الجزيرة:
2025-02-05@17:07:49 GMT

السودان.. نظام رعاية صحية يئن تحت الحرب

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

السودان.. نظام رعاية صحية يئن تحت الحرب

مع استمرار الحرب في السودان، يعيش القطاع الصحي أزمة غير مسبوقة، مع نقص الأدوية والعاملين الصحيين، والاستهداف للمؤسسات الصحية من قبل قوات الدعم السريع.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حربا خلفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

واندلعت حرب السودان قبل انتهاء عملية سياسية بناء على "الاتفاق الإطاري" الذي وقعه في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022 المكون العسكري في السلطة الانتقالية آنذاك وقوى مدنية أبرزها "الحرية والتغيير-المجلس المركزي"، وفشلت فيها الأطراف بحل مسألة دمج الدعم السريع داخل المؤسسة العسكرية.

استهداف الدعم السريع للقطاع الصحي

تشير عدة تقارير إلى استهداف قوات الدعم السريع للمنشآت الصحية في السودان. على سبيل المثال في ديسمبر/كانون الأول 2024 قالت منظمة أطباء بلا حدود، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى بشائر جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى.

إعلان

وأوضحت المنظمة الدولية، في بيان: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".

وأضافت: "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم" الأربعاء.

ودعت المنظمة قوات الدعم السريع إلى احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية.

وفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور: "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة".

وفي أغسطس/آب 2024 قالت وكالة الأنباء السودانية إن قوات الدعم السريع قصفت مستشفى الدايات في أم درمان والمناطق المجاورة له. وأوضحت الوكالة أن عددا كبيرا من القذائف سقطت في المنطقة وألحقت دمارا واسعا بالمباني.

وأشارت إلى أن لجنة الطوارئ الصحية لولاية الخرطوم دانت القصف واعتبرته دليلا آخر على استهداف قوات الدعم المرافق الصحية وتعطيل جهود تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين.

وقال محمد إبراهيم رئيس اللجنة الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة بولاية الخرطوم إن قوات الدعم قامت -في وقت سابق- بنهب واسع لأجهزة ومعدات مستشفى الدايات الذي يعد أكبر مستشفى تخصصي بالبلاد.

فظائع

وقبل أيام، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أدلة مدعومة بمقاطع فيديو، جمعها فريق التحقيقات المرئية التابع لها، توثق فظائع قالت إن قوات الدعم السريع ارتكبتها في السودان خلال عام ونيف منذ اندلاع الحرب بينها وبين الجيش السوداني في 15 أبريل/نيسان 2023.

وتكشف الأدلة المرئية التي جمعتها الصحيفة الأميركية وحللتها على مدى أشهر، هويات قادة قوات الدعم السريع الذين كان جنودهم يرتكبون "فظائع" تحت أنظارهم في جميع أنحاء السودان.

إعلان

وقالت إن هذا التحقيق الاستقصائي الموثق بلقطات مصورة، أتاح لها تحديد 10 من قادة قوات الدعم السريع أثناء إشرافهم على جرائم حرب محتملة وتحديد مواقع العديد من مسارح عملياتهم الأخرى، منوهة إلى أن قائدهم الأعلى الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، هو الذي قد يتحمل المسؤولية الكاملة.

انعدام الأمن

وتقول منظمة الصحة العالمية إن انعدام الأمن يجعل تقديم الرعاية الصحية أكثر صعوبة. فأكثر من ثلثي المستشفيات الرئيسية في المناطق المتضررة أصبحت خارج الخدمة، والمستشفيات التي لا تزال تعمل معرضة لخطر الإغلاق بسبب نقص الموظفين الطبيين والإمدادات والمياه النظيفة والكهرباء. كما أن الهجمات المتكررة على مرافق الرعاية الصحية تمنع المرضى والعاملين الصحيين من الوصول إلى المستشفيات والحصول على العلاج، حيث يتم استهداف المرافق الصحية والمستودعات الطبية ونقل الإمدادات والعاملين الصحيين. كما تعطل نظام مراقبة الأمراض، مما يشكل تحديا خطيرا للكشف عن تفشي الأمراض المعدية وتأكيدها..

