحالية هو بمثابة صناعة تاريخٍ على تاريخ. أما عن الفارق بيننا، فأنا بالتأكيد ما زلت تلميذًا في مدرسته التي فتحت أبوابها بعد رحيله لعشرات الكتَّاب فسلكوا نفس المنهج في البحث والتدقيق، والتقاط اللحظات التاريخية المهمة والكتابة عنها وحولها بعمقٍ وتقصٍّ".

يتحدث الشماع عن صعوبات البحث في الأرشيف فيقول: "أتغلب عليها دائمًا بالشغف وعدم اليأس في الوصول إلى المعلومة، أتذكر في كتاب "ميمي شكيب" كيف استغرقت عملية البحث عن ثلاث حلقات من مذكراتها المنشورة في مجلة "الشبكة" اللبنانية مدة تزيد على ستة أشهر، رغم أنني جمعت 47 حلقة في شهر واحد. أتذكر أيضًا أثناء إعداد كتاب "السرايا الصفراء" أنني انتظرتُ موظفًا في إحدى الجمعيات النفسية لمدة شهر حتى يمنحني عددًا تذكاريًا من مجلة تصدرها الجمعية عن د. محمد كامل الخولي بطل كتاب أعمل عليه، كذب عليَّ الموظف وأخبرني أن مقر الجمعية يُعاد طلاؤه وتجهيزه، ولما مر الشهر، ومع عدم رده على اتصالاتي، ذهبت بنفسي إلى مقر الجمعية فلم أجد لا طلاء ولا تجهيزًا، بل إنني وجدت الجمعية نفسها مغلقة، فسلكت طريقًا آخر للبحث في قاعة الدوريات في دار الكتب والوثائق القومية، فلم أجد في الفهارس شيئًا عن المجلة في الأساس. ولكنني وجدتها مصادفة في أرفف العرض بالقاعة! والحقيقة ما أكثر الصدف السعيدة في رحلات البحث!".

ما الذي تضيفه اللغة الأدبية التي تكتب بها لمثل هذا النوع من الأعمال؟ يجيب: "كتاب "ميمي شكيب.. سيرة أخرى" كان تحديًا بالنسبة لي، وربما تكون هي المرة الأولى التي شعرت بأنني أكتب نصًا أدبيًا عن وقائع تاريخية، وأظن أن ما أضافته أنها جعلت الكتاب أكثر سهولة وسلاسة في استقباله، وهي الملحوظة التي أجمع عليها من قرأ الكتاب".

ما الصفة التي تريدها لنفسك؟ المؤرخ؟ الكاتب؟ الكاتب الصحفي؟ ولماذا؟ يقول أخيرًا: "لست مؤرخًا، وأتشرف بمهنة الصحافة بكل تأكيد. لكن أنا كاتب، أكتب كل أنواع الكتابة، أكتب السيناريو وأكتب تحقيقات صحفية لوقائع تاريخية، كما أكتب محتوى إبداعيًا للسوشال ميديا كمواكبة لما هو جديد، لذا أظن أن كلمة الكاتب بالنسبة لي هي الصفة الأفضل؛ لأنها الأكثر شمولاً".

مقالات مشابهة

  • 37.5 جنيه لكل كيلو.. قرار عاجل من الحكومة بشأن الأكياس البلاستيكية
  • وزير الخارجية: نتواصل مع أمريكا بشأن الخطة العربية لإعادة إعمار غزة
  • الحكومة :مشروعات بـ1477 قرية في 20 محافظة لتحسين مستوى الخدمات المقدمة بحياة كريمة
  • توجيهات حكومية جديدة بشأن تأسيس وترخيص الشركات
  • رئيس الوزراء يتابع جهود تنفيذ مستهدفات الدولة في مجال التحول الرقمي
  • جدل بين الحكومة والبرلمان بشأن نقل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات -تفاصيل
  • اختتام المحادثات التمهيدية بشأن تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا
  • مدريد تتجاهل التعليق على طرد نواب أوروبيين من العيون إنتصاراً لسيادة المغرب
  • * أتغلَّب على صعوبات البحث في الأرشيف بالشغف والإصرار على الوصول للمعلومة * الغالبية كوّنت صورة مغلوطة عن الفنانة ميمي شكيب فأردتُ تصحيحها
  • فرص نجاح تركيا بلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا مجددا