القاهرة – اجتمع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بمجموعة من كبار رجال الأعمال في خطوة لافتة للاستماع إلى آرائهم وتصوراتهم حول المشاكل الاقتصادية وسبل معالجتها.

لكن في ظل غياب مخرجات واضحة للاجتماع، برزت عدة تساؤلات، خاصة في ظل التزام مصر ببرنامج إجراءات اقتصادية مع صندوق النقد الدولي بزيادة دور القطاع الخاص وتقليص حضور الدولة، بما في ذلك تقليص دور المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش.

وبينما طرح رجال الأعمال ما سموه "وصفة إنقاذ"، يبقى السؤال الأهم: هل تحمل هذه المقترحات حلولا حقيقية قادرة على إنقاذ الاقتصاد المصري من أزماته المتشابكة؟ أم أنها تخدم مصالح فئات بعينها على حساب رؤية وطنية شاملة؟

قناعات جديدة

وأقر رئيس الوزراء المصري بأنه من خلال التجربة أصبح لدى الدولة قناعة بأن القطاع الخاص هو الأجدر على الإدارة والتشغيل نظرا لخبرته الكبيرة في هذا الشأن، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يستهدف تحديد احتياجات مصر خلال الفترة المقبلة، بهدف التحرك بسرعة كبيرة في هذا الشأن.

ووصف مدبولي القطاع الخاص بأنه قاطرة التنمية في الدولة المصرية، مؤكدا أهمية استثماراته، لكنه أرجع تزايد دور الدولة إلى حالة عدم الاستقرار التي مرت بها مصر منذ عام 2011 وبالتالي تراجع دور القطاع الخاص وتخوفه من التوسع في الاستثمارات.

إعلان

وخلال اللقاء كشف مدبولي أن مصر سددت 39 مليار دولار خلال عام 2024 (أقساط ديون وفوائد) وأن إجمالي الدين الخارجي يصل إلى نحو 152 مليار دولار، مضيفا أن سداد هذا الدين كان مصدر قلق شديد لكن الحكومة سدّدت كل التزاماتها.

 

أبرز التحديات

وطرح رجال الأعمال والمستثمرين خلال اللقاء بالحكومة أبرز التحديات التي تواجه القطاع الخاص وتعيق النمو الحقيقي للاقتصاد في بعض النقاط أبرزها:

ارتفاع الدين العام: سواء المحلي أو الخارجي، ما يشكل عبئا كبيرا على الموارد العامة، ويحد من قدرة الحكومة على الاستثمار في المشاريع التنموية. ارتفاع أسعار الفائدة ما يؤثر سلبا على تكلفة التمويل للشركات، ويحد من الاستثمار الخاص. عجز الميزان التجاري: يعاني الاقتصاد المصري من عجز مزمن في الميزان التجاري وعجز دولاري، ما يؤدي إلى ضغوط على الجنيه المصري. ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي خاصة في قطاعات حيوية مثل البناء والتشييد. البيروقراطية المعقدة التي تعوق الاستثمار وعمل القطاع الخاص. الوصفة المقترحة

تضمنت وصفة العلاج التي قدمها رجال الأعمال مجموعة من المقترحات، بعضها تقليدي وبعضها الآخر جريء:

تأسيس صندوق جديد وبيع أصول الدولة للبنك المركزي المصري وإسقاط مديونية الدولة. خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار. التركيز على تطوير قطاع السياحة ومضاعفة إيراداته. تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتوفير بيئة استثمارية أكثر جاذبية. رفع القيود عن البناء من أجل زيادة معدلات نمو قطاع البناء والتشييد. عودة التوظيف للجهاز الإداري للدولة وتعيين خريجين شباب للتعامل مع تطورات القطاع الخاص. "مكلمة" أم "وصفة"؟

ويرى الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان المصري سابقا محمد فؤاد، أن الاجتماع لم يخرج عن كونه لقاء طبيعيا بين رئيس الوزراء وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين النافذين للاستماع إلى آرائهم وليس لوضع وصفة لإنقاذ الاقتصاد المصري.