وتضيف المنظمة -في منشور على موقعها تم تحديثه آخر مرة في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024- أن ملايين الأشخاص قد نزحوا منذ بداية الصراع، داخل السودان ولكن أيضا في البلدان المجاورة، حيث فر الناس بحثا عن الأمان، في تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

وتعمل منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع شركائها في مجال الصحة، بشكل مكثف على تنسيق الاستجابة الصحية، وتعزيز الرعاية.

من جهتها، تقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين فيها لها عواقب وخيمة في ظل تفاقم أزمة الغذاء. وتعتبر مراكز الرعاية الصحية بالغة الأهمية للوقاية من سوء التغذية واكتشافه وعلاجه. كما أن قدرتها على العمل أمر حيوي بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا، بما في ذلك الأمهات الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة.

إعلان

وتقول أميلي شباط، التي تشرف على البرامج الصحية للجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان: "إن الوضع في العيادات الصحية لا يمكن وصفه بالكلمات. فالمصابون يفتقرون إلى الأدوية والغذاء والمياه، وكبار السن والنساء والأطفال محرومون من العلاجات الأساسية مثل غسيل الكلى أو أدوية مرض السكري. والوضع يتدهور".

ووردت العديد من التقارير عن نهب وتخريب المرافق الصحية، والتهديدات والعنف الجسدي ضد الموظفين والمرضى، وحرمان المدنيين من خدمات الرعاية الصحية.

نظام صحي يعيش أزمة

نشرت المجلة الطبية البريطانية "بي إم جيه" (BMJ) تقريرا تحت عنوان "السودان.. من حرب منسية إلى نظام رعاية صحية مهجور" (Sudan: from a forgotten war to an abandoned healthcare system) في أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وقال الباحثون أمل الأمين، سارة عبد الله، عبدة العبادي، المغيرة عبد الله، عبدة حكيم، نعيمة وقيع الله، جون باستورأنسا، إن السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية ناجمة عن الصراع في العالم، مع أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية في السودان، مما أدى إلى إغلاقات وانقطاعات في الخدمات الطبية، وخاصة في المناطق المتضررة من الحرب.

وتدفع الحرب البلاد إلى أزمة صحية ناشئة، مع الانتقال من عبء مزدوج إلى رباعي من الأمراض، بما في ذلك الأمراض المعدية وغير المعدية والإصابات الجسدية والصدمات.

وقال الباحثون إنه اعتبارا من فبراير/شباط 2024، يوجد في السودان 6.8 ملايين نازح داخلي، ينحدرون من 12 ولاية من أصل 18 ولاية في البلاد، ويعيش 19% منهم في مستوطنات غير رسمية، مما يجعلها أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، متجاوزة أزمة سوريا.

بالإضافة إلى ذلك، نزح 1.5 مليون شخص خارج البلاد، ويحتاج 24.8 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان البلاد، إلى مساعدات إنسانية وحماية. علاوة على ذلك، يواجه السودان جوعا حادا، حيث يعاني 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك 4 ملايين طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية.

التأثير على نظام الرعاية الصحية

واجه النظام الصحي في السودان قبل الحرب، والذي يشمل إطار "مكونات" النظام الصحي لمنظمة الصحة العالمية – تقديم الخدمات، والتمويل، والقوى العاملة الصحية، والإمدادات الطبية، وأنظمة المعلومات الصحية والحوكمة- العديد من التحديات.

إعلان

وقال الباحثون إن نظام الرعاية الصحية كان يعاني -قبل الحرب- من نقص التمويل، ويتسم بنقص حاد في القوى العاملة الصحية، فضلا عن التفاوتات الكبيرة في الوصول إلى الرعاية وجودتها وبأسعار معقولة.

