ناشطات وثقافيات لـ “الثورة “:اليمن يجدد الولاء والارتباط بالرسالة المحمدية ويحبط محاولة الأعداء طمس الهوية الإيمانية
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
جمعة رجب.. تعبير ديني ومحطة ارتباط بالعقيدة الإسلامية
إنها ذكرى للنعمة الإلهية والتوفيق الإلهي والانطلاقة الإيمانية.. والتحول الأكبر من صور الجاهلية إلى كتب الإسلام.. فهذا الارتباط الوثيق ينفرد به أهل اليمن كجزء من الهوية الإيمانية بالرسالة المحمدية منذُ دخولهم الإسلام في أول جمعة من شهر رجب،
وهذه الانطلاقة تجعل لجمعة رجب شذاها الخاص، وروحانيتها المنفردة، وذكراها العطرة، وتلك الانطلاقة مازالت دعائمها ممتدة إلى الآن.
استطلاع/ رجاء عاطف
يوم جمعة رجب هو عيد اليمنيين بصور استثنائية حيث يحظى اليمنيون بمكانة دينية كبيرة عند رسول الله صلى الله عليه وآله كونهم من ناصروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما لم يناصره أحد.
بدأت إيمان الشهاري – ناشطة ثقافية وإعلامية، حديثها قائلة: إن جمعة رجب أحد الأعياد اليمنية الممجد، وفي هذا اليوم العظيم دخل اليمنيون الإسلام على يد ولي الله ورسوله وولي المؤمنين الإمام علي عليه السلام، فنالوا بذلك شرف الانتماء للإمام علي عليه السلام، وساروا على خطى الإمام علي وأعلام الهدى من آل بيت النبي، فصار بذلك الإيمان يمان والحكمة يمانية.
وأضافت: إذا كان اليمنيون يعتزون في هذا اليوم العظيم ويبتهجون ويحتفلون بدخولهم الإسلام.. فالإسلام يعتز ويبتهج بهم ويحتفل بهم لأنهم ناصروه وحافظوه وحاموه كما كان الإمام علي عليه السلام وليا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حافظا، ولدينه ناصرا، فهم ساروا على هذا الخط العظيم ولذلك نجد أنهم (اليمنيون) من يواجهون الصهيونية في هذا الزمن الصعب وهم رأس الحربة وهم أنصار الله سبحانه وتعالى وهم من ينتصر الإسلام على أيديهم فنالوا الشرف العظيم، وأن أجيال المسلمين جيلاً بعد جيل يدخلون الإسلام على أيديهم لأنهم حفظة الدين، ولذلك كما يذبون عن دين الله سبحانه وتعالى يذب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحوض.. حوض الكوثر عن أن يذب الناس جميعا ليشرب أهل اليمن أولا، فهم من شربوا الدين وهم حماته وهم حافظوه وهنيئا لهم مراتب علاج الدنيا والآخرة والعز الذي لا ينتهي.
فخر اليمنيين
الناشطة الإعلامية والتربوية ابتهال محمد: أكدت أن للاحتفاء بذكرى جمعة رجب أهمية كبيرة جدًا بالنسبة لليمنيين، فهو يوم مقدس وعظيم، ويعدُّ فضلاً من الله مَنَّ به على اليمنيين، لما يحمله من ذكرى إيمانية لا تنسى، كيف لا؟.. ففي هذا اليوم دخل أهل اليمن الإسلام متولين الله ورسوله صلوات الله عليه وآله، ورسول رسوله الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام-.
وتابعت ابتهال: إن جمعة رجب عند اليمنيين هي العيد الرابع بعد عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الغدير، بل إن هذه الجمعة أساس كل أعيادهم فلولاها ما اعتنقوا الإسلام دينًا ونهجًا.
