بوابة الوفد:
2025-03-09@21:55:18 GMT

مدى صحة مقولة "العمل عبادة" في الشرع والسنة

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

قالت دار الإفتاء المصرية إن ما يتردّد على ألسنة بعض الناس من قولهم: "العمل عبادة" هو مجرد قول وليس حديثًا واردًا في السنة النبوية، ويُقصَد بذلك تحفيز الشباب على العمل، وتشجيعهم على الاجتهاد والتطوير في مجالاتهم؛ ولذلك فإنَّ معناها صحيح؛ وقول هذه العبارة جائز شرعًا ولا حرج فيه.

مفهوم العبادة في الإسلام ومدى شموليتها للعمل والسعي لطلب الرزق


ومن المقرر شرعًا أنه يجب على كلِّ إنسانٍ مكلف أن يخلص العبادة لخالقه سبحانه؛ فقد قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5].

قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (32/ 243، ط. دار إحياء التراث العربي): [العبادة هي التذلل، ومنه طريق مُعَبَّدٌ أي مذلل.. واعلم أن العبادة بهذا المعنى لا يستحقها إلا من يكون واحدًا في ذاته وصفاته الذاتية والفعلية] اهـ.

وقال الإمام الطبري في "جامع البيان" (24/ 541، ط. مؤسسة الرسالة): [مفردين له الطاعة، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك] اهـ.

فالعبادة في الإسلام تشمل كلَّ ما يصدر عن المكلف من قول أو عمل أو اعتقاد، وذلك على حسب ما يحبه الله ويرضاه؛ يقول تعالى -في شأن المؤمنين-: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].

يقول الشيخ ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 120-121، ط. دار الكتاب العربي): [وبُنَى ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه، من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح.

وأوضحت الإفتاء أن نصوص الشرع الشريف جعلت العمل والسعي في طلب الرزق وتعمير الكون من العبادات التي يثاب عليها الإنسان، فالشرع الشريف يحث الإنسان على العمل والاجتهاد في كسب الرزق الحلال الطيب؛ يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].

قال العلامة النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 514، ط. دار الكلم الطيب): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها، ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوانبها استدلالًا واسترزاقًا، أو جبالها، أو طرقها، ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي: من رزق الله فيها، ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ أي: وإليه نشوركم، فهو سائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم] اهـ.

الحث على العمل والتحذير من سؤال الناس
كما بينت السُّنَّة النبوية أن الشخص الذي يعمل ويجتهد في تحصيل الكسب الحلال خير من الذي يعيش عالة على غيره، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، فَاليَدُ العُلْيَا: هِيَ المُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى: هِيَ السَّائِلَةُ» أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، واللفظ للبخاري.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 297، ط. دار المعرفة): [فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية، وأن السفلى هي السائلة، وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور] اهـ.

بيان فضل العمل وأثره في تحقيق بناء المجتمعات واستقرارها
وأضافت الإفتاء أن العمل وسيلة لتحقيق الاستقرار والتقدم والبناء، فالمجتمعات العاملة هي المتقدمة ولها السبق بين المجتمعات الأخرى؛ لأن العمل يحقق للفرد والمجتمع الاكتفاء الذاتي، وعدم الحاجة أو سؤال الناس؛ فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ». أخرجه البخاري.

وقد تضافرت نصوص الشرع الشريف على اعتبار العمل الحلال عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله تعالى، منها:

- ما روي عن أبي الْمُخَارِقِ رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فَطَلَعَتْ ناقة له فأقام عليها سبعًا، فمر عليه أعرابي شاب شديد قوي يرعى غُنَيْمَةً له، فقالوا: لو كان شباب هذا وشدته وقوته في سبيل الله عز وجل! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ كَبِيرَيْنِ لَهُ لِيُغْنِيَهُمَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى صِبْيَانٍ لَهُ صِغَارٍ لِيُغْنِيَهُمْ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا وَيُكَافِي النَّاسَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى رِيَاءً وَسُمْعَةً فَهُوَ لِلشَّيْطَانِ» أخرجه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال".

- وكذا ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» أخرجه البخاري ومسلم.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العمل عبادة حكم العمل عبادة الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله الله عن

إقرأ أيضاً:

الذكرى تنفع المؤمنين.. هذا هو شهر رمضان

شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الهجري، هذا الشهر يتميز بأن له مكانة خاصة عند المسلمين.

رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان في الغار.

يوجد في شهر رمضان ليلة القدر التي ننتظرها في العشرة الأخيرة من شهر رمضان.

شهر رمضان هو الشهر الذي يتم فيه قيام الليل وتؤدى فيه صلاة التراويح التي تعتبر من النوافل الرئيسية في شهر رمضان.

الصيام ليس عبادة عالية أو مجرد أمر أمرنا به الله تعالى لنتعذب من الجوع والعطش. لكنه عبادة تساعدنا في تهذيب النفس والتغلب على الشهوات وتعلم الصبر والشعور بالآخرين.

يعد الصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام، قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.

يعد شهر رمضان هو شهر العتق من النار، أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: “أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم يعطهن أمة كانت قبلهم”.

خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا. وتصفد مردة الشياطين فلا يصلون فيه إلى ما كانوا يصلون إليه.

في شهر رمضان يزين الله جنته في كل يوم فيقول: “يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنه ويعيروا إليك. ويغفر لهم في آخر ليلة من رمضان، فقالوا: يا رسول الله هي ليلة القدر قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره عند انقضاء عمله”.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • هل تتضاعف الحسنات والسيئات في شهر رمضان؟.. الإفتاء تجيب
  • شيخ الأزهر: تعلم اللغة العربية عبادة لأنها تُعين على فهم كتاب الله تعالى
  • إبراهيم عليه السلام رمزٌ وقدوةٌ في البراءة من أعداء الله، لا التطبيع معهم!
  • الذكرى تنفع المؤمنين.. هذا هو شهر رمضان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • شخصيات إسلامية.. أبو هريرة أكثر الصحابة رواية للحديث
  • كيف تجلب البركة إلى حياتك خلال رمضان من القرآن والسنة.. فيديو
  • مدير “الحسين للسرطان”  يرد على مقولة ( السرطان ليس مرضا)
  • ماذا يفعل رسول الله أول جمعة في رمضان؟.. الإفتاء: 11 عبادة
  • شخصيات إسلامية.. طلحة بن عبيد الله