وكان على 95.94% من السكان أن يدفعوا من جيوبهم الخاصة مقابل خدمات الرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، واجهت البلاد نقصا حادا في القوى العاملة الصحية، في عام 2019، بلغت كثافة الأطباء والممرضات والقابلات وغيرهم من العاملين الصحيين 3.6 و14 و9.1 لكل 10 آلاف شخص على التوالي، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى لكثافة منظمة الصحة العالمية البالغ 22.8 من المهنيين الصحيين.

ومع ذلك، كانت البلاد تتقدم ببطء نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأدت الحرب الحالية إلى تدهور النظام الصحي بشكل أكبر وأدت إلى ظهور تحديات جديدة أبرزها في تقديم الخدمات والقوى العاملة الصحية. وتأثرت البنية التحتية الصحية بشكل كبير، حيث أفادت منظمة الصحة العالمية أن 70% من مرافق الرعاية الصحية العامة والخاصة في الولايات المتضررة من الحرب أجبرت على الإغلاق بحلول نهاية عام 2023.

تشير بيانات وزارة الصحة الاتحادية السودانية إلى أن أكثر من 30% من المستشفيات العامة لم تعد في الخدمة في غضون عام من بدء الحرب. وعانت ولاية الخرطوم، مركز الصراع، من أكبر التأثيرات على نظامها الصحي. ومع اندلاع الصراع المسلح، لجأ الآلاف من السكان والمرضى من ولاية الخرطوم إلى ولاية الجزيرة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب شرق الخرطوم، وقد جذبتهم بنيتها التحتية الطبية المتاحة نسبيا وقربها. ومع ذلك، بحلول نهاية عام 2023، انتشر القتال إلى ولاية الجزيرة، مما عرض للخطر ليس فقط سكانها ولكن أيضا النازحين والمرضى الذين فروا إلى هناك بحثا عن الأمان. وعلى غرار ولاية الخرطوم، حيث أجبر 58.5% من المستشفيات العامة على الإغلاق، أدى توسع الصراع إلى ولاية الجزيرة إلى تكرار الهجمات ونهب المرافق الطبية. ونتيجة لذلك، أغلقت العديد من المستشفيات في ولاية الجزيرة (56.2% من المستشفيات العامة) أو أجبرت على تقليص خدماتها، مما أدى إلى تفاقم ظروف النازحين الحاليين.

إعلان

وتقع مناطق أخرى متأثرة بالصراع في الأجزاء الجنوبية والغربية من البلاد، وخاصة في دارفور وكردفان. وفي هذه المناطق، تأثرت القدرات التشغيلية للمستشفيات في بعض الولايات بدرجات متفاوتة. تحملت ولاية وسط دارفور وطأة التأثير، حيث أجبر نحو 40% من مستشفياتها العامة على الإغلاق، وشهدت اضطرابات شديدة في تقديم الخدمات الطبية. وفي الوقت نفسه، واجهت شمال دارفور والنيل الأبيض وشمال كردفان تحديات معتدلة نسبيا، حيث أجبر 33% و26.8% و16.2% من مستشفياتها العامة على الإغلاق، على التوالي.

في هذه الولايات المتضررة من الصراع، تضطر المرافق الطبية إلى الإغلاق بسبب تضافر عوامل: انعدام الأمن المستمر، وتدمير ونهب المرافق الطبية، ونقص حاد في العاملين في مجال الرعاية الصحية، والتحديات في شراء الإمدادات الأساسية. على سبيل المثال، في المناطق المتضررة من الحرب حيث نهبت سيارات الإسعاف، لجأ السكان إلى استخدام عربات الحمير وعربات اليد كسيارات إسعاف مؤقتة لنقل المرضى.

