علي جمعة: لا حياء في الدين مقولة خاطئة والصحيح لا حرج في الدين
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه في بداية عام جديد ، نسعى لتأسيس منهج للأخلاق التي بُعِثَ بها سيدنا رسول الله ﷺ ، عسى أن يوفقنا الله للتخلق بأخلاقه الشريفة الرفيعة، فنفوز بخيري الدنيا والآخرة. هيا بنا نستمع إلى وصاياه ﷺ حول الأخلاق، ونعمل على تطبيقها في حياتنا، بدءًا بأنفسنا، ثم بمن يلينا، ومن نعول، امتثالًا لقوله ﷺ: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول»، حتى نصبح قدوة حسنة، كما كان ﷺ قدوة للعالمين.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان من بين هذه الأخلاق، أخلاق أساسية اشترك فيها العالم في الدعوة إليها، حتى بدايات هذا العصر النكد، الذي خلقنا الله فيه، حيث أصبحت وكأنها مَنْقَصَة، لذا، علينا التمسك بها. يقول رسول الله ﷺ «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت». فالحياء كان وما زال أحد أخلاق الأنبياء. وإذا غاب الحياء عن الفرد أو المجتمع، فقدوا ضابطهم الأخلاقي. تخيل شخصًا أو جماعة يفعلون ما يشاؤون دون رادع؛ النتيجة كارثية، كتلك السيارة التي تسير بلا قائد، فتحطم نفسها وكل ما حولها. الحياء هو الضابط الذي يجعل الإنسان عابدًا لربه، معمّرًا لكونه، مزكيًا لنفسه.
جاء أحدهم إلى رسول الله ﷺ يلوم أخاه على شدة حيائه فقال له رسول الله ﷺ : « دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ ».كل أنواع الحياء خير، وليس هناك في نفي الحياء خير، بل الشر كل الشر في نفي الحياء.
وقال النبي ﷺ عن حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه: «ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة». فقد بلغ عثمان رضي الله عنه أعلى درجات الحياء، فكان حييًّا مع الله، ومع نفسه، ومع الناس. حياؤه كان حاضرًا حتى في خلواته، فما بالك بجلواته. هذا الولي التقي كان يستحيي من الله في سره وعلنه، حتى استحت منه الملائكة.
عندما جاء سيدنا جبريل عليه السلام إلى سيدنا النبي ﷺ في بدء الوحي، قصّ النبي ﷺ على السيدة خديجة ما يحدث، وقال إنه لا يعرف هل هو ملك أم شيء آخر. فقالت: إذا أتاك فأخبرني، فأتاه، فخلعت السيدة خديجة ما على رأسها من خمار، فذهب ، فلما أعادت ارتداءه ، عاد، فعرفت أنه مَلَك؛ فقالت: ما هذا بشيطان، هذا ملك من الرحمن. لأن الشياطين لا تعرف الحياء، بينما الحياء من صفات الملائكة. معيار واضح وحاد وصريح.
سيدنا النبي ﷺ وضح أن أصل الحياء هو الحياء من الله. لذا، درب نفسك على استحضار مراقبة الله في كل وقت. وهناك عَلَاقة بين الحياء وبين الذكر، {اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} ؛ فالذكر يعين على غرس الحياء من الله في القلب، ليظهر أثره في الوجه والسلوك بين الناس.
شاعت بين الناس عبارة:"لا حياء في الدين". وهي مقولة غير صحيحة. الصحيح هو: "لا حرج في الدين". فقد أباح الدين السؤال والتعلم حتى في الأمور التي قد تكون حساسة، مع مراعاة الأدب والحياء.وأن نكتفي بالإجمال دون التفصيل.
الحياء هو المفتاح السحري للأخلاق. إذا التزم الإنسان بالحياء، فتحت أمامه أبواب الخير، وأصبح مستحقًا لبقية أخلاق الإسلام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة الحياء المزيد رسول الله ﷺ فی الدین النبی ﷺ الله فی
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الذِّكرُ هو عبادةُ القلبِ التي يَصلحُ بها ويطمئنُّ بها، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، فإذا اطمأنَّ القلبُ صلحَ، وصلحَ بصلاحِه سائرُ الجسد، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الذِّكرُ عِمادُ القلبِ، والقلبُ عِمادُ الجسد، فقلبُ المؤمنِ يَحيا بذِكرِ اللهِ تعالى، وبحياةِ القلبِ يَحيا سائرُ البدن، فقد ورد عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم : «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».
ويتضح ذلك المعنى عندما نعلمُ أنَّ الصلاةَ التي هي عِمادُ الدينِ ورُكنُه الرَّكينُ إنما شُرعت لأجلِ ذِكرِ اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. بل عندما يُشرِعُ المسلمُ في صلاته، بقوله (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ يُباهِي الله به ملائكته ويقول لهم: "ذكرني عبدي".
فالذِّكرُ هو الإطارُ العامُّ، والبيئةُ الطيِّبةُ التي لا بُدَّ منها حتى تَترعرعَ فيها بقيةُ العبادات، ومن ذلك نلحظ أن الإحرام بالصلاة يبدأ بالتكبير ، وختامها بالتسليم، وكِلاهُما ذِكرٌ لاسمٍ من أسماء الله تعالى ، قال تعالى : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾.
فعلاقةُ الذِّكرِ ببقيةِ العباداتِ كعلاقةِ الشجرِ بالأرض؛ فلا يُمكنُ أن تُزرعَ شجرةٌ دون أن تمتلكَ أرضًا تُزرَعُ فيها.
فالأمرُ بالذِّكرِ هو أمرُ المُحبِّ لمَن يُحبُّ، وإنَّما يَمتثلُ له من صدقَ في الحبِّ، يقول تعالى ﴿فاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾، ويقول تعالى في حديث قدسي فيما يرويه صلى الله عليه وآله وسلم : «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ».
وإذا أحبَّ المرءُ منَّا حبيبًا، طلب منه أن يَذكُرَه – وللهِ المثلُ الأعلى – فالذِّكرُ أمارةُ الحبِّ، فما من مُحبٍّ وهو لاهٍ عن محبوبِه.