تحتفل الأمانةُ العامةُ لمجلس وزراء الداخليَّة العرب كلَّ عام بالأسبوع العربي للتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، استمرارا للمبادرة الرائدة للمجلس، وتشجيعا للجهود العربية الهادفة إلى تحصين المجتمع العربي من آفة التطرف والإرهاب، ورفع مستوى الوعي لدى أفراده منعا للإنخراط في أعمال قد تهدد الأمن الوطني والإقليمي، حيث يمثل هذا الأسبوع فرصة كبيرة لتعزيز جهود التوعية ومجابهة مخاطر التطرف والإرهاب وما ينتج عنها من تهديد للسلم المجتمعي، وتعد على أمن الفرد والمجتمع وسلب للحقوق والحريات، وما يترتب عليها من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.


ومما لا شك فيه أن خطر التطرف والإرهاب لا يقتصر على دولة أو منطقة بعينها، وإنما بات ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والأديان والثقافات، وهو ما يتوجب أن ينعكس على طبيعة الاستراتيجيات التي تتبناها الدول والأقاليم والعالم أجمع لمواجهتها في إطار مقاربة شاملة تضمن حماية حقوق الإنسان وأمن وسلامة المجتمعات. 

للحاصلين على الشهادة الإعدادية.. طريقة وخطوات التقديم الإلكترونى لمعهد معاونى الأمنرفع الحالة الأمنية للقصوى..كيف استعدت الداخلية لتأمين احتفالات عيد الميلاد؟


إن مواجهة الأفكار المتطرفة تحتاج إلى تضافر الجهود الرامية إلى تحصين مجتمعاتنا العربية، من خلال التعريف بالدعاية الإرهابية ومواجهة خطابات الجماعات الإرهابية، وإيجاد برامج وطنية وقائية،  وخطاب يتسم بالوسطية والإعتدال، بمشاركة كافة مؤسسات الدولة المعنية لنبذ الأفكار المتطرفة وخطابات الكراهية، إلى جانب تعزيز دور الأسرة في الأمن الفكري، وتوحيد الخطاب الديني والإعلامي والتعليمي لمحاربة تلك الأفكار، والتعامل مع هذه القضيَّة من منظور علمي منهجي بالتركيز على المنظومة الوقائيَّة المتمثلة في معالجة جذور التطرف والظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وما قد يتبع ذلك من عمليَّات الاستقطاب والتجنيد، وصولًا إلى المشاركة المجتمعيَّة الفاعلة؛ مما يُعدُّ فرصةً مهمةً لتشجيع المبادرات العربيَّة، ومـا ينبثق عنها من الاستراتيجيات والخـطط والبرامج الرامية إلى بنـاء مجتمعٍ عربي واعٍ ومهيأ للتصدي للدعايات المتطرفة، ومساهم في تجفيف منـابع التطرف والإرهـاب واجتثاث جذورهما.
يولي مجلس وزراء الداخلية العرب عناية فائقة لمواجهة مخاطر التطرف والإرهاب، انطلاقا من قيمه ومبادئه الرئيسة القائمة على تعزيز الأمن العربي المشترك وحماية المواطن العربي من مختلف المخاطر المحتملة، ومن هذا المنطلق ما فتئت الأمانة العامة للمجلس تعمل على تعزيز التعاون العربي والدولي في مواجهة التطرف والإرهاب ومنعهما ومكافحتهما، حيث يقوم مكتبها المتخصص بمكافحة الإرهاب وجرائم تقنية المعلومات بالتنسيق بين الدول الأعضاء بما يضمن  تنمية العمل العربي المشترك في شتى المجالات التي تتعلق بالتصدي للتطرف والإرهاب، من خلال تبني استراتيجيات وخطط تنفيذية وتشكيل فرق عمل متخصصة كان آخرها إنشاء فريق خبراء عرب معني برصد وتبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية وتحليلها، كما أن الأمانة العامة تحرص بصورة مستمرة على حث الدول الأعضاء على إيلاء مزيد من الاهتمام بالأجهزة المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب ودعمها وتطويرها، كما تقوم بإدراج موضوعي التطرف والإرهاب في طليعة الأولويات من خلال المؤتمرات والأنشطة التي تعقد في نطاقها، وخاصة على جدولي أعمال المؤتمر السنوي للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب في الدول العربية، والمؤتمر العربي لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني، مما يساهم بصورة مستمرة في التعرف على أفضل الممارسات لمكافحة التطرف والإرهاب، والاستثمار الأمثل للإعلام ودوره الهام في هذا المجال، إلى جانب أنشطة متعددة وجهود كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.