وتعرضت أنظمة المعلومات الصحية في البلاد للخطر الشديد بسبب الاستهداف المتعمد لأنظمة الاتصالات والمعلومات الصحية، إلى جانب العنف ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية. جعلت هذه الاضطرابات المستهدفة جمع البيانات والاتصالات أمرا صعبا للغاية، مما أعاق جمع بيانات أساسية حاسمة لنظام الصحة.

التحديات الجديدة

قبل الحرب، كان الوضع الصحي في البلاد يتميز بعبء من الأمراض المعدية والأمراض غير المعدية، ولم تؤد الحرب إلى تدهور الوضع الصحي المتدهور في السودان فحسب، بل جلبت أيضا تحديات صحية جديدة، مثل الإصابات الجسدية والصدمات المرتبطة بالصراع.

يشير هذا إلى انتقال خطير من عبء مزدوج من الأمراض إلى عبء رباعي – يشمل الأمراض المعدية والأمراض غير المعدية والإصابات الجسدية والصدمات – مما أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية.

إعلان

وقد أدى ارتفاع عدد النازحين داخليا وانهيار الصرف الصحي البيئي إلى تفاقم عبء الأمراض المعدية بشكل كبير. ويتجلى هذا الوضع المتدهور في تفشي الكوليرا والحصبة وحمى الضنك وحمى شيكونغونيا وحتى ارتفاع حالات داء الكلب في المناطق التي مزقتها الحرب.

من المتوقع أن تزيد الحرب من مشاكل الأفراد الذين يعيشون مع الأمراض غير المعدية وزيادة قابلية العديد من الآخرين للإصابة بها. وتشمل العوامل التي تؤدي إلى تفاقم هذا النزوح وعدم الاستقرار، مما يؤدي إلى محدودية الوصول إلى الخدمات الطبية للفحص والمتابعة، والتحديات في الحصول على أدوية الأمراض المزمنة، وانقطاع العلاج والصعوبات في تخزين الأدوية مثل الأنسولين بشكل مناسب بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

مبادرات

يقول الباحثون إنه على الرغم من التحديات المستمرة، كانت العديد من المبادرات ضرورية في دعم خدمات الرعاية الصحية والتخفيف من حدة الأزمات الإنسانية. وقد اجتذبت الجهود التي تقودها المجتمعات المحلية، ولا سيما المطابخ الخيرية المحلية التي تقدم وجبات مجانية للأفراد المحاصرين في مناطق الصراع، دعما كبيرا من الشتات السوداني، مما يسلط الضوء على الدور الأساسي للمشاركة المجتمعية في تخفيف المعاناة.

وقد دعت مبادرات أخرى مثل "نداء إعادة بناء وتأهيل المستشفيات" و"نداء الوقاية من سوء التغذية لدى الأمهات والأطفال"، الذي أطلقته وزارة الصحة الاتحادية إلى الدعم من الجهات المانحة المحلية والإقليمية والدولية. وقد حظيت هذه المبادرات بمشاركة مجتمعية كبيرة، واستقطبت مساهمات كبيرة من منظمات المجتمع المدني والجمعيات المهنية مثل جمعية الأطباء السودانيين الأميركيين (SAPA)، وجمعية الأطباء السودانيين في قطر.

وعلى الرغم من الجهود الوطنية المبذولة، فلا يزال نظام الرعاية الصحية في السودان أثناء الحرب يواجه تحديات كبيرة. وتشمل هذه التحديات صعوبات في التنفيذ والتنسيق، وبنية تحتية هشة للمعلومات الصحية، والقيود الناجمة عن الموارد المحدودة وغير المستقرة والمجهدة، ونقص العاملين في مجال الرعاية الصحية. وعلاوة على ذلك، تعاني الأزمة الإنسانية في السودان من نقص حاد في التمويل، حيث تقل تعهدات المانحين بشكل مثير للقلق عما هو مطلوب. يتم تمويل 5% فقط من نداء الأمم المتحدة للمساعدات للسودان، مما يترك فجوة مذهلة تبلغ 2.56 مليار دولار.