إعلان

وقال فؤاد للجزيرة نت إن اللقاء لم يكُن مُحضرا له من قبل الجميع، كما أن الحكومة لم يكن لديها أجندة لإدارة اللقاء وبعض الحضور لم يكلف خاطره عناء تجهيز بيانات سليمة فبدا الأمر وكأنه "مكلمة".

وحسب فؤاد فإن مخرجات اللقاء جاءت متوافقة مع أولويات واحتياجات رجال الأعمال الخاصة، والتي قد لا تمثل بالضرورة المصلحة الأوسع للاقتصاد الوطني، ومع ذلك، أكد على أهمية الاستماع إلى آرائهم ووجهات نظرهم.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى تفاوت المصالح بين الأطراف، مستشهدا بالجدل حول أسعار الفائدة المرتفعة، فمن منظور مصلحة البلاد واستقرار الاقتصاد، يتطلب الأمر استمرار دورة التشديد النقدي، أما بالنسبة لمصالح الحضور، فتتمثل في خفض أسعار الفائدة لتخفيف الأعباء على أنشطتهم الاقتصادية.

القطاع الخاص يسهم بـ40% فقط من حجم الاستثمار في الاقتصاد المصري (الجزيرة) هيمنة أم شراكة؟

قال وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن "الهدف من هذا اللقاء ينقسم إلى شقين، أولهما رسالة إلى صندوق النقد بشأن تعهدات مصر بزيادة دور القطاع الخاص وتقليص دور الدولة، وثانيهما الاستعانة بخبرات كبار رجال الأعمال والمال في الاقتصاد المصري".

وأوضح للجزيرة نت، أن الدولة خلال السنوات العشر الماضية لعبت دور المستثمر الأكبر في الاقتصاد المصري، ما حدّ من فرص المنافسة الحقيقية، ومع ذلك، أدركت الدولة مؤخرا أهمية تعزيز دور القطاع الخاص، ومنحه مساحة أوسع للمساهمة في التنمية والمشاركة في صناعة القرار.

وفيما يتعلق بسيطرة رجال أعمال من حقبة الرئيس الأسبق حسني مبارك على اللقاء أشار عبد المطلب إلى أن بعض هؤلاء الأفراد يمثلون عائلات طبقة الرأسمالية منذ عقود في مصر سواء منذ حقبة مبارك أو ما قبلها وليسوا أصحاب صفقات، مشيرا إلى أن ما طالبوا به يُعد بمثابة "روشتة" (وصفة) عملية لحلحة الأوضاع الاقتصادية المعقدة لكنها بحاجة إلى تنفيذها على أرض الواقع من خلال عقول وخبرات اقتصادية.

إعلان

يشار إلى أن مصر توصلت مع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي لاتفاق على مستوى الخبراء يتيح للقاهرة صرف شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار للقاهرة، ضمن برنامج إقراض قيمته 8 مليارات دولار.

وقالت إيفانا فلادكوفا هولار، التي ترأست وفد صندوق النقد الدولي للتفاوض مع السلطات المصرية، في بيان وقتها: "ثمة حاجة إلى الحد من مشاركة الدولة في الاقتصاد، وزيادة ثقة القطاع الخاص".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دور القطاع الخاص الاقتصاد المصری أسعار الفائدة رجال الأعمال صندوق النقد فی الاقتصاد إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: دفع جهود الدولة الهادفة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة لمصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد أحمد كجوك وزير المالية، والدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، في بيان صحفى مشترك عقب اجتماعهما، أننا حريصون على تشجيع القطاع الخاص للاستثمار بشكل أكبر فى مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية فى إطار رؤية اقتصادية متكاملة محفزة لزيادة دور ومساهمات واستثمارات القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي والتنموي، على نحو يدفع جهود الدولة الهادفة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة لمصر خاصة فى مجال التحول للاقتصاد الأخضر.