إن مخاطر التطرف والإرهاب وانعكاساتهما الأمنية على الأفراد والمجتمعات لا يمكن مواجهتها بجهد فردي، الأمر الذي يتطلب تقاسم المسؤوليات بين كافة المؤسسات وتضافر الجهود على مختلف المستويات، لذا فإننا بهذه المناسبة نثمن الجهود الكبيرة التي يبذلها أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب في دعم الاستراتيجيات والاتفاقيات المعنية بهذا المجال، كما نهيب بالجميع إلى ضرورة الاحتفال بهذا الأسبوع المميز وتنظيم فعاليات على المستويين الوطني والعربي للتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، والعمل معا من أجل تعزيز الجهود الأمنية المبذولة في سبيل حفظ الأرواح والممتلكات، والحفاظ أمن واستقرار وسلامة مواطنينا ومجتمعاتنا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حقوق الإنسان الأسبوع العربي المزيد التطرف والإرهاب ة العرب

إقرأ أيضاً:

هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب

​تستقبلُ العاصمة الأميركية واشنطن هذا الأسبوع اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ لعام 2025، حيث يشارك وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم؛ لمناقشة القضايا الاقتصادية العالمية.

وبينما تُعدّ هذه الاجتماعات فرصة جيدة لمناقشة التّحديات الاقتصادية الراهنة، والتي تشمل المتاعب المتصاعدة مؤخرًا في العديد من الاقتصادات الكُبرى، على خلفيّة فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربًا تجارية على العديد من حلفائه وخصومه، لا نتوقع أن نسمع كثيرًا عن المشكلة الأكثر إلحاحًا، والمتعلّقة بإلغاء ديون الدول النامية، أو إعادة هيكلة بعضها.

وعلى مدار سنوات شهدت العديد من الاجتماعات الأخيرة، تكرار مشهد خروج الوزراء ورجال المال والأعمال من السيارات الفارهة أمام بوابات مباني مجموعة البنك الدولي وسط العاصمة الأميركية، يرتدون بزاتهم الداكنة، وتفوح منهم الروائح العطرة، بينما يترقّبهم بعض المشردين والمتسولين من حديقة صغيرة، يفصلها عن مباني البنك الدولي أمتار معدودة، وقد اعتاد هؤلاء نصب خيامهم أمام المؤسسة المالية العريقة في توقيت الاجتماعات، لتذكيرهم غالبًا بالظروف القاسية التي يعيشونها وملايين غيرهم في الدول النامية، التي تزعم المؤسسة المالية سعيها لتقديم العون لها، لمساعدتها في تحسين أوضاع مواطنيها.

إعلان

ويقدّم الاقتصادي الأميركي ديفيد غرايبر، الذي كان أستاذًا في جامعة ييل الأميركية وكلية لندن للاقتصاد، نقدًا جذريًا للطريقة التي تعمل بها المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، في تعاملها مع الدول النامية، حيث يرى أن القروض المقدمة منها لم تكن في تاريخها الطويل أداة اقتصادية فحسب، بل كانت في كثير من الأحيان عصا سياسية للهيمنة وإخضاع الشعوب، وهو ما اعتبره مجسدًا بوضوح في سياسات صندوق النقد الدولي في العقود الأخيرة، خصوصًا من خلال ما يسمى ببرامج التكيّف الهيكلي.

وفي كتابه عن الدَّين "Debt: The First 5000 Years"، بيّن غرايبر كيف تؤدي شروط صندوق النقد، التي تُفرض على الدول المقترضة، إلى تدمير النسيج الاجتماعي لتلك الدول، لا سيما حين يتعلق الأمر بخفض الإنفاق العام على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.

ورغم أنّ هذه السياسات يتمّ الترويج لها باعتبارها خطوات ضرورية للإصلاح المالي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، فقد أثبت الواقع أنها كانت، في كثير من الأحيان، السبب المباشر في كوارث إنسانية لا تُمحى.

ومن بين الأمثلة التي أوردها في كتابه، أشار غرايبر إلى زامبيا التي اضطرت في أواخر التسعينيات إلى خفض ميزانيتها المخصصة للرعاية الصحية بنسبة بلغت 50% تنفيذًا لشروط صندوق النقد.

وأدى ذلك إلى نقص حادّ في الأدوية والأطباء، وتراجع أعداد حملات التلقيح، وهو ما تسبَّب في وفاة ما يقرب من 30 ألف طفل سنويًا لأسباب كان يمكن الوقاية منها.

وفي تلك الفترة، كانت زامبيا تنفق أكثر من 40% من دخلها القومي على خدمة الدين الخارجي، بينما كانت المستشفيات تفتقر لأبسط أدوات التشخيص، وكان المرضى يُطلب منهم شراء الشاش والمضادات الحيوية من السوق السوداء إن أرادوا تلقي العلاج.