إعلان

ويقول الباحثون إن الصراع في السودان تسبب في أزمة إنسانية وصحية قاتمة. إن النزوح الجماعي والجوع الحاد والآثار النفسية والجسدية للحرب، إلى جانب تعطيل تقديم الخدمات الصحية بسبب إغلاق المستشفيات، كل ذلك يؤكد الحاجة الملحة إلى استجابة دولية قوية.

وعلى الرغم من هذه الظروف الخطيرة، فإن المرونة والإبداع اللذين أظهرهما العاملون الصحيون والمجتمعات السودانية جديران بالثناء.

ويختم الباحثون بالقول "لا ينبغي للمجتمع الصحي العالمي أن يسمح للسودان بأن يصبح "حربا منسية" – يجب تجنب هذا السيناريو، بدءا من استعادة نظامه الصحي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العاملین فی مجال الرعایة الصحیة منظمة الصحة العالمیة قوات الدعم السریع العاملین الصحیین الأمراض المعدیة العاملة الصحیة المرافق الطبیة المرافق الصحیة تقدیم الخدمات ولایة الجزیرة ولایة الخرطوم من المستشفیات انعدام الأمن على الإغلاق الباحثون إن المتضررة من غیر المعدیة فی المناطق فی السودان الصحیة فی إلى تفاقم العدید من

إقرأ أيضاً:

مقتل قادة الدعم السريع.. ما وراء العمليات المباغتة؟

الخرطوم- تعرّضت قوات الدعم السريع في السودان لضربات موجعة، خلال الأسابيع الأخيرة، طالت عددا من قادتها الميدانيين الذين كانوا رأس الرمح منذ بدء معارك أبريل/نيسان 2023 ضد الجيش السوداني.

وتمكن الجيش مؤخراً من تحييد أكثر من 6 قادة بالدعم السريع أبرزهم: مهدي رحمة الشهير بـ"جلحة"، واللواء عبد الله حسين، والعميد الطاهر جاه الله، والقائد الميداني سليم الرشيدي، والقائد الميداني عبد الرحمن قرن شطة.

وسبقهم عدد من القادة الميدانين الذين تعرضوا للقتل منهم: المقدم عبد الرحمن البيشي أبرز القادة المؤثرين داخل الدعم السريع، وعلي يعقوب الذي أوكل إليه مهمة السيطرة على الفاشر، وكذلك اللواء عيسى الضيف.

الصف الأول

وفي بداية الحرب أواسط أبريل/نيسان 2023 كاد الدعم السريع أن يفقد عناصر الصف الأول من قادته الميدانيين حيث سجل مقتل نحو عشرة منهم حينها. ففي اليوم الثالث للحرب تمكن الجيش السوداني من قتل اللواء مضوي حسين ضي النور الذي كان يُعد أبرز سواعد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".

ووفقا لمصدر ميداني تحدث للجزيرة نت، تمكّن الجيش السوداني من تحييد ضي النور، بمنطقة جبرة جنوبي الخرطوم، والذي عمل مديرا لاستخبارات الدعم السريع في وقت سابق وقائدا للقطاع شرق البلاد، وهو واحد من مؤسسي هذه القوات وكان ضمن نواتها الأولى.

إعلان

ولم يتوقف الأمر عند اللواء ضي النور، بل تمكن الجيش -الأيام الأولى أيضا- من تحييد المقدم موسى قارح قائد قوة العمل الخاص بالدعم السريع، في ضاحية شمبات، طبقا لمصدر في الجيش.

ويُعد قارح من أصلب عناصر الدعم السريع التي كان يعتمد عليها حميدتي في معركته مع الجيش، ويقود قوة من نخبة الدعم، وتمكن الجيش من اصطياده مبكرا وتحييد عدد آخر من العناصر المساندة له.

