صعود المحور السني وانحسار المشروع الشيعي: تركيا في قلب المشهد
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
4 يناير، 2025
بغداد/المسلة: شهدت المنطقة تغييرات كبرى في خريطة النفوذ الإقليمي، حيث تبرز تركيا لاعبًا مركزيًا يعيد تشكيل الشرق الأوسط، خصوصًا في سوريا، البلد الذي شكل ساحة صراع بين قوى دولية وإقليمية. التحولات التي شهدتها الساحة السورية اضعفت إيران وحلفاءها التقليديين .
انحسار النفوذ الإيراني وتوسع الدور التركي
كان النفوذ الإيراني في سوريا ركيزة أساسية لما يُعرف بـ”محور المقاومة”، إلا أن التدخل العسكري والاقتصادي الكبير من تركيا أعاد تشكيل موازين القوى.
تركيا وسوريا: مشروع إعادة هيكلة أم استعادة إمبراطورية؟
تركيا، تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، تبنت مشروعًا يتجاوز كونه مجرد تدخل لحماية حدودها الجنوبية أو استهداف الأكراد. الخطط التركية تشمل إعادة شق خط السكك الحديدية الحجازي، وإنشاء شبكة من الطرق والبنية التحتية التي تعزز ارتباط سوريا بتركيا اقتصاديًا وسياسيًا.
هذه التحركات، التي تُنظر إليها كامتداد لنفوذ عثماني جديد، يستبدل “محور المقاومة” بمحور جديد بقيادة تركية وسنية، يضم السعودية والإمارات.
قلق إسرائيلي من التحالف التركي الخليجي
التحركات التركية لم تُغضب إيران وحدها، بل أثارت قلق إسرائيل التي ترى أن تركيا تسعى لإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية بشكل يجعلها على مقربة من الحدود الإسرائيلية. التحالفات الناشئة بين تركيا ودول الخليج، مثل السعودية والإمارات، تعزز هذه المخاوف، خصوصًا بعد صفقات تسلح كبرى، مثل صفقة الطائرات التركية الحديثة.
إسرائيل تخشى تشكل محور إقليمي جديد يعيد خلط الأوراق، مما يجعل تركيا القوة المهيمنة في المنطقة، ويضعف قدرة إسرائيل على فرض أجندتها السياسية والعسكرية.
انعكاسات التحالفات الجديدة على سوريا والمنطقة
الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية بين تركيا ودول الخليج قد تكون مؤشرًا على تطلع هذه الدول لإعادة توجيه مستقبل سوريا بما يخدم مصالحها، بعيدًا عن النفوذ الإيراني. هذا التحالف الجديد قد يمتد تأثيره إلى العراق ولبنان، مما يهدد بتقليص نفوذ المحور الشيعي الذي كان يعتمد على سوريا كمنصة استراتيجية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
موراغ أو ممر صوفا.. محور إستراتيجي سيطرت عليه إسرائيل لتقطيع أوصال غزة
ممر حيوي مهم يقع جنوب قطاع غزة في المنطقة الواقعة بين مدينتي رفح وخان يونس ويفصل بينهما، وهو منطقة إستراتيجية أعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة عليها، بعد استئنافها عدوانها على غزة في 18 مارس/آذار 2025.
الموقعيقع ممر "موراغ" على أراضي جنوب قطاع غزة بين مدينتي رفح وخان يونس، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط غربا حتى الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل شرقا، وتحديدا عند معبر صوفا، ويبلغ طول المحور 12 كيلومترا.
دشن الاحتلال الإسرائيلي محور "موراغ" في مارس/آذار عام 1972، وذلك بعد احتلاله قطاع غزة بخمس سنوات، وأطلق عليه اسم "موشاف"، التي كانت تقع ضمن تجمع مستوطنات غوش قطيف.
وكان أرييل شارون -الذي شغل منصب قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي وقتها- هو من اقترح إنشاء هذا المحور ضمن ما عُرف آنذاك بـ"خطة الأصابع الخمسة"، والتي هدفت إلى ضمان السيطرة الإسرائيلية الدائمة على قطاع غزة.
منطقة إستراتيجيةمثل محور "موراغ" -الذي يعرف فلسطينيا باسم "ممر صوفا"- منطقة إستراتيجية مهمة للاحتلال الإسرائيلي، مكنته من التحكم بمديني خان يونس ورفح، ومراقبة تحركات سكانهما، واستخدامه نقطة انطلاق للتوغلات العسكرية في بلدات جنوب القطاع.