أما في تنزانيا، فقد أدّت سياسات خفض الإنفاق التي فُرضت ضمن برنامج التكيّف الهيكلي إلى تخفيض ميزانية التعليم بنسبة 40% خلال عقد واحد فقط، وهو ما تسبّب في إغلاق مئات المدارس، وتراجع نسبة الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى أقل من 50% بحلول منتصف التسعينيات.

إعلان

وتراجعت قدرة الأسر الفقيرة على إرسال أبنائها إلى المدارس بعد فرض رسوم دراسية ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها العذاب، خاصة للفتيات. وقدّر البنك الدولي نفسه تسبب هذه السياسات في فقدان أكثر من 10 ملايين طفل أفريقي فرصة التعليم بين عامي 1985 و2000.

وفي بيرو، وهي من الدول التي خضعت لإصلاحات قاسية تحت إشراف صندوق النقد، أُجبرت الحكومة في بداية التسعينيات على تقليص ميزانية الصحة بنسبة 25%، ممّا تسبب في كارثة صحية، خاصة في المناطق الريفية، إذ تم إغلاق أكثر من 1.000 وحدة رعاية صحية أولية في أنحاء البلاد، وانخفضت نسبة التلقيح ضد الحصبة من 80% إلى أقل من 50%، الأمر الذي أدّى لتفشي المرض مجددًا وموت الآلاف من الأطفال.

يربط غرايبر في كتابه، كما في العديد من مقالاته ومحاضراته، بين هذه الكوارث وبين طبيعة النظام المالي العالمي، الذي لا يعامل الدول النامية كشركاء، بل كمذنبين يجب تأديبهم.

ويشير غرايبر إلى أن هذه السياسات صُمّمت بالأساس لحماية مصالح البنوك والدائنين في دول الشمال، على حد تعبيره، خصوصًا الولايات المتحدة، وبريطانيا، حيث تم توجيه الأموال التي أُقرضت لدول الجنوب في أغلب الأحيان إلى إعادة جدولة ديون سابقة، وسداد الفوائد المتراكمة، دون أن يستفيد المواطن العادي من دولاراتها.

ولا يكتفي غرايبر بالتحليل الاقتصادي، بل يربط هذه الظواهر بتاريخ طويل من استخدام الدَّين كوسيلة للسيطرة، ففي العصور القديمة، كما يذكر، كانت فترات تراكم الديون الكبيرة تنتهي غالبًا بإعلان ملوك تلك العصور "عفوًا عن الديون" لحماية المجتمع من الانهيار. أما في النظام النيوليبرالي الحديث، فإن العكس هو ما يحدث، إذ يتم التضحية بالشعوب من أجل إنقاذ الدين.

المفارقة التي يشير إليها غرايبر هي أن الدول الغنية التي تفرض هذه السياسات على الدول الفقيرة، مثل الولايات المتحدة، لم تكن لتنشأ أساسًا لولا إلغاء ديونها الخاصة في مراحل مبكرة من تاريخها، أو من خلال إعادة جدولة ميسّرة تم تقديمها لها في فترات لاحقة.

إعلان

وفي المقابل، تُفرض على الدول النامية شروط قاسية، تجبرها على بيع أصولها العامة، وتفكيك شبكات الحماية الاجتماعية، وفتح أسواقها بشكل غير متكافئ.

فقدت القروض المقدمة من المؤسسات الدولية وبعض الدول المانحة، في صيغتها المعاصرة، أيَّ معنى أخلاقي، وتحوّلت إلى وسيلة لإعادة إنتاج الفقر والتبعية، الأمر الذي يفرض إعادة التفكير في الأسس التي يقوم عليها النظام المالي العالمي، حيث أثبتت الخبرات العالمية الأخيرة أن تحرير الشعوب لا يمكن أن يتم دون التحرر من قبضة الدائنين، ومن منطق السوق الذي يقيس كل شيء بالربح والخسارة، حتى الأرواح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أمير منطقة الرياض يكرّم المتطوعين والمشاركين في نشاطات جمعية منقذ للتوعية والإنقاذ
  • الأمم المتحدة تطلق شبكة جمعيات ضحايا الإرهاب
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • وفد الأمانة العامة للجامعة العربية يصل بغداد للاطلاع على استعدادات القمة العربية
  • اللواء بامشموس: تم إعداد برامج مميزة لأحياء الأسبوع العربي للتوعية المرورية كمحطة لتقييم الأداء وتعزيز السلامة الطرقية
  • انطلاق اجتماع الخبراء العرب لدراسة مشروع القانون الاسترشادي لمنع خطاب الكراهية
  • بدء الاجتماع 16 للجنة الفنية العلمية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب برئاسة العراق
  • مصر تتسلم رئاسة مجلس وزراء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)
  • منظمة التعاون الإسلامي تعقد الاجتماع التحضيري للدورة الـ51 لمجلس وزراء الخارجية
  • اللجنة الفنية الاستشارية لوزراء الصحة العرب تعقد اجتماعها بالجامعة العربية