ولاحقا أيضا، تمكن الجيش من قتل المقدم عبد الرحمن البيشي عبر طلعة جوية طالته أثناء وجوده في بلدة طيبة اللحوين بولاية سنار جنوب شرقي البلاد.

ولعب المقدم البيشي دورا كبيرا في سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، كما تمكن من السيطرة على مقر "الفرقة 17 مشاة" التابعة للجيش بمدينة سنجة وسط البلاد. وتمدد البيشي بقواته إلى تخوم مدينة الدمازين جنوب البلاد، وكان وثيق الصلة بقائد الدعم السريع.

وغربا، تمكّن الجيش والقوة المشتركة المتحالفة من تحييد القائد الميداني الأبرز اللواء علي يعقوب جبريل قائد قوات الدعم السريع وسط دارفور.

وكان اللواء جبريل قد تمكن في وقت سابق من السيطرة على مقر "الفرقة 21 مشاة" التابع للجيش بمدينة زالنجي وسط دارفور، ثم أوكلت له مهمة إسقاط "الفرقة السادسة مشاة" بمدينة الفاشر، قبل أن يتمكن منه قناص يتبع للفرقة ذاتها ويقتله بالمدينة نفسها.

عينته المليشيا قائد للجزيرة عقب انسلاخ كيكل
مقتل اللواء خلا. عبد الله حسين أحد قادة الدعم ،السريع بولاية الجزيرة
???? https://t.co/00xN3xG3ie #سودان #ناو #الإخبارية pic.twitter.com/6cGosk2yiI

— @sudan.now. network (@nowsudan753) February 3, 2025

هزائم وتخابر

وتصاعدت استهدافات قادة الدعم السريع بشكل لافت خاصة الآونة الأخيرة، حيث فقدت هذه القوات عددا من قادتها الميدانين في ولايتي الجزيرة والخرطوم.

وخلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت قوات الدعم السريع مقتل عدد من القادة الميدانين، منهم مهدي رحمة "جلحة" الذي قاد قوات تعمل كمرتزقة في ليبيا قبل أن يعود إلى السودان ويتحالف مع "الدعم السريع" عبر قوة يطلق عليها "التدخل السريع" تخضع لقيادة حميدتي.

إعلان

وتبع "جلحة" مقتل العميد الطاهر جاه الله قائد ثانٍ لدى قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة (وسط) و3 قادة آخرين. ويوم الأحد، قُتل اللواء عبد الله حسين قائد ميداني بقوات الدعم السريع بالجزيرة، وتمكّن من السيطرة على مقر قوات الاحتياطي المركزي المساندة للجيش جنوب الخرطوم وشن هجمات عنيفة على سلاح المدرعات في أغسطس/آب 2023.

وعقب مقتل هؤلاء القادة بطريقة متسارعة، انتشرت اتهامات واسعة تشير إلى أن عمليات القتل ربما تمت بواسطة أيادٍ داخل قوات الدعم السريع التي يصفها العقيد ركن خالد ميكائيل القائد الميداني بالجيش -في تصريحات للجزيرة نت- بأنها عبارة عن "مليشيات تفتقد الضبط والربط، وليس لهم هدف أو غاية. لذا تنعدم فيهم روح الجندية وتقدير القادة".

ورجح ميكائيل اغتيال قادة الدعم السريع على يد جنودهم بسبب ما سماه انعدام العقيدة التي توفر الحماية للقيادة "وأن الجند في الدعم السريع لا يعرفون تعليمات القادة".

وقريبا من ذلك، يقول المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي أسامة عيدروس -للجزيرة نت- إن "الهزائم التي تلاحقت بالدعم السريع دفعت قيادتها للتخلص من بعض القادة الميدانيين بالاغتيال بعد اتهاماتهم المباشرة بالمسؤولية عن الهزيمة والتخابر مع الجيش".