وقال “كجوك”، إننا نسعى لتبني آليات تنافسية لجذب المزيد من الاستثمارات لهذه المشروعات سواءً من خلال التوسع فى نظام المشاركة مع القطاع الخاص، أو عبر قانون تنظيم التعاقدات العامة، بما يعزز جهود الحكومة الهادفة لاستخدام المخلفات بديلًا عن الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، على نحو يساعد في توجيه موارد الدولة من الغاز الطبيعي لمشروعات ذات قيمة مضافة أعلى.

وأضاف أن هناك تنسيقًا كاملًا بين وزارتي المالية والبيئة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المشروعات، ووضع أولويات وآليات التنفيذ مع دراسة توفير الموارد المالية اللازمة للجهات الإدارية التي سيتم من خلالها التعاقد على تنفيذ المشروعات.

وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أن تعديل التعريفة الخاصة بتحويل المخلفات إلى طاقة، ضرورة ملحة لجذب المزيد من الاستثمارات إلى هذا المجال من خلال توفير مزايا أكبر للشركات العاملة وتشجيعها على توسيع نطاق عملها وجذب شركات جديدة.

وأوضحت الوزيرة، أن هناك ثلاثة أنواع من المخلفات يتم تحويلها لطاقة وهى: المخلفات العضوية، والحمأة، وغازات المدافن، بما يسهم فى تقليل كمية المخلفات بالمدافن الصحية، ومن ثم تقليص مساحات الأراضي اللازمة لإنشاء مدافن صحية؛ أخذًا فى الاعتبار أن عملية تحويل المخلفات لطاقة لا تتطلب مدفنًا كبيرًا ويمكن الاكتفاء بخلية دفن واحدة، لافتة إلى أن تحويل المخلفات لطاقة يساعد فى تجنب وجود تراكمات بالمحافظات تؤدي إلى أضرار بيئية.

وأضافت أن قرار تعديل سعر التعريفة الخاصة بتحويل المخلفات لطاقة يأتي ضمن حزمة كبيرة من الضوابط والحوافز؛ لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع تحويل المخلفات إلى طاقة، موضحة أنه تم تخصيص الأراضي اللازمة لإقامة المشروعات فى ٨ محافظات، ويمكن تنفيذها بشكل تدريجي على مدار ثلاثة أو أربعة أعوام.

وأشارت إلى أن الحكومة تعمل جاهدة على تشجيع الاستثمار في قطاع تحويل المخلفات لطاقة، حيث تسعى لرفع سعر التعريفة وتقديم حوافز إضافية للقطاع الخاص لتحفيز المستثمرين على الدخول في هذا المجال.

ولفتت إلى المزايا التي تعود على الدولة من الاستثمار في هذا المجال، بما فى ذلك دعم جهود مصر للوفاء بالتزاماتها الدولية وتحقيق مساهماتها المحددة وطنيًا، إضافة إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في مجالات الجمع والنقل والتدوير.

مقالات مشابهة

  • برلماني: مؤشرات الاقتصاد الإيجابية تعكس نجاح سياسات الحكومة
  • نواب عن مؤشرات الاقتصاد الإيجابية: تعكس نجاح سياسات الحكومة
  • تفاصيل لقاء الرئيس رشاد العليمي مع الرئيس المصري واهم ملفات اللقاء
  • شعبة القطن: الحكومة تنفذ خطة للتوسع في زراعة القطن قصير التيلة تدريجيًا
  • بيانات ADP: نمو وظائف القطاع الخاص غير الزراعي الأميركي بأقل وتيرة منذ تموز
  • الحكومة لم تُقصِّر.. ولكن!
  • البيئة: تعديل تعريفة تحويل المخلفات إلى طاقة ضرورة لجذب الاستثمارات
  • المالية تدعم القطاع الخاص للاستثمار في مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية
  • المالية والبيئة: تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في تحويل المخلفات إلى طاقة
  • وزير المالية: دفع جهود الدولة الهادفة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة لمصر