التعليم في مناطق الحوثيين.. مناهج طائفية وأتمتة عقيمة
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت وزارة التربية والتعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي اعتمادها لنظام "الأتمتة" في المراحل الأساسية والثانوية.
ورغم تبريرات القيادي الحوثي غمدان الشامي، المنتحل صفة نائب وزير التربية والتعليم بصنعاء، بأن هذا النظام يهدف إلى الحد من الغش والتلاعب بنتائج الامتحانات، إلا أن مخاوف خبراء التربية وأولياء الأمور تصاعدت، معتبرين هذه الخطوة كارثة جديدة تضاف لسلسلة الأزمات التي يعاني منها قطاع التعليم.
نظام الأتمتة يعتمد على اختبارات إلكترونية تعتمد على أسئلة الاختيار من متعدد، مثل "صح أو خطأ" وتظليل الإجابة الصحيحة على ورقة تحتوي اسم وصورة الطالب.
هذه الطريقة تختلف جذرياً عن الطرق التقليدية التي تعتمد على إجابات تفصيلية وتحليلية تُمكّن المعلم من تقييم فهم الطالب للمواد الدراسية.
أوضح أحد التربويين أن هذا النظام يُضعف قدرات الطلاب العقلية، قائلاً: "في الدول المتقدمة، تم التخلي عن نظام الأتمتة لأنه يجعل الطالب يعتمد على الحظ أكثر من الفهم الحقيقي. الاختبارات يجب أن تقيس مدى فهم الطالب وقدرته على التحليل والاجتهاد، لا أن تكون مجرد لعبة خيارات".
وأضاف أن اعتماد هذا النظام سيُخرج جيلاً يفتقر للمهارات الأساسية للتفكير النقدي وحل المشكلات، وهو ما يعتبر تهديداً مباشراً لمستقبل العملية التعليمية في اليمن.
وأشار إلى إن اعتماد نظام الأتمتة لا يُعد سوى حلقة جديدة في مسلسل الكوارث التي يعاني منها التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، ما يستدعي وقفة جادة من كل الأطراف لإنقاذ الأجيال القادمة من الجهل والفقر المعرفي.
يأتي هذا القرار في ظل ما يعتبره كثيرون سياسة متعمدة من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران لتجهيل الأجيال الجديدة، حيث أُدخلت تغييرات جذرية على المناهج الدراسية، تمثل في غالبيتها توجهاً أيديولوجياً طائفياً بعيداً عن المناهج الوطنية المتعارف عليها. هذا التغيير لا يهدف فقط إلى السيطرة الفكرية، بل يمتد إلى تدمير بنية التعليم بشكل ممنهج.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
فعلها الحوثي!
يمانيون |عبدالوهاب حفكوف*
ليس من السهل على أي قوة محاصَرة، بلا غطاء جيوسياسي، أن تُنتج مدرسة ردع متكاملة، لكن الحوثيين فعلوها، لم يتسللوا إلى المشهد من شقوق الهامش، بل فرضوا حضورهم بصبر استراتيجي، وبنية عملياتية هجينة، شبكية، مرنة، لا يمكن استنساخها في المعسكرات التقليدية.
هنا لا نتحدث عن مقاومة بالمعنى الإنشائي، بل عن بنية قتالية غير رأسية، مدعومة بإرادة فولاذية وبُنية لامركزية تُوزّع القرار وتمنع الشلل، إنها منظومة قتال تولد وتتكيف تحت الضغط، تُخفي تموضعها، وتضرب في الزمان والمكان الذي تُحدده.
من مأرب إلى البحر الأحمر، ومن سلاح الكلاشنيكوف إلى المسيّرات المركّبة، راكم الحوثيون معادلة استنزاف باردة أثبتت أن من يملك السيطرة على الزمن، لا يحتاج إلى التفوق التقني، وكل من أستخف بهم، أنتهى به الأمر إلى تفسير عجزه بأسطورة “الدعم الخارجي”، عوضا عن فهم عبقرية القتال اليمني.
نُشرت فقاعة إعلامية في “التليغراف”؛ إيران تنسحب من اليمن، السؤال البديهي: من قال إنها كانت موجودة في الميدان أساساً؟ أين هي المؤشرات العملياتية؟ أين هي الصور، الاتصالات، الرصد الاستخباراتي؟ لا شيء. مجرد بناء لغوي هش، هدفه ترميم صورة الردع الأميركي بعد تلقيه ضربات يمنية غير قابلة للتفسير ضمن النموذج التقليدي للصراع.
نحن إزاء سياسة إسقاط كلاسيكية: واشنطن تفشل في ردع اليمن، فتُسقط عليه ظلّ إيران، ثم تُخفق مجدداً، فتدّعي أن إيران انسحبت، لكي تبرر عجزها، إنه خط من التبرير، يلتفّ حول الحقيقة وكل من يتحدث عن “انسحاب إيراني” يُسهم موضوعياً في إخفاء أهم ظاهرة في المنطقة؛ أن الردع يولد محلياً، في تضاريس صعدة، لا في مكاتب الحرس الثوري.
الضجيج الأخير عن ضربة وشيكة ضد إيران ليس جديداً، الجديد فقط هو درجة الهلع التي تقف خلفه، تل أبيب تعلم أنها لا تستطيع خوض الحرب، فتلجأ إلى الترويج لها عبر الإعلام، وتضغط على واشنطن لتخوضها بالنيابة، لكن في العمق، لا توجد أي مؤشرات حقيقية على قرار بالحرب؛ لا حشد، لا دعم لوجستي، لا شبكة تحصينات، لا تعبئة سياسية داخلية.
إيران ليست هدفاً استعراضياً، إنها دولة صُمّمت للردع، آلاف الصواريخ، بحرية مرنة، دفاع جوي متعدد الطبقات، واختراق استخباراتي للميدان، ضربها يعني فتح جبهات، لا شن ضربة، ويعني تحوّل الردع الإيراني إلى فعل شامل، لا استجابة محدودة.
رابط المنشور: https://x.com/Hafcuf/status/1908266346603061411
* المقال يعبر عن رأي الكاتب