ويشير عيدروس إلى سبب آخر لاغتيال قادة الدعم السريع تتمثل في الاستحواذ على غنائم النهب والسلب التي حصل عليها القادة خاصة الكميات الضخمة من سبائك الذهب والنقد الأجنبي.

ومن جانب آخر، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي الغالي شقيفات -للجزيرة نت- إن قادة الدعم الذين قُتلوا مؤخرا لم يتم اغتيالهم بل نالت منهم يد الجيش بعدة طرق. وأضاف أن هؤلاء القادة قتلهم الجيش في معارك ميدانية ولم تتم تصفيتهم على أيدي الدعم السريع.

وأشار شقيفات إلى أن قوات الدعم السريع تمكّنت في وقت سابق من قتل عدد من قادة الجيش "وهو أمر عادي في ظل استمرار المعارك الطاحنة".

"عمل مشترك"

وهناك ثمة من يفسر مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية باعتباره عملا مشتركا بين الجيش وعناصر داخل الدعم السريع.

إعلان

فيقول ضابط رفيع بالجيش -للجزيرة نت، طالبا حجب اسمه- إن مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية "ناتج عن عمل استخباراتي دقيق للجيش عبر توفير معلومات عن تحركات القادة الميدانين قبل أن يتم استهدافهم بواسطة المسيّرات الحديثة للجيش".

وأضاف أن الدعم السريع يعاني من خلافات داخلية وصلت قمة هرمه حيث توجد خلافات بين حميدتي وشقيقه "القوني" من جهة، والأخ غير الشقيق عبد الرحيم دقلو من جهة أخرى.

ويرى القائد الميداني بالجيش أن خلافات الدعم السريع على مستوى القادة ساهمت في مقتل عدد من القادة الميدانين مؤخرا عبر توفير معلومات للجيش للتخلص من بعض الموالين لحميدتي ويرفضون توجيهات عبد الرحيم دقلو.

مكاسب ميدانية

من ناحية أخرى، يرى محللون أن مقتل عدد من قادة السريع الميدانيين يصب في صالح الجيش السوداني لا سيما أن المستهدفين كانوا ذوي تأثير ونفوذ داخل الدعم السريع.

ويقول العقيد ميكائيل -للجزيرة نت- إن قتل قادة الدعم السريع يصبّ في صالح الجيش ميدانيا، وإن "كثرة الاغتيالات وسط مرتزقة الدعم السريع سيجني ثمارها الجيش ميدانيا".

بيد أن للمحلل شقيفات، المقرب من الدعم السريع، رأي آخر حيث يقول -للجزيرة نت- إن مقتل قادة بقوات الدعم السريع لا يؤثر ميدانيا، وإن الأخيرة تمتلك عشرات القادة وقادرة على تعويض غياب أو مقتل أي قائد ميداني.

بينما يقول الخبير الإستراتيجي عيدروس إن عمليات الاغتيال التي طالت عددا من قادة الدعم السريع مؤخرا ستجعل هذه القوات أمام 3 خيارات: الهروب أو الاستسلام أو الموت.

مقالات مشابهة

  • السودان يهاجم جنوب السودان .. اعتراف بمشاركة مرتزقة مع الدعم السريع
  • السودان : الإعدام شنقاً على متعاون مع الدعم السريع
  • الجيش يعلن تحرير مناطق جديدة في الخرطوم من الدعم السريع
  • مقتل قادة الدعم السريع.. ما وراء العمليات المباغتة؟
  • مجـ.ـزرة في مستشفى .. قصف قوات الدعم السريع يودي بحياة 6 ويصيب 38 في الخرطوم
  • السودان.. مصرع 6 أشخاص في قصف مليشيا الدعم السريع مستشفي بالخرطوم
  • مصادر: مقـ.تل قائد كبير لميليشيا الدعم السريع
  • وسائل إعلام سودانية: مقتل قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة
  • معركة الفاشر هل تكون فاصلة ؟
  • حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الهجمات