وضم المحور مئات الدفيئات الزراعية الإسرائيلية، التي شكلت سلة غذاء مهمة لمستوطنات كانت تحتل نحو 35% من مساحة قطاع غزة، وأنشئت على أراضيه مصانع للكرتون والتعليب والتغليف، إضافة إلى تعبيد طريق استيطاني على طوله أُطلق عليه لاحقا "الطريق 240″، وعززه الاحتلال ببؤر استيطانية وعسكرية.
إعلانبمرور الوقت أصبح محور "موراغ" الطريق الاستيطاني الأهم في قطاع غزة، كونه يربط تجمع مستوطنات "غوش قطيف" مع إسرائيل، ما جعل قواتها تحيطه بالأسلاك الشائكة، وتسير عليه دوريات عسكرية ليل نهار، مع إنشاء أبراج مراقبة تراقب المناطق الفلسطينية المحيطة.
تحت وقع ضربات المقاومة الفلسطينية اضطر الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب من محور "موراغ" في 11 سبتمبر/ أيلول 2005 وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية، ضمن ما عرف وقتها بخطة فك الارتباط الإسرائيلية عن قطاع غزة، والتي أشرف عليها رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أرييل شارون.
بعد طوفان الأقصىأثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي وصفته عدة جهات محلية وإقليمية ودولية بأنه "حرب إبادة جماعية"، والذي شنته إسرائيل على غزة بعد عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض محور "موراغ" إلى ضربات إسرائيلية مكثفة أدت إلى تدمير أجزاء واسعة منه.
تمكنت قوات الاحتلال من إعادة السيطرة على المحور بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدء عملية عدوانية واسعة في مدينة رفح جنوب القطاع، وذلك بعد استئناف العدوان على غزة في 18 مارس/آذار 2025.
ومنذ اللحظات الأولى، لاستئناف العدوان بدأت قوات الفرقة 36 بالجيش الإسرائيلي التي تنشط جنوب قطاع غزة بالعمل على إنشاء منطقة محور "موراغ"، بحيث يكون موازيا لثلاثة محاور أخرى أنشأتها إسرائيل وهي:
محور فيلادلفيا (صلاح الدين): وهو خط حدودي يفصل بين قطاع غزة ومصر، ويبلغ طوله 14 كيلومترا. محور نتساريم: وهو منطقة عسكرية أقامها الجيش الإسرائيلي لفصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه، وقد انسحبت منه القوات الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني 2025. محور مفلاسيم: وهو محور أمني يعزل بلدة جباليا عن عدد من مناطق قطاع غزة. "فيلادلفيا 2"يرى الاحتلال الإسرائيلي في المحور نقطة ارتكاز إستراتيجية، وقد برز ذلك في تصريحات نتنياهو، التي وصف فيها المحور بأنه "فيلادلفيا 2″، في إشارة للمنطقة الشهيرة الفاصلة بين الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
إعلانوقال نتنياهو في تصريحاته إن الهدف من السيطرة على المحور هو تقسيم قطاع غزة والضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وبما أن المحور يشكل شريانا مهما لقطاع غزة، إذ تقع ضمنه أجزاء واسعة من شارع صلاح الدين وشارع الرشيد، اللذان يربطان بين شمال القطاع وجنوبه، وإعادة احتلاله تعني إطباق الحصار على مدينة رفح وفصلها عن باقي محافظات القطاع، والسيطرة على حركة الأفراد ونقل البضائع من معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل، فضلا عن معبر رفح الفاصل بين القطاع ومصر، لكون المحور منفذا رئيسيا للتنقل وتبادل البضائع.
كما أن إعادة السيطرة على المحور حرمت الغزيين من أهم مواردهم الزراعية، إذ تعد مدينة رفح من أهم سلال الغذاء في القطاع، وتغطي المزروعات أجزاء واسعة من المدينة، لا سيما منطقة المواصي الواقعة إلى الشمال الغربي للمحور.
ومع سيطرة إسرائيل على المحور، فإنها تعيد احتلال ما مساحته 74 كيلومترا مربعا من قطاع غزة، أي ما يعادل 20% من المساحة الكلية للقطاع البالغة 360 كيلومترا مربعا.