وقالت: يكفينا فخرًا أن الرسول عندما وصله إسلام أهل اليمن، خرَّ ساجدًا مادحًا: «السلام على همدان»، وتلا ذلك بقول آخر: «أتاكم أهل اليمن أرق قلوبًا وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية»، بالإضافة إلى أن قبيلتي الأوس والخزرج مثلتا دعائم الدولة الإسلامية، وسطر عز وجل موقفهما بقوله: { وَٱلَّذِینَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِیمَـٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ یُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَیۡهِمۡ وَلَا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمۡ حَاجَةࣰ مِّمَّاۤ أُوتُوا۟ وَیُؤۡثِرُونَ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةࣱۚ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ]
الولاء الإيماني
وأضافت: إن قال أنصار الأمس لرسول الله:«قد آمنا بك، وصدقناك، فو الذي بعثك بالحق، لو استعرضت لنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، إنّا لصبرٌ عن الحرب، صدق عند اللقاء» فإنَّ أنصار اليوم يقولون لحفيد رسول الله: «نحن معك يا قائدنا، فو الله لو خضت بنا البحر لخضناه معك»، وغيرها من العبارات الدالة على الولاء لله ورسوله ولآل بيته-عليهم السلام-.
وختمت بقولها: مهما سعى أولئك لطمس هذا العيد وذكراه الإيمانية، فإن سعيهم إلى هوان وخسران، ومهما سعى أولئك للتشهير والإعلان بأن الهوية تمثل ارتداء الرجال لأنواع الملبوسات التراثية، وعرض النساء لأنواع الملابس والحلي بشكل لا يليق بنا كيمنيين.. نقول لكل أولئك: هويتنا هوية إيمانية هوية ولاء واتباع، لا هوية بلاء وتبرج وابتداع.
ترسيخ الهوية الإيمانية
وتحدثت ماجدة إسحاق – تربوية وثقافية، عن جمعة رجب بأنها مناسبة من أعظم وأقدس وأهم المناسبات بالنسبة لنا كشعب يمني لما لها من أهمية في نفوسنا لقداسة ما جرى في هذا اليوم من ترسيخ للهُوية الإيمانية المتجذرة في نفوس أبناء الشعب اليمني وتوافق مبادئ وقيم الإسلام مع فطرتنا مما أدى إلى استجابة سريعة لما وجه به رسولنا الكريم في رسالته الموجه لنا ودخولنا الإسلام آلافاً مؤلفة.
وقالت: فالإحياء لهذه المناسبة العظمية هو حمدٌ وشكرٌ وامتنانٌ لله على نعمة الهداية ويعتبر محطة لعودتنا إلى هُويتنا الإيمانية، وكما هي تذكير لإحياء وتعظيم إحدى شعائر الله كما قال تعالى جل شأنه:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
الحكمة الإيمانية
وواصلت حديثها قائلة: يشهد لنا التاريخ في إيماننا وإيمان آبائنا الأوس والخزرج لنصرتهم لخير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله فالمسارعة للجهاد في سبيل الله ثقافتنا منذ القدم والنماذج خير دليل على ذلك لكلٍ من عمار والمقداد ومالك الأشتر، فهم النموذج الراقي والصورة الحقيقية لنا كيمنيين.
وأكدت: لدينا دليل قاطع من رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال (الإيمان يمان والحكمة يمانية ) لم يخب ظنك فينا يا رسول الله، ها هو الإيمان يتجلى في واقع مزر كلُّ تخلى عن إيمانه وهُويته متجهاً لخدمة الضلال والكفر والفساد وما هذا إلا نتيجة لعدم ترسخ الإيمان في النفوس وضاعت الحكمة في التصرف الصحيح مع الواقع الذي يتعطش للإيمان الحقيقي والحكمة، فالأحداث كفيلة بأن تميز الإيمان من اللاإيمان والحكمة من اللاحكمة فأصحاب المواقف الإيمانية بارزون وواضحون.. فلله الحمد والشكر على هذا المبدأ العظيم الذي جعلنا نتخذ الموقف الصحيح أمام الله وأمام ديننا وأمام هويتنا.
تجدد إيماني
الحمد لله الذي اصطفى اليمانيين حين أوحى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصف أهل اليمن بأنهم أهل إيمان وحكمة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم (الإيمان يمان والحكمة يمانية )، هكذا بدأت عفراء الفراصي – ثقافية في مديرية السبعين – حديثها: هؤلاء القوم الذين ءامنوا برسالة أتاهم بها أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام فاجتمع بهم في صنعاء في سوق الحلقة، حيث التف اليمانيون حوله وهو يقرأ رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان ذلك في أول جمعة من رجب، فآمنوا جميعاً ولما علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلام أهل اليمن سجد شكراً لله ثم قال:(السلام على همدان)، ومن قبلهم أسلمت قبيلتا الأوس والخزرج الذين ءامنوا به ونصروه وعزروه ووقروه فسماهم الله سبحانه وتعالى (بالأنصار )، فهذا شرف عظيم لأهل اليمن وهم ينصرون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعلون راية الإسلام من أول يوم ءامنوا فيه وإلى آخر أيام الدنيا.
علاقة تاريخية إيمانية
مؤكدة بأن لجمعة رجب وقعاً عظيماً في نفوس اليمانيين تتوارثه الأجيال، فكانت جمعة رجب مهمة جداً لهم، لأنها ترسخ فيهم الهوية الإيمانية في ركائزها الأساسية والتحررية والأخلاقية كهوية جامعة لليمنيين في مواجهة الحرب الناعمة التي تستهدف هويتهم الإيمانية عبر وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة، فكان لليمنيين دور عظيم ومميز في حِمل الرسالة الإلهية والجهاد في سبيل الله والنصرة للمستضعفين على مرّ التاريخ.. وأشارت إلى أن ما يجري اليوم من نصرة اليمانيين للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية هو نابع من تمسكهم بهويتهم الإيمانية وانتمائهم الإيماني الأصيل والثابت والراسخ في تجسيدهم للقيم الإيمانية في ثباتهم على الإيمان وفي جهادهم في سبيل الله، وإن أحياءهم للموروث الثقافي والديني والحضاري فيما يتعلق بجمعة رجب هو توضيح للعلاقة التاريخية والأصيلة والوطيدة بين أهل اليمن وبين الإمام علي عليه السلام.
السند والمدد للمسلمين
من جانبها تحدثت الأستاذة أروى علي أحمد: مسؤولة إدارة تنمية المرأة لمديرية السبعين – قائلة: تعتبر جمعة رجب إيماناً وهوية وانتصارات، فقد أسمانا الرسول الأكرم بنفس الرحمن، وربط اليمن بالإيمان، وقال عن اليمنيين هم السند والمدد للإسلام والمسلمين.. لذلك نحتفل كل عام في أول جمعه من رجب بذكرى إسلامنا ولها أهمية كبيرة وقداسة في قلوب أهل اليمن، وعلينا أن نحيي هذه المناسبة في قلوب أجيالنا ونعرفهم قيمة وأهمية وفضل هذه المناسبة بالنعمة الكبيرة نعمة الهداية للإسلام في زمن الصهاينة والارتداد عن الدين.
وأضافت: إن العالم يفرح بالتطبيع مع اليهود ونحن نفرح ونُعيد ونجدد تمسكنا بموروثنا الإيماني اليماني وولايتنا لله ولرسوله والإمام علي ولعلم الهدى القائد العلم السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله – الذي أحيا فينا الروحية الإيمانية الجهادية.
موروث ديني وإيماني
فيما ترى الأستاذة الثقافية – هند الأهدل أن لجمعة رجب أهمية لدى أهل اليمن لأنها ذكرى دخول اليمنيين الإسلام وهي ذكرى استجابتهم لله ولرسوله وللإمام علي عليه السلام، فآمنوا ودخلوا الإسلام برساله بعثها إليهم، وسجد الرسول صلى الله عليه وعلى آله حمداً وشكراً على إسلام أهل اليمن كما نزلت سورة النصر يوم إسلام اليمن، ومدح الرسول الأكرم أهل اليمن في 40 حديثاً لذلك احتفالهم بجمعة رجب موروث ديني إيماني يماني.
رسالة محمدية متجددة
تقول أمة الوهاب السبسب – تربوية في مدرسة الجيل الجديد: تعتبر جمعة رجب عند أهل اليمن مناسبة خاصة ذات نكهة مميزة، وهي أول جمعة من شهر رجب دخلوا فيها الإسلام ومن ذلك التاريخ تعد الجمعة الأولى من كل رجب عيداً دينياً يعبر فيه اليمنيون عن حمدهم وشكرهم لله على نعمة الإسلام.
وأكدت السبسب: كفى باليمنيين شرفا أن يثني عليهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله: إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن وسجوده شكرا لله على إسلام أهل اليمن الذي دل على مصدره ببرهان صادع على سعة مداركهم وسلامة عقولهم ومعرفتهم للحق الواضح وتميزه على الباطل فكانوا أسرع الأمم اتباعا لدين الإسلام دون احتياج إلى حزب أو مناقشات جدلية وإنما عرفوا الحق فأذعنوا إليه وأسلموا إليه طائعين، فحمداً وشكراً لله على هذه المنة وعلى هذا الفضل لأهل اليمن.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
يضع وشم “كافر” ولا يغسل يديه.. تعرف على وزير الدفاع الأميركي
#سواليف
في يناير/كانون الثاني الماضي 2025 وفي جلسة استماع له في مجلس الشيوخ الأميركي، قال #بيت_هيغسيث مدافعا عن اختيار دونالد #ترامب له: “صحيح أنني لا أملك سيرة ذاتية مشابهة لسير وزراء الدفاع خلال العقود الثلاثة الماضية، لقد وضعنا مرارا وتكرارا أشخاصا على رأس #البنتاغون بالمؤهلات الصحيحة المفترضة.. إلى أين أوصلنا هذا؟”.
ورغم هذه الروح الساخرة التي أبداها للسائلين له، بل والسخرية من المسار التقليدي لتعيين وزراء الدفاع في تاريخ الولايات المتحدة، واعتراض أعضاء مجلس الشيوخ، فقد ثُبّت تعيين وزير الدفاع بيت هيغسيث أخيرا وسط جدل كبير حول مؤهلاته وتاريخه المثير.
وتحوّل الرجل من جندي في الجيش الأميركي في حروب العراق وأفغانستان إلى معلق سياسي بارز في قناة “فوكس نيوز” ومن ثم المذيع المفضل لترامب كما كان يوصف، ثم أخيرا إلى منصب وزير الدفاع الأميركي.
مقالات ذات صلة فلسطيني يقرر مقاضاة مايكروسوفت لتورطها في الإبادة الجماعية بغزة 2025/04/10واللافت أن هيغسيث لم يكن مجرد صوت عابر في الساحة السياسية الأميركية أو مذيع موتور، إذ اتَّسمت تصريحاته بالجرأة والتطرف، الأمر الذي جعله رمزا لتيارٍ محافظ متشدِّد يرى العالم من خلال عدسة صراع حضاري لا هوادة فيه.
فمَن بيت هيغسيث؟ وما أبرز مواقفه وتصريحاته الغريبة تجاه الإسلام والقضية الفلسطينية؟
سيرة موجزة
وُلد بيت هيغسيث في عام 1980 في ولاية مينيسوتا الأميركية، ووفقا لتقرير نشرته الجزيرة نت فإنه تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة “فورست ليك” في الولاية ذاتها، قبل أن يلتحق بجامعة برينستون حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 2003، ثم واصل بعدها دراسته العليا في كلية “جون إف. كينيدي” التابعة لجامعة هارفارد، ونال منها درجة الماجستير في السياسات العامة عام 2013.
إعلان
بدأت أفكاره السياسية بالبزوغ خلال فترة رئاسة جورج دبليو بوش، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. في تلك الفترة، كان طالبًا جامعيًا، وقد عبّر عن تأييده للتدخل العسكري عبر مقال نشره في صحيفة الجامعة، دافع فيه عن خيار استخدام القوة.
ومن ثم كان هيغسيث من أبرز المؤيدين لغزو العراق عام 2003، ليس فقط من منطلق نظري، بل من خلال مشاركته الفعلية كجندي في صفوف الجيش الأميركي خلال تلك الحرب، إلا أن موقفه من هذا الملف تغيّر جذريًا بمرور الوقت، ليصرّح لاحقا بعد قرابة عقدين بأن الولايات المتحدة “ما كان ينبغي لها أبدًا أن تغزو العراق”.
وفي أثناء خدمته في حروب العراق وأفغانستان حصل على ميداليتين برونزيتين لشجاعته، وعقب تركه الخدمة العسكرية اتجه إلى العمل السياسي والإعلامي، ليصبح وجها مألوفا في قناة “فوكس نيوز” منذ عام 2014.
كما ألف كتابًا بعنوان “في الميدان” (In the Arena) في 2016، وفيه عبّر عن آرائه حول القيادة الأميركية والصراعات العالمية.
وبحسب ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فإن ترشيحه لمنصب وزير الدفاع جاء كجزء من رؤية ترامب لتعيين شخصيات متشددة في إدارته الجديدة، مما يعكس ثقة الرئيس الأميركي في مواقف هيغسيث الجريئة، بل وصفت الصحيفة هذا التعيين بمثابة استعراض للقوة.
ومن بين هذه المواقف الجريئة التي أعلنها هيغسيث صراحة انتقاده لمفهوم “التنوع هو قوتنا” في الجيش الأميركي، ففي فبراير/شباط 2025، وصف هيغسيث عبارة “التنوع هو قوتنا” بأنها “أغبى عبارة في تاريخ الجيش”، معبرا عن رفضه لسياسات التنوع والشمولية والمساواة في القوات المسلحة.
وقد تساءل ذات مرة عن سبب اختيار الجنرال تشارلز كوينتون براون جونيور المعروف بـ”سي كيو براون”، كأول أميركي من أصل أفريقي يقود هيئة الأركان المشتركة في الفترة ما بين 2023 و2025، وقد أُقيل براون من منصبه مع مجيء هيغسيث، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول مواقفه من التنوع في الجيش.
تصريحاته حول الإسلام.. رؤية صليبية أم خطاب كراهية؟
لكن ما يلفت النظر في هيغسيث ليس فقط خلفيته العسكرية اليمينية أو دوره الإعلامي، بل لغته الحادة التي لا تعرف المهادنة، وخاصة ما يتعلق بتصريحاته حول الإسلام والمسلمين في قضايا مختلفة.
لم يُخفِ بيت هيغسيث يوما رؤيته المتشددة تجاه الإسلام، وهي رؤية يراها البعض امتدادًا لفكر “الحروب الصليبية” الحديثة، فيقول في كتابه “في الميدان”: “الإسلام، وخاصة الإسلاموية، قائم على تقاليد دينية مُغلقة ومُتصلبة”.
تبدو هذه النظرة المتشددة تجاه الإسلام بصورة جلية حين نفتش في كتابه السابق عن المؤثرات الفكرية التي اعتنقها وزير الدفاع الأميركي في هذه الرؤية التي تصف الإسلام والإسلاموية على حد وصفه بالانغلاق والتصلب، فسنجد مع النظرة الصليبية التاريخية التقليدية، تأثرا واضحا بأفكار فرانسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ، وضرورة صدام الحضارات وخاصة الإسلام الذي يعد مهددا لعصر ما بعد الحداثة.
تظهر أفكار هيغسيث جلية في أثناء انتقاده تقليل عدد القوات الأميركية في العراق بعد 2011، ففي كتابه السابق يرى -وهو الشاهد في الوقت عينه- أن زيادة القوات عام 2007 في العراق وتغيير الإستراتيجية الأميركية كان التطبيق الفعال للقوة الأميركية اللازمة لتحقيق نتيجة جيدة.
يقول: “تُثبت دروس هذا الجهد -بالإضافة إلى فائدة الإدراك المتأخر- أن أميركا المنخرطة والعدائية والقوية أكثر فعالية من أميركا الخجولة والمعتذرة التي تقود من الخلف”.
ويبدي هيغسيث موقفا متعصبا من الحركات الإسلامية كافة، ويحذر من خطرها وضرورة الوقوف أمامها، ففي كتابه “في الميدان” نراه يقول: “الإسلاموية الزاحفة -وهي حركة مكرّسة لفرض هيمنة الإسلام ونشره بوسائل سلمية وعنيفة على حد سواء- تتقدم، في حين تتراجع المساواة الأميركية. متى وأين ستتوقف؟ لن تتوقف إلا إذا نهض المواطنون الصالحون وواجهوها”.
وهو يدرك أن كثيرا من أطروحاته وتصريحاته تتسم بالعدائية الشديدة والتطرف ويعترف بهذا حين يصفُ النقاد موقفه هذا بالتعصب، ولكن من وصفهم بالمواطنين الصالحين ممن يخوضون غمار الواقع يدركون أن الأمر لا علاقة له بالتعصب، “بل بكل ما يتعلق بالحفاظ على مبادئ جمهوريتنا الهشة وشريان حياتها. المسألة تتعلق بأميركا فقط”.
تصميم خاص كتاب “الحملة الصليبية الأميركية”
ومع هذه المواقف وفي عام 2020 أصدر بيت هيغسيث كتابه الآخر، والأكثر إثارة للجدل بعنوان “الحملة الصليبية الأميركية” (American Crusade)، وفيه نرى بوضوح لا ريبة فيه أن هيغسيث يصارع بلا هوادة كل من يخالف أفكاره السياسية والدينية التي تنحو منحى التطرف اليميني الجلي، ويرى أن معظم هذه التيارات الفكرية يسارية كانت أم إسلامية أشد خطرا على واقع ومستقبل الولايات المتحدة.
ولهذا السبب يرى أن امتلاك الولايات المتحدة لأقوى اقتصاد وأقوى جيش في العالم لا يُعفي مؤسساتها الثقافية والتعليمية التي يصفها بـ “روح أميركا” من خضوعها “للفساد اليساري”، وأنه لا تكفي القوة العسكرية والثروة العالمية وحدهما للحفاظ على مبادئ أميركا التأسيسية، ومن ثم فإن الحل من وجهة نظره يكمن في “الهزيمة الحاسمة لليسار، لا يمكن، ولن تتمكن أميركا من البقاء على قيد الحياة بطريقة أخرى”.
بل يذهب هيغسيث إلى أبعد من ذلك في كتابه هذا، ويعلن أن الحل الشامل للفترة الحالية من التاريخ الأميركي “تستدعي حملة أميركية صليبية. نعم، حرب مقدسة من أجل قضية الحرية الإنسانية العادلة”.
وفي الكتاب ذاته يكشف وزير الدفاع الأميركي هيغسيث عن موقفه تجاه الإسلام صراحة، ونراه لا يختلف كثيرا عن كتابه السابق “في الميدان” فهو يرى أن “الإسلاموية المستمدة مباشرة من الإسلام والقرآن، هي النظرة العالمية الأكثر تماسكا وانتشارا، بل والأكثر عدوانية على كوكب الأرض اليوم”.
ومن هذا المنطق فهو يرى أن ما وصفهم بالمسلمين المعتدلين “لا يحاربون الإسلاميين فحسب، بل يحاربون أيضًا الجزء الأعظم من العقيدة والتاريخ والتقاليد الإسلامية، وإن جوهر الإسلام الحقيقي أقرب إلى الإسلاميين منه إلى المعتدلين”.
وكما دعا إلى إعمال الروح الصليبية الكامنة في المجتمع الأميركي للتخلص من لوثة اليسار المستولي على روح أميركا في مؤسساتها الثقافية والتعليمية والسياسية، فإن الأمر عينه يجب أن يحصل مع من وصفهم بالإسلاميين.
يقول في موضع آخر: “كما تصدى الصليبيون المسيحيون الأوائل جحافل المسلمين في القرن الثاني عشر، سيحتاج الصليبيون الأميركيون اليوم إلى استجماع الشجاعة نفسها ضد الإسلاميين… فإلى جانب الشيوعيين الصينيين وطموحاتهم العالمية، تُعدّ الإسلاموية الخطر الذي يتهدد الحرية في العالم”.
ولهذا السبب يرى هيغسيث أن المعركة صفرية “لا يمكن التفاوض معها (أي الإسلاموية) أو التعايش معها أو فهمها، بل يجب تهميشها وسحقها”.
أما الأمر الذي أثار الجدل في أواخر مارس/آذار الماضي وسط هذه الغابة من التصريحات والأفكار، حين ظهر وزير الدفاع الأميركي في أثناء زيارته إلى قاعدة بيرل هاربر-هيكام الجوية والبحرية، وفيها شارك مع الجنود في تدريبات اللياقة البدنية، وقد أظهرت إحدى الصور وَشما على ذراع هيغسيث يحمل كلمة “كافر” مكتوبة باللغة العربية خلال مشاركته في التدريبات مع الجنود.
كما ظهرت أسفل كلمة “كافر” عبارة “Deus Vult” باللاتينية التي تعني “إرادة الإله”، وهي الكلمة التي كانت شعارا لعامة الناس من الأوروبيين المتحمسين حين أعلن البابا أوربان الثاني عام 1095 انطلاقة الحملات الصليبية على العالم الإسلامي في مجمع كليرمونت بوسط فرنسا، وهو الأمر الذي يؤكد أن هيغسيث متشبع بعصر الحروب الصليبية على الشرق الإسلامي بحمولاته الثقافية والعقدية إلى حد الثُّمالة.
وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيت ينشر على صفحته صورة يظهر فيها وعلى ذراعه وشم «كافر» باللغة العربية خلال مشاركته في تدريبات عسكرية للجيش الأميركي
دعم مطلق لإسرائيل وتصريحات نارية
وإذا كانت مواقف هيغسيث من الإسلام والإسلاميين والتاريخ الإسلامي متشددة إلى هذه الدرجة، فإن نظرته إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا تقل حدة، إذ يعتبر هيغسيث إسرائيل “حليفا إستراتيجيا لا غنى عنه” للولايات المتحدة، ويدعم بقوة سياساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد زار إسرائيل عدة مرات حيث رصدت الصحافة الإسرائيلية أهم تصريحاته، ففي الزيارة الأولى التي قام بها في يونيو/حزيران 2016 والتقى أثناءها بعدد من كبار الشخصيات الإسرائيلية في فندق الملك داود في القدس ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن معلق قناة فوكس نيوز الأميركي وقتئذ هيغسيث انتقد حينها السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بزعامة باراك أوباما، ودعا إلى ضرورة الاقتداء بإسرائيل قائلا: “أميركا قادرة على التعلم من إسرائيل” وهو العنوان الذي وضعته الصحيفة في صدارة تقريرها.
وقصد هيغسيث من وراء تصريحه ذلك بحسب جيروزاليم بوست إلى أن تدرك الولايات المتحدة الأميركية القيم التي تتمتع بها إسرائيل، مثل إدراك الحاجة إلى “الدفاع الجماعي”، أو ثقافة امتلاك الجميع للسلاح، وامتلاك ثقافة واقتصاد قويين، “هي شيء يمكن للولايات المتحدة أن تتعلم منه” بحسب وصفه.
هذا الإلهام الإسرائيلي الذي اقتنع به هيغسيث جعله في زيارته الثانية لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وأثناء الفترة الرئاسية الأولى لزعيمه المفضل دونالد ترامب لأميركا يعلن صراحة أنه “لا يوجد سبب يمنع إعادة بناء الهيكل”، وأن لشعب إسرائيل الحق الكامل في “أرض إسرائيل والحرم القدسي”.
أبدى هيغسيث في هذه الزيارة تبنيًا للرواية الصهيونية بحذافيرها، فقد وصف الأراضي الفلسطينية المحتلة بيهودا والسامرة، ورأى أن المعجزات التي تحققت في تاريخ إسرائيل الحديث في إبان النشأة والظهور والانتصارات العسكرية التي حققتها واردة التكرار.
يقول: “كان عام 1917 معجزة، وعام 1948 معجزة، وعام 1967 معجزة، وفي عام 2017، كان إعلان القدس عاصمة لإسرائيل معجزة، ولا يوجد سبب يمنع معجزة إعادة بناء الهيكل في الحرم القدسي الشريف. لا أعرف كيف سيحدث، وأنتم لا تعرفون كيف سيحدث، لكنني أعلم أنه ممكن، هذا كل ما أعرفه”.
وختم هيغسيث حديثه قائلا: “إحدى خطوات هذه العملية هي الاعتراف بأهمية الحقائق والأنشطة على الأرض. لهذا السبب، فإن زيارة يهودا والسامرة، مع إدراك أن السيادة على الأراضي الإسرائيلية ومدنها ومواقعها، هي خطوة حاسمة لكي نثبت للعالم أن هذه الأرض هي أرض اليهود، وأرض إسرائيل”.
وخلال جلسة استماع تأكيد ترشيحه لمنصب وزير الدفاع في 14 يناير/كانون الثاني 2025، أعرب هيغسيث عن دعمه القوي لإسرائيل في حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، قائلا: “أدعم إسرائيل في تدمير وقتل كل عضو من حماس”.
وعندما سُئل عما إذا كان يعتبر نفسه “صهيونيًا مسيحيا”، أجاب هيغسيث: “أنا مسيحي وأدعم بقوة دولة إسرائيل ودفاعها الوجودي، والطريقة التي تقف بها أميركا بجانبها كحليف عظيم”.
وفي مقابلة لاحقة مع قناة فوكس نيوز بتاريخ السادس من فبراير/شباط 2025، ناقش هيغسيث اقتراح الرئيس ترامب بإمكانية تدخل الولايات المتحدة في غزة لإعادة إعمارها، مشيرًا إلى أن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”.
ورغم قصر عُمر هيغسيث في وزارة الدفاع الأميركية، ورؤيته اليمينية المتشددة في كتبه ومقابلاته كما مرّ بنا، فإن سلسلة من التصريحات والأفكار الصادمة واللافتة لا يكفيها حجم هذا التقرير، فهو يؤمن بأن “أميركا قوية من جديد” تعني أن مصالحها مقدمة على مصالح الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بل والمؤسسات الدولية كافة.
وهو يتشكك في قضايا المناخ واتفاقياته، ويرى أن المصالح الأميركية الاقتصادية مقدمة على هذا الأمر.
كما يؤمن بأمور أكثر غرابة من ذلك، ففي عام 2019 قال إنه لم يغسل يديه منذ 10 سنوات، بل ولا يعتقد بوجود الجراثيم، وهو ما أثار انتقادا واسعًا حينها، وجاء اعتراف هيغسيث خلال نقاش في برنامجه حول تناوله شريحة بيتزا بقيت خارج الثلاجة ليوم كامل، وهو أمر لم يرَ فيه أي مشكلة على الإطلاق.