بين المطرقة الأمريكية والسندان الإيراني: العراق يعيد صياغة مستقبله
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
3 يناير، 2025
بغداد/المسلة: مع تضارب الأنباء حول زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى إيران، تبرز تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين العراق من جهة، وكل من الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى. تلك العلاقات التي تتداخل فيها السياسة والأمن والمصالح الإقليمية المعقدة، تبدو اليوم على مفترق طرق مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية.
و منذ سنوات، يحاول العراق أن يسير على حبل مشدود بين القوى الكبرى التي تؤثر عليه. فالعلاقات العراقية-الأمريكية تسير ضمن إطار تحالف استراتيجي قائم على المصالح الأمنية والاقتصادية، في حين ترتبط بغداد بإيران عبر علاقات تاريخية وجغرافية وثيقة، تكرّست بعد سقوط نظام صدام حسين.
لكن الوضع الحالي يحمل تغييرات جذرية. الرسائل الأمريكية الأخيرة للعراق، والتي تتحدث عن ضرورة “حصر السلاح بيد الدولة”، تعكس إصراراً على تحجيم دور الفصائل المسلحة . هذه الخطوة، إن أُنجزت، قد تؤسس لتحول جذري في التوازن السياسي والأمني داخل العراق.
إيران بين المصالح العقائدية والواقع الإقليمي
بالنسبة لإيران، تمثل الفصائل المسلحة في العراق إحدى أدواتها الرئيسية في مشروع “محور المقاومة”. لكن الضغوط الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل تراجع النفوذ الايراني، قد تدفع طهران لإعادة النظر في سياساتها.
وزيارة السوداني المرتقبة قد تكون فرصة لإيران لتقييم الموقف الجديد، خصوصاً إذا ما اعتبرت بقاء نظامها السياسي أولوية تفوق الاحتفاظ بالنفوذ المسلح في العراق.
و عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قد تكون لها تداعيات مباشرة على هذه الديناميكيات.
ترمب، المعروف بمواقفه الحادة تجاه إيران، يبدو أنه ينقل رسائل واضحة تفيد بأن واشنطن لن تتسامح مع استمرار دور الفصائل المسلحة في العراق.
ومع ذلك، لا يبدو أن الولايات المتحدة ترغب في زعزعة الاستقرار السياسي في العراق ككل. فالحفاظ على النظام السياسي القائم، لكن مع تغييرات جذرية تطال القوى المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، قد يكون هدفاً أمريكياً مرحلياً.
بالنسبة للعراق، النجاح في حصر السلاح بيد الدولة قد يمنحه استقلالية نسبية عن الضغوط الإقليمية، لكن ذلك يتطلب توافقاً داخلياً بين القوى السياسية المختلفة، وهو أمر معقد في ظل الانقسامات الحالية.
وبالنسبة لإيران، فان إعادة تموضع استراتيجي قد يساعدها في تخفيف الضغوط الدولية عليها، خصوصاً إذا ما وجدت بديلاً للعلاقة مع الفصائل المسلحة كوسيلة للحفاظ على نفوذها في العراق.
اما للولايات المتحدة، فان تطوير علاقة بناءة مع العراق قد يساعدها في تقليل النفوذ الإيراني دون التورط في مواجهات مباشرة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الفصائل المسلحة فی العراق
إقرأ أيضاً:
النفط يُعاقب الجميع.. والعراق أول المتضررين في زمن الرسوم
9 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: غداد لا تملك ترف المراقبة من بعيد. فمع كل دولار يخسره برميل النفط، تهتز الموازنة العراقية على وقع العجز، وتتراجع أحلام الإعمار والاستقرار.
وفي بلد يعتمد بأكثر من 90% من إيراداته على تصدير الخام، فإن الانخفاضات المتلاحقة في الأسعار تحوّلت إلى إنذار يومي للسلطات، خصوصاً مع مؤشرات على أن هذه الأزمة مرشحة للتفاقم.
والعراقيون يدركون جيداً أن النفط ليس مجرد سلعة، بل شريان حياة، وما يجري في الأسواق العالمية اليوم يُقرأ في بغداد بوصفه “كارثة محتملة”.
حسابات كثيرة كانت مبنية على سعر لا يقل عن 70 دولاراً، لكن الواقع يفرض نفسه: الأسعار تتهاوى، والتقلبات السياسية العالمية تلقي بظلالها الثقيلة.
وفي الأوساط الاقتصادية العراقية، تعالت التحذيرات منذ مطلع الأسبوع.
المستشار مظهر محمد صالح كتب في تدوينة له: “العراق قد يُجبر على إعادة النظر بموازنة الطوارئ، إذا ما واصلت الأسعار الهبوط دون سقف الـ60 دولاراً. الخطر الأكبر هو في التزام الرواتب والدعم”. في حين غردت الباحثة في الشؤون النفطية زينب الراوي: “نحن أمام سيناريو مشابه لعام 2020، الفرق الوحيد أن العراق الآن أضعف مالياً”.
في الأسواق العالمية، واصلت أسعار النفط موجة الهبوط العنيف، متجهة نحو أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، على خلفية تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، والخشية من تباطؤ عالمي كبير يضغط على الطلب.
خام “برنت” خسر 4% إضافية واقترب من حاجز 60 دولاراً، بينما هبط خام “غرب تكساس” الوسيط للجلسة الخامسة على التوالي، وسط توقعات باستمرار الهبوط في حال تفاقمت التوترات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم.
سياسات الرد بالمثل بين الولايات المتحدة والصين أدخلت الأسواق في دوامة، خصوصاً بعد تهديدات بفرض رسوم تصل إلى 104% على الواردات الصينية.
بكين من جهتها لم تتأخر، إذ أعلنت عن استعدادها لاتخاذ “إجراءات مؤلمة ولكن ضرورية” وفقاً لبيان رسمي نُشر صباح اليوم.
في الوقت نفسه، بدا أن قرارات منظمة “أوبك+” لم تعد قادرة على كبح الخسائر، بل ربما ساهمت فيها. فقد اختارت المنظمة رفع القيود عن الإنتاج بشكل أسرع من المتوقع، ما ضخّ المزيد من الخام في سوق مترنحة أساساً. الفارق بين عقود “برنت” القصيرة والطويلة دخل منطقة “الكونتانغو”، في إشارة واضحة إلى تشاؤم المستثمرين بشأن مستقبل الأسعار.
العراق، من جهته، يقف في موقع بالغ الحساسية. فهو لا يملك فوائض مالية ضخمة مثل السعودية، ولا قدرة إنتاجية مرنة تسمح له بالتأقلم بسرعة مع التحولات. كل دولار يُفقد في سوق النفط يعني تراجعاً فعلياً في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها.
في تغريدة لوزير النفط السابق إحسان عبد الجبار كتب فيها: “السياسة النفطية تحتاج اليوم إلى عقل اقتصادي لا شعاراتي. لا نملك رفاهية المجازفة، فكل تذبذب يُترجم إلى أزمة داخلية”.
الأمل الوحيد، بحسب محللين، هو في تهدئة سياسية تُعيد التوازن إلى السوق. لكن حتى ذلك الحين، تبدو العراق على موعد جديد مع تقلبات تُعيد إلى الأذهان أزمات الأعوام السابقة، حيث كانت الموازنة تعتمد على الأمنيات أكثر من الأرقام.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts