تعجُّ وسائل التواصل الاجتماعي بالجدل العقائدي الصاخب بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة، وغالب تلك الاختلافات والمناقشات تتسم بالحدية، وهي لا تتعاطى معها تعاطيها مع الاختلافات الفقهية، التي تُدرجها في إطار اختلاف التنوع المقبول، بل تتعامل معها بوصفها لونا من ألوان اختلاف التضاد المذموم، فتخرجها من دائرة التصويب والتخطئة، وتنحو بها منحى التضليل والتبديع والتكفير.



ذلك التفريق في التعامل بين نوعي الاختلافات الفقهية والعقائدية يدفع إلى معرفة خلفياته، وتحديد نشأته، وتبين أسبابه، وهل في أدلة الشريعة ما يسند ذلك التفريق؟ إذ المعروف أن أسباب الاختلاف في مسائل الفقه من احتمالية النصوص، وعدم قطعيتها من جهة الثبوت والدلالة، وتفاوت أفهام ومدارك المجتهدين.. إلى غير ذلك من أسباب الاختلاف هي ذاتها تنطبق على الاختلاف في مسائل الاعتقاد، الأمر الذي يثير تساؤلات وإشكالات حول ذلك كله.

إن ترحيل الخلافات العقائدية، الزائدة عن قطعيات الدين ومحكماته، وأركانه الإيمانية، ومبانيه التشريعية والتعبدية، فيما يدور حوله الجدل بين أتباع المذاهب العقائدية الإسلامية، كتفاصيل الصفات الإلهية.. وما إلى ذلك، من دائرة التضليل والابتداع والتكفير، إلى دائرة الخطأ والصواب، ينزلها منزلة المسائل الظنية الاجتهادية، فتكون مقاربتها بين مصيب له أجران، ومخطئ له أجر واحد. 

ثم لماذا يغيب عن أذهان المنخرطين في ذلك الجدل أن انتشار المذاهب العقدية والفقهية في مراحل التاريخ الإسلامي المختلفة إنما يرجع في جزء هام منه إلى عوامل سياسية، إذ كانت الدول الإسلامية عبر الممارسة التاريخية في مجملها مذهبية، ومن تتبع نشأة المذاهب وانتشارها وصعودها أدرك مدى حضور العامل السياسي بمركزيته الطاغية، كما أسهم ـ على سبيل المثال ـ الوزير نظام الملك الطوسي السلجوقي في انتشار المدارس الأشعرية (المعروفة بالمدارس النظامية) والتي استمرت في دولة الأتابكة والدولة الزنكية والمماليك..

ومما ينبغي أن يكون محل بحث تدقيق النظر فيما يُطلق عليه "مذهب أهل الحديث" بوصفه مذهبا جامعا لعقائد الفرقة الناجية التي كان عليها السلف الصالح، فهل ثمة مذهب واحد يمكن القول إن كل مسائله واختياراته محل اتفاق عند كل من ينتسب لأهل الحديث، أم يوجد في طبقات المحدثين من ينتمي إلى اتجاهات عقائدية مختلفة ومتباينة؟ كما يستدعي المقام إطالة النظر في نشوء مصطلح (أهل السنة والجماعة) وفهمه في سياقاته التاريخية، التي تشي بأن العامل السياسي لعب دورا مركزيا في تكون المصطلح وشيوعه وانتشاره.

ولعل الأهم في ذلك كله، في سياق الاشتغال بالراهن الذي يهم الأمة الإسلامية، البحث في سبل وآليات التخلص من إرث المذاهب العقائدية وخلافاتها وصراعاتها وآثارها التي ما زالت تستحكم في عقول أتباع تلك المذاهب فتؤثر على ترتيب أولوياتهم، وتطغى على طبيعة اهتماماتهم الدينية والدعوية؟

لمقاربة هذه القضايا والمسائل، وغيرها كان هذا الحوار الخاص بـ "عربي21" مع الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدكتور رائد السمهوري، المتخصص في أصول الدين، وقد صدرت له عدة دراسات وأبحاث وكتب، من أبرزها كتابه (نقد الخطاب السلفي.. ابن تيمية نموذجا)، وكتاب (السلف المتخيل.. مقاربة تاريخية تحليلية في سلف المحنة أحمد بن حنبل وأحمد بن حنبل المتُخيل).. فإلى نص الحوار..
 
س ـ ما هي طبيعة اختلافات المسلمين في العقائد.. وما هي أسباب تلك الاختلافات؟

 ـ لا يختلف مسلمان حول كلمة التوحيد، ولا حول نبوة النبي، ولا حول القرآن، ولا حول فرائض الدين، ولا حول مجملات الإيمان، ولا حول الهدي العامّ، أعني الجانب الأخلاقي، ولكنهم يختلفون في تفاصيل، مثلًا: يتفق المسلمون جميعًا على أن الله على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء عليم، وأنه وحده الخالق المدبّر، وأنه الرزاق ذو القوة المتين. لكنهم في تفاصيل كثيرة يختلفون فيما بينهم.

ولهذا الاختلاف عوامل عديدة، منها الاختلاف الطبيعي في الفهم ومراتب العقول، فهذا يميل إلى أخذ الأمور "ببساطة"، كما يقال، وذاك لا يكتفي بظواهر الأمور، بل يحب التفتيش والتنقير والتفتيت. ومن عوامل الاختلاف الاحتكاك بأبناء الدول المفتوحة في بدوّ الإسلام وطلائع انتشاره، فقد دخل المسلمون بلادًا تعجّ بالديانات والمذاهب المختلفة، ولكل فريق تراثه العقلي واختلافاته، وفهمه، وفلسفته، فطرحت أسئلة، واجهها الفاتحون الجدد، وليس من الغريب أن يكون هناك تأثر وتأثير. بل دخل بعض أبناء تلك الدول وهو لا يزال يحمل فلسفات عقائده.

س ـ في تاريخية نشوء المذاهب العقائدية الإسلامية ما مدى حضور العامل السياسي في نشأتها وانتشارها فيما بعد، تبعا لتبني (السلطان) لهذا المذهب أو ذاك؟

 ـ من أسباب الاختلاف الخلافات السياسية بين الصحابة وقد فتح هذا مجالًا كبيرًا للخلاف حول من الأحق بالخلافة؟ وهل وصّى رسول الله بالإمامة لأحد من بعده؟ وما حكم تولّي مرتكب الكبيرة؟ أهو فاسق أم كافر؟ وهل كان هذا الذي يجري بقضاء وقدر سابقين؟ أم أن الأمر أُنُفٌ؟ وهكذا تباينت الرؤى وامتزج فيها العقائدي بالسياسي. فهذا وعيدي، وذاك مرجئ، وذلك بين بين. وهذا عدلي، وذاك جبري، وذلك بين بين. تلك كانت فاتحة الخلاف الآتي، والمتشعّب، والمتفاقم بمرور الزمن. وتعددت المشارب، وتنوّعت التوجّهات.

تخلص المسلمين من إرث المذاهب العقائدية وخلافاتها وصراعاتها وآثارها لا تحله إلا السياسة الحكيمة. وظهر الشيعة والخوارج والمرجئة والقدرية. وتأسست بها توجهات عقائدية/ سياسية. ثم كلما كان يجري حدث سياسي هائل، تتوالد الفرق ويزداد الانشقاق، وتظهر مسائل لم يفكر فيها الصحابة ولا التابعون. من ذلك مثلًا محنة خلق القرآن، التي تولّاها ثلاثة خلفاء عباسيين، وأسهمت في تفرق جديد، وانشقاقات جديدة، وإذا بنا نسمع مصطلحات اعتقادية تصنيفية جديدة، فهذا واقفي (أي يتوقف فلا يقول مخلوق ولا غير مخلوق)، وذاك لفظي (يقول القرآن غير مخلوق ولكن ألفاظنا وحروفنا وأصواتنا به مخلوقة).

لا مجال هنا لتفاصيل كثيرة في هذا الأمر، ولكن باختصار: نعم، للعامل السياسي أثره المركزي في انتشار المذاهب العقدية والفقهية، فقد كانت الدول الإسلامية في التاريخ في مجملها دولًا مذهبية، فالدولة العباسية تارة تكون جهمية، وتارة زيدية، وتارة سنيّة، وتارةً أشعرية، ولا تنس الدولة الفاطمية الشيعية، والدولة المهدوية الأشعرية، ودولة المرابطين التي تعد سلفية، ودولة الزيدية الشيعية، ودولة عمان الإباضية. وعلى ذلك يقاس، والأمثلة كثيرة.

كان إذا تبنّى الخليفة، أو الملك الذي يكتسب شرعيته من الخليفة مذهبًا، ينتشر، ويقبل الناس عليه، لارتباط ذلك بالقضاء والوظائف العلمية، والأوقاف وغيرها. فقد أسهم الوزير السلجوقي نظام الملك على سبيل المثال في انتشار المدارس الأشعرية، التي استمرّت فيما بعد في دولة الأتابكيين، ثم الزنكيين، ثم الأيوبيين ثم المماليك. كل تلك الدول مثلًا اكتسبت شرعيتها من حيث هي دول سنية/ أشعرية، في مقابل الفاطميين/ الشيعة. وهكذا. فليس انتشار المذاهب لمجرد الاقتناع، بالضرورة، بل لذلك عوامل تاريخية، من أبرزها العامل السياسي.

س ـ ما هي السياقات التاريخية التي تشكل فيها مصطلح (أهل السنة والجماعة) وكذلك ما يوصف بـ"مذهب أهل الحديث"؟

 ـ هذا له قصة طويلة جدًا، كان المسلمون على مسائل الإجماع لا ينقّرون في دقائق العقائد وتفاصيلها، وكان النبي يقبل من الناس الشهادتين وقواطع الدين وينتهي الأمر بلا دخول في تفاصيل. عرف المسلمون معنى السنة أنها طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله وتقريراته، لكن بحسب استقرائي واطلاعي، ظهرت منذ أواسط القرن الثالث الهجري متون تجمع مقولات محدّدة، من اعتقدها وقال بها فهو سنّي، ومن ذلك مثلًا أنه يجب عليه أن يعتقد أن القرآن غير مخلوق، وذلك بسبب المحنة التي أجبرت الناس على اعتقاد أن القرآن مخلوق.

 لم تطرح هذه المسألة في زمن الصحابة، وليس لهم فيها أي تصريح البتّة، لكنها مثلًا دخلت في عقائد سميت بعقائد أهل السنة، بل صار من لم يصرّح بأن القرآن غير مخلوق، واكتفى بأن يقول: "كلام الله"، جهميًا، في كفره قولان! أما خروجه من أهل السنة فلا مجال للشك فيه، هذا النوع من "التسنن" نوع جديد، ظهر في بغداد، ثم تطور بعد ذلك، وصارت أقوال معينة هي التي تحدد الانتماء، ثم تفاقم الأمر، فصار السنّي عند طائفة هو الذي يثبت قيام الحركات والحوادث بذات الله، وإن لم يعتقد ذلك فهو جهمي أو متجهّم، وعند طائفة أخرى هو الذي يثبت سبع صفات معنوية، ويؤول غيرها.

وهكذا صارت معايير "التسنن" مبنية على مثل هذه الأمور التي لا يفهمها عامة المسلمين، بل ربما لم تخطر للصحابة ببال، فضلًا عن دعوى إجماعهم عليها، والمقول هنا في عقائد أهل السنة، يقال بالضبط في عقائد المعتزلة والشيعة وغيرهم.

س ـ هل ما يُطلق عليه "مذهب أهل الحديث" في العقائد هو بالفعل مذهب واحد فيمكن القول إن كل مسائله واختياراته محل اتفاق عند كل من ينتسب لأهل الحديث؟

 ـ أهل الحديث مذاهب لا مذهب واحد، فمن المحدثين مرجئة، ومنهم قدرية، ومنهم شيعة، ومنهم ناصبة يبغضون علي بن أبي طالب، فكيف يقال إن أهل الحديث لهم مذهب واحد محدد؟ هذا من التخيلات التي لا يسعفها التاريخ. ظهر تعبير "اعتقاد أهل الأثر" أو "اعتقاد أهل الحديث" بحسب تقديري منذ أواسط القرن الثالث الهجري فما يليه. وانظر مثلًا ما نقله ابن قتيبة في كتابه عن مسألة اللفظ بالقرآن، حول اختلاف أهل الحديث في مسألة "اللفظ بالقرآن"، وكيف كفّر بعضهم بعضًا، بحيث تجاوز النزاع الانتماء إلى أهل السنة، بل صار حول الانتماء إلى الإسلام! هل بعد هذا يقال إن هناك اعتقادًا واحدًا يجمع أهل الحديث؟

س ـ إذا كانت تفصيلات كثير من المسائل الاعتقادية حدثت في أجيال متأخرة، ولم يعُرف عن الصحابة أنهم تكلموا في شيء من ذلك.. فمن أين جاءت دعاوى غالب الاتجاهات العقائدية الإسلامية بأن مذاهبهم ما هي إلا امتداد لما كان عليه الصحابة؟

 ـ كل دعاوى الإجماع تلك على غير المتواتر القطعي الذي يتفق عليه جميع المسلمين هي دعاوى لا يمكن إقامة الدليل عليها، وهذه حقيقة، هل كان الصحابي الذي يأتي مسلمًا يعقل معنى أن الذات الإلهية تقوم بها سبع صفات وجودية؟ أو كان يعقل أن الصفات هي عبارة عن أحوال لا موجودة ولا معدومة؟ وأن كلام الله قديم النوع ولكنه حادث الأفراد؟ هل كان يعي أي صحابي أسلَم بين يدي النبي هذه الأمور؟ قطعًا ويقينًا: لا، وكلا، فمن أين جعلها الجاعلون عقيدة إسلامية؟! كل الفرقاء يريدون نسبة أنفسهم إلى الصحابة، ولو سألت صحابيًا عن معنى تلك العقائد لحار في الجواب، ولربّما حمّلته ما لا يطيق، وقد أعجبتني كلمة قالها العلّامة صالح بن مهدي المقبلي في كتابه الشهير "العلَم الشامخ"، قال: "وكل واحدٍ ذهب إلى أي مذهب؛ قال: هو مذهب سلف الأمة"!.

س ـ لماذا لا يُقبل الخلاف والتنوع والاجتهاد في المسائل الاعتقادية كما يُقبل في المسائل الفقهية.. فيجري على الخلافات العقائدية الخطأ والصواب، وليس الحق والباطل، والضلال والابتداع؟

 ـ من تناقضات المتكلمين أنهم يقولون: "لا تقليد في أصول الدين"، أي إن أصول الدين محلّها الاجتهاد الفردي وإعمال العقل للوصول إلى الحق، ولكن المتكلمين أنفسهم، أعني الخط العامّ منهم، يرمون من لم يقلّد وأعمل عقله ووصل إلى نتائج مختلفة بأنه مبتدع، وقد يكون كافرًا، فلماذا لا تقولون: قلّدنا وإلا فأنت مبتدع؟ فيريحونا ويستريحوا؟

المسائل التي تسمّى "اعتقادية" نوعان: نوعٌ وردت به النصوص القطعية، مثل وحدانية الله وأنه قدير وعليم وكريم وحليم لم يلد ولم يولد، وأن النبي رسول الله، والإيمان بالملائكة والكتاب والنبيين، وغير ذلك مما يعرفه كل مسلم، هذه العقائد القطعية التي جاء بها النبي، هي التي لا يكون المرء مؤمنًا مسلمًا بدونها.

المذاهب العقائدية الإسلامية خارج الإجماعات القطعية اجتهادية تدور بين الصواب والتخطئة، وليس التفسيق والتبديع والتكفير. لكن المشكلة عند أصحاب المذاهب الاعتقادية، أنهم يجعلون فهومهم وهي في الغالب فلسفية عويصة وكلامية دقيقة من ذوات الاصطلاحات المعقدة، معيارًا للحكم بالابتداع. فهل هي عقائد إسلامية أصلًا؟ أم هي اجتهاداتهم لفهم الكتاب والسنة بما يتجاوز المتواتر الذي أجمع عليه عوام الأمة؟

كل هذا ليس من الدين حتمًا، ولئن كان من حق كلٍّ أن يجتهد إذا آمن بما يؤمن به الكافة، فعلام يزعم أن اجتهاده هو عين الدين وهو حقيقة الإسلام؟ لأنه إذا قطع بتلك الاجتهادات فلا مناص من أن تكون اجتهاداته هي الدين، ثم إذا قطع كل فريق باجتهاداته فقد أضحى لدينا عدة أديان لا دين واحد!

إذا علمنا إذًا أن أقوال أصحاب المذاهب الاعتقادية مما هو خارج دائرة المتواترات والإجماعات القطعية، إنما هو اجتهادات، فحق الاجتهادات أن تدور بين التصويب والتخطئة، لا بين التبديع والتكفير والتفسيق.

س ـ في تقديرك كيف يمكن للمسلمين التخلص من إرث المذاهب العقائدية وخلافاتها وصراعاتها وآثارها التي ما زالت تستحكم في عقول أتباع تلك المذاهب فتؤثر على ترتيب أولوياتهم، وتؤثر في طبيعة اهتماماتهم الدينية والدعوية؟

 ـ هذا أمر لا تحله إلا السياسة، انظر مثلًا حال الإخوة في السلطنة العمانية، كيف قضت حكمة السياسي فيها على كل خلاف اعتقادي وآثاره بين مكوّنات المجتمع فالكل مسلمون، والكل إخوة، والكل مواطنون عمانيون، لكن على النقيض لا يزال لدينا دول تتبنى عقائد دينية مذهبية تكتسب بها شرعيتها كأننا لا نزال في عهود المماليك، والخلاصة أن الحل كثيرًا ما يكون بيد السياسي قدّس الله سرّه!

أما طلاب العلم ونزاعاتهم الهوائية، فهذا خروج عن قضايا العصر تمامًا، وغياب تام عن تاريخ نشوء المذاهب وتطورها، وذهول شديد عن أن الإسلامي الذي فيها هو موطن إجماع الأمة، وهذا ما به الاشتراك، أما ما به الامتياز، فقضايا لم تحل منذ ألف سنة، وخذ منّي هذه البشرى السعيدة؛ لن تحل بعد ألف سنة! ما لم يعلم المسلمون ما به على الحق والحقيقة كان الصحابة مسلمين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الخلافات الحوار المسلمون مسلمون حوار خلافات سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أهل السنة ولا حول

إقرأ أيضاً:

خطابُ القائدِ وجدانٌ ثائرٌ، ورسالةٌ للعالمين

 

 

 

في هذا اليوم، لم يكن خطابُ السيدِ القائدِ -حفظه الله- مجردَ كلماتٍ مُلقاةٍ، بل كان زلزالًا أيقظ القلوبَ، ونارًا أضرمتْ في الوجدانِ. لم يكن مجرد خطابٍ سياسيٍّ، بل كان مزيجًا فريدًا من القرآنِ، والعالميةِ، والوجدانيةِ الصادقة، يلامس المشاعرَ، ويهزُّ الروحَ، ويُعيدُ ترتيبَ الأولويات.
خطابٌ لم يترك قلبًا إلا وأثّر فيه، ومن لم يشعر بصدقِ كلماته، فليعلمْ أن في قلبه غشاوة، وأن روحه قد تاهت عن طريق الحق، لقد كانت كلماتُ القائدِ تخرجُ من قلبٍ ملؤهُ الحُرقَةُ والألم، وكأنّه يقتبس من قولِ الإمام علي (عليه السلام): «لقد ملأتم قلبي قيحًا»، ليصفَ حال الأمةِ، وما وصلت إليه من ضعفٍ وهوانٍ وتخاذل.
في هذا الخطابِ، لم يكن القائدُ مُتحدثًا فحسب، بل كان مُترجمًا لأوجاعِ أمةٍ، ومُعبّرًا عن آمالِها وتطلعاتها، لقد تحدث بحرقةٍ لم نشهدها في خطاباته السابقة، وكأنّه يُجسدُ في شخصه معاناةَ كلّ مظلومٍ ومقهورٍ، كان يصرخُ في وجهِ الظلمِ، ويُعلنُ التحديَّ في وجهِ المستكبرينَ، ويُوقظُ فينا روحَ العزةِ والكرامة.
ومن جانبٍ آخر، كانَ خطابُ القائدِ تهديدًا صريحًا وقويًا لليهودِ المحتلين، لِيؤكدَ للعالمِ أجمع أن هذه الأمة لن تستكينَ أبدًا للظلمِ والعدوان، لم يكن تهديدًا عابرًا، بل كان وعدًا قاطعًا بالدفاعِ عن الحق والأرض والكرامة.
لقد جذبَني بشكلٍ خاص حديثهُ عن جبهةِ اليمن، عندما قالَ: «العالمُ كلهُ في كفةٍ واليمنُ في كفة»، كلماتٌ تَحملُ في طياتِها معاني كثيرةً، تُجسدُ صمودَ اليمنِ وثباتهُ في وجهِ أعتى قوى الاستكبارِ والعدوان، لقد أظهرَ القائدُ بِهذا القولِ إيمانَهُ العَميقَ بِقُدرةِ هذا الشعبِ على تَغييرِ موازين القوى في المنطقة.
فيا لهُ من خطابٍ مُزلزلٍ، هزّ المشاعر، وأنارَ الدروب، هنيئاً لنا بك سيدي، يا قائدًا مُلهمًا، ويا ضميرًا يُنادي بِالحقِ، ويا صوتًا يصدحُ بِالعزةِ والكرامة، إنّ هذا الخطاب يُشعلُ فينا نار الأمل، ويُعزّز إيماننا بِقُدرةِ الأمةِ على تحقيق النصر.

مقالات مشابهة

  • باحث إسرائيلي: التحركات التركية في سوريا تعكس تحولا دراماتيكيا في العلاقات الإقليمية
  • مناقشة رسالة هي الأولى من نوعها : “الحمزة” يحصد الماجستير بإمتياز عالي من جامعة عدن
  • مدير إدارة فتاوى المحاكم: الشرع لم يقتصر على معالجة سلامة التفكير في العقائد
  • خطابُ القائدِ وجدانٌ ثائرٌ، ورسالةٌ للعالمين
  • بين الركام والأمل.. عربي21 تواكب جروح غزة وصعوبات رحلة إعادة الإعمار
  • حتى لا تقع الفأس بالرأس
  • في حال اندلعت الحرب العالمية الثالثة.. ماهي خارطة الجبهات المحتملة؟
  • باحث: السياسة الأمريكية تحت قيادة ترامب تثير القلق في أوكرانيا
  • ختام برنامج «رؤية لمجابهة التطرف» في كليات جامعة الأزهر بأسيوط
  • مديرة التحرير تحاور نهلة الخزرجي مديرة منظمة المستقبل للاستشارة والتنمية دارفور